5 سنوات على "برافر": ماذا تبدل ومن دفع الثمن؟!
بقلم : رأفت أبو عايش ... 07.01.2019
خمس سنوات مضت منذ إسقاط مخطط برافر الاقتلاعي. لا ينسى نشطاء حراك برافر وأعضاء الحراكات الشبابية في معظم مناطق فلسطين التاريخية والشتات الفلسطيني، الشراكة التاريخية التي تمثلت في حالة العمل الشعبي الالتفاف الجماهيري، والدعم القيادي للاحتجاجات ضد مخطط برافر على مدار أكثر من سنة من النضال المُركز، ومقارعة السلطات الإسرائيلية في محاولتها لسن المخطط.
سيطرت أخبار النشاطات الشعبية ضد المخطط على الإعلام الإسرائيلي، وغطت "انتفاضة البدو" الصفحة الرئيسية لـ"يديعوت أحرونوت"، في اليوم الذي تلى مظاهرة الغضب في بلدة حورة التي أقيمت بتاريخ 30112013.
أغلق شباب النقب مدخل بلدة حورة لمدة لا تقل عن 7 ساعات، ومنعوا الشرطة الإسرائيلية وقوات فض المظاهرات من دخول البلدة. وبشهادة المحللين والإعلام الإسرائيلي، كان "الاحتجاج العنيف" في النقب الرد الأكثر فاعلية على محاولة سن قانون " برافر" لمصادرة أراضي النقب في تلك المرحلة للأحداث. وبالفعل تم تجميد مخطط برافر بعد عدة أيام فقط من مظاهرة الغضب، على الرغم من وصول القانون إلى مراحل التشريع الأخيرة في الكنيست.
أشادت القيادات الجماهيرية بالنضال الشعبي ضد المخطط منذ اللحظة الأولى، والتفت ودعمت مطالبه ووجهت نحو تصعيد النضال، ولا ينسى مشهد النواب العرب عند تمزيقهم مسودة قانون برافر على منصة الكنيست للمرة الأولى. واعتبر الشارع العربي إسقاط المخطط انتصارًا كاملًا للحراك الشعبي، لكن لم يحسب حساب مرحلة ما بعد إسقاط المخطط وما بعد برافر. كيف ستنتقم الدولة من المعارضين للمخطط، ومن عرب النقب خصوصًا.
الحرب على أهل الأرض
يشعر عرب النقب بشكل مستمر أن مخطط برافر لم يتوقف أبدًا منذ العام 2013. تضاعفت حملات الهدم، حيث بلغت عدد عمليات هدم البيوت 2775 بيتًا في العام 2018 وحده، وتلقت "سلطة تطوير النقب" دعمًا حكوميًا أكبر، بهدف تصعيد عملياتها في النقب، وبذلك تم الوصول إلى مراحل متقدمة من التهجير في عدة قرى، منها أم الحيران والفرعة ورخمة، بالإضافة إلى الهجمة الحكومية على قرية بير هداج. ويضاف إلى هذا كله مخططات لها تبعات كارثية يتم تطبيقها في النقب خلال المرحلة الحالية (بالإمكان الاطلاع على مخططات مصادرة الأرض في النقب، في تقارير منفصلة في موقع عرب 48)؛ منها مخطط القاعدة العسكرية "لاكيت" ومخطط شارع 6، ومخطط منجم الفوسفات في الفرعة ومنطقة الصناعات العسكرية "رمات بيكع"، الذي يهدد ألف عائلة في النقب بالتهجير.
غيّرت الحكومة الإسرائيلية سياساتها في النقب، وتحولت من التهجير الجماعي تحت غطاء القانون إلى التهجير الفردي، وعلى مستوى القرى والتجمعات العربية. ولكن ليست الأرض وحدها هي المهددة في النقب، فالإنسان العربي بالدرجة الأولى يلاحق من مؤسسات إنفاذ القانون العنصرية، والمثال على ذلك مقتل المربي يعقوب أبو القيعان على أيدي عناصر وحدة "يوآف" الشرطية خلال هدم منزله في أم الحيران.
معتقلو برافر
سرعان ما بهتت الحالة الشعبية بعد إفشال "برافر"، لم تستطع القيادة الجماهيرية استثمار الحالة النضالية، أو معالجة "الأعراض الجانبية لإسقاط مخطط برافر"، ولم تقرأ بشكل كاف أهداف المؤسسة التي تلت تجميد المخطط في العام 2013.
يبدو أن كسر شوكة الاحتجاج العربي في النقب تحول إلى هدف جديد للمؤسسة، مثله مثل مصادرة الأرض بعد مظاهرة حورة، حيث وصل عدد المعتقلين في النقب خلال وفي أعقاب مظاهرة الغضب في حورة يوم، إلى 58 معتقلا في النقب وحده، قضى العديد منهم أشهر طويلة في المعتقلات الإسرائيلية قبل محاكمتهم حتى، وقدمت لوائح اتهام جنائية ضد 5 معتقلين.
وصف أسامة النصاصرة ابن الـ22 عامًا تجربته في أعقاب مشاركته في مظاهرة الغضب في حورة بالفترة الأصعب في حياته. وقال إنني "شعرت أنني وحدي، معظم القيادات التي شاركت في المظاهرة وتجندت أمام الكاميرات والإعلام لم نرها بعد المظاهرة أبدًا، اعتقلت لأكثر من شهرين في البداية، كانت طويلة وانتقامية وغير واضحة، ومن ثم تم تقديم لوائح الاتهام ضدنا وإلزامنا بدفع غرامات باهظة جدًا، ومن ثم السجن الفعلي لمدة 10 أشهر. أخرني الاعتقال عن ممارسة حياتي ودفع بي وبعائلتي إلى الوراء، وتسببت الدفعات الباهظة للمحامين التي فاقت 100 ألف شيكل والغرامات التي وصلت إلى 40 ألفا، إلى إدخال عائلتي في أوضاع اقتصادية صعبة، لم استطع في أعقابها الإقدام على الزواج أو حتى التعليم الجامعي".
عند الحديث مع أسامه وغيره من الشباب المعتقلين في "برافر"، وبالأخص من قُدمت ضدهم لوائح اتهام جنائية، نستطيع أن نفهم أن هذه المجموعة تركت وحيدة، لم تلتزم معظم المؤسسات الحقوقية في الداخل بتوفير تمثيل قانوني حقيقي لمعتقلي النقب. وفرت بعض المؤسسات تمثيلًا جزئيًا لمعتقلين في أيام الاعتقال الأولى، ولكن ترك العديد من المعتقلين وجميع من واجهوا لوائح اتهام لمصيرهم.
ولا بد من الإشارة إلى أن لجنة المتابعة العليا، كانت قد أقامت لجنة الحريات التي تعنى بشؤون المعتقلين في النشاطات الاحتجاجية، وقررت إقامة صندوق تموله الأحزاب العربية لمساندة معتقلي برافر، ساهمت فيه الحركة الإسلامية الجنوبية بمبلغ 30 ألف شيكل والشمالية بمبلغ 30 ألف شيكل، كما ساهم التجمع الوطني الديمقراطي بمبلغ 30 ألف شيكل، وامتنعت الجبهة الديمقراطية والحركة العربية للتغيير بقيادة طيبي، بالإضافة إلى الحزب العربي الديمقراطي بقيادة طلب الصانع المساهمة.
في المحصلة، الحراكات الشبابية التي كان جل عملها في العام 2013 هو إسقاط مخطط برافر، لم تطور أي آليات لمرحلة ما بعد المخطط، تنصلت القيادة المحلية أو لم تستطع الحفاظ على شباب النقب المعتقلين أو تخفيف معاناتهم. وقع هؤلاء الشبان من النقب ضحية للمؤسسة الإسرائيلية، التي احتاجت أداة لتفريغ غضبها وفعلت ذلك عبر فرض العقاب القاسي والانتقامي عليهم. ما زال هؤلاء الشبان يعانون نتائج المخطط حتى اللحظة، ولم تُقم أي عملية تقييم للنضال ضد المخطط وتبعاته، وتتحمل القيادة الجماهيرية والمجتمع معاناة أبناء النقب الذين تُركوا وحدهم في مواجهة المخططات الإسرائيلية، الاقتلاعية والانتقامية!! المصدر : عرب48
www.deyaralnagab.com
|