كل يوم في النقب "يوم أرض"!!
بقلم : قاسم بكري ورأفت أبو عايش ... 01.04.2018
يواصل الفلسطينيون في أراضي 48 تمسكهم في الأرض أو ما تبقى منها، ويتصدون للمصادرة والاقتلاع وخصوصا في النقب، جنوبي البلاد، حيث تواصل السلطات الإسرائيلية استفزازاتها وممارساتها لتهويد المكان واقتلاع أهالي بلدات العراقيب والزرنوق ورأس جرابا وأم الحيران وتهجير أهلها وهدمها وإقامة مستوطنات يهودية على أنقاضها.
ويُعتبر يوم الأرض، في الثلاثين من آذار/ مارس من كل عام، محفزا لزيادة الوعي وترسيخ الهوية الوطنية بين العرب الفلسطينيين في مناطق الجليل والمثلث والنقب والمدن الساحلية في أراضي 48، بالإضافة الى مساهمته سابقا في كسر حاجز الخوف، الذي تشكل نتيجة لممارسات فترة الحكم العسكري وتبِعاته على المجتمع العربي.
يرتبط مفهوم يوم الأرض وذكراه، مع المعركة اليوميّة لأهالي النقب، المعركة التي تتمحور في أساسها حول ملكيّة الأرض العربيّة والوجود العربي المُهدّد بشكل يومي بالتهجير، الهدم والملاحقة للشباب المعارِض لممارسات الدولة ومحاولات طمس الوعي.
مرت الذكرى 42 ليوم الأرض الخالد على النقب في واقع صعب مليء بالتصعيد في السياسات التهجيرية لقُرى النقب مسلوبة الاعتراف والمُلاحِقة لسكّانه. النقب الذي فقد خلال السنوات الأربع الماضية 5 شهداء سقطوا برصاص الشرطة الإسرائيلية، كان آخرهم شهيد الأرض والمسكن، المربي يعقوب أبو القيعان، الذي قُتل بدم بارد خلال مداهمة أم الحيران بهدف هدم منازلها، هذه القرية المهددة بالتهجير الكامل خلال الأسابيع المقبلة.
أدت جرائم هدم البيوت المُسلطة على القرى العربية في النقب إلى تكوين وضع غير إنساني لحياة عرب النقب على أرضهم، فمنذ بداية العام 2016 وحتى نهاية العام 2017 فقط جرى هدم 2200 مبنى على أيدي السلطات الإسرائيلية وذلك حسب معطيات وزارة الأمن الداخلي الإسرائيلية.
بالإضافة إلى التصاعد في عمل ماكنة الهدم، أوضحت الإحصائيات الأخيرة الاتساع الكبير في ظاهرة الهدم الذاتي، حيث تفرض السلطة الغرامات الباهظة على السكان العرب لإجبارهم على هدم بيوتهم بأيديهم.
ما قبل النكبة
كان عدد السكان العرب البدو في النقب قبل العام 1948 ما يقارب 90 ألف نسمة، وتنظموا في 95 قبيلـة. وأغلبيّـة بـدو النقـب فروا أو طـردوا خلال النكبة في العام 1948 وبعدها، وأصبحوا لاجئين في الدول العربيّة المحيطة وفي المناطق الفلسطينيّة التي لم تحتلها إسرائيـل في العـام 1948. وهكـذا، لم يبق منهـم في النقب مع حلول العـام 1952 إلا 11 ألف نسـمة.
سـيطرت السلطات الإسرائيليّة على معظم أراضي النقب، وهكذا فقد البدو حريّة الحركة مع قطعانهم وحريّة زراعة أراضيهم. وتم إبعاد 12 قبيلة من القبائل الـ19 المتبقية في النقب عن أراضيهم، وُحصر السـكان كافة في منطقة مغلقة معدة لذلك شرق شمال النقب تمثل %10 فقط من الأراضي التي سيطروا عليها قبل العام 1948. بالإضافـة إلى ذلك، ُوضعوا تحت حكم عسـكري حتى العام 1966، وهو ما عنى أن أنهم لم يسـتطيعوا العودة إلى أراضيهم وزراعتها، وأنهم كانوا منعزلين عن السكان الفلسـطينيين في أرجـاء أخرى من البـلاد، وأنهم كانوا بحاجة إلى تصاريـح خاصة لمغادرة القطاعـات المعـدة لهم مـن المنطقة المغلقة من أجـل الوصول إلى أماكن العمل، والدراسـة، والرعايـة الصحيّة، والأسـواق، وغيرها.
مثلت التقييدات التي فرضتهـا الحكومة الإسرائيليّة نوعا من الإقامة القسريّة والتي أنهت، عمليٍّا، نمط الحياة المتنقل وشبه المتنقل.
العراقيب... ملاحقات وصمود
وقال أحد سكان العراقيب، الناشط عزيز صياح الطوري، لـ“عرب 48“، إنه "جرى هدم قرية العراقيب 126 مرة، إلّا أننا صامدون وثابتون في أرضنا ولن نتزحزح".
وتطرق إلى الملاحقة السياسية بالقول إن "الشرطة حاولت، مرارا وتكرارا، زج الشيخ صياح الطوري خلف القضبان، إلا أنّ هذه المحاولات باءت بالفشل. نحن ننتظر قرار الاستئناف الذي قدم في تاريخ 24.12.2017. وجلسة الاستئناف على قرار الحاكم في سجن الشيخ صياح لمدة 10 أشهر ستكون في 16.4.2018 والدعوة لكل من يهمه الأمر للتجند والحضور".
وأكد الطوري: "نحن مؤمنون بأنّ الله سينصرنا، ولن نترك قرية العراقيب مهما حصل. بالنسبة لقضية ملكية الأرض، لقد قدمنا كل الأوراق التي تثبت ملكيتنا لهذه الأرض إلى المحكمة".
وتطرق الطوري حديثه إلى سياسة الهدم الذاتي بوصفها الخطر الأكبر على صمود النقب اليوم، كما ناشد الطوري "أهل النقب على عدم الإذعان لأوامر الشرطة في هدم بيوتهم حتى لو جرى تهديدهم".
وحين سألناه عن سرّ تمسك أهل العراقيب بأرضهم وصمودهم أمام جرافات الهدم، وصف الطوري، بغضب وألم مدى تعلقهم بهذه الأرض التي تربطهم بها الذكريات والجذور، وقال إنه "لا يمكننا نسيان تاريخ أجدادنا وآباء أجدادنا، والنضال الذي بدأوه قبلنا. تقع علينا مسؤولية إكمال المشوار النضالي والابتعاد عن محو هذا الرصيد بتوقيع تنازل عن الأرض أو هدم بيوتنا بأنفسنا. نحن مؤمنون جدا بعدالة قضيتنا، إيماننا المطلق بالله، وأن النصر حليفنا".
وختم الطوري بالقول إنه "لن نتنازل نحن أبناء العراقيب عن حقنا وأرضنا، لقد ورثنا حبنا للأرض من أجدادنا وآبائنا ويجب أن نزرع هذا الحب أيضا في نفوس أبنائنا لا أن نتخلى عنه، مهما حدث".
وتتركز جهود السلطات الإسرائيلية بشكل أساسي على الهدم، وتطوير آليات تنفيذ القانون المجحف والمضطهد لأهل النقب، دون التوجه لإيجاد حلول عادلة لأهل النقب.
وهُنا تظهر قضية أم الحيران المهددة بالاقتلاع والتهجير الفوري، عبر أوامر إسرائيلية، قضائية وإدارية فورية، تأمر السكان بالإخلاء الفوري للقرية، حيث وصلت المعركة القانونية إلى طريق مسدود وأُعطي سكان أم الحيران مدة زمنية محددة لإخلاء القرية تبدأ من تاريخ 15.4.2018 ولغاية تاريخ 25.4.2018، وعليه فعلى أهالي أم الحيران إخلاء البلدة إلى مساكن مؤقتة غير جاهزة وفي ظروف غير إنسانية خلال عشرة أيام، هدم أم الحيران واقتلاعها يأتي بهدف إقامة مستوطنة "حيران" لليهود!
وفي جانب آخر، يحاول سكان قرية أم الحيران إيجاد حلول أمام السلطات الإسرائيلية بيد أنها تصر على تهجيرهم من أرضهم ومساكنهم.
وقال رئيس اللجنة الشعبية في أم الحيران، رائد أبو القيعان، لـ"عرب 48"، عن نضال أهالي أم الحيران للبقاء على أرضهم، إنه "قمنا منذ اليوم الأول بطرح عدّة حلول للمكاتب الحكومية الإسرائيلية، مثل إقامة بلدة مشتركة لليهود والعرب في نفس الأرض. نحن مستعدون لقبول الجميع في أم الحيران، لكننا لن نخرج من أم الحيران، كما أننا موافقون على الاعتراف بنا إلى جانب مستوطنة حيران".
وأضاف أن "الحل الأخير الذي نطرحه هو إعادتنا إلى أرضنا الأصلية في وادي سُبالة التي هجرنا منها الجيش الإسرائيلي، ما بين كيبوتس بيت كاما وكيبوتس شوفال غرب مدينة رهط".
وأكد رئيس لجنة أم الحيران أن "الجهات السلطوية رفضت كل هذه البدائل، بل يفرضون كل الإملاءات علينا بالقوة والإكراه والإجبار، وكان آخر استخدام هذه القوة هو اغتيال الشهيد يعقوب أبو القيعان".
وختم بو القيعان بالقول: "نحن نرفض كل هذه الإملاءات وباقون على أرضنا مهما كلف الأمر.. المصدر : عرب48
www.deyaralnagab.com
|