logo
1 2 3 41058
“صاندي تايمز”: كيف تحوّل زعيم المعارضة التركية الطيب إلى خطاب قبيح!!
22.05.2023

نشرت صحيفة “صاندي تايمز” البريطانية تقريراً لمراسلتها في إسطنبول لويز كالاغان، قالت فيه إن “الجد” كمال كيلتشدار مرشح تحالف الشعب، المنافس للرئيس رجب طيب أردوغان تخلى عن مظهره “الحنون” وبات يتقرّب لليمين القومي المتشدد، في محاولة منه للفوز في انتخابات 28 أيار/مايو الرئاسية، التي خسرها في الجولة الأولى. وقالت إن كيلتشدار عندما صعد المنصة، الخميس الماضي، فإنك قد تعذر لو اعتقدت أنه خارج من عملية “زرع شخصية”، فقد اختفت صورة الجد الذي كان يتحدث عن التعددية والديمقراطية، وحاول إقناع العقول وتغيير القلوب في حملته الانتخابية.
فبعد تخلّفه عن أردوغان، في جولة الأحد الماضي، تحوّلَ إلى قومي متشدد، حيث أعاد تكرار أهداف سياسته للتخلص من اللاجئين السوريين. ففي الوقت الذي كان حديثه عن ترحيل السوريين مغلفاً بلغة حماية تركيا، تحول الآن إلى خطاب قبيح.
وفي خطابه هذا اتَّهَمَ أردوغان بأنه سمحَ لعشرة ملايين لاجئ سوري إلى تركيا، “وسأرحلهم إلى بلدهم”، قال كيلتشدار. ولم يكن زعيم المعارضة دقيقاً في أرقامه، فعدد اللاجئين ليس 10 ملايين، بل أربعة ملايين، حسب أرقام الأمم المتحدة، معظمهم من السوريين، وعدد آخر من جنسيات أخرى.
إلا أن خطاب كيلتشدار أظهرَ حاجته لكسْبِ أصوات المتطرفين القوميين، وكان عليه أن يتخلى عن صورة “الرجل الطيب”. فيوم الجمعة التقى هو وأردوغان مع قادة القوميين المتشددين من أجل الحصول على أصواتهم. وبالنسبة للكثيرين من أنصار كيلتشدار فإن التغير في الموقف كان متأخراً.
وقال ناخب صوّتَ لكيلتشدار وتحالفه: “لا يحب الأتراك كلام القلب”، و”نريد شخصاً قوياً”. وعادة يتم تقسيم الناخبين الأتراك إلى متديّنين، يدعمون في الغالب أردوغان، وعلمانيين، يدعمون المعارضة، وأكراد، إلا أن الناخبين القوميين المتشددين لا ينتمون لأي من هذه التصنيفات، فبعضهم متدين، وبعضهم الآخر غير ذلك، وكلهم يمقت الانفصالية الكردية ويريدون ترحيل السوريين. وقال تاجر قومي من إسطنبول: “نحن أولاً أتراك وبعد ذلك فنحن إما متدينون أو علمانيون”، وأضاف: “أن تكون تركياً هي مهمة صعبة، وربما كانت العائلة بالنسبة لك أهم شيء، وبالنسبة لنا هو الوطن”.
وقبل الانتخابات تَشَارَكَ الكثير من المتشددين القوميين لقطات على منصات التواصل الاجتماعي من مسلسل شهير اسمه “وادي الذئاب”، إلى جانب مسلسلات مماثلة، وتصور رجالاً بشوارب كثة يلوحون بالبنادق في عالم تحت الأرض، حيث يموت الناس من أجل الوطن. وبالتأكيد لم يكن كيلتشدار الرجل الذي يفكرون به.
**صاندي تايمز: في الوقت الذي كان حديث كيليتشدار عن ترحيل السوريين مغلفاً بلغة حماية تركيا، تحول الآن إلى خطاب قبيح.
ويقول إلكان دالكوتش: “ما يهتمون به هو الفخر القومي، وهم معادون للميول الكردية والمهاجرين”. وقال المحلل في مركز داكيتلو، المؤسس منذ عام 1984، إن نسبة 88% منهم نفعت أردوغان، و”هم يريدون رجلاً من فئة ألفا كرئيس للدولة” (ويتميز رجال ألفا بالثقة والنجاح والذكاء). ومنح الأتراك خياراً بين زعيم معارضة داع للتعددية، دعا للوحدة وجمعَ إلى جانبه ستة أحزاب لدعمه، ورئيس حالي سلّح الفرقة والخطاب الناري وجعله عنواناً لحكمه الذي مضى عليه 20 عاماً. وحصل أردوغان على نسبة 49% من أصوات الناخبين، وهي أسوأ نسبة له حتى الآن، بسبب كلفة المعيشة والتضخم، أما زعيم المعارضة فحصل على 44%، وسنان أوغان المتشدد القومي فقد حصل على 5%.
وقالت الصحيفة إن هوية كيلتشدار كعلوي، أي من الطائفة العلوية التي تشكل نسبة 20% من السكان، ربما لعبت دوراً في النتائج، وقال التاجر من إسطنبول: “لماذا يضعون علوياً كمرشح لهم”، يعني المعارضة. و”كل من أعرف لن يصوت لشخص كهذا”.
ولم يعجب القوميون المتشددون بشخصية كيلتشدار الأليفة، وتحالفه مع حزب “الشعوب الديمقراطي” الكردي، الذي سجن زعيمه صلاح الدين دمرتاش، فيما يقول أنصاره إنها اتهامات سياسية. ويربط الأتراك على مدى الطيف السياسي الحزب الكردي بـ “حزب العمال الكردستاني”، الذي تصنفه بريطانيا كجماعة إرهابية. وقال صاحب دكان في طرابزون على البحر الأسود: “لا أستطيع دعم كيلتشدار لأنه يدعم الإرهاب”، و”مات جنودنا” على يد المتشددين الأكراد.
وأمسك أردوغان، الذي تدعمه كل القنوات التلفازية والصحف، بهذا الخيطـ وظلَّ، طوال الأشهر الماضية، يلحّ على علاقة المعارضة بالإرهابيين والمثليين، والتي تحصل على أموال من الغربيين، والتي تريد “تسليم البلد لجماعة إرهابية”.
إلا أن المهاجرين السوريين يظلون، كما تقول الصحيفة، “كعب أخيل”، أو مَكْمَن ضعف أردوغان، فأنصار حزب “العدالة والتنمية” يرون فيهم إخوة مسلمين يجب الترحيب بهم، أما العلمانيون والمتشددون القوميون فيريدون ترحيلهم.
وكان موضوع المهاجرين، قبل الهزة الأرضية، في شباط/ فبراير، التي قتلت أكثر من 50.000 شخص، أهم موضوع في الحملات الانتخابية، مع أن كلفة المعيشة مرتفعة ومعدلات التضخم عالية. وكان الأمر موضوعاً لحديث الجميع، وخاصة في المدن الكبرى في إسطنبول.
حاول أردوغان المشي بحذر بين وعده بإرسال المهاجرين- رحَّلَ آلافاً منهم- والتأكيد على أنهم إخوة. وبالمقارنة مع كيلتشدار، الذي يتزعم حزب “الشعب الجمهوري”، الذي أنشأه مصطفى كمال أتاتورك، باني تركيا الحديثة، فإن قومية أردوغان متجذرة بالماضي العثماني، وترى في تركيا زعيمة للمنطقة.
ويقول سليم كورو، المحلل في مركز “تيباف”، إن أردوغان “يعتقد أن تركيا هي أكبر من تركيا”، و”ليست (العبارة) عن البقاء هنا، بل عن التوسع في العالم الإسلامي”.
ووعدَ أردوغان، يوم الجمعة، ببناء بيوت للاجئين السوريين كي يعودوا إلى وطنهم. وقال سليمان صويلو، وزير الداخلية: “لن نحوّل تركيا إلى مخزن لاجئين، ولم نفعل هذا حتى الآن. ولكن السوريين هم إخوة”، و”لا نستطيع إرسالهم للموت، ولم نفعل”.
وهناك الكثير من المتشددين القوميين الذين يعرّفون أنفسهم عبر حركة الاتحاد والترقي، التي شجبها أتاتورك لاحقاً، لم يختاروا الجانب الذي سيدعمونه. ويقول جنكيز (38 عاماً): “لم أقرر بعد”، و”بالنسبة لي، لا أردوغان، ولا كيلتشدار قومي بما فيه الكفاية”.


www.deyaralnagab.com