logo
1 2 3 41058
ذي إيكونوميست: حاكم تونس لم يعد لديه من يحمله مسؤولية فشله فاتهم المهاجرين الأفارقة!!
05.03.2023

حاكم تونس المستبد يتبنى نظرية الاستبدال العظيم، هذا ما كتبته مجلة “ذي إيكونوميست”، قائلة إن الرئيس قيس سعيد لم يعد لديه أهداف يلقي عليها إخفاقاته، فوجد المهاجرين الأفارقة. وأضافت المجلة أن هذا الخطاب معروف لدى الشعوبيين الأوروبيين عن “حشود المهاجرين الأفارقة” الذين يتدفقون على الوطن جالبين معهم “العنف والجريمة والممارسات غير المقبولة”، ووصولهم هو مؤامرة لتغيير الطابع السكاني للأمة المعتزة بنفسها”، وعليك ألا تخاف؛ فالرئيس الذي تعهد بقلب المنظومة السياسية جاهز اليوم لإجراءات قاسية ومنع حدوث مثل هذا السيناريو.
وأضافت المجلة أن الفارق الوحيد هذه المرة هو أن هذه التصريحات لم تأت من مارين لوبان ولا جورجيا ميلوني بل ومن قيس سعيد رئيس تونس.
وعلقت المجلة بالقول إن هناك مفارقة قاتمة في حديثه لمجلس الأمن القومي في 21 شباط/ فبراير، فالمواطنون التونسيون يتعرضون دائما لنفس الخطاب العنصري عندما يعبرون البحر المتوسط إلى أوروبا، فقد دفع حكمه المستبد الكثيرين منهم لمحاولة العبور إلى الجانب الآخر، مما يعني مواجهة الخطاب العنصري الذي بات رئيسهم يستخدمه.
ورأت المجلة أنه مع انهيار الاقتصاد التونسي وتزايد الحنق الشعبي، ينشر سعيد خطاباً ضد المهاجرين الذي جاؤوا إلى تونس، وكان انتخاب سعيد نتاجا لسنوات من الخلل الوظيفي التي عاشتها تونس، فبعد الإطاحة بالديكتاتور زين العابدين بن علي عام 2011، عاشت البلاد شللا سياسيا بسبب المماحكات بين الإسلاميين والعلمانيين. ولم يكن أي منهما لديه الحل لمشاكل الاقتصاد والفساد المستشري وزيادة التباين بين السكان، وهو ما ترك 73% من الناخبين مستعدين للمصادقة على أستاذ جامعي مغمور يتحدث بطريقة روبوتية ولا يملك برنامجاً انتخابياً واضحاً.
وأضافت المجلة أنه قضى معظم رئاسته وهو يفكك دعائم الديمقراطية الناشئة، وبلغت ذروة جهوده في تموز/ يوليو 2021 عندما عطل البرلمان وعزل رئيس الوزراء وألغى العمل بالدستور، وتم إجراء استفتاء أعد على عجل العام الماضي وأكد أنه سيحكم كرئيس قوي بدون قيود أو ضوابط، وشهدت تونس في الفترة الأخيرة حملة اعتقالات لنقاد وقادة من التيار الإسلامي والعلماني تم جرهم من بيوتهم، وكذا مدير إذاعة معروف ورئيس نادي كرة قدم، فقد بات انتقاد الرئيس وبشكل فعلي جريمة.
وأكدت المجلة أن سعيد لم يفعل إلا القليل لإصلاح الاقتصاد، فقد وصل التضخم في عهده إلى 10% والبطالة 15%، وثلث خريجي الجامعات وجزء كبير من الشبان لا يستطيعون الحصول على عمل، كما وفقد الدينار التونسي 55% من قيمته منذ عام 2011، ولم تعد تونس المثقلة بدين عام تصل قيمته إلى 89% من الناتج المحلي العام قادرة على دفع ثمن السلع المستوردة، فهناك نقص في السكر والباستا والمواد الأساسية الأخرى. ووصلت محادثاتها مع صندوق النقد الدولي إلى طريق مسدود، ولكل هذا يتطلع عدد كبير من التونسيين للهروب من الكساد والاستبداد في البلد، وأظهرت دراسة مسحية أجراها معهد مؤيد للتجارة أن 71% من متخرجي الجامعات العامة يريدون الهجرة من البلاد.
وقالت المجلة “يركب التونسيون المتعلمون والأثرياء الطائرات إلى الغرب أو الخليج، في مفارقة أخرى لواحدة من دول الصحراء. أما الفقراء في تونس فيحاولون البحث عن الحظ في البحر المتوسط، ففي عام 2019 وهو عام انتخاب سعيد، وصل 2.600 شخص بالقوارب إلى إيطاليا، وفي عام 2022 كان العدد هو 22.000 مهاجر وصلوا من تونس”.
وأضافت “من تبقى في تونس، فقدوا الأمل بسعيد الذي انخفضت شعبيته، ووجد عدداً من أكباش الفداء لكي يلقي عليهم مسؤولية مشاكل تونس: الساسة الفاسدون، المضاربون، السفارات الأجنبية، وأضاف الآن المهاجرين الأفارقة لهذه القائمة، في تعليقات نالت إعجاب إريك زمور السياسي الشعبوي الفرنسي المتطرف، والذي قال إن دول المغرب بدأت تدق ناقوس الخطر من الهجرة”.
وفي المقابل، لفتت المجلة إلى أن قرب تونس من أوروبا، يجعلها محطة قريبة للمهاجرين القادمين من ساحل العاج، لكن عددهم قليل، ويقدر المنبر التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن عدد المهاجرين القادمين من دول الصحراء لا يتجاوز 21.000 في بلد تعداده 12 مليون نسمة، ومعظمهم بدون وثائق ويعملون في مهن يدوية أثناء وجودهم في تونس وتهضم حقوقهم ويتعرضون للضرب والانتهاكات، ولو كانت هناك مؤامرة ضد التونسيين فهذه بالفعل مؤامرة تعيسة.
وأثارت تصريحات سعيد بحسب المجلة بعض التونسيين، فشارك المئات منهم في احتجاجات نظمت في الخامس والعشرين من شباط/ فبراير، حتى إن وزير الخارجية نبيل عمار اضطر لإصدار ما يشبه الاعتذار قائلاً: “إن الحكومة ستوفر الحماية لجميع المهاجرين داخل تونس“.
وتقول منظمات حقوق الإنسان إن العشرات من المهاجرين السود تعرضوا للاعتداء والسرقة بعد صدور تصريحاته، وحذرت مجموعة من الطلاب النيجيريين أفرادها من استخدام الميترو أو التواجد في الأحياء الشعبية من العاصمة.
كما تقول المجلة إن العنصرية غدت أداة مفيدة في يد الغوغائيين في كل مكان، إلا أن سعيد لم يعد لديه من يوجه إليه اللوم، وثمة مخاوف متزايدة من أن تونس قد تعجز عن سداد ديونها بدون التوصل لصفقة مع صندوق النقد الدولي، كل ذلك سيؤدي إلى انكماش اقتصادها أكثر فأكثر، ويدفع بالمزيد من المواطنين لركوب القوارب والخروج من البلاد في رحلة محفوفة بالمخاطر.


www.deyaralnagab.com