logo
1 2 3 41057
صحافة : صحافة : واشنطن بوست: سياسة روسيا المزدوجة في ليبيا تدفع للتقسيم ومخاطر المواجهة مع تركيا!!
08.06.2020

قالت صحيفة “واشنطن بوست” إن الجنرال خليفة حفتر، حليف روسيا في ليبيا، تعرض لهزيمة إلا أن موسكو لديها أهداف أكبر لتوسيع تأثيرها في هذا البلد الغني بالنفط.
وفي تقرير أعده روبن ديكسون من العاصمة الروسية، قال إن وصول الطائرات العسكرية الروسية إلى ليبيا الشهر الماضي حيث تم إخفاء الشعارات الروسية المكتوبة عليها في محاولة لإنكار وجود عسكري روسي في ليبيا، اتهمت الولايات المتحدة الرئيس فلاديمير بوتين بأنها محاولة لحرف ميزان الحرب الأهلية. وكما هو الحال في سوريا فمصالح روسيا في ليبيا تشمل توسيع وجودها العسكري والسياسي في الشرق الأوسط والبحر الأبيض المتوسط وشن حرب بالوكالة مع منافسين مثل تركيا. وفي الوقت الذي ترغب فيه روسيا الحصول على حصة من عقود النفط وإعادة إعمار البلاد إلا أن هدف الكرملين الإستراتيجي كما يقول المسؤولون الأمريكيون هو تأمين قواعد عسكرية على الطرف الجنوبي لأوروبا. وتقف كل من تركيا وروسيا على الجانبين المتضادين للنزاع، حيث تدعم تركيا حكومة الوفاق الوطني التي تعترف بها الأمم المتحدة. أما روسيا فتدعم الجنرال حفتر الذي شن حملة على طرابلس من أجل السيطرة عليها وتنصيب نفسه حاكما على كل ليبيا.
وسيطرت قوات تابعة لحكومة الوفاق بدعم تركي على معقل حفتر القوي في ترهونة، وتأتي السيطرة عليها كضربة أخيرة لحملة ضد العاصمة ومحاولة توسيع قاعدة سيطرته أبعد من مناطق الشرق التي يحكمها. وقبل حفتر في القاهرة يوم السبت وقف إطلاق النار من جانب واحد ومبادرة سياسية دعمتها كل من مصر وروسيا، بشكل أكد على موقفه العسكري الضعيف. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن وقف إطلاق النار سيبدأ يوم الإثنين في مؤتمر حضره حفتر ورئيس مجلس نواب طبرق، عقيلة صالح. ولكن لا يعرف إن كانت حكومة طرابلس وداعمتها الرئيسية تركيا ستقبل العرض، خاصة أن قوات الحكومة كانت تتقدم نحو مدينة سرت في وقت المحادثات التي جرت بالقاهرة. وتعيش ليبيا حالة من الفوضى منذ عام 2011 بعد العملية التي قادها حلف الناتو وأدت للإطاحة بمعمر القذافي. وتجنبت روسيا الوجود العسكري في ليبيا على خلاف سوريا التي أقامت بها قواعد عسكرية وأرسلت مقاتلات ساعدت بشار الأسد على البقاء في الحكم. وبدلا من ذلك دعمت حفتر بمرتزقة روس نشرتهم العام الماضي، حيث حققت أهدافها الإستراتيجية تحت غطاء الإنكار. وتم نشر حوالي 1.200 مقاتل من شركة التعهدات الأمنية التي يديرها رجل الأعمال المقرب من الكرملين يفغيني بريغوجين. ولم ينف بوتين وجود المرتزقة الروس ولكنه أكد في كانون الثاني/يناير أنهم لا يمثلون روسيا ولا مصالحها. وترى الصحيفة أن سياسة روسيا الغامضة في ليبيا التي تقوم على دعم لفظي للعملية السلمية ودعم حقيقي للجنرال المتمرد تحمل مخاطر المواجهة العسكرية مع تركيا، عضو الناتو. وروسيا ليست الطرف الوحيد في المعركة الجارية في ليبيا فالإمارات العربية تقدم الدعم العسكري المتقدم بما فيه أنظمة الصواريخ الروسية بانستر أس-1 وطائرات مسيرة صينية الصنع. بل وحصل حفتر العام الماضي على مكالمة دعم من الرئيس دونالد ترامب، مع أن وزارة الخارجية تصف حفتر بـ “الكيان الموازي غير الشرعي”.
وتحظى حكومة الوفاق بدعم تركي وقطري وإيطالي. ونقلت الصحيفة عن المحلل العسكري الروسي بافيل فيلنغهور: “تريد روسيا موطئ قدم في ليبيا وهذه هي حقيقة”، مضيفا أنه لا يعرف إن كان بوتين يخطط لعملية عسكرية واسعة على الطريقة السورية “ففي سوريا عام 2015 اتخذ قرارا لنشر قوات عسكرية كبيرة” أما هنا “فالآراء مختلفة حول كيفية التحرك ولا يعرف إن كان هناك قرار لعمل نفس ما عمله في سوريا هنا في ليبيا”. ولاحظ أن المواقع المؤدية للكرملين لم تقم بحملات إعلامية لتعبئة الرأي العام في عملية عسكرية روسية ضد تركيا في ليبيا فيما ظل الرئيس بوتين على اتصال دائم مع نظيره التركي رجب طيب أردوغان. ويعلق فيلنغهور: “هذا يعني عدم وجود قرار سياسي للصدام المباشر في هذه اللحظة”.
من جانب آخر زادت تركيا من دعمها العسكري لحكومة الوفاق الوطني حيث نشرت طائرات مسيرة لهزيمة قوات حفتر وأرسلت 13.000 من المرتزقة حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان معظمهم من المقاتلين السوريين الذين يدعمون أنقرة ضد الأسد. وتساءلت الصحيفة عن معنى نشر المقاتلات العسكرية، مشيرة إلى تصريحات مسؤولين أمريكيين قالوا فيها إن روسيا تعمل مع سوريا لنشر مقاتلين موالين للأسد من أجل القتال مع حفتر. ولكن نشر 14 طائرة ميغ-29 روسية وسوخوي- 24 لن تحرف مسار الحرب. ويرى محللون أن روسيا تلعب لعبة مزدوجة، فهي من جهة تشارك في الدبلوماسية وتأمين وقف إطلاق النار وتسوية سياسية. وفي الوقت نفسه ترسل مقاتلاتها ومرتزقتها لتقوية دفاعات حفتر. ويقول المحلل الروسي صمويل رماني إن المرتزقة والطائرات تهدف لتقوية موقف حفتر في أي عملية مفاوضات حول السلطة. فبوتين لا يهتم بالغضب الغربي خاصة بعد عملية الناتو التي أدت إلى خسارة روسيا مليارات الدولارات في عقود مع القذافي. ويرى المحلل الدفاعي الروسي ألكسندر غولتز: “تريد روسيا أن تقف على قدميها وتظهر أنها لاعب قوي في الشرق الأوسط ولهذا تسعى لدعم رجل قوي في ليبيا”. ويرى رماني أن الهدف الرئيس لروسيا هو تحقيق تقسيم فعلي لليبيا وتقوية تأثيرها في الشرق الغني بالنفط. وأضاف: “في ظل تراجع حفتر يمكن للطيران الروسي وقف التقدم التركي وحكومة الوفاق، ولهذا فروسيا تستخدم عملياتها العسكرية لشراء الوقت وجلب حفتر إلى طاولة المفاوضات“. ويضيف أن “هدف روسيا هو ثلاثي الأبعاد: رفع العقوبات عن قوات حفتر ودفعه للاعتراف بحكومة الوفاق في طرابلس ومأسسة سيطرته على مناطق الشرق” بشكل يفتح المجال أمام عقود النفط الروسية. وحاول بوتين وأردوغان في كانون الثاني جمع حفتر وزعيم حكومة الوفاق فائز السراج للتوقيع على وقف إطلاق النار إلا أن حفتر أهان بوتين ورفض، وتبع ذلك مؤتمر في برلين الذي فشل في وقف القتال. ويرى فيلنغهور أن موسكو ليست مهتمة كثيرا بالقواعد العسكرية في ليبيا قدر اهتمامها بعقود البناء والطاقة، فلديها قواعد عسكرية في سوريا تستعرض من خلالها قوتها. و”لأن العقود تحتاج إلى حكومة مستقرة ولأن حفتر فشل في السيطرة على طرابلس فإنه لن يكون قادرا فقد حان الوقت لبناء نوع من التشارك في السلطة”. ومنذ كشفت الولايات عن الطائرات العسكرية الروسية انخرط وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في جهود دبلوماسية محمومة للتوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار بهدف العودة إلى المفاوضات. ونفى رئيس لجنة الدفاع والأمن في البرلمان الروسي فيكتور بونداريف إرسال موسكو مقاتلات إلى ليبيا. وقال: “لو كانت هناك مقاتلات في ليبيا فهي سوفيتية وليست روسية”. وأضاف مارك غاليوتي، المحاضر في كينغز كوليج في لندن: “روسيا تحاول تقوية مركزها كقوة عظمى. وموقفها هو أن القوة العظمى يجب أن تكون على الطاولة في أثناء حل مشكلة دولية”.


www.deyaralnagab.com