صحافة : واشنطن بوست.. عملاء بالـ”سي آي إيه” عن معاملة ترامب للمتظاهرين: هذا ما يفعله المستبدون ويحدث في الدول قبل انهيارها!!
03.06.2020
قال عملاء سابقون في وكالة الإستخبارات الأمريكية (سي آي إيه) و الذين راقبوا عمليات قمع للمتظاهرين في الخارج أن هناك تشابها مع طريقة تعامل الرئيس دونالد ترامب مع المتظاهرين الذين خرجوا في المدن الأمريكية احتجاجا على مقتل الرجل الأسود جورج فلويد الأسبوع الماضي.
وفي تقرير أعده غريغ ميلر لصحيفة “واشنطن بوست” قال إن مشاهد القمع التي شهدتها المدن الأمريكية ليست غريبة على محللي “سي آي إيه” الذين تعودوا على رصد التفكك المجتمعي في خارج أمريكا والذي يبدأ عادة بتجمع المتظاهرين ومن ثم عمليات القمع ومحاولة الزعيم الراغب بتأكيد سلطته نشر القوة ضد المتظاهرين. وفي مقابلات ومنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي عبر مسؤولون أمنيون أمريكيون حاليون وسابقون عن فزعهم من التشابه بين الأحداث الجارية في أمريكا وملامح التراجع في الديمقراطية التي تدربوا على الكشف عنها في الدول الأخرى.
وقالت غيل هيلت التي كانت مسؤولة عن متابعة التغيرات في الصين وجنوب شرق آسيا بـ( سي آي إيه): ” لقد شاهدت هذا النوع من العنف” و “هذا ما يفعله المستبدون، وهذا ما يحدث في الدول قبل انهيارها، وهذا يقلقني في الحقيقة”. وقالت هيلت المحاضرة الآن بجامعة كينغ بتينسي إن الصور التي شاهدتها في المدن الأمريكية والتصريحات النارية المستمرة من الرئيس ذكرتها بالمواجهات التي غطتها على مدى السنين وهي تقوم بمتابعة الأحداث في الصين وماليزيا وغيرهما. وقدم مسؤولون سابقون في “سي آي إيه” والأمن القومي نفس الأحكام المقلقة، فقد كان مارك بوليمبريس، الذي أدار عمليات “سي آي إيه” في أوروبا وآسيا من بين عدة مسؤولين غضبوا من مشهد الرئيس ترامب وهم يحمل الإنجيل أمام كنيسة سانت جونز بواشنطن. وجاءت الصورة بعدما أطلقت الشرطة الرصاص المطاطي والغاز المسيل للدموع على المحتجين لتفريقهم وفتح المجال أمام ترامب لكي يزورها. وقال “لقد ذكرني هذا بما نقلته ولسنوات من العالم الثالث”. وقال تغريدة على تويتر “صدام، بشار، القذافي كلهم فعلوا هذا”. وكان الانطباع الذي خلقه ترامب مجالا لقيام مسؤولين آخرين في الإدارة لتأكيده.
فقد طلب وزير الدفاع مارك إسبر حكام الولايات “السيطرة على ساحة المعركة”، كما وأنه يصف المدن الأمريكية مثل ساحات حرب في الخارج. وبعد ذلك قام مدير هيئة الأركان المشتركة مارك ميلي بالتجول وهو يرتدي الزي العسكري في شوارع العاصمة واشنطن وفوقه كانت تحلق المروحيات القتالية. وقالت النائبة الديمقراطية عن فيرجينيا أبيغال سبانبيرغر “كضابطة سابقة في “سي آي إيه” أعرف كل هذا”. وعملت قبل انتخابها في الكونغرس في مجال مكافحة الإرهاب ومنع انتشار السلاح النووي. بل وقام مسؤول في “سي آي إيه” بالتجوال وسط العاصمة يوم الإثنين كما أنه يقوم بجس المزاج العام في مدينة أجنبية. ونقلت الصحيفة عن المسؤول قوله “لقد تصاعد الوضع بشكل سريع”. وأكد أنه خرج إلى الشوارع ليس كمسؤول أمن ولكن كمواطن قلق على الوضع. وبعدما شاهد القنابل المسيلة للدموع التي تلقى على المتظاهرين “عرف أن الوقت قد حان للخروج وغادر”. وقال مسؤولون سابقون إن الاضطرابات والرد العسكري من الإدارة هي من الإجراءات التي تشير إلى الاضمحلال والتي يركزون عليها لو كتبوا تقييما عن الولايات المتحدة لوكالة استخباراتية أخرى. وأشاروا إلى أن محاولات الولايات المتحدة السيطرة على فيروس كورونا ومحاولة الرئيس الضغط على أوكرانيا للتحقيق في منافس سياسي له مقابل الحصول على دعم. وكذا هجوم الرئيس على الإعلام والمناخ السياسي المنقسم إشارات عن عجز الدولة. ودافع أنصار ترامب عن مشي ترامب في ساحة لافاييت وزيارته للكنيسة ورفعه الإنجيل كتحرك ضروري يظهر من خلاله القوة أمام التظاهرات التي عمت مدنا أمريكية وشهدت عنفا ونهبا.
وقال حاكم وينسكون الجمهوري السابق سكوت وولكر أن الخروج من البيت الأبيض بهذه الطريقة يحتاج إلى شجاعة. ولكن عددا من المسؤولين لم يكونوا مرتاحين على ما يبدو من خروج الرئيس. ففي يوم الثلاثاء قال مسؤول بارز في البنتاغون إنه لا إسبر أو ميلي كانا على علم بهدف المشي مع الرئيس عند ذهابه إلى الساحة أو أنهما سيلعبان دور المساعد في الصورة التي التقطت له أمام الكنيسة. وحتى خارج الكاميرا حاول ترامب لعب دور القائد القوي، ففي يوم الإثنين وبخ حكام الولايات ووصفهم بالضعف لعدم استخدام القوة اللازمة ضد المتظاهرين. وقال “لو لم تسيطروا فأنتم تضيعون وقتكم” ولكنه لم يعرض الطريقة التي يمكن من خلالها تخفيف التوتر بعد مقتل فلويد على يد الشرطة بمدينة مينيابوليس. وقال بريت ماكغريك، الذي عمل مبعوثا لدول التحالف الدولي ضد تنظيم “الدولة” إن عبارات ترامب التي سجلها المشاركون واطلعت على الوسائل الإعلامية ستدفع بجرأة المستبدين وتضعف سلطة الولايات المتحدة. وقال ماكغريك إن صورة رئيس دولة يطلب من الحكام قائلا: سيطروا على الشوارع وتحكموا بساحة المعركة، هي صورة مهمة ستعلم صورة أمريكا لوقت طويل”. وأضاف “ستجعلنا غير قادرين على تمييز أنفسنا عن الدول التي نحاول التنافس معها أو التأثير عليها”. ففي الأعوام الماضية دعت أمريكا إلى ضبط النفس في مواجهة المتظاهرين في سوريا والعراق والصين وماليزيا. وفي الأسبوع الماضي قام وزير الخارجية مايك بومبيو بانتقاد الجهود الصينية لمنع المواطنين في هونغ كونغ من التظاهر. ولم تفت نبرة النفاق في الموقف الأمريكي على الأعداء في الخارج. وقال رئيس الشيشان رمضان قديروف الذي واجه عقوبات أمريكية إنه “يتابع برعب الوضع في الولايات المتحدة حيث تقوم السلطات بانتهاك المواطنين”.
www.deyaralnagab.com
|