صحافة : نيويورك تايمز: هكذا ذكّرت صور الاحتجاجات الأمريكية المصريين بثورتهم الضائعة!!
02.06.2020
أعادت مناظر الاحتجاجات الأمريكية ذكرى الثورة المصرية وآمالها المفقودة. ولاحظ المصريون تحديدا الدينامية المتشابهة بين ثورتهم الضائعة وما يجري في الولايات المتحدة، يقول مراسل صحيفة “نيويورك تايمز” في القاهرة ديكلان وولش.
وقال: “عملية قتل وحشية على يد الشرطة، موجة من الغضب العام أخرجت المواطنين إلى الشوارع، مواجهات مع الشرطة واعتداءات على الصحافيين ورئيس يبرر إجراءاته التعسفية ضدهم بذريعة محاربة المخربين والإرهابيين، كان هذا هو الربيع العربي قبل عقد، ولكن صور الماضي انتعشت في أذهان المصريين من جديد وإن بسياق مختلف في الولايات المتحدة، حيث الغاز المسيل للدموع والفزع”.
ويقول الصحافي المصري- الأمريكي أشرف خليل، الذي غطى الربيع العربي: “حسنا، أستعيد صورا مصرية”. وبالنسبة للمصريين، فالصور الصادمة القادمة من الاضطرابات الأمريكية -محتج يقف وحيدا في مواجهة شرطة الشغب، عربة شرطة تهاجم المحتجين، مركز شرطة يحترق- كلها تعيد الصور التي ظهرت خلال 18 يوما من الاحتجاجات التي أنهت ثلاثين عاما من حكم حسني مبارك عام 2011.
وانتشر هاشتاغ “بلاك لايفز ماتر” وهاشتاغ مينسوتا على منصات التواصل الاجتماعي المصرية في الأيام القليلة الماضية، وانتشر حس التضامن مع المتظاهرين الأمريكيين في كل أنحاء العالم العربي. ففي المعقل الأخير للمعارضة السورية في إدلب قام فنانان برسم لوحة جدارية لجورج فلويد الذي أشعلت وفاته على يد ضابط شرطة الاحتجاجات الأمريكية على جدار بناية دمرها القصف ومعها كلمات فلويد الأخيرة “لا أستطيع التنفس” و”لا للعنصرية” و”سوريا إدلب”.
ويرى الكاتب أن المقارنة بين الأحداث التي اجتاحت الشرق الأوسط قبل عقد، والاضطرابات الأمريكية الحالية لها محدوديتها، فالثورة المصرية نبعت من إحباط عقود من المحسوبية والنظام الاستبدادي الغاشم، أما الاحتجاجات الأمريكية فهي صرخة ضد عدم المساواة والعنصرية.
ورغم الضغط الذي تعاني منه الديمقراطية الأمريكية، إلا أن لديها صحافة حرة ولا ديكتاتور هناك للإطاحة به. والمثير للدهشة في هذا السياق، هي ردة فعل الرئيس دونالد ترامب، الذي طالما مدح الرئيس المصري المستبد بالقول “ديكتاتوري المفضل” ويقوم الآن بتقليد الديكتاتور المصري لا في الروح ولكن في الأسلوب.
فقد دعا ترامب في الأيام الأخيرة لاستخدام العنف ضد المتظاهرين وأصدر تصريحات نارية ضد المحتجين الذين وصفهم بالمخربين، كما وصفهم في مكالمة هاتفية بـ”الإرهابيين” وحث حكام الولايات بتبني أساليب انتقامية ضدهم.
وتقول الكاتبة المصرية أهداف سويف، إن الرئيس حسني مبارك تمسّك حتى في ذروة الثورة باللغة اللينة مقارنة مع لغة ترامب الوقحة. وقالت إن “ترامب هو نسخة أكثر بذاءة وابتذالا من قادتنا”. وأضافت أن مبارك كان أحيانا “يقدم نكاتا جيدة”.
ومثل الانتفاضة الأمريكية التي تحول فيها جورج فلويد إلى وجه الاحتجاج كان وجه الثورة المصرية خالد سعيد، وكلاهما مات على يد الشرطة. فقد تم جر سعيد من مقهى إنترنت بالإسكندرية وعذّب حتى الموت.
وعندما انتشرت صور جثة سعيد المشوهة بسبب التعذيب أحدثت ثورة أنهت حكم مبارك الطويل. ومثلما كشفت وفاة سعيد عن حصانة الشرطة، فإن مقتل فلويد على يد الشرطة الأمريكية كشف عن فشل ذريع للنظام في الولايات المتحدة.
ويقول المخرج المصري وكاتب النصوص بلال فضل، إنه شعر بصور الماضي عندما شاهد التعاطف الحي في الشوارع الأمريكية مع وفاته. وهي “دليل على الفشل” و”دليل عن مجتمع لم يعد قادرا للحديث مع نفسه”.
ويقول الكاتب إن صور النهب والدمار في أمريكا، أدّت بمؤيدي السيسي الذي جاء على موجة الغضب من تراجع الأمن استغلوا الأحداث ونشروا على حساباتهم في تويتر صورا بتعليقات مثل “لقد نهبوا المحلات وأشعلوا النار في سيارات الشرطة” و”كل ما يحتاجونه هو معركة الجمل وحرق المعهد العلمي” في إشارة إلى حادثين مهمين في الثورة المصرية.
وهناك من رأى في أحداث أمريكا صورة للنظر إلى الخلف والطريقة التي أدى فيها رحيل مبارك وظهور السيسي وحكمه القاسي وغير الحدود حول المدى الذي استعدت فيه القوى الأمنية لاستخدام القمع. وقال خالد فهمي، الباحث في التاريخ بجامعة كامبريدج: “تم تجاوز الكثير من الخطوط الحمر في مصر” و”نحن الآن في وضع لم نكن نتخيله حتى في أسوأ سنوات مبارك”.
وتقول نانسي عقيل، الأستاذة الزائرة في مركز التنمية الديمقراطية وحكم القانون بجامعة ستانفورد، إن الدرس الذي تقدمه الانتفاضة المصرية للمحتجين الأمريكيين هو التركيز على التغيير المنظم.
وهم بحاجة إلى إظهار أن هناك مشكلة حقيقية مع أجهزة الأمن بشكل عام وليست منحصرة في حادث واحد. و”لو عرف المصريون هذا لما سارع الناس إلى معانقة الجيش عندما نزل إلى الشوارع، ولفهموا حينها أن المشكلة هي الجيش”.
www.deyaralnagab.com
|