logo
1 2 3 41058
صحافة : ذي أتلانتك: المتاعب الاقتصادية في الغرب قد تنهي شهر العسل بين قادة أوكرانيا وأنصارهم!!
03.06.2022

نشرت مجلة “ذي أتلانتك” مقالا لأندرو إكسوم تساءل فيه عن المدى الذي سيذهب فيه الغرب لتقديم الدعم العسكري لأوكرانيا. وقال “يبدو أننا وصلنا أعلى نقطة في التحالف لهزيمة القوات الروسية في أوكرانيا. إلا أن العلاقة بين القيادة الأوكرانية وداعميها الغربيين ستتوتر في الأشهر المقبلة، والمسؤول هنا هي الآلام الاقتصادية التي ستفاقمها الحرب. ويقول “عندما سيدرس أولادنا وأحفادنا هذا النزاع، فسيتعجبون من جرأة وسرعة القوى الغربية- أوروبا والولايات المتحدة لتعبئة الدعم العسكري إلى الشعب الأوكراني لمواجهة الغزو الروسي في 24 شباط/فبراير. وهذا على خلاف الموقف الغربي في 1939- 1940 عندما احتلت روسيا فنلندا ولم تتحرك القوى الغربية إلا متأخرة لمساعدة الفنلنديين”. وقال “ما أدهشني هي الأسلحة الفتاكة، وكان من سوء حظي أنني ساهمت بخفض التوتر لعمليات الحلفاء والروس في سوريا بالفترة ما بين 2015 وحتى 2017 عندما حاولنا تجنّب، قدر الإمكان، قتل أي روسي خشية اندلاع حرب عالمية ثالثة”. و”اليوم نحن نرسل للأوكرانيين بعضاً من أكثر الأنظمة العسكرية تقدما مثل الصواريخ المضادة للدبابات والطائرات بهدف واضح هو قتل أكبر عدد من الروس”. ولم تسارع الولايات المتحدة بتقديم صواريخ مضادة للدبابات، بل وبريطانيا وهولندا وألمانيا والسويد. وتريد فنلندا والسويد الانضمام لحلف الناتو في أقرب فرصة، وعندما يتم الوفاء بمطالب تركيا المتعلقة ببيع السلاح والأكراد. ويقول الكاتب إن الرد الغربي السريع أكّد على مدى خطأ حسابات الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بل ويتناقض مع الرد الغربي على هجمات عسكرية روسية في كل من جورجيا، 2008 وأوكرانيا عام 2014. وفي كلا الهجومين جرّ الغربيون أقدامهم وتردّدوا قبل أن يفرضوا ثمناً على روسيا. وربما كان للتردّد الغربي في اتخاذ تحركات من النزاعين دور في تشكيل الحسابات الروسية لغزو أوكرانيا الأخير. ولكن الحرب تدور منذ عدة أشهر ولا توجد إشارات عن قرب نهايتها في أي وقت.
وكما لاحظ المحلل الإستراتيجي البريطاني، لورنس فريدمان بأنك تستطيع الاستنباط من خطاب بوتين في 9 أيار/مايو، الذي ألقاه بوتين في ذكرى انتصار الحلفاء أثناء الحرب العالمية الثانية عدة نقاط، منها: حماية شبه جزيرة القرم ومنع هجوم أوكراني ضد دونباس وضمانات بعدم استقبال أوكرانيا أسلحة نووية على أراضيها. لكن الأوكرانيين لن يقبلوا بأي تنازلات في أراضيهم، وربما شعروا، رغم خسائرهم الأخيرة، أن باستطاعتهم النصر. ولهذا تواصل أوكرانيا الضغط على الغرب لمواصلة الدعم العسكري. وما تحتاجه كييف اليوم ليس أسلحة لوقف التقدم الروسي، بل واستعادة الأراضي التي خسرتها. وتبدو إدارة بايدن مترددة بالمضي أبعد من هذا المستوى، ولا يمكن أن نرى الدول الأخرى تتجاوز أمريكا وتقدم الدعم العسكري الذي يلح عليه الأوكرانيون. وواحد من أسباب التردد هو الثمن الاقتصادي للحرب التي تثير قلقا أمريكيا وغربيا كبيرا، فقد وصل التضخم في منطقة اليورو إلى 8%، أما في الولايات المتحدة فالنسبة عالية، ولم تمر على أمريكا مثلها منذ أربعة عقود. وعبر الاقتصاديون عن مخاوفهم من الركود في العام المقبل. ولكن الاقتصاديين الذي تحدث معهم الكاتب عبّروا عن انزعاجهم من أن الركود قد يأتي قريباً. ويقول إن حرب بوتين في أوكرانيا لم تتسبّب بكل هذا الألم الذي أصاب الاقتصاد العالمي، لكنها لم تساعد بالتأكيد. وتلعب أيضاً دوراً في المعاناة التي ستواجه سلاسل التوريد العالمية للغذاء. كل هذا الألم سيجعل من انتخاب رؤوس في أنظمة ديمقراطية أمراً صعباً، وهو وقت جيد للأنظمة الشعبوية، كما لاحظنا في كولومبيا وفرنسا وأستراليا وألمانيا أظهرت اتجاه الريح للأنظمة القائمة والأحزاب الرئيسية.
وسيكون الضغط الاقتصادي وصعود الشعبوية في ذهن القادة الغربيين وهم يحاولون البحث عن طرق لمواصلة دعم الحرب التي ستترك أثرها وبشكل مستمر على اقتصاديات الدول الكبرى. ولهذا السبب فالحوارات بين أوكرانيا وأنصارها في الخارج ستتّسم مع تقدّم العام بالصعوبة، ولن تكون سهلة. وستتعرّض أوكرانيا لضغوط شديدة، وليس من قبيل الصدفة أن يتحدث هنري كيسنجر عن تنازلات عن أراضي تسمح بخروج مشرف لبوتين من الحرب. وحتى لو توقفت الحرب فجأة، فلن توقف انزلاق الاقتصاد العالمي، فحرب بوتين، بالطبع لا علاقة لها بسياسة صفر تسامح التي طبقتها الصين لمواجهة كوفيد-19، إلا أن الحرب، مثل بقية الحروب، عادة ما تدهش المراقبين أكثر من دهشتهم لعمل الموانئ البحرية.
وستواصل الدول الغربية المقامرة طوال هذه الحرب، وسينتهي شهر العسل الذي تمتّع به قادة أوكرانيا مع الغرب قريبا. وستكون روسيا سعيدة فيما تلاحظ الصدع بين أوكرانيا وداعميها. ولكن على بوتين أن لا يشعر بالراحة مما يرى. فالعقوبات التي تواجه بلده شديدة، ولن تذهب سريعاً وبعيداً عن إرسال الولايات المتحدة صواريخ طويلة المدى أو متوسطة لأوكرانيا، كما أن خسارة صفوف الوسط في الجيش الروسي تعطي فكرة عن جيش يعاني من عجز.
ولدى الروس القدرة على امتصاص الكثير من الآلام في ساحة الحرب، إلا أن وضع الجيش لم يتحسّن كثيراً رغم ما حقّقه من إنجازات ميدانية. وبالنسبة لأوكرانيا فقد تقرّر أن هدنة غير مريحة ستكون جيدة بحلول الخريف، وستسمح بتقوية الدفاعات في الشرق الذي تعطي التضاريس هناك الأفضلية للدبابات الروسية. وربما منحت الهدنة القادة الروس إلى جانب الآلام الاقتصادية، التي بدأت تترك أثرها على البلاد، فرصة لقبول هدنة، حتى لو كانت مؤقتة، ترحب بها العواصم الغربية بهدوء.


www.deyaralnagab.com