logo
1 2 3 41058
صحافة : فايننشال تايمز: الحد من تأثير إيران الإقليمي أمل بعيد… الحمل كبيرة والفاتورة أكبر!!
10.06.2021

قال المعلق في صحيفة “فايننشال تايمز” ديفيد غاردنر، إن الحدّ من طموحات إيران الإقليمية يظل أملا بعيد المدى بالنسبة للغرب.
وأضاف أن البداية الواعدة من المحادثات الأمريكية- الإيرانية بدأتها إدارة جوزيف بايدن بالتنسيق مع خمس قوى دولية بهدف إحياء الاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي قرر الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الخروج منه عام 2018، وصلت ساعة الحقيقة. فلو تم إحياء الاتفاق فستكون هناك بالتأكيد لحظات عصيبة أخرى في وقت ستحاول فيه القوى الإقليمية والدولية الحد من التدخل الإيراني في الشرق الأوسط: نجاحها في استخدام الميليشيات العربية لبناء ممر شيعي ما بين بحر قزوين والبحر الأبيض المتوسط ومن الخليج إلى اليمن والبحرين.
وبالنسبة للولايات المتحدة والدول الغربية الثلاث الموقعة على اتفاق 2015 فهذان الهدفان متصلان، أي الاتفاق النووي والطموحات الإقليمية الإيرانية. وبالنسبة لإيران التي ستعوّل على دعم كل من الصين وروسيا، فهما موضوعان منفصلان. ذلك أن طهران تتعامل مع أجندتها المحلية كأمر يمكن التفاوض عليه مع جيرانها، مثل منافستها وعدوتها السعودية والقوى السنية الأخرى. وفي هذه الألعاب من الشطرنج ثلاثي الأبعاد، يستخدم المفاوضون الإيرانيون المهرة عددا من النزاعات بالوكالة بين السنة والشيعة، كبيدق في رقعة الشطرنج الجيوسياسية والتي تواجه الولايات المتحدة والغرب.
وأكدت إدارة باراك أوباما التي كان فيها بايدن نائبا للرئيس، على ضرورة التعامل مع موضوع البرنامج النووي الإيراني بطريقة منفصلة عن تصرفات ونشاطات إيران الإقليمية. وخشيت الإدارة في حينه من قيام الجمهورية الإسلامية بمقايضة أجهزة الطرد المركزي المسموح لها في عمليات تخصيب اليورانيوم بنشاطات الميليشيات المتصاعدة والمنخفضة والتي تتمكن طهران من إغلاقها وفتحها في أي وقت مثل الصنبور. لكن هذا الصنبور وبعد صعود وهزيمة تنظيم “الدولة” في العراق وسوريا عام 2014 لم يغلق منذ ذلك الوقت.
فقد كانت القوات التابعة لإيران مثل الحرس الثوري والجماعات الوكيلة القوية مثل حزب الله في لبنان والحشد الشعبي في العراق أسلحة هجومية حيوية ضد الجهاديين من أصحاب القمصان السود. وهو ما جعل إدارة بايدن قلقة. فهي على ما يبدو تتعامل مع البرنامج النووي الإيراني والسلوك الإقليمي كموضوعين منفصلين، تماما كما فعلت إدارة أوباما. لكن بعض المسؤولين يقولون إننا لا نتعامل مع فصلين مختلفين، ولكنهما جملة واحدة بينهما فاصلة. ففي الجزء الأول من الجملة فهي تكافح من أجل التعبير عنها.
وهناك مشاكل واضحة للعودة إلى الوضع السابق في الاتفاق النووي. وفي الوقت الذي التزمت فيه إيران لمدة عام بعد خروج ترامب من الاتفاق، إلا أنها تعمل على تخصيب اليورانيوم منذ ذلك الوقت بدرجات عالية من النقاء وعلى مستويات الأسلحة النووية. ويمكن إرجاع هذا المستوى مع مخزونها من اليورانيوم، لكن سرعة أجهزة الطرد المركزي الجديدة تقدم واقعا جديدا. ومطلبها بضمانات ضد عقوبات الخزانة الأمريكية “مفهومة” لأن هذه العقوبات تمنع المستثمرين الأجانب عبر التهديد بطردهم من نظام الدولار، برغم وجود الاتفاق النووي. كما تريد طهران أيضا إلغاء قرار إدارة ترامب تصنيف الحرس الثوري الذي يعد مؤسسة دولة “كمنظمة إرهابية”.
وهذا أمر إشكالي طالما ظل قادة الحرس الثوري يديرون عمليات للميليشيات في الشرق الأوسط ويسيطرون على الإقتصاد الإيراني. وفي شهادة له أمام الكونغرس، قال وزير الخارجية أنتوني بلينكن: “ستظل مئات من العقوبات في مكانها حتى تحدث تغيرات على السلوك الإيراني”. ولكن إيران وبمتطلبات الاستثمار غير المستوفاة بحاجة ماسة للمال.
وبدا كأن الزعيم الروحي آية الله علي خامنئي كان يبحث عن صفقة نووية سريعة حتى يحمّل إدارة الرئيس حسن روحاني مسؤولية التنازلات المتوقعة. فهو الرئيس الذي ستنتهي ولايته في انتخابات 18 حزيران/ يونيو وهو الذي توصل للمقايضة مع الولايات المتحدة عام 2015. وبهذه الطريقة كان خامنئي يأمل بلوم روحاني والحصول على أموال تسمح للحكومة المتشددة التي قد تظهر بعد الانتخابات بالعمل. وبات من المؤكد فوز المتشدد، والقاضي إبراهيم رئيسي في الانتخابات بعد استبعاد الإصلاحيين والمحافظين.
ويرى الكاتب أن قادة مثل خامنئي ورئيسي هم عنيدون وراضون عن أنفسهم، لكنهم عرضة للخطر من تمردات في الداخل وسيواجهون مشاكل في السيطرة على محور من القوى الذي لا يعدو كونه مجموعة من الدول المنهارة. وهذا واضح بعد مقتل القائد العسكري قاسم سليماني العام الماضي بغارة أمريكية في بغداد.
ولم تعد إيران قادرة على التحكم بالميليشيات الشيعية في العراق التي تواصل استفزاز الولايات المتحدة. وفي الوقت نفسه، عادت التظاهرات الشعبية المعادية لطهران إلى شوارع العراق. وفي سوريا التي تحولت إلى أنقاض، لم يعد بشار الأسد قادرا على إطعام حتى أنصاره، علاوة على التصالح مع المهاجرين والمهجرين داخل وطنهم. وفي لبنان الذي يتحكم به حزب الله، قال البنك الدولي إن أزمة البلاد المالية والاقتصادية قد تكون الثالثة على المستوى العالمي منذ منتصف القرن التاسع عشر. في الوقت الذي تريد فيه روسيا والصين الحصول على أصول متعثرة لكنهما ليستا في وضع لتحمل فاتورة إعادة الإعمار لإيران ومجموعة من الدول التابعة لها والتي قد تصل إلى تريليون دولار.
وربما أضاف البعض أن إحياء الاتفاق النووي قد يؤدي إلى توافق إقليمي ومعمار إقليمي يتبعه الإعمار الذي قد تستفيد منه دول الخليج الراغبة بتنويع اقتصادها، لكن لا أحد يحبس أنفاسه.


www.deyaralnagab.com