logo
1 2 3 41058
الصحف المصرية :الجوع سلاح العدو الأبرز انتقاما من غزة… والقوات المسلحة المصرية حماية للأمن القومي!!
03.10.2024

كتب حسام عبد البصير..القاهرة: يمر الجوع بغزة، بل قد يسكنها زمنا طويلا وكذلك العطش وشح الدواء، غير أن الذعر لا مكان له هنا، إذ الكبير كما الصغير لديه ما يفعله في مشروع الألف ميل لاستعادة الوطن من لصوصه، ولأن الفلسطيني يواجه أحقر سلطة احتلال عرفتها الإنسانية، يمثل سلاح التجويع أبرز الأسلحة ألما، خاصة بالنسبة للأطفال، وكانت آخر شحنة غذاء قد دخلت للقطاع في الخامس من مايو/أيار الماضي، حيث سيطرت السلطات الإسرائيلية منذ ذلك الوقت على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، بينما يمثل عبور الشحنات عبر معبر كرم سالم حدثا شديد الندرة، إذ بات الإسرائيليون منذ الهزائم المتتالية التي يتعرضون لها على أيدي المقاومة يرفعون شعار نقتلهم لا «نسمنهم»، في إشارة لقرابة مليوني ونصف المليون مواطن من سكان قطاع غزة. ووصف الدكتور مصطفى الفقي، الكيان الصهيوني بـ»المفلس» مؤكدا أنه «لا يملك إلا القنابل للقتل والاغتيال، وقضيته هي قضية انتقام».. داعيا لحماية إسرائيل من نفسها إذا كان لها أصدقاء، إنما هي الآن تتجه نحو الانتحار». وحذّر الفقي من أن «المنطقة تمر بحرب إقليمية، وأن الوضع سيئ وينبئ بجرائم إسرائيلية متكررة». وأضاف خلال تصريحات تلفزيونية «ما يحدث لا يصدق.. الأخبار لا تلاحق عمليات القتل والضرب». وأكد أن «الإسرائيليين لا يفكرون إلا في الانتقام وخطاب الكراهية والمشاعر العدائية إنهم لا يريدون العيش بسلام في المنطقة.. وتعبنا من خطابات نتنياهو كلها كراهية ورفض وتمهيد للعدوان». وأشار إلى أن الواقع على الأرض أسرع من التحركات السياسية بسبب «رعونة إسرائيل وتعطشها للدماء وشعورها بأن مخاطبة الرأي العام الداخلي واليهود حول العالم لا تأتي إلا مغموسة بالدم العربي والإسلامي.
المقاومة رعب نتنياهو الدائم… وعصابته تتهاوي في جنوب لبنان كما تهاوت في القطاع
وأكد العقيد أركان حرب غريب عبدالحافظ المتحدث العسكري الرسمي للقوات المسلحة، أن القوات المسلحة حريصة على دعم قدرات وإمكانات جميع الأفرع الرئيسية للقوات المسلحة، بأحدث نظم التسليح لحماية الأمن القومي المصري وتأمين المقدرات الاقتصادية على كل الاتجاهات الإستراتيجية للدولة. وأضاف المتحدث العسكري في حوار إذاعي على راديو 9090 أن المقاتل المصري هو الركيزة الأساسية لمنظومة التطوير في القوات المسلحة، لافتا إلى أن المدفعية المصرية كانت مفاجأة قاسية للعدو على طول الجبهة، خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول المجيدة.
مسألة وقت
رغم كل هذا الضجيج، ورغم كل أكاذيب نتنياهو والنازيين الجدد في إسرائيل، فإن هزيمة إسرائيل هي النهاية المؤكدة، حسبما أكد عبد المحسن سلامة في «الأهرام»: انتصار المقاومة حتمي وتاريخي، شاء من شاء وأبى من أبى. ذلك هو درس التاريخ الذي لا يمكن أن يتغير أو يتبدل على مر الأزمان والعصور، وفي كل بقاع الأرض. تورطت الولايات المتحدة الأمريكية ـ وهي القوة العسكرية الأعظم في العالم ـ في الصراع في فيتنام سنوات عديدة ولمدة أكثر من 20 عاما من «1953 إلى 1973»، حتى تم سحب جميع القوات الأمريكية بالكامل منكسرة ومهزومة، بعد أن بلغ عدد الضحايا عدة ملايين من الفيتناميين، حيث تراوحت أعداد الضحايا ما بين مليون و3 ملايين شخص تقريبا، في حين بلغ ضحايا الجيش الأمريكي ما يقرب من 60 ألف شخص. أما جنوب افريقيا، فقد تعرضت لأسوأ أنواع الاستعمار الاستيطاني على غرار ما يحدث في فلسطين منذ عام 1948 حتى الآن، حتى ظهر نيلسون مانديلا، ومكث في السجن 27 عاما، ونجح بعد أن تم إطلاق سراحه في أن يصبح أول رئيس لجمهورية جنوب افريقيا عام 1994، بعد رحلة كفاح طويلة لشعب جنوب افريقيا امتدت لما يقرب من أربعمئة عام، كلفته ملايين الضحايا، لكن كفاح الشعوب لا يضيع مهما كانت التكلفة، ومهما امتدت المدة الزمنية. أما الجزائر، فقد تحررت بعد 132 عاما من استعمار فرنسا الاستيطاني لها، الذي بدأ عام 1830 وانتهى بالاستقلال عام 1962، في رحلة كفاح طويلة ومريرة أسفرت عن استشهاد أكثر من مليون جزائري. ما حدث في فيتنام والجزائر وجنوب افريقيا حدث في أفغانستان وأيرلندا ودول كثيرة في الشرق والغرب على السواء، وانتهت أساطير القوة والأكاذيب إلى الزوال تحت أقدام الشعوب مهما كانت التكلفة، ومهما امتد تاريخ الصراع ضد إرادة الشعوب التي تنتصر في النهاية دائما. تذكرت كل هذا بمناسبة تصاعد الأحداث الدامية في فلسطين ولبنان، ومحاولات العدو الإسرائيلي التي لا تهدأ من 76 عاما حتى الآن لكسر إرادة الشعب الفلسطيني باستخدام أقسى الأساليب وحشية في العصر الحديث. انتصار الشعب الفلسطيني في النهاية أمر مؤكد، وهزيمة إسرائيل مقبلة لا محالة.
ما كنا نخشاه
ما كان يخشاه عبد المنعم سعيد في «الأهرام» حدث بالفعل: بقيت خطوة واحدة وتصبح «الحرب الإقليمية» قائمة في الشرق الأوسط والمنطقة العربية خاصة، وهي التدخل الإيراني المباشر في تحويل «حرب الساحات» إلى حرب الإقليم كاملة الشروط. وإذا كانت إسرائيل قد بلعت الطُعْم الإيراني قبل عام، عندما جرى هجوم «حماس» على غلاف غزة؛ فإن إسرائيل تسعى سعيا حادا إلى استدراج طهران بطُعْم الهجوم على حزب الله. والحقيقة أن الطعم الإسرائيلي بدأ مع اغتيال إسماعيل هنية رئيس المكتب السياسي لـ»حماس» في قلب العاصمة طهران؛ والآن فإن تحركاته التكنولوجية اقترن فيها ما هو مخادع بما هو صريح في طاقاته التفجيرية. استخدام «البيجر» لإصابة قرابة ثلاثة آلاف من مقاتلي حزب الله؛ مقترنا بهجمات ذات طاقة تفجيرية عالية على الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله، أخذت في طريقها شخصية مهمة مثل إبراهيم عقيل، الذي حل محل فؤاد شكر في قيادة القوات الخاصة، دفعت حزب الله إلى مزيد من الاندفاع في إطلاق الصواريخ على حيفا وقواعد عسكرية إسرائيلية في شمال إسرائيل.والحقيقة أن إقليمية الحرب قائمة منذ بدايتها، فالأطراف التي وفرت نيرانها للحرب تدخلت منذ البداية مثل حزب الله اللبناني، وباقي التوابع الإيرانية في اليمن والعراق وسوريا. ومن ناحيتها اعتبرت إسرائيل أن الحرب إقليمية منذ وقت طويل؛ فقد تدخلت بعمليات حربية في سوريا والعراق، ولم تتوان عن القيام بحروب «الظل» داخل إيران نفسها. ولكن ما بات يجري الحديث عنه الآن هو المواجهة المباشرة بين إسرائيل وإيران؛ وما يمكن استنتاجه الآن من السلوك الإسرائيلي، أن استراتيجيتها باتت قائمة ليس فقط على تقليم أظافر ميليشيات توابع طهران، وإنما الدخول مع إيران في مواجهة مباشرة تؤدي إلى إجهاض كامل للبرنامج النووي الإيراني. الأرجح أن نتنياهو يجد في الانتخابات الأمريكية نافذة لحسم الحرب دون تدخلات غربية تزعج الرأي العام في إسرائيل، ومعه المؤسسة الأمنية التي يرى العقلاء منها أن إسرائيل قد تمددت بأكثر مما ينبغي.
القتل جوعا
فى عام 2008، وضع منسق حكومة الاحتلال الإسرائيلي، في المناطق الفلسطينية المحتلة، وثيقة عنوانها «خطوط حمر»، حددت الحد الأدنى من السعرات الحرارية المطلوبة كي لا يصل سكان القطاع إلى حالة من سوء التغذية، على ضوء القيود التي فرضتها إسرائيل على تحركات الأفراد ودخول البضائع، بما فيها كميات الطعام والمواد الخام. فكرة الحصار والتجويع، كما يرى الدكتور يحيى عبد الله في «الشروق» حاضرة في التفكير الإسرائيلي، حتى قبل «طوفان الأقصى»، وربما كانت أحد أسباب الانفجار الفلسطيني؛ وازداد حضورها، في وعى المسؤولين الإسرائيليين، بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، وهو ما انعكس في تصريحات، واضحة، تدعو إلى تجويع السكان المدنيين في غزة، كوسيلة من وسائل القتال، فضلا عن نزع الصفة الإنسانية عنهم لتبرير الجريمة. من هذه التصريحات، تصريح وزير الدفاع يوآف غالانت، الذي أعلن، صراحة، أن منع الطعام والماء جزءٌ من عملية القتال: «نحن نفرض حصارا شاملا على مدينة غزة. لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود. كل (المعابر) مغلقة. نحن نحارب (حيوانات بشرية) ونتعامل معهم من هذا المنطلق»، ومنها تصريح وزير الأمن القومي الإسرائيلي إيتمار بن غفير، الذي ربط فيه بين جهود إعادة الأسرى الإسرائيليين ومنع دخول مساعدات إنسانية إلى القطاع: «طالما لم تطلق حماس سراح المخطوفين الذين بحوزتها، فإن الشيء الوحيد الذي يجب إدخاله إلى غزة هو مئات الأطنان من متفجرات سلاح الجو، وليس جراما واحدا من المساعدات الإنسانية»، ومنها تصريح وزير الخارجية، يسرائيل كاتس الذي قال فيه: «لقد أمددنا غزة لسنوات بالكهرباء، والماء والوقود. وبدلا من أن يشكروننا أرسلوا آلافا من (الحيوانات البشرية) ليذبحوا، وليقتلوا، وليغتصبوا، وليخطفوا الرضع، والنساء والمسنين ـ لذا قررنا وقف ضخ الماء، والكهرباء والوقود، والآن دُمرت محطة القوى المحلية الخاصة بهم ولا وجود للكهرباء في غزة. سنواصل تشديد الحصار إلى أن يزول التهديد الذي تمثله «حماس» على إسرائيل والعالم. ما كان لن يكون».
غزو عبراني
نتنياهو، تجاوز، في رسالته إلى المقاتلين الإسرائيليين في الثالث من نوفمبر/تشرين الثاني 2023، مسألة التجويع إلى ما هو أفدح؛ كما يقول الدكتور يحيى عبد الله حيث استلهم نصا توراتيّا، يدعو إلى إبادة سكان غزة؛ حيث قال بالحرف الواحد: «الصراع الحالي ضد قتلة حماس هو فصل إضافي في قصة الصمود القومي على مر الأجيال. أذكر ما فعله بك عماليق». يدرك كل دارس للتوراة، ناهيك عن كل إسرائيلي، أن الأمر في النص التوراتي ــ أذكر ـ يدعو إلى محو وإبادة «عماليق» ـ الشعب الذي قاوم الغزو العبراني، في سالف الأيام، وهو معادل لـ«حماس»، التي تقاوم الاحتلال في عصرنا ـ من على وجه الأرض، بمن في ذلك النساء والأطفال. ما تزال أطياف من المجتمع الإسرائيلي تنادي باستخدام سلاح التجويع ضد «حماس» بهدف تركيعها، بعد مرور نحو عام على الحرب، وصمود الفلسطينيين في أرضهم. إذ أصدر «منتدى القادة والمحاربون في الخدمة الاحتياطية»، وثيقة، في السابع والعشرين من شهر أغسطس/آب لهذا العام، عنوانها: «خطة اللواءات»، بمبادرة من اللواء احتياط، جيورا آيلاند الرئيس السابق لشعبة العمليات في الجيش الإسرائيلي، تعرض خطة لما سموه تركيع حركة «حماس»، تستند إلى افتراض أن ما يقوم به الجيش الآن من قتل يومي في القطاع، ليس فعَّالا بما يكفي لتركيع الحركة، ولتوليد ضغط مؤثر من أجل إطلاق سراح الأسرى. طبقا للخطة، تتحول كل المنطقة التي تقع شمال محور نتساريم، أي مدينة غزة بكل أحيائها، إلى منطقة عسكرية مغلقة، ما يعني أن كل الفلسطينيين الموجودين فيها ـ نحو 300 ألف فلسطيني، حسب تقديرات جيش الاحتلال الإسرائيلي ـ سيتم طردهم، بشكل فوري، في غضون أسبوع واحد، عبر ما يُسمَّى بـ(الممرات العسكرية الآمنة)، يعقب ذلك فرض حصار عسكري شامل على المنطقة، ووضع من تبقى من السكان الفلسطينيين أمام خيار واحد: إما الاستسلام أو الموت جوعا. تشير الوثيقة إلى إمكانية استنساخ الخطة، لاحقا، في رفح وفي أماكن أخرى من القطاع. وقد اعترف، جيورا آيلاند، صاحب الخطة، بأن إسرائيل استخدمت سلاح التجويع، من أجل إتمام صفقة الأسرى العام الماضي، إذ أدخلت شاحنتين فقط إلى القطاع كل يوم.
تكذب ولا تتجمل
هكذا تفعل أمريكا فهي تكذب على العالم بإقناع إسرائيل بالسلام، وتتجمل في الوقت ذاته، كما أوضح عبد العظيم الباسل في «الوفد»، عندما تدعم الكيان بالمال والسلاح، بحجة حماية أمن الإسرائيليين وحقهم في الدفاع عن وطنهم المغتصب من الفلسطينيين.. أحدث الأكاذيب الأمريكية، ما أعلنه البنتاغون قبل أيام أن أمريكا لم تشارك في عملية (ضاحية بيروت)، ولم تعرف بها إلا بعد اغتيال حسن نصر الله، في الوقت الذي أكدت فيه وسائل إعلام إسرائيلية، أن تل أبيب أحاطت واشنطن بتوقيت الضربة وهدف العملية قبل تنفيذها، وهذا أيضا ما حاول نفيه وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، الذي كان يتحدث مع نظيره الإسرائيلي غالانت بينما كانت العملية يجري تنفيذها. أمر آخر يكشف كذب الرئيس بايدن بأنه وجه وزارة الدفاع ذاتها عقب الضربة مباشرة بضرورة تعديل وضع القوات الأمريكية في الشرق الأوسط وتعزيزها لضمان حماية الأهداف الأمريكية، واتخاذ السفارات التدابير الوقائية لحماية أمنها، ورغم ذلك تخرج تصريحات وزير الدفاع الأمريكي مشددة على ضرورة تجنب الحرب، وتظل الدبلوماسية هي أفضل طريقة لتحقيق السلام الإسرائيلي اللبناني، وعودة النازحين من الجانبين إلى ديارهم مرة أخرى. يظهر الكذب الأمريكي الصريح، حين تأتى تصريحات وزير خارجية الاتحاد الأوروبي بوريل، بأنه لا توجد قوة قادرة على وقف مخطط نتنياهو في غزة ولبنان بما في ذلك أمريكا نفسها، سوف تبقى الحقيقة الواحدة، وسط سحب المؤامرات والمواقف العالمية المتناقضة، أمريكا تحمي بلطجة إسرائيل، وتدعي كذبا أنها تحفظ أمنها، فهي تكذب ولا تتجمل فهل يفيق الضمير العالمي لوقف هذا الكذب؟
السر في الخريطة
إذا أردت أن تعرف الهدف الاستراتيجي لحرب الإبادة الشاملة التي تشنها إسرائيل، في الاتجاهات كافة، ينصحك محمد حافظ في «الوطن» أن ترجع إلى خريطة المنطقة المظللة بعض أجزائها باللون الأسود، التي رفعها نتنياهو، رئيس وزراء إسرائيل، أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أثناء إلقاء كلمته نهاية الأسبوع الماضي، ظلل نتنياهو العراق وسوريا ولبنان واليمن وإيران بالأسود، معتبرا أنها هي مصدر التهديد للمنطقة، أو هكذا أراد أن يُصدِّر للعالم، وبالتالي فإنه يقوم بالدفاع عن وجوده من هذا التهديد. وما لم يقله رئيس الدولة الإرهابية المسماة بإسرائيل ما يلي: احتلال غزة بصورة نهائية واجتياح الضفة الغربية.. احتلال الجنوب اللبناني حتى نهر الليطاني.. احتلال أجزاء من العراق.. احتلال أجزاء جديدة من سوريا إضافة إلى الجولان.. السيطرة على اليمن للتحكم في مضايق البحر الأحمر. وبالنظر إلى عدد سكان إسرائيل وحجم اقتصادها، فإنها لا يمكن أن تنفذ هذا المخطط إلا بمساعدة وموافقة ودعم الولايات المتحدة، ومن يرى غير ذلك فهو أعمى، ومن يتوقع غير ذلك فهو واهم، ومن يروج غير ذلك فهو مأجور. وأقرب دليل على هذا الطرح سلوك الولايات المتحدة في الهجوم الإسرائيلي الأخير على لبنان، حيث اعترف الرئيس الأمريكي جو بايدن في خطابه – الأخير في فترة ولايته – أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة أن بلاده ضالعة في الحرب الجارية على لبنان، حيث قال: «نحن لا نحارب الشعب اللبناني وإنما نحارب حزب الله»، مستخدما صيغة الجمع قاصدا أمريكا وإسرائيل وهذا الاعتراف الرسمي العلني أمام العالم كله يؤكد كذب كل التصريحات التي صدرت منذ اليوم الأول لغارات العدو الإسرائيلي على جنوب لبنان، عندما قالت الدوائر الرسمية في الإدارة الأمريكية أن إسرائيل تقوم بهذه العمليات دون الرجوع لنا، ولم تُطلعنا على أي تفاصيل أو خطط مسبقا.
مخطط شرير
يرى محمد حافظ أن هذه الغارات التي نفذتها طائرات (إف 16) الأمريكية وبصواريخ وقذائف أمريكية ويقودها طيارون من الجيش الأمريكي، تعني أن إسرائيل شاركت في هذه الحرب بنجمة داود المرسومة على ذيل الطائرات، فقط نحن أمام تنفيذ مخطط إقامة إسرائيل الكبرى التي تتوسع على حساب دول عربية، وتنفذه أمريكا بأسلحتها وقواتها البشرية والمادية، والدول العربية المستهدفة لا تملك من أمرها شيئا، لأن المخطط قد بدأ منذ عقود عندما تم إنهاك العراق في حربين وغزوه واحتلاله، وإشعال الحرب والفتنة في سوريا، وتقسيم لبنان داخليا ما بين شيعة وسُنة ومسيحيين، وإشعال الثورة في اليمن وتفريق شعبها بين حوثي ويمني، وبث روح الفرقة بين الفلسطينيين، والآن هو وقت الانقضاض على هذه الدول التي أصبحت مفككة وهشة وبلا جيوش وطنية قوية، فترى الشعب اللبناني يُباد وينزح بالآلاف من الجنوب، ومبانيه وبنيته الأساسية تُدمَّر، وجيش لبنان لم يطلق طلقة رصاص، والشعب السوري يقاتل بعضه ويترك الجولان محتلة ولا يحارب عدوه. الأمر الواقع أليم، لن تُجدي معه الاستغاثات أو انتظار نجدة الآخرين للدفاع عنه، وأصبح الحل الوحيد هو قيام كل دولة من هذه الدول بالدفاع عن نفسها، ودعم الجيوش الوطنية بها، ونبذ الخصومة والانقسام والبحث عن المصالح الشخصية، لأنه الحل الوحيد للوقوف أمام المد والطغيان والعربدة الإسرائيلية في المنطقة، ووقف غطرسة قوات الاحتلال، التي عكستها كلمات نتنياهو الذي قال في مؤتمر صحافي: «نقوم بتغيير الواقع الاستراتيجي في الشرق الأوسط».. «لنا ذراع طويلة تصل لأي عدو لنا مهما بعدت المسافة، وكما هو مكتوب في التوراة سألاحق أعدائي وسأقضي عليهم». ولم تكتفِ إسرائيل في حربها بالطائرات والمدافع والدبابات، بل استخدمت أيضا سلاح إعلامها المضلل للعالم.
طائر الفينيق ينهض
حسبما يُسمى في الميثولوجيا الإغريقية، طائر «الفينيق»، هو طائر نادر عجيب يجدد نفسه ذاتيا، يولد مجددا من رماد احتراق جسده. يمكن وصف «حزب بالله» من وجهة نظر حمدي رزق في «المصري اليوم» بمثل هذا الطائر الخرافي، يولد مجددا من رماد القصف الإسرائيلي المفرط. حدث قبلا في حرب يوليو/ تموز 2006 ما سماه طيب الذكر «السيد حسن نصر الله» وقتئذ «النصر الإلهى»، وما النصر إلا من عند الله. معلوم الطاقة لا تفنى ولا تُستحدث من عدم، وهكذا «طاقة المقاومة» لا تفنى تحت وطأة قنابل تدك الملاجئ تحت الأرض، وتدفن الحياة فوق الأرض، طاقة المقاومة جبارة، لا تفنى، تسكن نفوس المقاومين. أرواح الشهداء لا تموت، حية في نفوس مقاومين أحياء لا يزالون على خط النار، لا تُستحدث من عدم، لأن العدم يترجم نهاية الحزب الذي عمَّر طويلا، رغم الريح والجو الماطر والإعصار. صحيح قد يكسب نتنياهو «معركة الليطاني» في أيام الغزو البري الأولى، وحزب الله مُثخنٌ بالجراح، لا يزال يعاين أضرار فقد ربانه وتضعضع قيادته، فقد كاريزما نصر الله في أتون الحرب مثل فقد البوصلة في عرض البحر، سفينة حزب الله تترنح تكاد تصطدم بالصخور الناتئة على الشريط الحدودي المشتعل. يكسب نتنياهو معركة الليطاني، بعتاده العسكري، وطيرانه المحلق عاليا، والدعم الأمريكي اللا محدود، والخرق الاستخباراتي في بنية حزب الله المعلوماتية الأساسية، اتسع الخرق المعلوماتي على الراقع، كما يقولون. الحدود اللبنانية مستباحة، والاستباحة بلغت حارة حريك، صحيح هناك خطوط زرق وليست حمرا، الخطوط الحمر لها جيش يحميها (الجيش المصري العظيم نموذج ومثال).
السفاح سيسخر
بالضرورة نتنياهو، وبحكم التفوق الجوي والاستخباراتي، مدعوما بالسلاح الأمريكي، قد يربح معركة، لكن من وجهة نظر حمدي رزق لن يربح حربه التي سعى إليها في جنوب لبنان، النصر الكامل مرسوم في مخيلة نتنياهو وشركاه في «كابينيت الحرب». نصر لا تسنده معطيات على الأرض، الضاحية لا تزال حُبلى بالمقاومين، وهؤلاء عنوانهم الأثير «نصر أو شهادة». معركة الليطاني، ما يشبه الاكتساح، لا تترجم نهاية «حزب الله»، السؤال: هل كتب نتنياهو نهاية حزب الله؟ سؤال مُخزٍ أخلاقيا في مواجهة عدو غاضب يجيد الاغتيالات بجبن في المواجهات، أشك في سلامة منطوق السؤال الخبيث، تلك أمانيهم، ضرب من خيال مريض.. وأضغاث أحلام صهيونية فجة، وتطل من رأسي الظنون تحت وطأة تحليلات المحللين العسكريين، لاسيما العرب منهم المنتشرين في أحواز الفضاء، وأغلبهم لم يشاهد حربا بأم عينيه، سمع عنها في أفلام الحرب العالمية الثانية. ظنون تلومني وتشد أذني، هل هي نهاية حزب جاوزت سمعته أجواز الفضاء اللبناني، هل قرأوا أخيرا فاتحة الحزب، وهم يقبرون نصر الله في حفرة عميقة مظلمة، هل سحب نصر الله الحزب إلى مقبرته؟ تجمعوا عليه، عصبة عقورة، كتبوا نهاية «حزب الله» قبل إطلاق أول رشقة صاروخية تجاه المستوطنات، هكذا جمع من المحللين، عربا وعجما، يُجمعون على نهاية الحزب، وقالوا نتنياهو يقبر الحزب، لن تقوم للحزب قائمة. ندرة من أصحاب الضمائر الحية لا يزالون يراهنون على ردة فعل انتصارية يختزنها الحزب في أحشائه، لم يفقد الحزب قواه، ولم يُسلّم سلاحه، ولم تهن عزيمته بعد، معلوم طائر الفينيق يتجدد من بين رماده.
أبعد من غزة
اندفاع إسرائيل لاحتلال لبنان مفهوم، الأسباب، حسب طارق تهامي في «الوفد»، الذي توقع أن يسعى نتنياهو لاحتلال العاصمة بيروت في محاولة لتأمين شمال إسرائيل بمساحة أكبر من الأرض، بطريقة مبالغ فيها، لضمان عدم وصول أي قوة مسلحة للعمق الإسرائيلي، وتطبيق نظرية «المعركة مع عدوى على أرضه تمنعه من المساس بي على ملعبي» هذه النظرية دخلت مرحلتها الساخنة في اللحظة نفسها، التي تم فيها اغتيال حسن نصرالله الأمين العام لحزب الله.. والغريب أن حزب الله لم يتمكن من الرد حتى الآن.. كما أن إيران لم تتحرك خطوة واحدة نحو الرد حتى اللحظة المعركة المقبلة ستكون مباشرة وطويلة وعنيفة، لأن ما تفعله إسرائيل الآن هو مجرد تسخين، وتمهيد لغزو شامل جديد للجنوب اللبناني، ومن بعده العاصمة بيروت نفسها، ونحن فهمنا التكتيك الإسرائيلي الذي يسبق الغزو، ويسبق الاعتداء المباشر، فهو يبدأ بمحاولات اغتيال للقيادات العسكرية في التنظيمات التي تواجه الجيش الإسرائيلي على الأرض، ثم قصف لكل مواقع هذه التنظيمات دون استثناء لهدم وتعطيل مصادر إطلاق الصواريخ، يعقبها غزو عسكري شامل بجنود ومعدات، ويكون الهدف الأساسي لهذا الغزو هو هدم المباني وترويع المدنيين ثم تسوية الأرض وتمهيدها للمجنزرات، التي تبحث دائما عن طريق مُعبد حتى تكون المعدات العسكرية قادرة على السير في مساحات طويلة وعريضة «بمقياس مئات الكيلو مترات»، وبالتالي فإن القصف العنيف الذي يجري للجنوب اللبناني وسهل البقاع حاليا، هو بداية لغزو بدأت مقدماته فعلا.. مشروع نتنياهو تطور وأصبح واضحا.. فقد بدأ هذا المشروع بالاستيلاء على غزة بغض النظر عن الاحتجاجات الدولية، وتحول إلى ضم جنوب لبنان لمشروعه العدواني، وسيضم كلتا الكتلتين في ملف واحد، فهو لا يرى إلا مشروعا استيطانيا واسعا، مقترنا بمشروع اقتصادي مهم هو «قناة بن غوريون» التي تربط بين خليج العقبة والبحر.
قبل يوليو
الدعم في مصر لم تكن بدايته في ظل نظام يوليو/تموز الاشتراكي، بل كان حسبما أطلعنا جمال أسعد في «المشهد» منذ الحرب العالمية الثانية، أي في ظل النظام الملكي. ولذا فالدعم ليس منة أو منحة من أي حكومة للشعب. فأي نظام وأي حكومة يجب أن تعلم أن من أول وأهم إنجازاتها هو تقديم الخدمات للمواطنين وتهيئة الحياة الكريمة لهم قياسا بأسعار السلع مقابل القدرة الشرائية للدخل، لأن الدعم هو أحد بنود المصروفات في الموازنة العامة، الذي تقابله الإيرادات التي هي نتاج الثروات القومية العامة، إضافة للضرائب والرسوم وما ما يدفعه المواطن نظير الخدمات في إطارها العام، ناهيك عن مضاعفة الرسوم مرات ومرات نظير الخدمات الخاصة التي كانت تقدم مجانا. هنا لا بد من عدة ملاحظات مهمة: أولا: يجب عدم الحديث الدائم عن زيادة الموازنة العامة للدعم كل عام وكأن الحكومة تتفضل بذلك على المواطن. فهذه الزيادة لا تمثل من قريب أو بعيد معدل زيادة الأسعار، إضافة لمعدل نسبة التضخم مع خفض قيمة العملة المحلية. وهذا يعني أن قيمة الدعم بعد الزيادة أقل من الدعم قبل الزيادة. ثانيا: لم يكن الدعم مقتصرا على تلك السلع التموينية أو في أسعار الطاقة والكهرباء، إلخ، بل كان الدعم الأهم والأساسي هو ذلك التعليم والعلاج والخدمات الثقافية والاجتماعية إلخ، التي كانت تقدم بأسعار رمزية أقرب للمجانية تماما. واستشهد الكاتب برسوم التعليم في المدارس الحكومية، من مجانا إلى رسوم لا قدرة عليها لمن يصل دخله لبضعة آلاف، كما أن الخدمات الطبية المجانية تحولت بقدرة قادر إلى شبه المستشفيات الاستثمارية بالنسبة للمواطن الفقير في ظل تمليك المستشفيات للقطاع الخاص.
بؤس الأغلبية
قضية الدعم بكل ما تحمل من حساسية شديدة لأغلب القطاعات الطبقية المصرية بلا استثناء، عدا القلة إياها التي تملك كل شيء ولا نعلم، هي قضية من وجهة نظر جمال أسعد وطنية واجتماعية، بل لا نكون مبالغين، بل إنها قضية أمن قومي. لذا يجب عدم تسليم مثل هذه القضايا للمنظمات الدولية (صندوق النقد الدولي) حتى يتحكم ويحكم، وفي ظل تلك المعطيات يدور هناك حديث عن تحويل الدعم العيني إلى دعم نقدي، وهنا نسأل، مقولة وصول الدعم لمستحقيه وهي مقولة صحيحة، ولكنْ من هم هؤلاء المستحقون؟ هل هم الفقراء في إطار مشروعات المعونة الاجتماعية فقط؟ وماذا عن باقى الطبقات بتدرجاتها لكل طبقة؟ وهل أصحاب المعاشات أيا كانت قيمة معاشاتهم سينظر لهم بنسبة دخولهم الظاهرية بعيدا عن مجمل التزاماتهم الاجتماعية والصحية (فى ضوء زيادة أثمان الأدوية لأضعاف الأضعاف). أسئلة مهمة طرحها الكاتب، إذا تم رفع الدعم نهائيا عن الطاقة والكهرباء والمياه والغاز، إلخ، ويكون سعر التكلفة الحقيقية هي أسعار البيع، كم سيكون فرق السعر في تلك الخدمات فقط، وبعيدا عن باقي الأسعار لكل السلع اليومية؟ وهل سيكون المقابل النقدي يساوي فروق تلك الأسعار أم ماذا؟ لو كان ماذا. إذن ستنخفض الدخول إلى النصف في مقابل تغطية السعر الجديد بعد رفع الدعم؟ الأسئلة كثيرة والموضوع مهم وشائك، ويجب عدم اتخاذ قرارات سريعة نتيجة لتأييد المؤيدين على طول الخط، خاصة أنهم لا ولن يضاروا في شيء. الوطن يعيش تحديات غير مسبوقة تحتاج تضافر الجميع، نعم الجميع بلا استثناء، لأن الوطن وطن كل المصريين. لذا يجب التريث خاصة أن هذه القضية متداخلة ومتشابكة ونتائجها لا يعلمها غير الله.
شباب على طول
حددت منظمة الأمم المتحدة يوم أول أكتوبر/تشرين الأول من كل عام يوما للمسنين في جميع أنحاء العالم، المسن أو المصنف في سن الشيخوخة، حسب معايير المنظمة الأممية من زاد عمره على 65 عاما، وحددت المنظمة عدد المسنين في العالم بما يقدر بحوالي 7% من عدد سكان الكرة الأرضية ومن المتوقع أن يزيد عدد المسنين حتى عام 2050 إلى 17% من إجمالي سكان العالم. هناك حسب رفعت رشاد في «الوطن» من يرى أن الشيخوخة تحرم الإنسان من الحياة النشيطة، فعن أي نشاط يقصدون؟ هل المقصود تلك الأنشطة التي نشارك فيها ونحن شباب أقوياء؟ حتى لو كان هذا صحيحا، فمن المؤكد أن هناك أنشطة أخرى عقلية تناسب كبار السن حتى إن أصاب الوهن الجسد. إن النشاط لا يقتصر على الجسد فقط فما يقتصر على الجسد هو النشاط العضلي، أما النشاط العقلي فهو أكثر شمولا، فالموسيقار لا يحتاج إلى عضلات قوية لكي يقوم بدوره في التلحين أو العزف أو قيادة الفرقة الموسيقية، كذلك الرسام الذي يشكل لوحات بديعة لا يحتاج إلى عضلات منبسطة، هو يحتاج إلى فكر وخيال وقدرة على تجسيد رؤاه بشأن ما يرسمه، كذلك الشاعر الذي يكتب أروع القصائد والأديب الذي يقدم للبشرية إبداعا لا ينتهي والأستاذ الجامعي الذي يقدم عصارة أبحاثه لطلابه وفي كتبه. هؤلاء وغيرهم كثيرون يستخدمون عقولهم بصورة أكبر من عضلاتهم، وكلما زادت أعمارهم وكبر سنهم زادت قيمتهم وقيم ما يقدمونه للبشرية، فالأديب لا يبدع في شبابه بقدر ما يبدع بعدما يكتسب الخبرة وينضج فنيا ودراميا، وهل يقارن الموسيقار الشاب بالموسيقار الأكبر عمرا والأكثر نضجا أن كبر السن في هذه الحالة هو وصول إلى بر الحكمة والتعامل بنضج وحنكة. ربما لا يتمكن بعض الشباب ممن يعانون من إعاقة جسدية من القيام بأنشطة أقرانهم نفسها، الذين في أعمارهم نفسها لكن يمكنهم ممارسة نشاط عقلي يبدعون فيه ويعوضهم عن فقدان القدرة العضلية أو الحسية. إذا سألنا شيخا: هل ترغب في العودة إلى عمرك الشبابي وتترك ما اكتسبته من خبرة في الحياة؟ فماذا يكون رده؟ هل يقول: ألا ليت الشباب يعود يوما.. فأخبره بما فعل المشيب؟ أم سيتمسك بما حققه من إنجاز في حياته وبالخبرة التي اكتسبها ولا يمكنه تعويضها؟


www.deyaralnagab.com