logo
1 2 3 47735
أشعة الشمس ملجأ الغزيين الأول للتواصل مع العالم وسماع الأخبار..!!
09.02.2024

*كتب اشرف الهور..أجبرت ظروف الحرب القاسية، سكانَ قطاع غزة على التأقلم معها بإيجاد بعض الحلول، رغم أنها تتطلب الكثير من الوقت والجهد، فكان من بينها اعتماد السكان وكثير من الهيئات المحلية على أشعة الشمس، لتوفير الطاقة، واستمرار التواصل مع العالم، والحصول على بعض الخدمات الأساسية كمياه الشرب.وباتت درجة حرارة الجو وسطوع الشمس في قطاع غزة، هي التي تحدد للسكان الذين يعانون من ويلات الحرب المدمرة، وإمكانية شحن هواتفهم النقالة في حالت توفرت شبكات الاتصال والإنترنت، للتواصل مع العالم، بعد أن باتت هي المصدر الوحيد لتوليد الطاقة الكهربائية.ولذلك يأمل السكان في هذا الفصل “الشتاء”، أن تبقى سماء قطاع غزة صافية دون أي غيوم، وأن تسطع فيها أشعة الشمس، ما يمكن خلايا الطاقة الشمسية، التي توفر كهرباء بديلة من العمل بالشكل المطلوب، وتحويل طاقة الشمس إلى كهرباء تخزن في بطاريات كبيرة، يجري من خلالها شحن وتغذية الكثير من الأجهزة الكهربائية بالتيار، لضمان استمرار عملها.أكثر الأجهزة التي يحرص السكان في قطاع غزة على شحنها من الطاقة البديلة، هي الهواتف النقالة التي توفر لهم فرص التواصل مع الأهل والأقارب، ومتابعة أخبار الحرب، وكذلك البطاريات الصغيرة التي يتم توصيلها بمصابيح إنارة صغيرة، تبدد عتمة خيام النازحين والمنازل.وإن كانت هناك منازل في قطاع غزة، تملك ألواحا تولد الطاقة عن طريق أشعة الشمس، فإن نازحين أيضا اضطروا لشراء هذه الألواح رغم ارتفاع ثمنها، ووضعوها على بوابة خيام نزوحهم لتوفير الطاقة.وبدا الأمر يلاحظ في كثير من مناطق النزوح خاصة في جنوب قطاع غزة، وتحديدا مدينة رفح، وقال أبو سمير، وهو رجل في منتصف الخمسينات إنه وجيرانه النازحين اشتركوا في شراء لوح طاقة شمسية، يستطيعون من خلاله يوميا في حال صفاء الجو، شحن هواتفهم وبطاريات الإنارة.ويشير هذا الرجل في حديثه لـ”القدس العربي”، إلى أنه يستنفد بطارية هاتفه في سماع نشرات الأخبار، على أمل أن يسمع عن انتهائها، أو وجود قرار بعودة النازحين من مدينة غزة والشمال لمنطقة سكنهم، بعد أن اضطر للنزوح منذ أكثر من شهرين.وإن كان هذا الرجل وجيرانه قد تمكنوا من شراء لوح الطاقة، فإن الكثيرين من السكان والنازحين لم يستطيعوا فعل ذلك، بسبب ارتفاع التكلفة في هذه الأوقات، وشحّ هذه البضاعة من السوق.غير أن هذا الأمر دفع إلى الواجهة بمهنة جديدة، تقوم على أساس توفير خدمة الشحن مقابل عائد مادي، توضع فيها ألواح شمسية إما في الشوارع أو أمام محال تجارية، حيث يشرف على العملية شبان نفدت أموالهم بعد أن فقدوا أعمالهم جراء الحرب.محمد السيد أحد هؤلاء الشبان الذين لجأوا لهذا العمل، فوضع على قارعة أحد شوارع منطقة “مواصي رفح” لوحين للطاقة الشمسية، ووصلهما ببطارية شحن، ومنها جرى توصيل أسلاك بجهاز تحويل قوة الطاقة، إلى ما يناسب أجهزة الهاتف.ويقول هذا الشاب لـ”القدس العربي” إن عمله يبدأ يوميا عند الساعة العاشرة صباحا، مع سطوع الشمس، وينتهي قبل ساعة وأكثر من مغيبها.ويشير إلى أن عمله بات له زبائن كثر يصلون إليه من المناطق المجاورة، حيث لم يعد لهم سوى مكانه لتوفير الطاقة.ويقول: “عند ما أبدأ، أجد في المكان الناس تنتظر أوصل الأسلاك لبدء الشحن”، ويضيف: “عملية الشحن تكون بالدور”، لافتا إلى أنه يبدأ بمن يصله أولا.وتستمر مدة شحن الهاتف النقال إلى ما يقارب الساعتين في حال كانت بطاريته قد نفدت بالكامل.ويؤكد أن عمله ليس بالسهل، فعليه أن يحافظ على هذه الأجهزة من الضياع أو السرقة، وأن يوصل كل جهاز لصاحبه.وفي أماكن عدة، تنتشر هذه الألواح خاصة في المناطق النائية التي يكثر فيها النازحون، ولا تتوفر فيها المشافي أو المراكز الصحية، ولكنها تملك مولدات كهرباء، يستعان بها في عملية الشحن.وقد يحتاج أمر الوصول إلى تلك الأماكن النائية من الزبون أن يقطع مسافة بعيدة، وهو ما أشار إليه عبد القادر أحمد، الشاب الذي يقول إنه يقطع يوميا أكثر من كيلومترين، حيث يقيم مع أسرته النازحة من مخيم النصيرات في خيمة ملاصقة للحدود المصرية.ويشير إلى أنه لا يوجد أي خدمات في تلك المنطقة، وأنهم يضطرون للسير طويلا لشحن الهواتف، ومن أجل ملء جالونات المياه.كذلك تنتشر مهنة الشحن بين منازل سكان المدينة من غير النازحين، حيث يشرف محمود حسن، على أبنائه الشبان يوميا، ويرشدهم في طريقة التعامل مع الزبائن.ويقول هذا الرجل الذي خصص محلا تجاريا أسفل بناية العائلة السكنية في وسط مدينة رفح، أنه يطلب من أولاده مراعاة كبار السن، وكذلك مَن هم بحاجة ماسة للهاتف من أجل التواصل مع أقارب لهم في مناطق تشتد فيها الحرب.هذا الرجل أيضا كغيره من العاملين في هذه المهنة، يطلب من الزبون إطفاء هاتفه النقال عند تسلميه للشحن، حيث يضع أبناؤه لاصقا ورقيا خلف الهاتف، يكتب عليه اسم صاحبه.وتجري عملية شحن الهاتف النقال مقابل دفع الزبون شيكلا واحدا “الدولار الأمريكي يساوي 3.8 شيكل”، فيما يجري شحن “الباور بانك” مقابل شيكلين، وبطارية الإنارة مقابل ثلاثة أو أربعة شواكل.وليس وحدها عملية شحن الهواتف عبر الطاقة البديلة، هي مَن الأساسيات التي لجأ إليها السكان والكثير من الهيئات المحلية، للتغلب على ظروف الحرب، فقد اضطر الكثيرون بسبب انقطاع الكهرباء وشح إمدادات الوقود إلى تشغيل مضخات المياه الخاصة بالمنازل عبر الطاقة الشمسية.ويتأثر عمل هذه المحطات سواء الخاصة أو تلك التابعة لإدارة السلطات المحلية أو الهيئات الدولية، في حال عدم صفاء الجو، ما يحول دون وصول إمدادات المياه الشحيحة بالأصل للسكان الذين يعانون ويلات الحرب.
*المصدر : القدس العربي


www.deyaralnagab.com