logo
1 2 3 47736
في صراعهم مع الاستيطان .. أهالي الساوية يتمسكون بأرضهم ويجابهون خطر التهجير!!
02.07.2023

نابلس ـ وفاء أبو ترابي.. في قلب فلسطين، رسمت قرية الساوية جنوب نابلس، لوحة خلابة تتخللها أشجار الزيتون التي تكسو تلة متوسطة الانحدار، وحقول القمح المنتشرة على مد البصر نحو الطريق الذي يربطها بالقدس العاصمة، وكذلك المواقع والمباني الأثرية التي تساند هذه الطبيعة الجغرافية الزاخرة، لما تحمله في ثناياها من قصص وحكايات تعيد القرية إلى أعماق التاريخ.وما أن توغل الاستيطان في أرجاء القرية وتزايدت أطماع المستوطنين للاستيلاء على أراضيها حتى أخذت تلك اللوحة تتلاشى شيئاً فشيئاً، حيث فرض الاحتلال جملة من القيود التي تمنع الأهالي من البناء والتمدد العمراني، كما تبعدهم عن أراضيهم وتحرمهم من الوصول لها، فيما صادر مساحات شاسعة من أجل إقامة المستوطنات والبؤر الاستيطانية والمعسكرات.ويقول رئيس المجلس القروي، محمود حسن لـ "القدس" دوت كوم: "هذه القرية الزراعية استنزفت أراضيها وتقلصت مساحتها التي تبلغ حوالي 11 ألف دونم، بفعل المشروع الاستيطاني الذي يتفشى بوتيرة متسارعة في شمال الضفة الغربية، كما تتمدد المستوطنات المقامة فوق أراضي المواطنين في الساوية والقرى المجاورة، في حين أن المخطط الهيكلي لهذه القرية التي يتجاوز عمرها مئات السنين لم يتوسع متراً واحداً".وتحاصر القرية من جهة الشمال، مستوطنة "رحاليم"، والتي تسلب حوالي أربعة آلاف دونم من أراضي المواطنين، وإلى الشرق تتربع مستوطنة "عيلي" التي تسيطر على سبعة تلال تابعة للساوية والقرى المجاورة لها، فيما تتمدد بؤرها الاستيطانية في أراضي هذه القرى يوماً بعد يوم.ويواصل المستوطنون اعتداءاتهم على أهالي القرية ويجرفون أراضيهم ويهلكون مزروعاتهم ويقتلعون أشجارهم –وفق حسن- وذلك تحت رعاية الاحتلال وحماية جيشه، الذي يكرّس أهدافه الاستيطانية التوسعية الرامية إلى فرض سيطرته على المزيد من الأراضي بطريقة غير شرعية، فتصبح لقمة سائغة للمستوطنين، وتغّلفها أحقادهم ونزعاتهم العدوانية المبهمة ضد أصحاب الأرض الأصليين.وأظهر التقسيم الإداري لقرية الساوية بحسب اتفاقية "أوسلو" أن معظم أراضيها تقع ضمن التصنيف(ج)، وما تبقى حوالي 600 دونم تقع ضمن تصنيف (ب) حيث يُسمح للأهالي بالتوسع والبناء فيها، وكذلك إقامة الزراعات المختلفة التي اعتادوا عليها.ويشير حسن، إلى أن الاحتلال أصدر اخطارات بالهدم ووقف البناء للعديد من بيوت القرية بحجة وقوعها ضمن تصنيف (ج)، فيما تبيّن أن بعض هذه البيوت قد وقعت ضمن التصنيفين وفق هذا التقسيم الإداري المُشتت، ما يضيق الخناق على الأهالي الذين يعيشون وسط بيوت مُتكتلة، وتشهد اكتظاظاً سكانياً.أضاف: "ولا يمكننا الذهاب إلى ما تبقى من أراضينا الواقعة ضمن تصنيف (ب) والقريبة من هذه المستوطنات لزراعتها واستصلاحها إلا بعد الحصول على تنسيق من ما تسمى بالإدارة المدنية الاسرائيلية، وذلك يكون في أوقات محددة كل عام وغير كافية، كما تأتي بعد انتهاء الموعد المناسب لحراثة الأرض والاعتناء بأشجار الزيتون قبل موسم جني الثمار، ما أثر كثيراً على تلك الأراضي الخصبة، وأصبحت الآن متفاوتة الخضرة بخلاف ما كانت عليه سابقاً".ويعيش أطفال القرية مسلسل الرعب يومياً عند ذهابهم وإيابهم إلى المدارس، حيث يتعرضون لملاحقة جيش الاحتلال واعتداءات المستوطنين الذين يضعون نصب أعينهم على هذه المباني، محاولين الاستيلاء عليها وتحويلها إلى بؤر استيطانية.وأوضح رئيس المجلس: "هناك مدرستان تقعان على الشارع الرئيسي الواصل بين نابلس ورام الله، ويتلقى أطفالنا تعليمهم في مدرسة "الساوية/ اللبّن" وهذه مختلطة للذكور والإناث، والأخرى "اللبّن الثانوية للبنات"، حيث يوجد نقاط مراقبة للجيش على الشارع المؤدي لهما، فيما يستهدفون الطلبة ويطلقون عليهم قنابل الغاز المسيل للدموع والرصاص المغلف بالمطاط".
ويشكّل أهالي القرية واللجان الشعبية دروعاً بشرية للدفاع عن أراضيهم وحمايتها من هذا الاستيطان الذي يكاد أن يلتهمها، متشبثين بها ويواظبون على زراعتها بمختلف المحاصيل الصيفية والشتوية واستصلاحها رغم كل المعيقات التي تواجههم، بحسب قول حسن.أما على صعيد الخدمات، لفت رئيس المجلس، إلى أن القرية تعاني من نقص في المياه المستخدمة للشرب وري المزروعات، موضحاً بأن الأهالي كانوا يعتمدون بشكل كبير على نبع المياه الذي يتواجد فيها إلا أن المستوطنين قاموا منذ فترة قصيرة بتحطيم الأنابيب الواصلة له واقتلاعها من جذورها، وبالتالي حرمان المواطنين من مياهه العذبة والنظيفة، كما أن شبكة المياه بحاجة إلى تجديد لأنها صارت مهترئة وقديمة.وتابع: "وشبكة الكهرباء أيضاً بحاجة إلى تطوير وتقوية كي تصل خدماتها إلى بيوت القرية كافة، وكذلك النفايات نواجه مشكلة في التخلص منها، وهذا ناجم عن أسباب عدة أبرزها قيام الاحتلال بمنعنا من تصريفها في مكب قريب ضمن هذه المنطقة، كما أن هناك صعوبة في نقلها إلى المكب المخصص لبعد المسافة، عدا عن التكلفة الكبرى التي تكبدها المجلس القروي من أجل الحصول على هذه الخدمة دون جدوى.ووجَّه، حسن، رسالة للحكومة الفلسطينية والجهات المختصة بضرورة الحفاظ على هذه القرية التي تتمتع بمكانتها المهمة في قلب فلسطين، وتقديم الدعم اللازم لها حتى تظل نابضة بالحياة، ما يعزز صمود أهلها ويمنحهم القوة لمواجهة خطر التوسع الاستيطاني الذي يشهد ذروة انتشاره بالتزامن مع قدوم الحكومة الاسرائيلية اليمينية الاكثر تطرفاً.وأضاف: "وإننا في المجلس القروي على تواصل دائم مع الأهالي لدعمهم ومساندتهم، ونقدم لهم العون بقدر الإمكان، كما أن حرصهم على أراضيهم واعتناءهم بها واجبٌ وطني، حيث أن زراعة الأرض والمحافظة عليها يجسد هويتنا الفلسطينية المتوارثة على مر السنين".
**المصدر : "القدس" دوت كوم


www.deyaralnagab.com