logo
1 2 3 47739
المزارع فوزي دراغمة من خربة "سمرا": نعيش حياةً بدائيةً ونعاني قيود الاحتلال!!
01.02.2021

تجرع كل صنوف المعاناة وما زال يعيش الويلات والمآسي جراء سياسات الاحتلال والمستوطنين، لكن المزارع الخمسيني فوزي عبد عوض دراغمة يرفض التخلي عن الحياة في خربة "سمرا" أو مغادرتها، فهي بالنسبة له كما يعبر "الجنة التي عاش فيها أجدادي ووالدي وولدت وعشت فيها وأرضها مجبولة بدمنا وعرقنا وتعبنا.. وكل ذرة من ترابها تساوي الدنيا وما فيها".
في خربة "سمرا" التي تبعد 20 كيلو متراً عن طوباس، فرض الاحتلال على دراغمة وعائلته العيش في ظروف صعبة وقاهرة. ففي ظل قيوده التي تمنع البناء والاعمار في الأغوار الشمالية، يعيش في "شادر"، لكنه لم يسلم من عمليات الهدم التي تكررت وطالت حتى حظائر الأغنام، وفي كثير من الاوقات، قضى أياما وعائلته في أرض الخربة ينامون بالعراء ويلتحفون السماء. ورغم ذلك، يصر على الصمود والثبات في الخربة التي يصفها بأنها "أجمل بقاع الأرض التي حباها ربّ العالمين بالجمال والروعة والبهاء، فأرضها الخصبة للزراعة تكسوها الخضار والأزهار المتنوعة بألوانها والأشجار والمراعي التي حوّل الاحتلال غالبيتها إلى مناطق عسكرية مغلقة كجزءٍ من حربه للتطهير العرقي. الاحتلال يخرب ويدمر ونحن نبني ونعمر ونزرع ارضنا التي تمنحنا خيرها الوفير بمزروعاتها الخضراء النقية والأصيلة التي تعطينا الحياة، ومهما تعرضنا لمضايقات وضغوط، سنبقى نرعى ونزرع ونحمي أرضنا ونتحدى الاحتلال والمستوطنين".
*التحدي والاحتلال..
يبلغ عدد سكان الخربة حالياً 40 نفراً، بينهم دراغمة وإخوانه الثلاثة الذين يعيشون في أرض يملكونها، ويقسمون حياتهم بين تربية الثروة الحيوانية وزراعة الأرض، رغم المعيقات والمصاعب التي سببها الاحتلال والمستوطنون.
ويقول" كانت الخربة عامرة بالحياة والخيرات، وتغص بالسكان الذين تجاوز عددهم أحياناً 700 نسمة، لكن في ظل ضغوط وسياسات الاحتلال وحرمان المنطقة من الخدمات والبنية التحتية والسيطرة على المياه ومنع الكهرباء ومنع البناء، اضطرت الغالبية العظمي للانتقال لأماكن أخرى، بحثا عن الاستقرار والعيش الآمن. رغم الواقع المرير، رفضت واخواني وعائلاتهم ترك الخربة، وحافظنا على أرضنا التي نملكها، ولا تزال المعركة مستمرةً في ظل عمليات الدهم والهدم والتشريد ومخططات الاحتلال الذي يستخدم كل السبل لإفراغ المنطقة، لكننا لن نرحل".
*حياة بدائية..
يوضح دراغمة، وهو عضو مجلس قروي المالح، أن حياة سكان الخربة بدائية بسبب القوانين التي فرضها الاحتلال منذ نكسة حزيران عام 1967، ويقول: "نعيش في المنطقة قبل الاحتلال الذي بنى المستوطنات ووفر لها كل الدعم ومقومات العيش والرفاهية، فيما حُرمنا من بناء المنازل حتى من الطين والطوب والزينكو، وأُرغمنا على العيش في الشوادر التي لا تقينا برد الشتاء وحر الصيف. خلال موسم الشتاء، تزداد معاناتنا بشكل رهيب، فالعواصف والأمطار الغزيرة تقتلع الشوادر لنبقى بالعراء في وجه المحتل الذي يسعى إلى تفريغ الأرض من السكان ليسيطر عليها بالكامل، لكننا نعود ونبني ونعمر ونزرع ونعيش حتى نبقى شوكة في حلقه. المؤلم أنه كلما حاولنا التمرد والبناء، يقتحم الاحتلال الخربة ويهددنا بالهدم والعقوبات، كما معنا من مد خطوط مياه وكهرباء، ورغم تنفيذ مشروع الطاقة الشمسية فإنه لا يغطي الجميع، والبعض لا يزال يستخدم قناديل الكاز القديمة".
ولا تزال النساء في خربة سمرا يقمن بطهي الطعام على الخشب أو الغاز، وبسبب سيطرة الاحتلال على الآبار والمياه يرغم الأهالي على إحضارها من قرية عين البيضاء عن طريق صهاريج المياه.
وبحسب دراغمة، فإن تكلفة الصهريج الذي يتسع 10 أكواب تبلغ 200 شيكل، علماً أنه يحتاج يومياً إلى صهريج مياه ويعتبر ذلك باهظاً ومكلفاً جداً، ويسبب معاناةً دائمةً للجميع.
*صور معاناة..
يضطر الأهالي لتوفير متطلبات معيشتهم للسفر إلى طوباس لإحضارها مرتين أو ثلاث مرات في الأُسبوع كما يوضح دراغمة، ما يكبدهم تكاليف مواصلات باهظة، إضافة إلى عناء السفر ومشقته بسبب الصعوبات، خاصةً مضايقات الاحتلال والمستوطنين الذين يقطعون طريقهم دوماً. ولا تختلف معاناة الحالات المرضية، فمن أهم المصاعب وأشكال معاناة الأهالي، كما يفيد دراغمة، عدم توفر العيادات والمراكز الطبية، والحل الوحيد السفر للعلاج في طوباس لعدم انتظام عمل العيادات المتنقلة في المنطقة.
*المستوطنون والسرقة..
لم يكتفِ الاحتلال والمستوطنون بسرقة الأرض وتهويدها، بل يتفننون بالتنكيل بالسكان ومضايقتهم، ويقول دراغمة: "تعرضنا لعمليات هدم للشوادر وحظائر الأغنام مرات عدة كباقي تجمعات الأغوار، ويَدهم الجنود الأراضي لحماية المستوطنين خلال نهب وتدمير المحاصيل الزراعية. المستوطنون يتسللون ليلاً لمناطقنا، ويقومون بسرقة حظائر الأغنام التي تبقى بالعراء كجزءٍ من تضييق الخناق علينا لترحيلنا، كما سرقوا خيم وخزانات مياه وأدوات المطابخ لكافة العائلات وقوت المواطنين من القمح وأعلاف المواشي".
*الحرب على لقمة العيش..
أقدم الاحتلال على إغلاق المراعي والأحراش الطبيعية، ويقول دراغمة: "في ظل انفلات وسيطرة المستوطنين على الأراضي والمراعي، فقدنا المراعي بشكلٍ نهائيّ. في البداية، كان المستوطنون يعترضون الرعاة وأصحاب الماشية ويطردونهم من المناطق، بذريعة أنها عسكرية مغلقة أو الحفاظ على الطبيعة. لكن اليوم منعونا نهائياً من رعي أغنامنا في المناطق الرعوية التي حرمنا من الوصول إليها، وسمحوا للمستوطنين باستخدامها وإحضار أبقارهم ورعيها بحرية حتى أصبحنا نملك الأغنام دون مراعي. أين مؤسسات حقوق الإنسان مما نتعرض له من ظلم وانتهاك لأبسط حقوقنا وتحكُّم الاحتلال ومستوطنيه بمعيشتنا ومصدر رزقنا؟ أيّ شريعة أو قانون يُجيز أن يتنقل المستوطنون بأرضنا بحرية ويرعون كيفما يشاءون، ونحن مقيدون وعاجزون، وإذا خالفنا تعليماتهم يتدخل جنود الاحتلال للتنكيل بنا واعتقالنا وفرض الغرامات الباهظة علينا؟".
*الحياة مستمرة..
بالرغم من هذا الواقع المرير، يواصل دراغمة وإخوانه معركتهم اليومية وطقوس حياتهم المرتبطة بالأرض وحمايتها. فعائلته تملك 100 دونم أضافت لها ألف دونم كضمانة، وتقوم بزراعتها بالقمح والشعير والبيكا للأغنام، كما يملك 250 رأساً من الغنم التي تنتج الحليب والألبان والأجبان وتسوقها في طوباس ونابلس.
ويقول: "الرد الأمثل على الاحتلال بالحرص على استمرارية حياتنا بشكل طبيعي مهما كانت المنغصات والتحديات التي لا تتوقف أبداً. في كثيرٍ من الأحيان، وبعد زراعة الأرض وتجهيزها، يتعمد المستوطنون إطلاق أبقارهم فيها لتدميرها وتخريبها وخسارة تعبنا وجهدنا طوال الموسم. الاحتلال يلاحق الجرارات الزراعية ويصادرها ويفرض غرامات مالية على أصحابها لمنعنا من حراثة وزراعة الأرض التي لن أتركها .. هنا ولدت وعشت وعلمت أبنائي على حبها والتمسك بها لأنها حياتنا وكنزنا الثمين الذي سنبقى ندافع عنه للأبد".


www.deyaralnagab.com