logo
1 2 3 47739
تقرير:موقع استقصائي مغربي: ماذا قدمت «لجنة القدس» لفلسطين؟!
28.01.2021

كتب سعيد المرابط...فتح قرار التطبيع بين المغرب وإسرائيل النقاش حول «لجنة القدس» التي يرأسها العاهل المغربي محمد السادس. وفي خضم هذا النقاش، نشر الموقع الاستقصائي المغربي «لوديسك» تحقيقًا تساءل فيه عن «ماذا قدمت لجنة القدس لفلسطين؟» ساعيًا إلى تسليط الضوء على مشاريعها الرئيسية خلال العشرين سنة الماضية.رأت «لجنة القدس» النور خلال سبعينيات القرن الماضي، ويرأسها العاهل المغربي محمد السادس منذ عام 1999، وتستخدم اليوم كأداة دبلوماسية وإنسانية للمغرب.وأصبحت الجنة حديث كل لسان، منذ إعلان التطبيع مع الدولة العبرية، خاصة في خطاب المسؤولين المغاربة الذين ينفون أي «صفقة» أو «مقايضة» للقضية الفلسطينية، وذهبوا إلى حد رفض مصطلح «التطبيع».ويرى «لوديسك» أن الموضوع يكتسي حساسية خاصة بالنسبة للمغرب، فرئاسة محمد السادس للجنة «ليست حظوة أو جاهًا، وإنما هي أمانة عظمى، ومسؤولية كبرى، أمام الله والتاريخ» كما أعلن الملك عام 2014 في مراكش خلال الدورة العشرين للجنة.وبهذه الصفة كذلك، وعد محمد السادس، في رسالة إلى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد أقل من أسبوعين على إعلان تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، بالدعوة إلى اجتماع جديد للجنة القدس، بهدف «دراسة السبل الكفيلة بتعزيز الحفاظ على الوضع الخاص لمدينة القدس الشريف، والإسهام في صيانة حرمة معالمها التاريخية والحضارية ورمزيتها الروحية وهويتها الدينية» كما تشير إلى ذلك رسالة العاهل المغربي.أنشئت «لجنة القدس» عام 1975 بمبادرة من منظمة المؤتمر الإسلامي (منظمة التعاون الإسلامي الآن) التي تأسست بدورها عام 1969 في الرباط بعد حادث إحراق المسجد الأقصى؛ وكان الهدف من تأسيس اللجنة تسليط الضوء على الوضع القانوني للقدس والحفاظ على تراثها الديني والثقافي.وفي غضون ذلك، مرت السنوات وغضّ العالم العربي النظر تدريجيًا عن الصراع الإسرائيلي الفلسطيني. صرح مؤخرًا سفير فلسطين لدى اليونسكو، لم تعد فلسطين مركز الزلازل في المنطقة. لم يحدث، منذ سبعين عامًا، أي تغيير مفاجئ في هذه المنطقة، إن لم يكن آتيًا من فلسطين أو متعلقًا بها. اليوم، المنطقة مليئة بالهزات والبؤر. لم تغير الشعوب العربية مشاعرها تجاه فلسطين، ولكن الأهوال التي تعيشها أنهكت حياتها».استضاف المغرب الاجتماعات الثلاثة الأخيرة لهذه اللجنة: سنة 2000 في أغادير ثم 2002 و2014 في مراكش. والمغرب هو كذلك من يموّل، في الوقت الحالي، بشكل شبه حصري لجنة القدس، التي تلقّى ذراعها المالي «وكالة بيت مال القدس الشريف» 50 مليون دولار بين عامي 2000 و2018.
*من أين يأتي المال؟
من عام 1998 إلى عام 2018، دفعت إحدى عشرة دولة حوالي 20.7 مليون دولار لبيت مال القدس الشريف، 73 في المئة من التبرعات، مصدرها المغرب (15 مليون دولار) وقدمت السعودية 2.7 مليون دولار فقط، أي 13 في المئة من مجموع التبرعات. والنسبة المتبقية تقدمها دول أخرى: السنغال (أقل من 1 في المئة) مصر (5 في المئة) باكستان (أقل من 1 في المئة) النيجر (أقل من 1 في المئة) بنغلاديش (أقل من 1 في المئة) إيران (1 في المئة) الكويت (5 في المئة) البحرين (1 في المئة) لبنان (أقل من 1 في المئة).
وبالإضافة إلى تبرعات المملكة المغربية، هناك أيضًا تبرعات المؤسسات والأفراد المغاربة الذين ساهموا بنحو 20 مليون دولار على مدى عشرين عامًا. في البداية كانت مساهمة المغرب قليلة، لكنه احتل بعد ذلك الريادة بين تلك الدول، لأنه بين عامي 2000 و2007، قدمت الدولة المغربية تبرعًا واحدًا فقط بقيمة 2.8 مليون دولار، قبل تصحيح الوضع منذ عام 2008، حيث تم تقديم تبرعات منتظمة تتراوح بين 74 ألف دولار و6.5 ملايين دولار.
وفقًا لتقرير صادر عن بيت مال القدس الشريف، تمول الحكومة المغربية أيضًا تكاليف عمل الوكالة، والتي تبلغ مليون دولار سنويًا. ويفرض المغرب كذلك ضريبة على كل علبة سجائر تباع، تسمى «ضريبة فلسطين» وتدر حوالي 70 مليون درهم كل عام. في عام 2018، على سبيل المثال، أتاح صندوق دعم المغرب للشعب الفلسطيني، الذي بلغ رصيده 80 مليون درهم، تمويل بيت مال القدس الشريف بما يصل إلى 8 ملايين درهم وتغطية تكاليف تشغيل السفارة الفلسطينية في المغرب (حوالي 6.2 ملايين درهم).
ويقول مصدر مقرب من بيت مال القدس الشريف، قائلاً: «تبقى حقيقة أن المغرب هو الذي يشرف على جميع المشاريع الموجهة إلى القدس ويمولها». من بين المشاريع التي أنجزها المغرب في القدس؛ ترميم الزاوية المغربية الواقعة بالقرب من «حائط المبكى». ويشير تقرير من وكالة بيت مال القدس الشريف أن هذا البناء «هو ما تبقى من حارة المغاربة التي دمرتها إسرائيل في عام 1967 حيث تعيش 16 عائلة من أصل مغاربي في ظروف سكنية صعبة للغاية».
ويحدد أن الهدف هو «السماح للعائلات التي تعيش في الزاوية المغربية في المدينة القديمة بالعيش بكرامة بعد ترميم منازلهم، والحفاظ على الزاوية التي تعود إلى زمن صلاح الدين الأيوبي» وفي غضون عشرين عامًا، قامت المملكة أيضًا بترميم سبعة مساجد.
كما موَّل المغرب كذلك، مقابل خمسة ملايين دولار، عملية شراء «بيت المغرب» وهو مركز ثقافي من ثلاثة طوابق يمتد على مساحة 1800 متر مربع. يحتوي المبنى، الذي يقع على بعد حيين من المسجد الأقصى، على مبان تجارية وشقق. وقد حولته الوكالة، بعد ترميمه، إلى «مركز ثقافي مغربي» يؤوي اليوم متحفًا للفنون المغربية ومكتبة ومقهى أدبيًا وصالونًا مغربيًا، وقد أنفقت الدولة مليوني دولار لتجهيزه.
في الوقت نفسه، من عام 2000 إلى عام 2018 جرى إنفاق ما يزيد قليلاً عن 11 مليون دولار على المشاريع المتعلقة بالتعليم، من خلال تمويل حوالي عشر مدارس أو بنائها بالكامل. كما موّل العاهل المغربي محمد السادس، على نفقته الخاصة، إعادة بناء كلية الهندسة الزراعية في غزة، التي دمرها الاحتلال الإسرائيلي عام 2009 مقابل ستة ملايين دولار. وافتتحت هذه الكلية التي تحمل اسم الحسن الثاني عام 2015 بحضور وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق.
علاوة على ذلك، جرى إنفاق 26.5 مليون دولار، أي نصف الميزانية، على مشاريع اجتماعية وثقافية ورياضية و5 ملايين دولار على قطاع الصحة.
بعد الإعلان عن تطبيع العلاقات بين المغرب وإسرائيل، أعلنت وكالة «بيت مال القدس الشريف» عن مشاريع جديدة في القدس عام 2021. الميزانية المخصصة، 7.4 ملايين درهم، ستتراوح مشاريعها بين المساعدة الاجتماعية وحماية التراث الثقافي والعمراني، بما في ذلك الإسكان والتعليم والشباب.
*صمود أهل المدينة
وأوردت وكالة الأنباء المغربية أن «بيت مال القدس» خصصت للمساعدة الاجتماعية مشاريع بكلفة مليوني دولار أمريكي، مولية اهتمامًا خاصًا للفئات الأكثر احتياجًا في المجتمع المقدسي، إذ اعتمدت مشاريع نوعية لدعم صمود أهل المدينة المرابطين ومساعدتهم على تحمل آثار جائحة «كوفيد-19» وتحسين ظروفهم المعيشية ومحاربة الفقر والتقليص من الفوارق الاجتماعية.
وفي قطاع التعليم، تبلغ كلفة المشاريع التي برمجتها الوكالة حوالي مليون ونصف المليون دولار أمريكي، وأوضح المصدر المذكور أن الوكالة ارتأت، رغم قلة مواردها، توفير عرض تربوي يستجيب للحاجيات، انطلاقًا من توفير بيئة تعليمية ملائمة تقوم على ترميم وتأهيل المدارس وجعلها مدارس نموذجية وبيئية.
كما تعمل الوكالة على مساعدة الطلبة ماديًا من أجل استكمال دراستهم، عبر توفير منح دراسية في مجالات الطب والصيدلة والقانون والاقتصاد والعلوم الإنسانية، وتنفيذ برامج تدريبية علاوة على تخصيص جوائز تشجيعية لتحفيز الطلاب المتفوقين، وكذا تشجيع الأبحاث العلمية والأكاديمية المتخصصة في مجالات تتعلق بالوضع الإنساني والاجتماعي والتاريخي والقانوني لمدينة القدس الشريف.
*المصدر : القدس العربي


www.deyaralnagab.com