logo
1 2 3 47740
فلسطين : أهلها ممنوعون حتى من إقامة حمام.. "خربة جبعيت" في مواجهة الاستيطان والضم!!
26.06.2020

في الجهة الشمالية الشرقية لقرية المغير، شرق رام الله، تقع خربة جبعيت التي يعيش سكانها من مربي الأغنام من أهالي المغير وغيرهم داخل خيم، متحدين تغول الاستيطان هناك على أراضيهم، برغم مضايقات وممارسات الاحتلال المتواصلة لهم، وسط خشيةٍ من ضم أجزاء كبيرة من تلك الأراضي لدولة الاحتلال ضمن خطط الضم الإسرائيلية المتوقعة.بالنسبة للشاب عمران أبو عليا (29 عاماً) من خربة جبعيت، فإن الخربة أرضه ووطنه التي لا يمكن له في يوم من الأيام أن يتخلى عنها، وهي الخربة الصامدة في وجه التغول الاستيطاني ومحاولات الضم التي تنوي حكومة الاحتلال تنفيذها مستقبلاً.يقول عمران أبو عليا لـ"القدس" دوت كوم: "إن جبعيت هي بلدي وأرضي ووطني، وُلدت عام 1991 في خيمة، وعشت طوال حياتي فيها، أعرف سهولها وجبالها ووديانها، وآبار المياه فيها، وكل شيء، فهي جزءٌ من حياتي".تواتر حب "جبعيت" في قلب عمران وهو يسمع عنها من والديه وأجداده، فجبعيت ليست خربة فقط، بل هي قرية فلسطينية فيها آثار إسلامية ومقابر مهدومة، وما زالت تُرَى إلى الآن، وعمران يعرف قصصها من أجداده.أما سليمان زواهرة من تجمع عين الرشاش في خربة "جبعيت"، وسميت بهذا الاسم لوجود عين ماء هناك اسمها عين الرشاش، وهو كما يؤكد لـ"القدس" دوت كوم، فلن يتخلى عن الخربة وأراضيها، ويقول: "قد يستطيع الاحتلال إخراجنا بالقوة من الخربة، لكننا لن نخرج مهما فعل الاحتلال من ممارسات".وتشهد المغير مضايقات شبه يومية من الاحتلال والمستوطنين، خاصةً في خربة جبعيت التي يسكن فيها نحو 100 نسمة، وجميعهم لا يسمح لهم بإقامة حمام واحد لهم! ويقضون حاجتهم بالطريقة التقليدية وراء الحجارة الكبيرة.يقول عمران أبو عليا: "لدينا احتياجاتنا في الخربة، كالإنارة الضرورية، خاصةً للأطفال، في ظل اعتداءات ذلك المستوطن علينا، فيما يوجد لدينا نقص كبير جداً بالمياه، ومنعنا من استخدام آبار المياه، أتمنى أن تتم مساعدتنا بتزويدنا بالكهرباء والماء".ووفق عمران، "فإن ممارسات الاحتلال لا تتوقف، قبل أكثر من أُسبوعين أقمنا خيمة قرب خيامنا لاستقبال البعثات الدبلوماسية الأوروبية، وبعدها مباشرة هدمنا الخيمة لأن جيش الاحتلال يمنعنا، وبالفعل وبعد دقائق من مغادرة البعثات اقتحمت قوات الاحتلال الخربة، لأجل ذلك، وما تحسبنا له حدث، وهناك الكثير من الممارسات، حتى الحمّام يمنع علينا إقامته".من جانبه، يقول رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا: "إن الخربة مقام فيها خيام فقط، ويمنع الاحتلال شق طرق زراعية فيها أو تأهيل الأساسيات للحياة في تلك الخيام كالبركسات الثابتة أو الحمامات المتنقلة أو الكهرباء، فكل تلك الخدمات معدومة".ويؤكد رئيس مجلس قروي المغير: "لقد حاولنا تركيب حمام واحد أكثر من مرة للأهالي، لكنّ جيش الاحتلال كان يهدمه، بل وصادر أيضاً بعض الخيام والمولدات الكهربائية، خربة جبعيت تعاني من عدم توفر شبكة كهرباء أو وجود صرف صحي أو دورات مياه أو حمام متنقل، ويضطرون لاستخدام الطريقة التقليدية بقضاء حاجتهم خلف الحجارة!".في خربة جبعيت التي أُقيمت على أنقاض قرية فلسطينية تاريخية تواجه اليوم مخططات الاحتلال الاستيطانية، حيث يوضح رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا أنّ خربة جبعيت أُقيمت على بقايا آثار قرية فلسطينية كانت آهلةً بالسكان عام 1904، وهجر أهلها نتيجة الخلافات الداخلية بما تعرف بمعارك "قيس ويمن" مع بداية الحكم العثماني، وبحسب الروايات فإن أهالي جبعيت توزعوا على القرى الفلسطينية الأُخرى وفي الأردن.ووفق أبو عليا، فإن خربة جبعيت هي جزءٌ من أراضي قرية المغير البالغة مساحتها 40 ألف دونم، منها 12 ألف دونم تشكل مساحة خربة جبعيت التي تقع شمال شرق المغير، والخربة الآن تقع في تجمعين، هما خليط من المزارعين ومربي المواشي من قرية المغير، وعرب الزواهرة الذين يقيمون في الخربة منذ 40 عاماً، فيما يبلغ عدد سكان الخربة 100 نسمة، 70 شخصاً منهم من عرب الزواهرة الموجودين في منطقتين عين الرشاش والزواهرة.ويرى أبو عليا أنّ خربة جبعيت تقع في منطقة تطل على الشارع الاستيطاني المقام شرقي قرية المغير، ويتهددها الاحتلال بالضم من ضمن خطة "ألون" الاستيطانية المعروفة، ما سيتسبب ذلك بفصل 30 ألف دونم من أراضي المغير.ويوضح أبو عليا: "منذ بداية الاحتلال وجدت في المغير محاولات للسيطرة الإسرائيلية المباشرة، على اعتبار أنها منطقة أمنية بامتياز وكانت ممراً للدوريات الراجلة للفدائيين من منطقة الكرامة في الأردن، وفي بداية السبعينيات أقام الاحتلال معسكراً لجيشه على تلة في خربة جبعيت، على مساحة تبلغ نحو ألف دونم، وبُنيت غرف جاهزة للجيش ومستشفى وخدمات ومرافق أُخرى، وحولها أقام الاحتلال جدار شائك لمنع الأهالي من الوصول إلى منطقة الأغوار، وكل ما هو شرقي الخط، وغرم الأهالي حينها غرامات كثيرة وصودرت ممتلكاتهم، والأهالي أتلفوا الجدار الشائك أكثر من مرة كي يتواصلوا مع أراضيهم".قبل نحو ست سنوات، أقام مستوطن إسرائيلي بركسات ومنشآت حيوانية بالقرب من معسكر "نابي شيلو" المقام على أراضي المغير قرب "جبعيت"، الذي أقامه الاحتلال مطلع سبعينيات القرن الماضي، ويحاول ذلك المستوطن السيطرة على آلاف الدونمات ويمنع المزارعين من الاستفادة من أراضيهم، وحينما تقدم الأهالي بشكوى، نقله جيش الاحتلال إلى داخل المعسكر.يقول المواطن عمران أبو عليا من خربة "جبعيت": "لقد استخدم ذلك المستوطن عدة أساليب لأجل السيطرة على الأراضي، وهو الذي يربي أبقاراً ومواشي، بمساندة قوات الاحتلال، وكل ذلك من أجل أن يضعه الاحتلال مكان الأهالي والسيطرة على أراضيهم، نحن لدينا أوراق بأراضينا، ولن نخرج منها مهما حاولوا التضييق علينا".بدوره، يقول رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا لـ"القدس" دوت كوم: "لقد نقل جيش الاحتلال المستوطن من المكان الذي كان فيه خارج المعسكر وبملاصقته إلى داخل المعسكر، لكنه فعلياً مسيطر على نحو 10 آلاف دونم، ومعه 500 رأس غنم و200 رأس بقر، يقوم بالرعي بتلك الأراضي بحماية جيش الاحتلال، فيما يُمنع المزارعون من التواجد بأراضيهم تلك، ويتصل المستوطن بجيش الاحتلال ويتم اعتقال المواطنين وتغريمهم لمنعهم من دخول تلك الأراضي".ويؤكد أبو عليا أن خطورة الموضع بنقص السكان في هذه المناطق، "ونحن متخوفون أن يخرج الناس من المكان، نتيجة الرعب اليومي، وبمجرد خروجهم من الأراضي سيتوسع المستوطن في تلك الأراضي"، فيما يشدد أبو عليا على أن وجود السكان هو خط الدفاع الأول، ومجلس قروي المغير يحاول بكل إمكاناته دعم هذه التجمعات، منها مشروع التسوية "الطابو".ويحذر أبو عليا أن نحو 30 ألف دونم من أراضي المغير البالغة مساحتها نحو 40 ألف دونم مهددة ضمن خطة الضم الإسرائيلية، والمغير من القرى التي تواجه هجمة شرسة من الاحتلال، "نحن نناشد الجهات الرسمية والأهلية وأصحاب الأراضي بالتواصل مع أراضيهم، وأن لا يبتعدوا عنها ويبقوا متواجدين فيها".وتابع: "كمجلس قروي يتطلب منا أن نقف موقفاً من خلال المتبرعين، ونعوض الناس قدر المستطاع، ولكن لا بد لوزارة الزراعة أن تدعم المزارعين ومربي المواشي بالحبوب عبر خصومات معينة ودعم المياه ونقلها بصهاريج لهم لتعزيز صمودهم، خاصة بعد سيطرة ذلك المستوطن على آبار الجمع".وتعاني قرية المغير من الاستيطان، بدءاً من البؤرة الاستيطانية "عادي عاد" المقامة على أراضي المغير من جهتها الشمالية الغربية، وكذلك على أراضي بلدة ترمسعيا المجاورة، علاوةً على معسكر جيش الاحتلال قرب جبعيت، والبؤرة الاستيطانية التي أُقيمت قبل 3 سنوات في منطقة القبون الواقعة شرق المغير، ونظم الأهالي مسيرات واحتجاجات على إقامتها، جُرح خلالها العشرات من الشبان.يقول رئيس مجلس قروي المغير أمين أبو عليا: "إن الاحتلال حينما يقيم بؤرة استيطانية، فإن تلك البؤرة تحاصر أراضي مجاورة لها، وهي بحاجة لتنسيق من أجل الدخول إليها، فيما تتواصل اعتداءات المستوطنين".ويشير أبو عليا إلى الاعتداءات المتكررة من مستوطني مستوطنة "عادي عاد" على الأهالي وممتلكاتهم وحيواناتهم، وأُصيب خلال السنوات الماضية العشرات من الأهالي خلال هجمات المستوطنين وتصدي الأهالي لهم، وكان أخطر تلك الاعتداءات في الحادثة التي وقعت في 26 كانون ثاني 2019، حينما تصدى الأهالي لهجوم من المستوطنين بحماية جيش الاحتلال على منازل الأهالي في الجهة الشمالية من القرية، والتي أدت إلى استشهاد الشاب حمدي النعسان وإصابة 20 آخرين.ويعيش في المغير نحو 3500 نسمة مبنية منازلهم على مساحة كيلومتر مربع، وبقية الأراضي هي مناطق مصنفة "ج"، وبعض الأراضي الوصول إليها فيه نوع من المخاطرة.وتعد قرية المغير خزاناً استراتيجياً للغذاء والأجبان والحليب والألبان، وكان المزارعون ومربو المواشي يبيعون منتجاتهم للأهالي إما بحضورهم إلى الخربة أو تسويقها في منطقة رام الله، لكن واجه أهالي الخربة صعوبات وخسائر في فترة أزمة "كورونا".يقول عمران أبو عليا: "قبل فترة أزمة كورونا كنا مستأنسين بالناس حينما يجيئون إلينا لشراء منتجات الحليب والأجبان والألبان، ووجودهم كان مهماً، بالرغم من محاولة المستوطن الذي يسيطر على 10 آلاف دونم تخويف الناس ومنعهم من المجيء للخربة، لكن مع بداية أزمة كورونا لم يعد يأتي الناس إلينا، وتكبدنا خسائر نتيجة لذلك، وأصبحنا هنا وحدنا".ووفق رئيس مجلس قروي المغير، فإن منطقة جبعيت تُعد سلة غذائية مهمة للقرية، وكانت تُزرع فيها المزروعات الموسمية كالقمح والشعير والعدس، وتكفي الأهالي، والفائض يُصدَّر إلى أسواق الضفة الغربية، لكن منذ العام 1996 بدأ ذلك يتناقص تدريجياً، ولم تعد تلك السلة الغذائية كما السابق.وتُعد المغير من أكثر القرى في محافظة رام الله والبيرة اشتهاراً بتصدير الأجبان والألبان، بحكم الثروة الحيوانية الموجودة فيها، لكن المزارعين والأهالي افتقدوا هذا الأمر، بل عانوا من تضييقات الاحتلال والمستوطنين على قطاع الزراعة من خلال مصادرة المعدات الزراعية والصدام مع جيش الاحتلال والمستوطنين.وكان في المغير نحو 30 ألف رأس غنم، ونحو ألف رأس بقر، ونتيجةً لما تتعرض له المغير، انخفضت تلك الأعداد لتصبح حالياً نحو 4 آلاف رأس غنم، ولا يوجد أي رأس بقر، وفق رئيس مجلس قروي المغير.يقول أبو عليا: "كان الأهالي يعتمدون على الزراعة في المغير كونها منطقة خصبة، ولم يكونوا بحاجة لشراء الحبوب، وبعد ممارسات الاحتلال والمستوطنين، أصبح المزارع يضطر لشراء أعلاف على مدار العام، ومن المزارعين من فضل التخلص من قطيع أغنامه والعمل بمجالات أُخرى أو عاملاً لدى الآخرين".** المصدر : "القدس" دوت كوم


www.deyaralnagab.com