تراث عالمي في متحف فلاح فلسطيني فصيح !! 24.04.2019 من عشقه للأرض وتمسكه بتراب وطنه استمد الفلاّح الفلسطيني المثقف وليد فريد ذياب أبو عماد (73 سنة) حبه لكل ما هو قديم، فانبرى باحثا ومنقبا في تاريخ بلده وتراثه ليؤسس في مدينة طمرة داخل أراضي 48 متحفا فريدا من نوعه، يستحضر فيه فصولا من التاريخ، ويسّد ثغرة أغفلتها المؤسسات والفعاليات الثقافية.منذ عام 1980 بدأ أبو عماد، وهو فلاّح يتمتع بفصاحة وثقافة واسعة، مشواره في جمع كل ما وصلت إليه يداه من أدوات تراثية عربية وعالمية وعلى نفقته الخاصة، فكانت النتيجة متحف تراث فلسطينيا وعربيا وعالميا فريدا.في حديقة وحجيرات بيته تبدو الجولة بين أقسام المتحف برفقة أبي عماد رحلة في مراحل القرنين العشرين والـ19، وتنتهي الرحلة بصورة دقيقة لحياة الناس في فلسطين والمنطقة بل والعالم عبر المقتنيات والمعروضات المتنوعة. تزدان حديقة بيت أبي عماد بعشرات الأجران الحجرية والرخامية ومطاحن القمح التراثية (الجاروشة) وحجارة الرحى عماد معاصر الزيتون القديمة، ومقابلها أدوات الزراعة بكافة تشكيلاتها. وإلى جانب هذه الأدوات التراثية الفلسطينية تنتشر ذخائر أجهزة المنجنيق والمدفعية الأولى، وهي عبارة عن كروات معدنية وحجرية اقتناها من عكا، حيث ظلت منذ استخدمها جيش نابليون بونابرت في محاولته الفاشلة لاحتلالها. أبو عماد الذي تستهويه عملية جمع كل ما هو قديم يحفظ موضع وسيرة كافة الأدوات والموجودات المحفوظة لديه بدقة لافتة، وكل منها يحمل رقما كما هو الحال بالمتاحف الحديثة. بعد انتهاء جولة واسعة بحديقة المنزل وقبل ولوج البيت المتحف، يحرص أبو عماد على الاستراحة، فيتوقف عن الشروحات ليدعو ضيوفه على فنجان قهوة «أهلا وسهلا» عملا بعادة تراثية أصيلة. وعملية البحث عن الأثريات كهمة مضنية تحتاج «لمثابرة النملة» كما يقول الحاج أبو عماد الذي يجول بين المدن والأرياف والأسواق والمعارض في فلسطين بحثا عن القديم والنادر منذ نحو أربعة عقود. وعن سر هذه الطاقة الكبيرة في جمع معالم حياة الماضي، يوضح أن سر نجاحه مرده القناعة والمثابرة والتفكير. ويبحث أبو عماد عن فرصة لبناء عمارة خاصة تليق بما جمعه لتكون متحفا للتراث العربي والإنساني تصان به للأجيال اللاحقة. ولا يفرق جامع الكنوز التراثية المثابر بين مقتنياته الثمينة فكل القطع غالية على قلبه و»كلهم أبنائي وحتى لو افتقدت برغيا صغيرا لحزنت عليه، فالمتحف بالنسبة لي مشوار وتحويشة العمر. يكتظ المتحف داخل البيت بتشكيلة كبيرة جدا ومتنوعة من الأدوات المنزلية الفضية والنحاسية والحديدية، وهي تشكل معا لوحة فسيفسائية للحياة اليومية بالأرياف والمدن العربية. وفي المتحف الذي يتضمن 1500 قطعة أثرية، أواني طهو وأباريق القهوة والشاي المزدانة بلمسات فنية ونقوش فريدة وآيات قرآنية بخطط مختلفة وقدور نحاسية عملاقة وأطباق تاريخية صنعت في الهند وأوروبا والعراق منذ العصر الآشوري. وتستوقف الزائر الموازين المعدنية بكل عياراتها وآلات الخياطة والمكاوى المعدنية الفولكلورية، ويتسع المتحف لطاقم الأدوات التراثية الكاملة للنجارين والحدادين والتي باتت منقرضة من الرابوخ حتى الفارة والمقدح وغيرها.ويمكن للزائر أن يتعرف على عشرات أنواع المصابيح والإنارة وأجهزة التدفئة التي سبقت اختراع الكهرباء وتعمل بواسطة المازوت، والغاز والحطب. وتوجد أيضا سلسلة ساعات قديمة كل واحدة منها عبارة عن تحفة فنية بعضها كان يشحن يوميا وأخرى مرة بالأسبوع. وتنتشر في جنبات المتحف عشرات الجرار الفخارية والحجرية بعضها نادر ومنها جرة فرنسية الصنع عملاقة من آثار نابليون بونابرت، وجرة «راشاوية « نسبة لمكان صنعها في راشيا اللبنانية. ومن ضمن الأدوات النادرة مجموعة هواتف قديمة جدا بعضها عمره نحو مائة عام اقتناها من هواة جمع أثريات، ويعرض ضمن المقتنيات جهاز هاتف قديم معد للمكفوفين وولاعات صنعت مطلع القرن الماضي. وفي ركن الأسلحة ثبتت عدة بنادق عثمانية وأوروبية قديمة اهتم صانعوها بزركشتها رغم كونها أدوات قتل. ومقابل هذه الزاوية التي ترمز للشر تقع زاوية للأدوات الموسيقية الشرقية والغربية النادرة منها عود عمره 130 عاما صنع في بيروت. ويحتفظ أبو عماد كذلك ببوصلات بحرية وأجهزة لقياس سرعة البوارج وراديوهات في غاية الندرة والجمال، وكافتها ما زالت صالحة بعضها بحجم خزانة متوسطة ومصممة بدقة وذوق فني رفيع. ويحتوي متحف أبي عماد على موجودات أثرية من مصدرها من مشارق الدنيا ومغاربها كالكؤوس الخشبية الأفغانية والأجراس الكنسية القديمة منها جرس نحاسي مصنوع عام 1788 وهو هدية من زوج لزوجته..* المصدر : القدس العربي!!
www.deyaralnagab.com
|