الكوكب الأحمر والمدينة المخفية في الأردن!!
26.11.2019
يعتبر الأردن أحد أكثر بلدان العالم اختلافا وتنوعا من حيث التضاريس والمناخ. ففي إحدى الليالي، تحولت سماء الصحراء الصافية المليئة بالنجوم المتلألئة فوق وادي رم في الأردن إلى خيوط رملية، أضاءتها المصابيح الأمامية لسيارات الجيب المتوقفة.
وفي مقاله الذي نشرته مجلة "نيوزويك" الأميركية، قال الكاتب ماركو بارنيفيلد إن حَمَد، أحد مضيفيه في الأردن، كان على حق حينما تحدث عن هبوب الريح قبل الخلود للنوم، إذ كانت الخيمة تطير وسط الأضواء، وكان من الصعب التنفس أو الرؤية.
إضافة لذلك، كان جسم بارنيفيلد ملبّدا بالغبار الصحراوي. ولكن لحسن الحظ، كانت لديه نظارات واقية لعينيه. فلفّ الكوفيّة حول رأسه مُغطيا فمه وأنفه، ثم لبس نظارته لحماية نفسه من العاصفة الرملية وهبّ لمساعدة الآخرين في المخيم.
وأوضح الكاتب أن وادي رم يعني "وادي الرمال المحمولة جوا"، يبدو كشاطئ أحمر هائل حيث تتمركز الحجارة الرملية الشاهقة والتكوينات الصخرية الغرانيتية بشكل عشوائي. وبالإضافة إلى الجوع والعطش، يعد الطقس هناك شديد الحرارة ويصل إلى 100 درجة فهرنهايت.
وأشار الكاتب إلى أنه منذ عام 2011 أصبحت هذه المنطقة ضمن قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو، ويعود ذلك للرسوم الصخرية القديمة ومعبد بناه الأنباط خلال العصر الكلاسيكي.
يعتبر قطاع السينما مولعا بوادي رم، وعادة ما يصور على أنه الكوكب الأحمر في أفلام مثل "لاست دايز أون مارس" و"ريد بلانيت" بسبب الرمال الحمراء الخلابة.
أورد الكاتب أنه كان جالسا في خيمة أبي يوسف، بينما كان هذا الرجل يوقد النار بواسطة أغصان جمعها له أبناؤه. وكان أبو يوسف جالسا على ركبتيه مُرتديا جلابية سوداء، تمثل الزي التقليدي لرجال الأردن. في الأثناء، كانت رائحة غلي القهوة وحبات الهيل تملأ المكان.
في الواقع، للقهوة الأردنية طقوس خاصة في الثقافة البدوية، حيث اندلعت الحروب ورُتّبت الزيجات وتوطدت العلاقات على فنجان من القهوة. في الأثناء، يصبّ أبو يوسف فنجانا لنفسه أولا ليرى ما إذا كانت القهوة ساخنة بدرجة كافية، إذ لا ينبغي شربها كلها دفعة واحدة.
ونقل الكاتب ما جاء على لسان أبي يوسف الذي أفاد بأنه ينبغي أن يقدم فنجان القهوة باليد اليمنى. وفي الواقع، لا ينطبق استخدام اليد اليمنى فقط على الأكل في الأردن، ولكنه مهم للغاية بالنسبة لطقوس القهوة.
ولا ينبغي النفخ على القهوة لتبرد، بل يجب أن تحركها بشكل دائري في الفنجان حتى تصبح حرارتها مناسبة للشرب، ثم تشربها على ثلاث رشفات. وإذا كنت لا تريد المزيد من القهوة، تحرك فنجانك إلى اتجاهين.
أما إذا أردت المزيد منها فينبغي أن ترفع الفنجان لثلاث مرات على الأكثر حتى لا يتم اعتبارك شخصا وقحا. ورغم أن البدو معروفون بودّهم وحسن ضيافتهم، فإن الوقاحة غير مقبولة بحضورهم.
وقال الكاتب ماركو بارنيفيلد إن "صحراء وادي رم كانت ساحة للثورة العربية الكبرى. فقد قاتل العرب للاستقلال عن الإمبراطورية العثمانية خلال الحرب العالمية الأولى. وزادت حدة قتالهم بوعود لورانس العرب بإنشاء إمبراطورية عربية مستقلة".
لسوء الحظ، لم يكن هناك استقلال مطلقا بعد أن قسمت الحكومتان الإنجليزية والفرنسية العالم العربي فيما بينهما في اتفاقية سايكس بيكو السرية عام 1916. ونتيجة لذلك، أحس القادة العرب بالخيانة. وفي الحقيقة، تعود العديد من المشاكل المعاصرة في الشرق الأوسط لعواقب وعد لورانس الذي لم يف به، الأمر لا يُغتفر في تقاليد القبائل الصحراوية، بحسب الكاتب بارنيفيلد.
وأورد الكاتب أن الأردن حصل على الاستقلال في الأول من مارس/آذار 1946. لكن تاريخه الموثق يسبق ذلك بكثير، ومن المستحيل أن تفوت القصص الواردة في التوراة حين تسافر عبر الأردن، حيث يبعد المكان الذي تعمد فيه السيد المسيح أقل من ميلين عن نهر الأردن، ويُعرف باسم المغطس.
كما يوجد تل الخرار في هذه المنطقة على حافة وادي الأردن. وتسمى العاصمة الأردنية "عمون: عاصمة مملكة العمونيين حيث توجد قلعة فخمة على جبل في المدينة".
البتراء تقع خلف سلسلة من الجبال، وهي مدينة تاريخية منحوتة بالحجر ظلت مخبأة لقرون. اكتشفت عام 1812. ويعود تاريخ السكان الأوائل (الأنباط) إلى 7000 عام قبل الميلاد حيث بدؤوا نحت المدينة في الصخر باستمرار خلال أربعة قرون. ومن المحتمل أن تكون المباني الأولى بعمر 2200 عام، ومنها الخزنة التي تعتبر تحفة فنية رائعة.
السباحة في البحر الميت لها دلالات تاريخية، حيث سدوم وعمورة اللتان كانتا تقعان قربه بحسب الروايات التاريخية، ويبلغ ارتفاع منسوب المياه 1378 قدمًا تحت مستوى سطح البحر، وهو المكان الأقل ارتفاعا في العالم، وتعتبر السباحة فيه تجربة رائعة.
وعند الغطس في البحر، يمكن الملاحظة أن المياه لزجة بعض الشيء بسبب ارتفاع الأملاح المعدنية. لذلك لا تغطس عميقا داخل مياه البحر الميت فسرعان ما يطفو جسمك على السطح.
مخيم للبدو حيث يمكنك أن تشعر بجمال الأردن الحقيقي الذي يكمن في حياة البدو. وداخل المخيم، يدخن البدوي محمد ناصر الزوايدة النارجيلة وينفخ بخارا ذا رائحة زكية ثم ينظر إلى السماء، ويقول "هبوب". ورغم أن السماء تبدو ساطعة والنجوم متلألئة ولا وجود لما يشير لهبوب عاصفة، فإنه يكون محقا لأنه يمكن للبدو قراءة السماء والرمال والتنبؤ بالعواصف الرملية.
www.deyaralnagab.com
|