القهوة في شرق السودان عشق يفوح بالزنجبيل كل صباح !!
08.11.2019
*أهالي شرق السودان يتميزون بحبهم الشديد للقهوة المنكهة بالزنجبيل والتي أصبحت جزءا من نمط حياتهم اليومي وثقافتهم العامة….
كسلا (السودان) – مع أشعة الشمس التي تشرق من خلف جبل توتيل في كسلا، شرقي السودان، يستيقظ سكان المدينة المتاخمة للحدود مع دولة إريتريا على روائح البن المغليّ التي تملأ الأجواء.
يتميز أفراد قبائل شرق السودان في محافظاته الثلاث، البحر الأحمر والقضارف وكسلا، بحبهم الشديد للقهوة حتى صارت جزءا من نمط حياتهم اليومي وثقافتهم العامة، وبات تقديمها بكل طقوسها إلى الزائر عوضا عن الشاي علامة على كرم الضيافة.
وتنتشر المقاهي في كل شوارع المدن، وتبدأ عملها منذ الفجر وحتى حلول الليل، وغالبا ما يعمل فيها الرجال دون النساء؛ ويرتادها الزبائن صباحا مساء، يجلسون على كراس خشبية صغيرة محلية الصنع تُدعى “بنابر”، وتكسوها حبال مصنوعة من السعف.
وعن عادات تناول القهوة في المنطقة، يقول الصحافي السوداني عمر دمباي، وهو من أهالي كسلا، إن سكان شرق السودان يشربون القهوة المنكهة بالزنجبيل 4 مرات في اليوم.
وأضاف دمباي، “استخدام الزنجبيل بكثرة في القهوة عند أهل شرق السودان يقيهم الأمراض”.
وتتمتع طقوس تناول القهوة ببروتوكولات خاصة استنّها أهل شرق السودان؛ حيث يهمّ الناس منذ الصباح بشيء واحد وهو تناول فنجان أو فناجين منها في جلسة على شكل تجمعات تُسمى “سنكاب” حسب اللهجة القومية لقبائل البجا صاحبة الأكثرية. “سمحة لمة الأهل، والقهوة في شرق السودان لها طعم لذيذ وفريد” تدوينة يكتبها الكثير من أهل المنطقة وخاصة الفتيات على صفحاتهن عبر فيسبوك تعبيرا عن سر لم يكتشف غموضه بعد وهو الارتباط النادر لإنسان شرق السودان بالقهوة.
من واجب إكرام الضيف تحضير القهوة وفق طقوس محددة، ابتداء من تحميص البن على النار وشم الضيف لرائحته قبل طحنه
وتصنع أدوات القهوة غالبا من الطين والفخار، وبرعت منطقة وقر في كسلا في زخرفة وصناعة مستلزمات القهوة الشرقية؛ حيث تمول كل السودان بما تنتج من مباخر وأوان لإعداد القهوة.
القهوة ليست مجرد مذاق فقط في شرق السودان، وإنما أيضا علامة على كرم الضيافة، ولا يستطيع الضيف رفضها وإلا أصبح مثارا للضحك؛ لأن عدم شرب القهوة أمر لا يصدقه أهل تلك المنطقة.
يقول حسين ميرغني على صفحته في فيسبوك، “إن الشرقيين ﻳﺼﺎﺑﻮﻥ ﺑﺎﻟﺪﻫﺸﺔ ﺍﻟﺸﺪﻳﺪﺓ ﻋﻨﺪﻣﺎ يدعونك إلى احتساء ﻓﻨﺠﺎﻥ ﻗﻬﻮﺓ ﻭﺗﻘﻮﻝ إﻧّﻚ ﻟﻴﺲ ﻣﻦ ﺭﻭﺍﺩﻫﺎ، أﻭ إﻧﻚ ﻻ تشربها”.
وعن ذلك، يقول دمباي، “من واجب إكرام الضيف تحضير القهوة وفق طقوس محددة، ابتداء من تحميص البن على النار، وشم الضيف لرائحته قبل طحنه”.
وأشار إلى أن من يقدم الشاي إلى الضيف بدلا عن القهوة، فكأنما يريد استعجال انصرافه بدلا من أن يأخذ وقتا طويلا معه لمعرفة أحواله والجلوس معه.
عشق القهوة ملازم لأهالي الشرق السوداني في الحلّ والترحال، حتى تحول تناولها إلى حاجة لا فكاك منها كما الماء والهواء.
عندما يشرع أحدهم في مغادرة مسكنه، فإنّه لا ينسى أن يصطحب معه موقد فحم نباتي يسمى كالانون في البيئة المحلية، مع قدح من الخشب ووعاء معدني يُحمّص فيه البن، إضافة إلى “الفندق” الذي يستخدم للسحن عقب الفراغ من القلي ويصاحبه إناء حديدي يسمى “شرقرق” تُحَضَّر القهوة بداخله وأخيرا المبخرة.
هذه المعدات مجتمعة، إضافة إلى فنجان صغير الحجم لا يمكن الاستغناء عن أحدها؛ لأنها الزاد والصديق على طول الطريق. ويحكي صانع القهوة حسين موسى، عن طريقة إعدادها، قائلا، “سكان العاصمة السودانية الخرطوم يشربون القهوة ثقيلة وخالية من الزنجبيل، على عكس سكان شرق السودان”.
واستطرد، “قبائل البجا يعتبرون القهوة من الاحتياجات الأساسية لهم منذ الصباح، وعند الظهر والعصر وقبل النوم، فلا بد من تناولها”.
ورغم أن سر هذا العشق للقهوة في شرق السودان يبقى سؤالا بلا إجابات واضحة، إلا أن هناك اتفاقا على أنّ القهوة تمثل تقليدا موروثا منذ القدم، واعتادت قبائل البجا على شربها أكثر من مرة في اليوم وفي كافة المناسبات الاجتماعية.
www.deyaralnagab.com
|