logo
1 2 3 41134
"تيمبي" قبيلة تصطاد بالسهام وتحرس الأمازون بالهاتف الذكي !!
02.10.2019

برازيليا - يصطاد أفراد قبيلة تيمبي بالأقواس والسهام أسماك الضاري المفترسة ويجمعون النباتات البرية، في حين يشاهد البعض الآخر منهم المسلسلات التلفزيونية، ويتصفحون الإنترنت على هواتفهم وهم يجلسون داخل أكواخ من القش.
أفراد هذه القبيلة، الذين يعيشون في الغابات المطيرة في شمال البرازيل، يفتخرون بأنهم متعلمون ومنظمون بشكل جيد، إذ أنهم لا يخشون استخدام أدوات وتقنيات جديدة.
يرسمون وجوههم بأصباغ من البذور للتحضير للحروب، ويستخدمون أيضا تقنيات الفيديو لمحاربة عملية قطع الأشجار غير القانونية وكذلك التهديدات الأخرى.
وتمزج الحياة اليومية في قرى تيمبي، النائية في غابة الأمازون في البرازيل، بين التقليد والحداثة، يستحمون في الأنهار الموحلة في الصباح، ويلعبون كرة القدم في الحقول الرملية وهم يرتدون قمصان الفرق الأوروبية مثل فريق تشيلسي في فترة ما بعد الظهر.
وفي ولاية برازيلية، دمرتها إزالة الغابات والآلاف من الحرائق، يقوم أفراد قبيلة تيمبي بالتصوير وتسجيل مقاطع فيديو لتوثيق قطع الأشجار غير المشروع من قبل الحطابين، ثم يبثونها على وسائل التواصل الاجتماعي.
ويتم قطع الأشجار غير المشروع في أراضي تيمبي تحت جنح الظلام، ويمكن أن يقضي قطع الأشجار، الذي يتم غالبا تحت جنح الظلام، على مئات الفدادين من الغابات دون أن يتم اكتشاف الفاعلين، فالأصوات التي لا تتوقف قطّ في الغابات المطيرة تغطي على ضجيج مناشير وشاحنات قطع الأشجار، ما يجعل مراقبة آلاف الكيلومترات المربعة من هذه الغابات مهمة شبه مستحيلة.
والتقى أفراد القبيلة مؤخرا بمجموعة غير حكومية عرضت عليهم طائرات ذاتية القيادة وأجهزة تعقب لتتبع عمليات التعدي على الغابات في مقابل ضمانهم لحصاد الخشب بشكل مستدام.
ومثل أسلافهم، هم يزرعون الأشجار لتعليم أطفالهم قيمة الحفاظ على أكبر غابة مطيرة في العالم. الغابة التي تعتبر الحصن القوي ضد ظاهرة الاحتباس الحراري.
أفراد القبيلة التقوا بمجموعة غير حكومية عرضت عليهم طائرات ذاتية القيادة وأجهزة تعقّب لتتبع عمليات التعدي على الغابات مقابل قطع الخشب بشكل مستدام
كان حلم الأسلاف من قبيلة التيمبي أن يتركوا أفضل ما لديهم لأولادهم وأحفادهم، ثم أصبح هذا حلم أجيال اليوم، ولديهم آمال كبيرة على أن يتركوها للأجيال القادمة.
تقول سيداليا تيمبي من فناء منزلها الخلفي بقرية تيكوهاو، حيث تزرع الفواكه والخضروات والأعشاب الطبية، “أخبر أبنائي دائما بأنني زرعت هذه الأشجار من أجلهم، والآن جاء دورهم ليزرعوا من أجلنا، هذه الأعشاب نستخدمها للعلاج المنزلي، لا نذهب إلى الصيدليات في المدينة، بل نصنع الأدوية الخاصة بنا، فنحن نؤمن كثيرا بما لدينا”. وتشير سيداليا بفخر إلى أربعة نباتات قصب السكر، حيث يرعاها أحد أبنائها، والأفوكادو وجوز الهند والليمون والأساي وهي التوت الأمازوني المليء بالفيتامينات ويمثّل وجبة الفطور الأساسية في البرازيل.
ويقول زوجها موتي تيمبي “هذه هي الجنة! أنت لا ترى أي عوادم سيارات، لأننا لانملك هنا سيارات كما في المدينة في منتصف النهار يصبح الجو حارا جدا، ولكن هنا، تشعر بالراحة ولا تسمع أي ضجيج، سوى أصوات العصافير”.
وتم زرع إحدى الأشجار بواسطة جدّ موتي، أحد زعماء تيمبي ومؤسس قرية تيكوهاو.
وعلى مدى أجيال كان أفراد القبيلة يستخلصون صبغة سوداء من شجرة جينيبابو المزروعة في فناء منزل الزوجين لطلاء أجسادهم أثناء الاحتفالات.
وخلال طقوس العبور، التي يمكن أن تستمر لعدة أيام، يصطاد أفراد القبيلة أيضا القرود والطيور ويطبخونها، في حين يصطاد الشباب الذين يدخلون مرحلة البلوغ، ويغنون ويحاكون أصوات الطيور مع أفراد آخرين من القبيلة داخل أحد الأكواخ، ويضربون بأرجلهم على الأرض.
يعيش حوالي ألفي فرد من قبيلة تيمبي في منطقة “ألتو ريو غواما”، التي تبلغ مساحتها 1080 ميل مربع، والتي لا يمكن الوصول إليها إلا من خلال المرور برحلات طويلة على متن قوارب أو على طرق ترابية. ويمكن أن يتراوح عدد سكان القرى الواقعة على طول نهري غواما وغوروبي التي تقسم المحمية من بضع عشرات إلى مئات.
وتقع محمية السكان الأصليين تحت الحماية الرسمية، لكنها محاصرة أيضا باستمرار من قبل قاطعي الأشجار الذين يحاولون بشكل غير قانوني استخراج الخشب الصلب الثمين. وتحوي غابات الأمازون، التي يوجد 60 بالمئة منها في البرازيل، 20 بالمئة من أنواع نباتات الأرض النادرة، والكثير منها لا يوجد في أي مكان آخر. وقد أظهرت بيانات الأقمار الصناعية الصادرة عن وكالة الفضاء البرازيلية زيادة حادة في معدلات إزالة الغابات وحرائق الغابات في العام الماضي.
وفي أغسطس الماضي أصدرت الوكالة تنبيها بأن الحرائق في الأمازون قد زادت بنسبة 84 بالمئة في الأشهر السبعة الأولى من هذا العام، مقارنة مع الفترة نفسها من عام 2018.
وتزايد القلق بشأن غابات الأمازون المطيرة منذ تولى الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو مهام منصبه هذا العام، وفي ظل انتشار الدعوات لتخفيف الحماية على المحميات الطبيعية والأراضي المحلية.
وقال جليسون تيمبي من قرية “كاع كاير” الصغيرة، التي تعني في لغتهم الأصلية الغابة الخضراء، “يتعين علينا القتال من أجل الأشجار التي تجعلنا نتنفس، تربيت وسط غابات الأمازون والطبيعة، فالحيوانات التي تربت بالغابة تعطينا القوة.. أبنائي يأكلون الطعام الطبيعي فقط، وكل ذلك يأتي من الغابة، فلماذا يزيلون الغابات؟”. وفي زاوية خارج منزله جفف تيمبي السمك تحت أشعة الشمس الحارقة على شواية ممسوكة بالطوب.
وداخل منزله تجمّع البعض من أبنائه حول هاتف محمول على أرجوحة أرجوانية لمشاهدة فيلم كارتون للأطفال على يوتيوب.
وفي وقت لاحق، اعتلت ابنته إميليا البالغة من العمر 7 سنوات جذع شجرة بعد أن تم إحراقها، وصوّبت بالقوس والسهم الذي صنعته من فروع الشجرة.
وقال إميديو تيمبي، جدّ إميليا وقائد قرية “كاع كاير” مشيرا الى منطقة أتت عليها الحرائق، “كان هذا الجزء ضمن الغابة، لكن الحريق لم يترك شيئا به”.
وأضاف إيميديو، الذي سافر مؤخرا إلى عاصمة الولاية “بيليم” لبيع مصنوعاته اليدوية الخشبية في معرض للكتاب، “شغلنا الشاغل الآن هو الطعام وقطع الخشب والحرائق. هذا ما يقلقنا لأننا نعيش على الأسماك والطيور وما نصطاده من الغابة، لذلك من المهم للغاية بالنسبة إلينا البقاء في الغابة والاستماع إلى أصوات الطيور ونداءات الحيوانات”.


www.deyaralnagab.com