الصين تبحث عن الحمير في أدغال أفريقيا!!
26.12.2017
الحمير حيوانات التصقت بها تهمة البلاهة وسلب الإنسان عنها الذكاء، لكنه لم يستطع أن ينفي عنها تهمة الصبر على ما تعانيه من فعل البشر الذيين أولكو لها الأعمال الشاقة وحمل الأثقال، وهي تواجه معضلة الانقراض بسبب شراهة الصينيين على لحمها الذي يعتبرونه أكلة شهية وجلودها التي يصنعون منها مستحضرات أدوية يعتبرونها سحرية.
أبوجا - أدى الانفتاح الصيني على سوق الحمير في القارة الأفريقية إلى ازدهار السوق وتضاعف أسعار الحمير وخصوصا في نيجيريا.
وتستخدم الصين الحمير وجلودها في تصنيع المستحضرات الطبية والدوائية، خاصة إنتاج الجيلاتين وبعض الأدوية الخاصة بعلاج أمراض الدورة الدموية والدوار وعدم انتظام الدورة الشهرية لدى النساء والأرق، كما تنتج منها أدوية منشطة للدم ووقف النزيف الشديد، وأيضا علاج فقر الدم أو انخفاض عدد خلايا الدم وكريمات لقرحة الساق.
وتستخدم الحمير أيضا في عدة مجالات كالغذاء والزراعة، وكونها أكبر بلد في العالم من الناحية السكانية، رأت الصين في السوق النيجيرية وبلدان أفريقية أخرى مصدرا هاما لاستيراد الحمير.
وأقامت الشركات الصينية مسالخ في أنحاء أفريقيا، حيث يتم إعدام الآلاف من الحمير يوميا، وتأمل الكثير من الدول الأفريقية في تعزيز اقتصاداتها المتعثرة من خلال هذه التجارة.
هذا الأمر لا يسعد الكثيرين لأنه قد يتسبب في انقراض الحمير من القارة السمراء، فقد منعت عدة دول تصدير حميرها، منها أوغندا وتنزانيا وبوتسوانا والنيجر وبوركينا فاسو ومالي والسنغال وجنوب أفريقيا، لكن مازال إعدام الحمير بصورة غير قانونية في الكثير من الدول الأفريقية، لتلبية الطلب المتزايد من جانب الصين، ومن بين تلك الدول، جنوب أفريقيا ومصر وتنزانيا، وفقا لمنظمة “دونكي سانكتشري”.
وبعد نفاد المخزون المحلي من الحمير، تعمل الصين على استيرادها من الدول النامية كي تحافظ على تلبية زيادة الطلب. فقد تقلّص عدد الحمير في الصين من 11 مليونا عام 1990 إلى 6 ملايين في 2016، بسبب الذبح واسع النطاق لصناعة مستحضر الجيلاتين العلاجي والذي يسمى في الصين “الإيجياو”.
وتهدف الصين إلى إنتاج خمسة آلاف طن من هذا الدواء، وهي بذلك تحتاج تقريبا إلى 4 ملايين حمار سنويا.
وينفي منتجو الإيجياو، الذين يتركز أغلبهم في منطقة شاندونغ الغربية حيث يوجد أكثر من مئة مصنع يقوم بإذابة الآلاف من جلودها وتحويلها إلى الجيلاتين أسبوعيا، أن منتجهم يتسبب في نقص الحمير، بل يرون أنهم يخلقون دورا جديدا لهذا الحيوان في العصر الحديث بعد أن كان يتوقف نشاطه على حمل الأثقال، لذلك يطالب الخبير الصيني تشين يون فنغ، الحكومة الصينية بحل أزمة نقص الحمير في بلاده لدعم صناعة الدواء.
وكان “الإيجياو” يقدم للعائلات الملكية في الإمبراطورية الصينية وبعض الأثرياء لأن سعر هذه المادة لا يقدر عليه سوى القليلين لأن الحمار الواحد ينتج 2.2 رطل من الإيجياو. أما اليوم فجميع الصينيين من جميع الطبقات وبلا استثناء يقبلون على شراء هذا المستحضر بغرض تحسين الصحة.
وقال مايجاكي “إن الجيلاتين ‘الإيجياو’ المتعدد الاستخدامات المعروف بأنه إكسير الشباب، يستخرج من جلد الحمير، وتبين الإحصاءات أنّ الصين تذبح في العام الواحد 4 ملايين حمار من أجل صناعة هذه المادة”.
ويقول إبراهيم مايجاكي، الذي يمتلك حظائر لتربية الحمير في نيجيريا، إنّ منع بعض الدول الأفريقية تصدير الحمير إلى الصين أدى إلى ازدهار سوق الحمير في نيجيريا.
وأضاف “تضاعف سعر الحمار من ثلاث إلى أربع مرات نظرا لازدياد الطلب، ما دفع بعض الدول الأفريقية لمنع تصديره”.
وبين أنّ سعر الحمار كان قبل الطلب الصيني نحو 40 دولارا أميركيا أما الآن فأصبح سعره يتراوح بين 150 و200 دولار.
وعلى الرغم من عدم وجود أي دليل علمي يثبت القدرة العلاجية لمستحضر الجيلاتين، إلا أن هناك قناعة لدى الصينيين بسحره العلاجي وقدرته على الحفاظ على نضارة المرأة وشبابها، وتعزيز قدرة التحمل، خاصة لدى المزارعين لمساعدتهم على العمل دون الشعور بالتعب.
ويرى الصينيون أن أكل لحم الحمير فيه فائدة كبيرة لذلك انتشرت مطاعم “دونكي برغر’ ، ويبدو أن حقوق الحيوان مازالت فكرة غريبة بالنسبة للكثير من الصينيين الذين يأكلون بنهم لحوم الحمير والخيول والكلاب وحتى القطط.
وانتشرت ظاهرة أكل الحمير في الصين منذ حوالي ثلاثة قرون بسبب قيام الحروب وانتشار المجاعة، ومنذ ذلك الزمان أصبح لحم الحمير طعاما صينيا شهيا، إذ يعتبر “برغر الحمير” الأكلة الشعبية لدى الصينيين، ويوجد على قائمة الطعام في أفخم المطاعم الصينية.
وبحسب صحيفة الديلي ميل، تتجه هذه المطاعم إلى ذبح الحمير أمام الزبائن في المطاعم ليتأكدوا أنها طازجة، وتقوم المطاعم بطهي لحم الحمير في مدة لا تقل عن 8 ساعات حتى يصبح جاهزا للأكل.
ويؤكد موقع “إي فود” العالمي للغذاء أن لحم الحمير يحتوي على نسبة عالية من البروتين أكبر من نظيرتها في الدجاج، كما يؤكد الموقع على احتواء لحم الحمير على الأحماض المهمة للجسم وكذلك الحديد والكالسيوم.
ونظرا لارتفاع سعر الحمار في الدول الأفريقية التي تصدره إلى الصين، انتشرت ظاهرة سرقة هذا الحيوان الذي أصبحت له أهمية في توفير الرزق. ويروي بائع المياه الكيني أنتوني وانياما، البالغ من العمر 29 عاما، قصته لــ”بي بي سي”، حيث استيقظ يوما ولم يجد حماره الذي أطلق عليه اسم “كارلوس” وظل بصحبته 4 سنوات.
ويقول وانياما، وهو أب لطفلين، “استطعت شراء أرض ومنزل ودفع مصاريف المدارس والعناية بأسرتي”، مضيفا والدموع تنهمر على خديه “استيقظت ذات يوم فلم أجد ‘كارلوس’، بحثت في كل مكان ثم وجدته ميتا وجلده مسلوخ”.
ويقول المجلس الوطني الجنوب أفريقي لجمعيات حماية الحيوان، “يتم تجميع الحمير وسرقتها، ثم نقلها وذبحها بطريقة وحشية من أجل الحصول على جلودها”، واصفا هذا النوع من التجارة بـ“المروع”.
وكشفت هيئة أوكبيكرس الخيرية للصحافيين الاستقصائيين المعنيين بالبيئة والحمير ومقرها جنوب أفريقيا في وقت سابق، حالات تعرضت فيها الحمير لانتهاكات قبل قتلها.
وقال مايك بيكر، من جمعية الملاذ الآمن للحمير “ذي دونكي سانكتوري”، والذي يقود حملة لوقف هذه التجارة، إن “هذه أكبر أزمة تواجه الحمير في التاريخ”، مضيفا “إننا نرى الاستحواذ على الملايين من الحمير ونرى معاناة هذا الحيوان على نطاق لم يسبق له مثيل من قبل”، مشيرا إلى أن الضغط الدولي في هذا المجال بدأ يؤتي ثماره.
ويقدر عدد الحمير في العالم بنحو 50 مليون حمار، وبحسب جمعية “ذي دونكي سانكتوري” ومركزها بريطانيا المعنية بحماية الحمير في العالم، فإن أكبر عدد من الحمير يوجد في دولة إثيوبيا.
www.deyaralnagab.com
|