أنواع عديدة من الموز لا نتذوق منها سوى الـ"كافنديش"!!
14.09.2017
الموز من أكثر أنواع الفاكهة استهلاكا في العالم، وله فوائد صحية كثيرة، حيث يحتوي على ثلاثة أنواع من السكر الطبيعي، كما يحتوي على 6 فيتامينات، و11 من المعادن، وهو يمدّ الجسم بالطاقة بسرعة كبيرة. لكن ماذا لو علمنا أن هناك أكثر من صنف من الموز، ولا نتذوق منها سوى النوع الذي يحمل اسم “كافنديش”.
لوفن (بلجيكا) - قد لا يتصور البعض أن هناك أشجار موز في مدينة جامعية على مشارف بروكسل، إلا أن جامعة لوفن تستضيف أكبر مجموعة متنوعة من نباتات الموز، حيث يوجد بها أكثر من 1500 صنف.
ولا يعني هذا أن تتوقع أن ترى أشجار الموز في الشوارع أو أن تكون هناك غابات استوائية مطيرة. الدفيئات الزراعية (الصوب) التابعة للجامعة يوجد بها فقط العشرات من أشجار الموز كاملة النمو، وفي معظم الأحيان يكون حجم أوراقها في حجم إنسان، وربما أكبر.
أما بقية المجموعة نفسها فمحفوظة في أكثر من 30 ألف أنبوب اختبار، حيث يُسمح بنمو النباتات إلى نحو عشرة إلى 15 سنتيمترا.
وإضافة إلى ذلك، فإن نحو ألف صنف محفوظة في إجراء يُدعى الحفظ بالتبريد، يتم فيه حفظ الخلايا الجذعية مجمدة في نيتروجين سائل في درجة حرارة سالب 196 درجة مئوية.
يقول روني سوينن، رئيس مختبر الجامعة لتطوير المحاصيل الاستوائية، “من يعرف، إذا كانت هذه المجموعة موجودة في خمسينات القرن الماضي، ربما كنا نأكل حاليا نوعا آخر من الموز، وربما العديد من أنواع الموز”، مضيفا “نعتقد أن هناك الموز الحلو فقط، ولكن هناك الكثير من الأصناف”.
وتضم المجموعة نباتات موز يمكنها أن تنتج ثمارا بقشرة حمراء وقلب برتقالي، أو في حجم التين بقشر صلب أرجواني إلى بني. وهناك أيضا موز للطهي، نشوي وأقل حلاوة؛ وموز مُسْكِر؛ وأنواع من الموز الأكثر حلاوة.
وعادة ما يكون بالموز البري بذور كبيرة ويكاد لا يوجد به قلب، بينما لا يوجد بالأنواع المزروعة أي بذور على الإطلاق. يقول سوينن إن الموز “هو أحد أقدم أنواع المحاصيل التي عرفتها البشرية”.
وفي الواقع، لعب التدخل البشري دورا كبيرا في حفظ تنوع الموز الموجود حاليا، فالإنسان زرع البعض من أنواع الموز قبل سبعة آلاف عام.
وأكثر أنواع الموز المناسبة للأكل هو النوع الذي لا بذور فيه، والذي تطور بصورة طبيعية.
ولكن لعدم وجود بذور، فإنه لم يكن ليستمر حتى اليوم لولا تدخل البشر لإتمام التكاثر من خلال قطع النباتات الجانبية.
وتواجد الموز في البداية في جنوب شرق آسيا، ثم وجد طريقه إلى أفريقيا قبل 3 آلاف إلى 6 آلاف عام، حيث أصبح طعاما رئيسيا. وفي النهاية، انتقلت أشجار الموز أيضا إلى الأميركيتين.
واليوم، يأتي معظم الموز الذي يتم بيعه في أسواق الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا من أميركا اللاتينية. ويشكّل الموز طعاما رئيسيا لنحو 400 مليون شخص ويتناوله نحو مليار شخص حول العالم.
ورغم ذلك، فإن تنوع الموز ليس واضحا لمعظم الناس في الدول المتقدمة، لأن أكثر من 99 بالمئة من سوق الموز يهيمن عليه صنف واحد، وهو النوع الذي يحمل اسم “كافنديش” وهو حلو المذاق ودون بذور.
تقول إينيس فان دين هوي، أمينة المركز الذي يحتوي على أكبر مجوعة من البلازما الجرثومية للموز إن “السلسلة الكاملة مبنية على كافنديش”.
وتضيف، أن نوع “كافنديش هو نوع عملي جدا، متماسك ومتراص ومن ثم يمكن تعبئته وشحنه بسهولة، ويمكن إنضاجه اصطناعيا بالإيثيلين، وبالتالي يمكن حصاده وهو لا يزال أخضر؛ وطعمه الحلو محبوب في أنحاء دول العالم”.
وبدأ إنتاج هذا النوع في أواخر خمسينات القرن الماضي، بعد دمار النوع الذي كان مفضلا في السابق “غروس ميشال” نتيجة آفة الذبول الناجمة عن فطر الفيوزاريوم، والتي كان يطلق عليه اسم مرض بنما. وربما يواجه كافنديش الآن نفس المصير بعد ظهور سلالة جديدة للفطر تدمر النباتات في مناطق من آسيا وموزمبيق. ويخشى كثيرون من أنه قد ينتشر على مستوى العالم ويمحو الكافنديش.
إلا أن سوينن يقول إنه لا يوجد مبرر للذعر، مضيفا، “الموز ليس معرّضا للخطر ولن تدمر الآفة الموز.. هذا ليس صحيحا”، وأشار إلى أنه يمكن السيطرة على المرض من خلال الحجر الصحي والتدابير الوقائية.
ويسلط هذا التهديد الضوء على ضعف التجارة العالمية للموز، القائمة على إنتاج واسع لنوع واحد من الفاكهة، والتنوع بإنتاج أنواع أخرى من الموز ربما تكون أكثر مقاومة للمرض وربما تناسب بصورة أفضل بيئات مختلفة.
يقول سوينن، إن الأنواع الموجودة في مختبرات الجامعة متوفرة لمن يريد زراعة أصناف أخرى من الموز، كما يمكن تقديم الخبرة لإنتاج فاكهة بجودة عالية.
ويوضح أنه في العديد من المزارع التي لا يكون فيها الموز هو المحصول الوحيد، فإن النبات يكون “ركيزة النظام الزراعي”، كون الأشجار توفر الظل.
ويضيف سوينن حول إنتاج فاكهة بمذاق مختلف، “نعرف الآن أن الموز والقهوة مزيج مثالي، لذلك يمكن أن نحصل على قهوة أذكى، قهوة بجودة أعلى إذا ما زُرعت في ظل أشجار الموز، لأن القهوة من نباتات الغابات”.
وتبحث شركات الموز الكبرى عن بدائل جديدة للكافنديش، إلا أن اختبار أنواع جديدة من الموز قد يستغرق سنوات، كما أن الاحتمال يظل قائما بأن المستهلكين، الذين اعتادوا على نوع واحد من الموز، قد لا يحبون المنتج الجديد.
يقول زافير روسل، نائب رئيس التسويق والاستدامة في شركة “دولي”، وهي من أكبر منتجي الموز، إن الشركة تقوم بتسويق موز الجنة والموز الأحمر والموز صغير الحجم والمانزانوس، إضافة إلى الكافنديش.
وأضاف، “لقد نجحنا بالفعل في جلب بدائل كافنديش للسوق ونواصل باستمرار استكشاف خيارات جديدة”.
تجدر الإشارة إلى أن مجموعة جامعة لوفن تخضع لرعاية منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (فاو)، وتديرها منظمة “بيوفرزيتي إنترناشونال” (المنظمة الدولية للتنوع البيولوجي)، وهي منظمة دولية للبحوث الزراعية غير هادفة للربح.
www.deyaralnagab.com
|