تطبيقات النقل الذكية تربك أصحاب التاكسي الأصفر في الأردن!!
12.09.2017
يعتمد غالبية الأردنيين في تنقلّاتهم اليومية على قطاع النقل العام، ولكن نظرا للخدمات المتواضعة التي توفّرها الحافلات، وما يتعرض له البعض من تحرش ومضايقات وسرقات، فإنهم يضطرون في غالب الأحيان إلى التاكسي الأصفر رغم مستوى الخدمة المتدنية التي عرف بها بين الأردنيين، استحسن المواطنون ظهور شركات النقل التي تعتمد التطبيقات الذكية، ولكنها أثارت جدلا ورفضا من العاملين في قطاع النقل الخاص.
عمان- دخلت تطبيقات النقل الذكية للركاب على خط المنافسة مع سيارات النقل التقليدية، أو ما يعرف بـ “التاكسي الأصفر” في الأردن، التي كانت تحتكر تاريخيا طلبات النقل الخاص للأفراد داخل المملكة.
والشهر الماضي، منحت هيئة تنظيم قطاع النقل البري الأردنية الشركات التي ستعمل بالنقل عبر التطبيقات الذكية تصاريح مؤقتة لـ 19 شركة للعمل بالصفة العمومية، وفقا للتعليمات والشروط الخاصة بنقل الركاب والمعمول بها في الأردن.
وحتى وقت قريب، كانت كل شركات النقل الذكية تمارس أعمالها في المملكة دون ترخيص، ما كان يعرض السائقين إلى مخالفات من شرطة السير لتجاوزهم تعليمات النقل الخاص التي يجب أن تتم فقط عبر سيارات التاكسي.
ويرفض سائقو التاكسي الأصفر هذا النظام الجديد للنقل الذي يتيح لكل من معه سيارة خاصة ضمن مواصفات شركات تطبيقات النقل أن يعمل في نقل الركاب دون تحمله دفع رسوم سنوية مفروضة على مكاتب التاكسي التقليدي.
تراخيص مؤقتة
تقول عبلة أبووشاح، الناطقة الإعلامية باسم الهيئة، إن الهيئة باعتبارها الجهة المسؤولة عن منح التراخيص، واستكمال الإجراءات لهذه الشركات ولتنظيم القطاع بشكل عام، أمهلت الشركات 6 أشهر لتسوية أوضاعها والالتزام بالشروط والتعليمات التي تنظم عملها، وهي مدة التصاريح المؤقتة.
وأضافت أبووشاح، أن المدة التي تم منحها للشركات التي بدأ عملها في عمان منذ 2015، يفترض أن تقوم خلالها بتهيئة مقار ومكاتب لها، واستكمال تراخيص التطبيقات من وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات. “الهيئة لن تترك قطاع النقل عبر التطبيقات الذكية سائبا”، تقول أبووشاح، “إذ ستوقف منح التراخيص لأي شركات جديدة في القطاع في حال إشباعه”.
وتعد الرسوم السنوية التي ترى الحكومة الأردنية أنه على شركات النقل عبر التطبيقات الذكية دفعها، نقطة الخلاف الرئيسية التي تواجه عمل الشركات في السوق المحلية، ما يضعها في موقع تفضيلي “غير عادل” أمام مكاتب التاكسي التقليدي.
لذا، أكدت الهيئة أنها ستراقب التزام الشركات المرخصة بالضوابط، التي تم وضعها للقطاع باعتباره استثمارا كأي استثمار آخر تضبطه محددات وتعليمات مقرة من قبل الحكومة.
بينت دراسة مسحية لاستخدام وسائل النقل في الأردن أن حوالي ربع مجموع مستخدمي وسائل النقل العام المطلعين على تطبيقات النقل في المملكة على استعداد لاستخدام هذه التطبيقات عوضا عن وسائل النقل العام. كما بينت الدراسة أن تطبيقات النقل لها تأثير أكبر على استخدام وسائل النقل بين الإناث.
وقد أجرت مجموعة المرشدين العرب دراسة مسحية لاستخدام وسائل النقل في المملكة الأردنية في أبريل 2017 بينت أن أكثر من نصف المشاركين في الاستبيان هم من مستخدمي وسائل النقل العام في الأردن.
وقالت هبة الربضي محللة أولى في مجموعة المرشدين العرب، “أظهرت الدراسة أن لتطبيقات النقل تأثيرا قليلا على استخدام وسائل النقل العام، حيث أن 34.29 بالمئة من مستخدمي التاكسي وتطبيقات النقل أفادوا بانخفاض استخدامهم للتاكسي التقليدي بعد استخدامهم للتطبيقات.
كما أفاد 15.79 بالمئة من مستخدمي الحافلات العمومية وتطبيقات النقل بانخفاض استخدامهم للباص بعد استخدامهم للتطبيقات. أما بالنسبة لوسيلة النقل العام السرفيس، فقد أفاد 16.67 بالمئة من مستخدميها بانخفاض استخدامهم للسرفيس بعد استخدامهم لتطبيقات النقل”.وتتيح التطبيقات الذكية للراكب التعرف على معلومات السيارة والسائق قبل وصوله، إضافة إلى تتبع مكان التاكسي بشكل إلكتروني وفوري على الخارطة، ومشاركة هذه المعلومات مع أي شخص آخر قد يرغب فيه الراكب.
وتقوم هذه التطبيقات على قيام المستخدم بتحميل تطبيق خاص على هاتفه الذكي لإحدى الشركات ليتمكن من طلب سيارة تقله من مكان إلى آخر دون الحاجة إلى الخروج من مكانه للبحث عن وسيلة مواصلات، وبطريقة دفع نقدا أو من خلال الدفع الإلكتروني المسبق.
وتقول إسمهان العلي، وهي طالبة جامعية، إنها منذ أن تمكنت من تنزيل التطبيق أصبحت تحصل على أقرب تاكسي متوفر بالمنطقة التي تسكنها كي يقلها إلى الجامعة. كما يتيح لها التطبيق الحصول على تاكسي في رجوعها إلى البيت.
وتؤكد أن العديد من المواطنين وخاصة النساء يستخدمون تطبيقات تقديم خدمات التاكسي، والتي تتيح لهم طلب سيارة الأجرة عن طريق تحميل تطبيق يقوم بوصل المواطنين بأقرب سائق تاكسي في المناطق التي يوجدون فيها.
وتوضح أن أغلب المواطنين يعانون من المواصلات، خاصة في ما يتعلق بطول ساعات الانتظار التي يقضونها في التنقل من مكان إلى آخر، كما يعانون من ميزاج أصحاب التاكسي في ساعات الذروة الذين يرفضون توصيل الزبائن إلى المناطق القريبة، ويختارون الوجهة التي يريدون الذهاب إليها.
ويقول أيمن الرواشدة إن قطاع النقل في الأردن يعاني من خلل كبير، حيث أن المواصلات تستهلك وقتا طويلا خاصة خلال فترات الذروة التي يزيد فيها الطلب على المواصلات.
ويقول إنه قام مؤخرا بتحميل أحد التطبيقات المجانية التي توفر له طلب تاكسي من مكانه دون أن يضيع وقته في البحث عن وسيلة تقله من مكان إلى آخر. ويضيف أن أغلب المواطنين الذين يستخدمون وسائل النقل المتاحة في المملكة يعانون يوميا من خدمة النقل العام وبطء خدماته.
ويقول إن هذه التطبيقات الجديدة تعفي المواطن من الجدل مع سائق التاكسي، فيكفي أن تبلغ سائق السيارة التي تعتمد على التطبيقات الذكية بالوجهة التي تقصدها، علما وأن الأجرة معلومة مسبقا ومحددة بتسعيرة مراقبة من الشركة المشغلة، ولا يستطيع السائق أن يستغل الراكب أو يتغافل عليه باحتساب الأجرة، أو الاعتذار عن استرداد الفكة.
وتستحسن السيدة مها فكرة التطبيقات الذكية في وسائل النقل، قائلة إنها أنقذتها من تغوّل أصحاب التاكسي الأصفر، الذين لا يلتزمون في غالب الأحيان بتشغيل العدادات وتسعيرتها، فضلا عن أسلوب بعضهم الفظّ في التعامل مع الزبائن. وأكدت أنها تجد مع سيارات “الأوبر” و”كريم” المعاملة اللطيفة، والأسعار المعقولة، فضلا عن نظافة السيارة التي تقلها إلى مكان عملها في وقت وجيز.
منافسة التاكسي
في محاولة لشركات النقل عبر التطبيقات الذكية لكسر المنافسة مع التاكسي التقليدي، فإن الهيئة وضعت لمكاتب التاكسي خيار الدخول في الخدمات التي تقدمها التطبيقات الذكية.
وبحسب عبلة أبووشاح “يحق لمكاتب التاكسي أن تتقدم بطلب للحصول على هذه الخدمات، إذ ستكون قادرة على المنافسة في القطاع حال التزامها بالمعايير والشروط المعمول بها، ما يساعد على استعادة ثقة المستخدمين بوسائل النقل العام”.
„الهيئة أكدت أنها ستراقب التزام الشركات المرخصة بالضوابط، التي تم وضعها للقطاع باعتباره استثمارا كأي استثمار آخر تضبطه محددات وتعليمات مقرة من قبل الحكو“
ويقول خالد حكم، وهو صاحب سيارة متعاقد مع شركة “كريم”، “الخدمة التي نقدمها للزبائن أفضل من التي يقدمها أصحاب التاكسي الصفراء، فالعاملون في شركة كريم أو أوبر، يكونون حريصين دائما على نظافة السيارة وتوفير الراحة للراكب ومعاملته معاملة جيدة، فمعظمنا خريجو جامعات ومؤهّلات عليا، بحسب الشروط التي تفرضها الشركة”.
وحولالشروط الواجب توفّرها في السائق للعمل في الشركات التي تعمل في النقل الذكي يقول حكم “يجب على الشخص أن يكون أردني الجنسية، ويحمل رخصة قيادة عمومية، ويمتلك سيارة بحالة جيدة، ويقبل التدريب على التطبيق، ثم يجري امتحانا لضمان نجاح العمل واستقبال الزبائن بسهولة ويسر”.
إلا أن علاء الصبيحي، صاحب مكتب تاكسي في الأردن، يرى أن وجود شركات النقل باستخدام التطبيقات الذكية، سيشكل عامل تضييق على وسائل النقل التقليدية. وأضاف الصبيحي “المكتب التقليدي يدفع رسوما سنوية عن كل تاكسي يملكه لصالح الدولة، وهذا الأمر غير موجود في السيارات الخاصة بالنقل على غرار أوبر وكريم. بالتالي ستكون أجرة النقل فيها أقل”.
وقال “حتى خيار الانضمام إلى شركات التطبيقات الذكية سيكون مجحفا لأن جزءا من دخل التاكسي سيذهب لشركة التطبيق الذكي، وجزءا آخر للحكومة كرسوم سنوية. ماذا سيتبقى للسائق والمكتب التلقليدي؟”.
ودفع وجود كريم وأوبر العالميتين في الأردن، أصحاب التاكسي الأصفر إلى تنظيم العديد من الاحتجاجات والإضرابات للمطالبة بإيقاف تطبيقات النقل الذكية العاملة بالصفة الخصوصية.
وقال عدد من السائقين إن احتجاجاتهم أتت تصعيدا لتهميش مطالبهم المستمرة بوقف عمل التطبيقات الذكية؛ أوبر وكريم، التي عجزت جميع الجهات المعنية عن إيقاف عملها. وهدد أصحاب التاكسي بحرق مركباتهم أمام مبنى الرئاسة في حال لم تتجاوب الحكومة مع مطالبهم المتمثلة في وقف العمل ببرامج التطبيقات.
وحاول آخرون الانتحار بصورة جماعية من أعلى جسر “عبدون”، واستطاع أحد سائقي التاكسي الوصول بالفعل إلى أعلى الجسر، وتم ثنيه من قبل الأمن بحضور مندوب عن منظمة حقوق الإنسان.
نقاط خلافية
كريم الزيناتي، مدير العمليات لمنطقة بلاد الشام في شركة كريم، قال “إنه لم يتم الاتفاق بعد على الصيغة النهائية لدفع الرسوم وبدل الاستثمار، في وقت يعد فيه قطاع النقل في الأردن معفى من الضرائب”.
يقول الزيناتي “الشركة عبارة عن منصة إلكترونية متاحة لجميع المستخدمين”، مضيفا “لاقت خدمة النقل عبر التطبيقات رواجا كبيرا من المستخدمين الذين كانت لهم تجارب سيئة في السابق مع التاكسي العادي. أسعار الخدمة التي نقدمها منصفة سواء للراكب أو للسائق الذي يعمل ضمن منظومة الشركة”.
يذكر أن هذه التطبيقات انتشرت في العديد من دول العالم، إلا أنها شهدت معارضة ومحاولات لوضع ضوابط حول عملها، ولا يعتبر الأردن الدولة الوحيدة التي تتوجه لوضع تشريعات لتنظيم عمل هذه التطبيقات.
من جهته، قال المدير العام لـ”أوبر الأردن” حمدي الطباع، إن الخطوة التالية تتضمن ترخيص السائقين، بعد أن أصبحت الشركات نفسها تعمل بشكل قانوني في الأردن، إذ أن السائقين يسجلون لدى الشركات من خلال التطبيق.
وأضاف أن “الحصول على التراخيص من قبل الهيئة يعزز الشراكة ما بين القطاعين العام والخاص لتطوير قطاع النقل، وتوجد منظومة تشريعية تسمح للأردنيين بالعمل عن طريق التكنولوجيا التي تقدمها الشركة. والأهم إيجاد بيئة أقل ازدحاما مروريا، وتوفير فرص عمل للشباب الأردنيين”.
وسيلتزم المشغل للتطبيق الإلكتروني بتوفير كادر وظيفي من حملة الجنسية الأردنية، فيما ستقتصر الخدمة في المعابر الجوية والبحرية والبرية على سيارات التاكسي المرخصة لهذه الغاية.
ويتم تحديد تعريفة هذه التطبيقات من خلال الأسس التي يقرها مجلس الهيئة التي ستتقاضى سنويا بحسب القرار “بدل استثمار”، وفق الآلية التي تراها مناسبة، وذلك وفق العقد التشغيلي.
وتبقى خدمة النقل التي تعتمد على التطبيقات الذكية حلا لما وصل إليه قطاع النقل اليوم من تراجع وترد، فاستخدام تطبيقات التاكسي على الهواتف الذكية يخفف من وطأة المعاناة اليومية للمواطنين في تنقلهم اليومي.
www.deyaralnagab.com
|