logo
1 2 3 41134
حفلات الزواج في الأردن.. ما يفرح العرسان يزعج الجيران!!
14.07.2017

تتسبب حرارة فصل الصيف في الإرهاق والمعاناة للكثير من الناس وخاصة للموظفين والعمال والتجار والحرفيين، والمرضى والأطفال الذين ينتظرون الليل بفارغ الصبر للخلود إلى النوم حتى يقوموا في صباح اليوم الموالي وهم قادرون على مواجهة متاعب الشغل، لكن حق النوم يصبح حلما صعب المنال عندما يعود المنهكون إلى منازلهم في المساء فيجدون في الحي حفلة عرس، إنها ليلة عناء من مكبرات الصوت والأغاني النشاز التي تزعج الجميع.
عمان - تكثر مع إطلالة موسم الصيف من كل عام مواكب الأفراح سواء الأعراس أو حفلات النجاح في الدراسة مع ما تسببه من إزعاج للجيران وإرباك مروري سواء بمواكب السيارات التي تصاحبها سنفونية نشاز التزمير، أو بإقامة الصواوين في حرمة الشوارع وبين الأحياء السكنية، مع ما يرافق ذلك من إثارة امتعاض المارة والسكان لما تسببه من إزعاج وأزمات في الطرق.
وإذا كانت حفلات التخرج أو أعياد الميلاد تقتصر على سهرة واحدة أو أمسية واحدة، فإن الأعراس في الأردن تظل أياما من الاحتفالات؛ زغاريد النسوة في النهار ومكبرات الصوت في الليل، فالعريس يقيم حفلة النقوط وليلة الشباب التي تسبق ليلة الدخلة واستحمام العريس وتجواله بين أزقة الحي انطلاقا من الحمام ليجوب الشوارع وسط الفرحة التي تملأ قلوب الأقارب والأهل، لكنها تزعج الجيران والمارة.
وتقيم العروسة ليلة الوداع أو ليلة الحناء والتي كانت سابقا حفلة تحني خلالها العروس يديها بحضور قريباتها وصديقاتها، إلا أن هذه العادة بدأت تندثر في السنوات الأخيرة، كل هذه الفصول تبدأ على وقع موسيقى الدبكة وزغاريد النساء وصياح الأطفال، إنه فصل من الفرح والضجيج.
وفي يوم الزفاف يقوم العريس بتجهيز سيارة الزفاف وتزيينها بالورود، ويقيم أهل العريس وليمة غداء للمدعوين إلى حفل الزواج ظهر هذا اليوم، ومن ثم تقوم مجموعة من الشباب مشكلة من أصدقاء وأقارب العريس بزفه على أنغام الأغاني الفلكلوريّة ورقصات الدبكة الخاصة بهذا التقليد.
وبعد الانتهاء من ذلك يخرج المدعوون بسياراتهم في موكب تتقدمه السيارة المزينة التي جهّزها العريس ويذهبون إلى بيت العروس لاصطحابها إلى خيمة في حارة العريس، صالة أو قاعة الاحتفال، وعند وصولهم إلى موقع أو مكان القاعة يُزف العروسان بأغان تقليدية وبالرقص على أغاني مطربين يراها من ليس له شأن بالعرس بأنها نشاز مثير للغضب.
وعلى الرغم من أن أغلب الأردنيين أصبحوا يقيمون حفلة العرس في قاعات مخصصة للأفراح، فإن البعض منهم يختار أن يقيمها في بيته إما اختيارا وإما لضيق ذات اليد، خاصة وأن العرس الأردني أصبح يكلف أموالا طائلة قد تصل إلى 5.5 ألف دولار للصالة العادية دون كلفة الطعام و500 دولار لزفة العريس وألف دولار للفرقة التي ستغني لمدة ساعتين لا أكثر.
افرح بلا أذى
يرى أغلب المواطنين أن من حق أي أردني أن يفرح بعرسه، لكن بشرط عدم إلحاق الأذى أو الضرر أو الإزعاج بالآخرين امتثالا للقانون والأخلاق، مشيرين إلى أن بعض الشوارع خلال هذه الفعاليات تصبح مغلقة في وجه أيّ حالة طارئة أو مستعجلة، الأمر الذي يفرض إقامة مثل هذه الحفلات في أماكن أو ساحات مخصصة لهذه الغاية، لأنه ليس من حق أصحاب العرس إغلاق شارع أو إزعاج المجاورين حتى ساعة متأخرة من الليل.تقول الشابة منال طالبة جامعية، إنها تتمنى الفرحة لكل عروسين يلتقيان لتكوين أسرة متمنية لهما السعادة والبنين، لكن ظاهرة مكبرات الصوت وإطلاق أغاني الفرح الصاخبة قبيل العرس بأيام، ومصاحبتها بإطلاق الرصاص والألعاب النارية حتى أوقات متأخرة من الليل، تعد ظاهرة سيئة بكل المقاييس نتيجة الإزعاج الذي تتسبب فيه للجيران.
ويكثر الإزعاج في البنايات العمودية التي تسكنها أكثر من عائلة لا تربط بينهم علاقة القربى، فزيد الذي يحتفل بزواجه يستدعي كل أفراد العائلة الموسعة في شقة صغيرة ليسهروا على أنغام الأغاني التي قد لا تروق لعمرو الذي يحاول أن ينام جاهدا، لأنه مطالب بالقيام مبكرا للالتحاق بعمله.
ويشتكي عدد من المواطنين في المناطق الشعبية من الإزعاج التي تسببه أعراس الشوارع، ويرى رشدي الذي يشتغل في محل تجارة من الصباح حتى آخر النهار، أن ظاهرة نصب خيام في الأحياء السكنية وسدّ طرقات الأحياء تشكل مصدر إزعاج للآخرين، في حين تشهد المدن الأردنية تزايد قاعات الأفراح التي تغني عن الاستعانة بالخيام، فوجود صالات الأفراح خيار متاح ومتوفر يغني عن إغلاق أو سدّ الطرقات الداخلية التي باتت إحدى أهم المضار التي تسببها خيام الأعراس في الأحياء السكنية.
يقول مصعب الذي يشتغل سائق تاكسي في عمان، إنه اضطر إلى تغيير مسار رحلته مسافة طويلة بعد أن فوجئ بإغلاق الشارع الرئيسي المؤدي إلى أحد الأحياء لإيصال احد زبائنه من كبار السن، مضيفا أنه اضطر إلى سلك ممرات ضيقة ومتعرجة وغير منارة للخروج مما هو فيه، داعيا الجهات المسؤولة إلى وضع حد لهذه الظاهرة السلبية التي بدأت تنتشر بكثرة في العديد من المناطق.
مكبرات الصوت
تشكل مكبرات الصوت وإطلاق العيارات والألعاب النارية خلال الأفراح في المدن الأردنية ظاهرة تؤرق الطلبة الذين يراجعون دروسهم والمرضى المحتاجين للسكينة والعاملين الباحثين عن قسط من الراحة، إضافة إلى ما ينجم عنها من خسائر في أرواح المواطنين والممتلكات العامة والخاصة.
وقال عدد من المواطنين، إن العيارات النارية التي تطلق من الأسلحة الحديثة في الاحتفالات ومواكب الأعراس تصل إلى مسافات بعيدة لتشكل خطرا على أرواح وممتلكات المواطنين ولا سيما الأطفال منهم.
وأشاروا إلى أن بعض أصحاب الأفراح يقومون بنصب الصواوين في عرض الشوارع والممرات المخصصة لسير السيارات والمشاة وربط حبال الزينة ومكبرات الصوت على شبكات الأعمدة الكهربائية والهاتفية غير آبهين بما يسببونه من أضرار وأعطال وإزعاج للمرضى والأطفال طيلة فترة احتفالاتهم التي يرافقها إطلاق الرصاص الذي ينشر الذعر والخوف في قلوب المواطنين. علي طالب في الثانوية العامة، أشار إلى أنه يحتاج إلى كل دقيقة ليذاكر فيها ليلة الامتحان، إلا أن أصوات الأغاني والأهازيج المرتفعة قضت على البقية الباقية من تركيزه ما اضطره إلى الذهاب إلى منزل أحد أصدقائه خارج حدود منطقته لمواصلة المذاكرة، داعيا الجهات المعنية إلى ضرورة اتخاذ إجراءات رادعة لمنع إقامة تلك الحفلات في الشارع العام وإزعاج الآخرين.
وأكد أن الشارع ملك عام ولا يحق لأي شخص إغلاقه أو تعطيل حياة الناس مهما كانت الأسباب والاعتبارات. واستدرك علي بالقول إن هناك العديد من قاعات الأفراح لإقامة الحفلات والمناسبات فيها كي لا تكون على حساب السكان والجيران.
أحد السكان المجاورين لعلي يقول، إن إقامة الحفلات في الشارع العام تجبر المواطنين على ركن سياراتهم بعيدا عن منازلهم لأن الصواوين تعيق أو تمنع حركة المركبات، مشيرا في الوقت نفسه إلى الإزعاج الذي تسببه الأغاني عبر مكبرات الصوت للطلبة العاكفين على دراستهم استعدادا للامتحانات، وكذلك لكبار السن والمرضى والأطفال.
وأضاف، أن التعدي على حق الشخص وخصوصيته يخلق أجواء متوترة وضغطا نفسيا من الممكن أن يؤدي إلى مشاجرات عنيفة ومتلاحقة مع الجيران، لذا ينبغي التفكير مليا في أي تصرف وهل سيؤثر على الجيران، والتفكير في كيفية جعل الحياة بين المتساكنين أكثر راحة وتعاونا.
وأوضح عدد من كبار السن أن الأفراح في الماضي كانت تبعث البهجة والسرور في النفوس والقلوب لاقتصارها على إقامة السمر والغناء والأهازيج الشعبية دون استخدام للأسلحة ومكبرات الصوت التي تزعج المرضى والأطفال وتلحق الأذى بالآخرين.
ويقول الأخصائيون الاجتماعيون، إن التعبير عن الفرحة والبهجة في الأعراس والمناسبات له أساليبه الحضارية والإنسانية بما ينسجم مع مراعاة شعور الآخرين وظروفهم الاجتماعية والنفسية وما يحدث اليوم في هذه المناسبات يشكل ظاهرة غير حضارية من خلال استخدام الأسلحة النارية ومكبرات الصوت والاعتداء على حرمة الشوارع التي وجدت في الأصل لخدمة المركبات والمشاة وليست لإقامة الاحتفالات والأعراس والمناسبات الاجتماعية المختلفة.
إشهار الزواج
العريس أنس يبرر وجود مكبرات الصوت التي تصدح بالغناء في أيام العرس بأنها طريقة لإشهار الزواج لأنه ركن أساسي من أركان الزواج وتترتب عليه جميع مظاهر الفرح التي يراها البعض إزعاجا.
وأضاف، أن مكبرات الصوت ليست جديدة على أفراحنا وكل ما في الأمر هي مسألة الوقت الذي ترفع فيه هذه المكبرات، إذ أصبح البعض لا يتحاشى إيقافها حتى في آخر الليل عن قصد أو عن غير قصد، وهذا سلوك يسبب إزعاجا للجيران.
زوجته ريما تقول، يشتكي البعض من أصوات المكبرات، رغم أن هذا من مظاهر الإشهار لا أكثر، والمشكلة الوحيدة من وجهة نظرها تتمثل في عدم احترام خصوصيات الجيران في ساعات متأخرة من الليل، ويمكن علاج هذا السلوك بتعطيل مكبرات الصوت، والاكتفاء بالاحتفال داخل المنزل، وهو أمر ضروري، إلا إذا كان العريس لا يعير حقوق الآخرين أدنى اهتمام.
في المقابل يقول أبوسليم، يجب أن يراعي أصحاب الأعراس ظروف ومشاعر الجيران من حولهم، ويتذكروا أن حريتهم تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين وأنه يجب الحد من إقامة الحفلات في الشوارع والحواري والحد من ضجيج مكبرات الصوت، وليفرح الجميع.
ظاهرة أخرى تنتشر في المدن تتمثل في استئجار منازل لإقامة الأعراس وكأنها قاعات أفراح دون رخصة ولا تجهيزات ضرورية.
عبير عبدالكريم تقول ليس من المعقول ان تتحول الشقق إلى ما يشبه قاعات الأفراح وغير مجهزة جيدا بوسائل عزل الصوت، حرام ان تستمر “الهيصة” من الساعة الرابعة مساء إلى ما بعد منتصف الليل، وكأنها دوام إداري، هذا كثير لا بد للجهات المسؤولة أن تتخذ الإجراءات اللازمة وتمنع التعدي على حرية الآخرين وراحتهم.
ومن التجاوزات الأخرى وجود قاعات أفراح إلى جانب مستشفيات لتصبح مصدر ضرر وقلق للمرضى بينما يفرح الآخرون.
ويتساءل غالب أبوكمال، لماذا يتم منح التراخيص لأصحاب قاعات الأعراس لإقامتها وسط البيوت السكنية أو بجانب مستشفيات أو دور عبادة ففي ذلك مصدر إزعاج متكرر للسكان المحيطين بتلك القاعات؟


www.deyaralnagab.com