سوق الجمعة في عمّان حديقة حيوانات مفتوحة!!
09.05.2017
تستقطب سوق الطيور كل يوم جمعة في أحد الشوارع الخلفية وسط العاصمة عمان، مربي الطيور المغردة والحيوانات الأليفة، وهواة وتجار وأصحاب مزارع لإشباع هواية تحولت إلى مهنة تعيل أسرا عديدة، كما تستقطب أطفالا مع أهاليهم لمشاهدة الحيوانات الأليفة والجميلة، فالسوق حديقة حيوانات مفتوحة ومتحف يعج بالحياة.
لا يفتح سوق الطيور في العاصمة الأردنية عمان أبوابه إلا يوم الجمعة، ولذلك يسميها بعضهم سوق الجمعة، وتتميز هذه السوق بأن معظم تجارها من الهواة، إذ يربون الطيور ويبيعونها، فتربية الطيور هواية وتجارة مربحة تعيل أسرا عديدة، لذلك انتشرت مزارع تربية الطيور والحيوانات الأليفة في أنحاء الأردن.
ولا تقتصر سوق الجمعة على بيع الطيور فقط، إذ تباع فيها السلاحف والأفاعي وغذاء الحيوانات واكسسواراتها، فهي تشبه سوق الغزل في بغداد وساحة الفناء في مراكش ولها شبيه في كل عاصمة عربية لأن العرب يحبون تربية الطيور منذ القديم.
يجد ابن البلد والسائح، على حدّ سواء، متعة في ارتياد هذه السوق، ويجلب بعضهم أطفاله ليمنحهم متعة مشاهدة الحيوانات الغريبة الألوان والأشكال.
ولأن السوق تقام في موقعين، الرئيسي منهما في الطريق الخلفي الموازي لشارع سقف السيل، والفرعي في نهاية شارع طلال قريبا من سوق السلاح، فإن هناك مطالبة بجمع السوق في مكان واحد وتنظيمها لتكون معلما سياحيا في العاصمة عمان.
يقول سلطان الصغير، وهو بائع حمام لـ”العرب” إن حوالي مئتي شخص من مربي الطيور والحيوانات وتجار السوق وقعوا طلبا وقدموه إلى أمانة عمان لغرض تخصيص مكان تعقد فيه السوق في حديقة أمانة عمان ويتم توسيعها وتنظيمها وتزيينها بديكورات خاصة، ويكون تقديم الخدمات فيها بأسعار رمزية لتشجيع هواة اقتناء الطيور من أطباء ومهندسين وشخصيات ومواطنين عاديين من مختلف المهن على شراء ما يحتاجون إليه بكل سهولة.
„أبوعلي المصري يبقى علامة مميزة في السوق، إذ يقف بملابسه الوطنية وطربوشه ليبيع عصير التمر الهندي“
ويتابع “هذه السوق ستكون معلما مهما من معالم عمان وتكون مقصدا لجميع زائري الأردن، فضلاً عن أبناء البلد لأن السوق بوضعها الحالي تعاني من العشوائية التي لا تسمح بعرض الطيور بشكل لائق، كما لا تترك في نفس مرتادها ذكريات طيبة”.
وعلى الرغم من انقسام هذه السوق التي بدأت قبل العشرات من السنين، فإن الطيور تتواجد ضمن تسلسل مواقع مفصولة يخصص كل منها لنوع من أنواع الحيوانات المختلفة، فالطيور الجميلة والمغردة تتصدر مدخل السوق، في حين يستحوذ الحمام بأنواعه المختلفة على أكبر مساحة من السوق لتتواجد الكلاب والأرانب والدجاج والقطط في وسط السوق.
ويتحدث الصغير عن الطيور التي يبيعها ويقول إنها من سلالات بلاد الشام وسلالات بغدادية وأوروبية ترد إلينا من العراق ولبنان وألمانيا وسائر دول أوروبا، وهناك مربون كبار يتجاوز ثمن ما يملكونه من الطيور المليون دولار.
وأشار إلى أن أسعار الطيور في السوق تتراوح من دولار واحد إلى 15 ألف دولار، ويثبت في ساق الطائر الثمين سوار مختوم يحوي معلومات تفصيلية عن أصله ونوعه وموطنه الأصلي.
الزاجل أفضل الأنواع
وفي السوق أنواع كثيرة من الطيور الغريبة، ويشير البائع محمد أبوصافي إلى طيور الكناري، التي يصل سعر الزوج منها إلى 150 دولارا ويباع الفحل منها بسعر يتراوح بين الأربعين والخمسين دولارا، فيما هناك أنواعٌ تباع بعشرة دولارات.
يقول أبوصافي متابعا، إن هناك أنواعا من الطيور تأتي في المرتبة الثانية مثل الحمام الكشاش أو الخطاف كما يسميه الباعة في السوق، ويصل سعر زوج بعض الأنواع من الحمام إلى أكثر من 1500 دولار ويسميه هواة الحمام بـ”مساويد”.
ويوضح أبوصافي أن هناك شروطا تتعلق بالشكل وتحديدا عند القوائم، إذ يجب أن يكون من سلالة نقية وهو ما يعكسه صفاء الأرجل، بالإضافة إلى مستوياته في الطيران، مضيفا أن هناك أنواعا ذات قيمة عالية مثل “البرابسة، العزيزات، كشامرة، زوايدة، رياحنة، شيكاني”، أما أفضلها فهو الزاجل لكونه يقطع مسافات طويلة دون تعب، ويقدر سعر الزوج منه بـ300 دولار، وهناك أنواع أخرى مرتفعة الثمن ولها تجارها وهواتها.
ووراء بسطة علقت عليها خرز من كل الألوان وقف أمجد أبوزينة ليتحدث عن إكسسوارات الطيور، رخيصة الثمن، إذ يبلغ سعر المطعم منها بالفضة ثلاثة دولارات، ويقول مازحا إن هواة تربية الطيور يدللونها كالأطفال فيأتون لشراء الزينة لها، ويختارون أنواعا مختلفة لأن أغلى قطعة زينة لديّ لا يتجاوز سعرها 3 دولارات.
بائعو الأرانب في السوق أقل عددا من غيرهم وتشتريها ربات البيوت للطهي. يقول أحد باعتها وهو يعقوب محمد إبراهيم، الذي يمتلك أرانب أكبر حجما عن الأرانب التي لدى جاره، إن الأرانب الصغيرة من الأردن (بلدية)، لكن أرانبي من سلالة ألمانية، وهي أعلى سعرا لأن الأرانب البلدية تلد من 5 إلى 6 أرانب كل أربعين يوماً بينما يصل وزن الأرنب الألماني من 8 إلى 12 كيلوغراما وتلد كل 40 يوما 12 أرنبا إذا كانت أصيلة غير مهجنة.
إبراهيم جاء إلى السوق مرة واشترى أرنبين ألمانيين، ذكرا وأنثى، وهاله التكاثر السريع للأرانب فقرر أن يتحول إلى تاجر لهذا النوع من الحيوانات.
وفي السوق يوجد من يبيع السلاحف بأحجام مختلفة وهي زهيدة السعر لا يتجاوز أغلاها الدولارين، ويقول بائعها عمر راتب إن الأردنيين يسمون السلحفاة (كركعة)، وهم يشترونها طلبا للبركة والرزق، وهو لا يدري ما سبب هذا التفاؤل بها.
ويبقى أبوعلي المصري علامة مميزة في سوق الطيور، إذ يقف منذ العشرات من السنين في السوق بملابسه الوطنية وطربوشه الذي كتب عليه (أبوعلي المصري راوي الملايين) ليبيع عصير التمر الهندي، وهي المهنة التي كان يمتهنها أبوه من قبله، ويقول إن عاهل الأردن الراحل الملك الحسين وزوجته الملكة نور زارا المدرج الروماني في الساحة الهاشمية وسط عمان وسقاهما والده من العصير الذي كان يبيعه.
لا إحصائيات دقيقة
لا توجد إحصائيات دقيقة تبين حجم تجارة سوق الطيور لكن وزارة الزراعة الأردنية بينت، في وقت سابق، أن “قيمة تجارة طيور الزينة والحمام ومستلزماتها من أقفاص وعلاجات وإكسسوارات تقدر بنحو 70 مليون دينار (نحو 100 مليون دولار) سنويا”، وأن عدد مرتادي كل سوق شعبية أيام الجمعة يقدر ما بين 5 إلى 10 آلاف شخص، بينما يقدر عدد الهواة في هذا القطاع بأكثر من 75 ألف شخص يتوافدون كتجار وهواة إلى أسواق شعبية للطيور في كل من عمان والزرقاء (شمال شرق عمان) وإربد (شمال المملكة)، فضلاً عن وجود نحو 184 محلاً لتجارة طيور الزينة في المملكة.
يعتقد بائعو الطيور أن مكان السوق جاء اختياره منذ أكثر من عشرين سنة في وسط البلد، بناء على النشاط التجاري في عمان منذ ذلك الوقت، ووجود العديد من الزبائن في العاصمة، الذين اعتادوا على ارتياد السوق.
وأصبح كل من يود شراء أي نوع من الطيور يتوجه إلى وسط البلد، ولكننا لم نجد رواية دقيقة عن تاريخ السوق في عمان، فجميع الروايات متضاربة، فمنهم من يقول إن والده وأجداده أخبروه بأن السوق بدأت منذ ما يزيد على الثمانين عاماً، وآخرون يرجعون تاريخها إلى نهاية سبعينات القرن الماضي، وهو ما يقتضي أن تستعين أمانة عمان بمؤرخين يحددون لها التاريخ الدقيق وتكتبه على لوحة في مدخل السوق التي يقترحها المربون والتجار، في حال استجابت إلى طلبهم بإنشائها.
سوق على الإنترنت
ولا ينتهي الحديث عن سوق الطيور في عمان عند هذا الحد، فإن هناك سوقا أخرى (إلكترونية) لبيع الطيور والحيوانات ويمكن من خلالها شراء أو بيع وحتى المتاجرة بالآلاف من الدولارات وعقد الصفقات من خلال الدخول إلى الموقع الإلكتروني للسوق الأردنية لبيع الحيوانات.
يقول إعلان السوق على الشبكة العنكبوتية، “هل تبحث عن حيوانات وطيور أو تود عرض حيوانات وطيور فأنت في المكان الصحيح حيث يوفر موقع سوق الأردن الإلكترونية للبيع والشراء حيوانات وطيورا، إذن ما عليك سوى الدخول إلى الصفحة والتفحص والاختيار”.
تعرض هذه السوق حيوانات مثل المواشي وأقفاص القطط والخيول والماعز والكلاب والإبل والأرانب والجرذان والقوارض والأغنام والدواجن والطيور وأسماك الزينة والزواحف والحشرات والحيوانات المائية والقردة والسلاحف والأبقار والطيور بأنواعها والببغاوات والطيور الجارحة المختلفة.
وعلى الرغم من أن الشرطة البيئية والجمعية الملكية لحماية الطبيعة تفرضان رقابة صارمة على السوق لمنع الاتجار بحيوانات وطيور نادرة ومهددة بالانقراض، إلا أن السوق لا تخلو أحيانا من مثل هذا النوع من الحيوانات.
ويضم مركز العاصمة الأردنية عمان (وسط البلد) أسواقاً مشابهة، وكل سوق متخصصة بتجارة معينة مثل سوق السكر، وسوق البخارية، وسوق الجمعة، وسوق وادي السرور، وسوق الخضار، وسوق اليمنية، وسوق الحبوب، وسوق الغلال، وسوق السلاح، وسوق الصاغة، وسوق السعادة، وسوق الأنتيكا، وسوق البناء الحديث.
*كتب ..سلام الشماع..المصدر العرب
www.deyaralnagab.com
|