النساء يصنعن القهوة في أثيوبيا والرجال يبحثون عن الذهب!!
07.08.2016
لا تكاد تمر دقيقة دون أن يشم المار بشوارع العاصمة الأثيوبية أديس أبابا رائحة القهوة، أو يقدم له فنجان منها، ولا يمكن أن يسير في شارع من شوارعها حتى تذكي أنفه الخلطات المختلفة للمشروب الرسمي في بلاد الحبشة.
أديس أبابا – يلفت انتباه الزائر للموطن الأصلي للبن في بلاد الحبشة (أثيوبيا حاليا) صانعات القهوة، حيث تجدهن غالبا ممشوقات القوام، وذوات سمار يفتح الشهية لتناول فنجان قهوة من أيديهن، مع ابتسامة طبيعية، ووجوه صافية دون مساحيق صناعية.
الأجواء المشجعة على تناول القهوة يضاف إليها رخص سعر الفنجان فقد يصل إلى 2 بر (العملة المحلية ويساوي أقل من سنت)، والجلسة المريحة البدائية تعيد المرء للطبيعة، الكراسي مصنوعة من خشب الأشجار، ورائحة البخور الذي يزرع أيضا في أثيوبيا، والوضع عموما يشعر الإنسان كأنه في مملكة خاصة.
صن نايت إحدى صانعات القهوة، واسمها بالأمهرية يعني جميلة، تقوم بتقديم المشروب في مقهى ملاصق لبيتها على قارعة الطريق في بلدة أصوصا في الاتجاه الذي يفضي إلى سدّ النهضة، تكسب قوت يومها من إعداد القهوة، لم تفهمني بأيّ لغة أعرفها، لكن فهمتني بإحساسها، فهي معتادة لقاء أمثالي.
كنت متعبا من السفر وطول الطريق، وبسرعة أشعلت البخور ووضعت القدر على الفحم وأخذت تلوّح بمروحة من القش كي تتفاعل النار وتسوّي القهوة على عجل لتستطيع تقديمها، قبل مغادرتي المكان.
صن ليست الفتاة الوحيدة، إذ توجد فتيات كثيرات يعملن في نحو عشرة مقاه أخرى تقدم نفس الشيء وفي أماكن متقاربة، في مهنة تكاد تكون مقتصرة على النساء في أثيوبيا.
وهناك مقاول خاص يزوّدهن بالمياه الصالحة للشرب في عبوات بلاستيكية، يصنعن منها القهوة ضمانا لصحة الزبائن، فالمكان يبدو موبوءا بأمراض المناطق الحارة.
وسبب ارتباط المرأة الأثيوبية بالقهوة، يرجع إلى أن أول شيء تتعلمه الفتاة وهي صغيرة من أمّها هو طريقة إعدادها، وتعتبر المرأة جزءا من طقوس القهوة، خاصة وهي ترتدي الزي الأثيوبي المحلى المسمى (بحبشا لبس).
كانت الفتيات في السابق يتم اختيارهن كزوجات بعد تذوق القهوة التي قمن بإعدادها، والخاطبة، أي المرأة التي تقوم باختيار العروس للشاب، هي التي تقرّر ما إذا كانت تصلح للزواج أم لا، بعد أن تتيّقن من إتقانها صناعة القهوة.
وتشتري صن وايت القهوة الخام من الفلاحات في البلدة والتي تصفها بأفضل أنواع البن في العالم، وتحمصها في الفرن ثم تطحن جزءا منها والباقي دون طحين، كي يحافظ على نكهته ولا تضيف مكسبات طعم أخرى عليها. وتعتبر أثيوبيا من أكثر دول العالم تصديرا للبن، وبها طقوس متعددة لشرب القهوة، وتختلف العادات من منطقة إلى أخرى، فلكلّ بلدة طقوسها.
وعلى مقربة من المقهى المتواضع يجلس بعض الرجال، بعضهم يتحدث اللغة العربية بطلاقة، فقد كانت هذه المنطقة تابعة للسودان قبل ترسيم الحدود، والقبائل منقسمة، بعضها في أثيوبيا وأخرى في السودان.
وحكى أحدهم أنه يعمل في البحث عن المعادن خاصة الذهب، ويتجه كل صباح إلى موقع العمل، حيث يصطاد الذهب من المياه.
وقال لـ”العرب” إن الصدفة تلعب دورا كبيرا، فقد يلقي النهر بقطع كبيرة وعروق صخرية مليئة بالذهب، أو يلقي بحبيبات صغيرة لا تتخطى بضعة جرامات، يبيعها لتاجر متخصص. كتب..محمد وديع..العرب
www.deyaralnagab.com
|