logo
1 2 3 41134
اللاقمي مشروب يطفئ ظمأ الصائمين في الجنوب التونسي !!
22.06.2016

يتزامن شهر رمضان في الوطن العربي مع موجة حرارة عالية ما دفع الصائمين إلى استهلاك كميات من العصائر لإطفاء عطشهم طيلة النهار، وتشتهر كل منطقة بل كل مدينة باستهلاك نوع محدد من المشروبات التي اعتادت عليها منذ القديم، فالجنوب التونسي الذي يشتهر بأشجار النخيل ابتكر سكانه عصير "اللاقمي" من النخلة التي لا تبخل عليه بأجود أنواع التمور.
قابس (تونس) - يقبل التونسيون من سكان الواحات، جنوبي البلاد، بشكل لافت على تناول عصير “اللاقمي”، الذي يستخرج من جذوع أشجار النخيل، مع حلول شهر الصيام، الذي تزامن مع انطلاق فصل الصيف.ولا يكاد هذا المشروب يغيب عن طاولة إفطار أو سحور سكان الواحات، نظرا لفوائده الصحية، وقدرته على إطفاء ظمأ الصائمين خلال فصل الصيف الحار هذه السنة حيث تمتد فترة الصيام في أغلب مناطق تونس نحو 17 ساعة.و”اللاقمي” سائل يميل لونه إلى الأصفر، ومذاقه كالتمر المحلى بالسكر، عُرفت به محافظة قابس جنوب شرقي البلاد بصفة خاصة، نظرا لتوسع غابات النخيل فيها.يقول عبد العزيز الصويعي (38 سنة)، الذي يشتغل منذ ما يزيد عن 15 عاما كـ”لقّام” (الشخص الذي يقوم باستخراج عصير اللاقمي) في غابات مدينة مارث، “أول ما أقوم به عند استخراج اللاقمي، بعد تنظيف النخلة من الشوك المحاط بها، هو تسلقها، والقيام بحك قلبها حتى يظهر ما يسمى بـ (الجُمّار) وهو قلب النخلة”.
ويمارس الصويعي كغيره من العشرات الآخرين في مدينة مارث هذه المهنة التي تعتبر الأشهر في المنطقة، بعد أن ورث المهنة عن أبيه.وتمر عملية استخراج “اللاقمي” بالعديد من المراحل، أهمها المرحلة الثانية التي يشرحها الصويعي قائلا “المرحلة الثانية، وهي الأهم، تتمثل في (الحجامة)، وفيها يتم نزع القليل من أجزاء الجُمّار، ثم حفر حوض صغير فيه، لتظهر قطرات تتحول في ما بعد إلى شراب اللاقمي، بعد أن يتم تجميعها وسط وعاء عبر نقلها بواسطة أنبوب بلاستيكي صغير، وكل نخلة بإمكانها استخراج ما يقارب عشرين لترا من اللاقمي مع كل عملية”.
وتستغرق عملية الحجامة بين 30 و45 دقيقة، في حين تستغرق تعبئة إناء كامل قرابة 12 ساعة، ويمكن لكل نخلة إنتاج حوالي 20 لترا من مشروب اللاقمي يوميا لمدة ما يقارب الشهرين.„أفضل أنواع اللاقمي يكون من نخيل "بسر حلو" أو أشجار اللقاح، على أن تكون الشجرة غالبا بعيدة عن منبع المياه حتى يكون طعم مشروبها أكثر حلاوة“ويحرص “اللقّامة” (الأشخاص الذين يستخرجون عصير اللاقمي) على اختيار أنواع محددة من أشجار النخيل، ذلك أنه لا يتم استخراج اللاقمي من الأشجار المخصصة لإنتاج دقلة النور.
ويتنوع مذاق اللاقمي حسب نوعية النخلة وطولها، فكلما زاد طولها كان طعم الشراب المستخرج منها أفضل وألذ.ويوضح الصويعي الأمر قائلا “من بين أحسن أنواع اللاقمي النوع المستخرج من نخيل (الكركوري) و(البهت) و(العماري) و(العنابي)، ويفضل آخرون نخيل “بسر حلو” أو أشجار اللقاح المعروفة بـ”الذكار”، على أن تكون الشجرة غالبا بعيدة عن منبع المياه أو الساقية حتى يكون طعم مشروبها أكثر حلاوة نظرا للنقص في كميات المياه به وتضاعف مكوناته السكرية.
بعد استخراج “اللاقمي” يتم سكب الشراب مباشرة في أوان فخارية، ثم تصفيته باستعمال قطعة قماش نظيفة، ثم تخزينه في مكان بارد دون أن يُضاف إليه أي مكون آخر، قبيل نقله إلى الأسواق، لبيعه داخل أوان فخارية أخرى معدة للغرض.ويتراوح سعر اللتر الواحد من “اللاقمي” من دينارين إلى دينارين ونصف دينار ( أي من أقل من دولار بقليل إلى أكثر قليلا من دولار) في الأيام العادية، في حين يرتفع سعره إلى أكثر من ثلاثة دنانير مع قدوم رمضان أو في فصل الصيف حين ترتفع درجات الحرارة؛ حيث يزداد الطلب على هذا العصير لفوائده الصحية العديدة.
من جهته، قال حسني رجب، أحد مواطني مدينة مارث، “هنا في منطقتنا لا يمكن أن تغيب قارورة اللاقمي عن مائدة أي عائلة، خاصة في شهر رمضان عندما تكون درجات الحرارة مرتفعة، ويُعتبر هذا الشراب لدى بعض العائلات من المكونات الرئيسية لمائدة رمضان، لما له من فوائد صحية”.ويقول أخصائيو التغذية إن لمشروب اللاقمي قيمة غذائية كبيرة خاصة أنه يحتوي على مكونات مجهرية ونوع من السكريات الحينية سريعة الامتصاص وهو ما يساعد على تعويض ما فقده الجسم من هذه المواد بسرعة فضلا عن كونه مشروبا يساعد على تعديل منسوب المواد السائلة في الجسم وخاصة المياه، وهو أمر يمكن الصائم من مقاومة العطش طيلة يوم رمضان.
وبحسب المختص في التغذية، منير بوستة، فإن شراب اللاقمي يحتوي على الكثير من الأملاح والمعادن والفيتامينات، ويساهم في تنظيف المعدة والمجاري البولية.ويدعو بوستة من يقوم باستخراج هذا الشراب إلى الحرص على نظافة المنتوج خلال كامل مراحل استخراجه وتجهيزه بشكل لا يسمح بانتقال الجراثيم إليه.
وقال “يجب على اللقامة الحرص على تغطية قلب النخلة في أولى المراحل حتى لا تستقر عليها الحشرات، ثم الحرص على نظافة الأوعية التي تستعمل لخزن اللاقمي لضمان سلامة كل من يتناول هذا العصير”.ووفق المركز الفني للتمور (حكومي)، تبلغ مساحة الواحات في تونس 40.5 ألف هكتار، زُرعت فيها 5.4 مليون نخلة.وينشط في فلاحة النخيل 60 ألف مزارع في أربع محافظات جنوبي تونس هي قبلي وتوزر وقابس وقفصة، حسب بيانات المركز ذاته.


www.deyaralnagab.com