شيخ المهرجانات المغربية يحتفل بفاكهة الكرز !!
21.05.2016
صفرو مدينة صغيرة تقع في سفح جبال الأطلس المتوسط يشهد التاريخ على عراقتها وأصالة تراثها، وهي روضة من رياض المغرب الجميلة تحتفل بموسم حب الملوك وذلك بتنظيم مهرجان، فتزدان الشوارع بالورود والزهور، وترتدي الفتيات أجمل الألبسة التقليدية المغربية، وتوشح ملكة جمال الموسم بتاج من الذهب الخالص، محاطة بوصيفتيها الجميلتين في أجواء بهيجة، ثم تطوف في شوارع المدينة وهي توزع فاكهة الكرز أو حب الملوك والتحيات على الضيوف.
الرباط - تشهد مدينة صفرو المغربية التي تبعد حوالي 30 كلم عن مدينة فاس، استعدادات على قدم وساق من أجل تنظيم مهرجان “حب الملوك” في دورته الـ96 والذي ستنطلق فعالياته يوم 26 وتستمر إلى غاية 29 من مايو الجاري، احتفاء بفاكهة الكرز من خلال العديد من الأنشطة والتظاهرات التي أضحت علامة مميزة لهذا الحدث الثقافي والسياحي الذي تعيشه المدينة في مثل هذا الفصل. وعلى غرار الدورات السابقة سيتميز مهرجان حب الملوك الذي تأسس منذ سنة 1919 والذي يعد بحق عميد المهرجانات المغربية، باختيار ملكة حب الملوك ووصيفتيها وسط الاحتفالات والطواف بالمشاعل.
وأكد رئيس مجلس جماعة صفرو، جمال الفلالي أن هذه الدورة التي تسعى إلى التعريف أكثر بالمهرجان وبمدينة صفرو، تتميز بتدخل فاعل جديد من المجتمع المدني من أجل أن يحظى هذا الحدث الثقافي بالمكانة التي يستحقها بين المهرجانات الوطنية والدولية.
ويتضمن برنامج المهرجان الذي دأبت المدينة على تنظيمه سنويا للاحتفاء بفاكهة الكرز المميزة ولتنشيط الحركية الثقافية والسياحية والاقتصادية بالمدينة، إحياء سهرات فنية يشارك فيها فنانون ومجموعات محلية ووطنية، إلى جانب تنظيم معارض لمنتوجات الصناعة التقليدية وللتراث الثقافي اللامادي وللكتب وفقرات تنشيطية للأطفال وغيرها.
وقالت فوزية الحرشاوي، ملكة جمال حب الملوك لسنة 2015، إن الدورة الـ96 لمهرجان حب الملوك، أعدت فقرات متنوعة تضمن للزائر فرجة ومتعة وإفادة، من خلال خلق أروقة خاصة بالتراث المغربي الثقافي، وفضاءات ترفيهية ومعارض مختلفة وأنشطة ثقافية وتظاهرة رياضية وسهرات فنية، إضافة إلى مفاجآت يسعى المنظمون من خلالها إلى تقريب المهرجان من المواطن وتنويع العروض لتلائم مختلف الأذواق.
ويشار إلى أن مهرجان حب الملوك لمدينة صفرو تم تصنيفه ضمن لائحة التراث الثقافي اللامادي للإنسانية من طرف منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، خلال اجتماع اللجنة الوزارية للمحافظة على التراث الثقافي اللامادي للإنسانية بباريس سنة 2012.
وعملت إدارة المهرجان أيضا على إعداد برنامج متكامل يتضمن تجديدا على مستوى الفقرات الرئيسية الخاصة باختيار وتتويج ملكة حب الملوك، واستعراض موكبها الذي ستتقدمه الفرقة النحاسية التابعة للبحرية الملكية، وإبداعا على مستوى الأنشطة الموازية التي ستعرف مشاركة فعالة للمجتمع المدني، منها على الخصوص طواف موكب المشاعل وعروض الفروسية وقرية الفنون الشعبية والسهرات الفنية بالأحياء.
ويعد مهرجان حب الملوك أقدم مهرجان في تاريخ المغرب، حيث احتفل بأول دورة له سنة 1919، تحت اسم “مهرجان نهاية ربيع صفرو”.
وكانت فكرة الاحتفال تستند على تنظيم موكب استعراضي يجوب شوارع المدينة، تتقدمه دمية مصنوعة من القصب ترتدي ملابس نسائية، قبل اعتماد ملكة حقيقية، وذلك تماشيا مع أعراف المنطقة المحافظة وفقا للأفكار السائدة وقتها.
ويعود الفضل في تنظيم أول دورة من المهرجان، إلى حاكم المدينة آنذاك الفرنسي بيير سوغان الذي استلهم فكرة الاحتفال بفاكهة حب الملوك من مهرجان مماثل تنظمه بلدة أولفي المتواجدة بضواحي مدينة تولوز الفرنسية والتي تشتهر بزراعة نفس الفاكهة، وتم استنساخ جميع فقرات المهرجان الفرنسي بما فيها فقرة تتويج ملكة حب الملوك في كل دورة، ومنذ ذلك التاريخ كانت تتنافس على اللقب فتيات مسلمات ويهوديات ومسيحيات وكان الاختيار يتم عبر مبدأ التناوب بين فتيات الديانات الثلاث، فعندما تفوز يهودية بلقب ملكة الجمال، فإن الوصيفتين تكونان من الديانتين الأخريين الإسلامية والمسيحية أو العكس، لكن في سنة 1958 تم الاكتفاء باختيار الفائزة من الديانة الإسلامية.
وتغير اسم المهرجان سنة 1934، ليصبح رسميا، “مهرجان حب الملوك”، وهي السنة التي سيتم فيها تعويض دمية القش بملكة حقيقية، وكانت أول ملكة تم اختيارها سنة 1934، شابة تحمل الجنسية الفرنسية، تدعى سوزان برنار.
وتم ابتكار وسائل احتفال جديدة تماشيا مع التغيير الذي عرفه المجتمع المغربي، حيث أصبح أكثر تنظيما بسبب تضافر جهود السلطات المحلية، والإقليمية والمصالح الخارجية والفاعلين في مختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية وشركاء مؤسساتيين، وبدعم من مؤسسات وشركات من القطاع الخاص والعام.
ويبدأ المهرجان باختيار ملكة حب الملوك، ووصيفاتها، وعروس عربية وأخرى أمازيغية، وفي اليوم الثاني ينطلق موكب المشاعل، ثم تتوج ملكة حب الملوك خلال اليوم الثالث، لتخرج عقب ذلك في موكب رسمي داخل عربة مكشوفة يتوسطها كرسي الملكة محاطا بكراسي الوصيفات.
وصنفت منظمة الأمم المتحدة التي تعنى بالتربية والثقافة والعلوم “اليونسكو” مهرجان حب الملوك تراثا ثقافيا لاماديا للإنسانية، بطلب من وزارة الثقافة المغربية بناء على الملف الذي أعدته لهذا الغرض بلدية صفرو وفق الشروط والمعايير المعتمدة. وفي السياق ذاته، سبق أن صنفت في الخمسينات من القرن الماضي أبواب وأبراج وأسوار مدينة صفرو العتيقة وموقع القلعة تراثا وطنيا ومازالت هذه المعالم شاهدة على العمق التاريخي للمدينة.
وتشتهر صفرو بكثرة التسميات، إذ أطلق عليها سكّانها المغاربة الأصليون اسم (مدينة حبّ الملوك)، وأطلق اليهود عليها اسم (أورشليم الصغيرة)، أما الفرنسيون فقد أطلقوا عليها اسم (حديقة المغرب).
www.deyaralnagab.com
|