الصبور سمك يفضله أهل البصرة على مائدة يوم الجمعة!!
19.03.2016
البصرة (العراق) - مع اقتراب موسم صيد الأسماك في محافظة البصرة في العراق، يستعد البصريون بصناراتهم، حيث أن نسبة كبيرة من رجال المدينة يتركون ما بأياديهم من أعمال ليتفرغوا للصيد، أما الصيادون المحترفون فيجهزون قواربهم بالشباك والأطعمة الخفيفة واقفين على الجرف في انتظار دخول الصبور.
يقول قاسم سيد صياد سمك من مدينة البصرة “أتينا في هذا الوقت لنستعد لموسم صيد الصبور لأننا نعرف أن الموسم يحل بشهر مارس الجاري”.
وتشتهر منطقة الفاو بصيد السمك بواسطة الشباك أو ما يعرف محليا بـ"الهيالة"، حيث يبدأ الموسم في منتصف شهر مارس من كل عام، وفي أواخر شهر أبريل حتى نهاية شهر أغسطس تزداد كمياته بشكل كبير.
ويقول ناصر إن “الكثير من أبناء الفاو مزارعون وعمال بناء وحراس وباعة متجولون وسائقو سيارات أجرة، ولكن عندما يحل موسم صيد الصبور يتركون أعمالهم ويتفرغون للصيد لما يحققه لهم من عائد مالي جيد”.
وسمك الصبور هو أحد أنواع الأسماك البحرية المهاجرة، وتصل أمهات هذا النوع من الأسماك مع بداية كل فصل صيف إلى مياه الخليج العربي، ومنها المياه الإقليمية العراقية، قادمة من شبه القارة الهندية، حيث تتكاثر في المنطقة خلال بضعة أسابيع، ومن ثم تعود مع صغارها إلى موطنها الأصلي.
ويلقى الصبور رواجا كبيرا من قبل البصريين رغم كثرة شوكه وما يسببه من إزعاج خلال الأكل، بينما لا يفضله معظم العراقيين في المحافظات الأخرى. يقول بشار من سكان البصرة “أهالي البصرة يحبون السمك فهم ذواقون للأكل اللذيذ وخاصة أطباق سمك الصبور الذي يكثر صيده في هذا الشهر”.
ويخضع أكل سمك الصبور لتقاليد متوارثة، منها أنه يشوى ولا يطهى، ويحشى قبل شوائه بتمر الهند والثوم والكرفس والبهارات التي تعطيه مذاقا خاصا. وتختلف عملية شوائه عن غيره من الأسماك.
وتقول هناء وهي من سكان الفاو “إذا أردنا أن نعرف ما هو السر وراء شهرة هذه السمكة ولذة طعمها وسر رائحتها الشهية، نجده يكمن في حشوة الصبور وهي حشوة متعارف ومتفق عليها بين المواطنين، والتي تتكون من تمر الهند والثوم والكرفس وإضافات أخرى من البهارات التي تعطيها مذاقا رائعا يفوق الخيال”.
وبعض البصريين يأكلون سمك الصبور فقط يوم الجمعة دون سواه، بينما الكثير منهم يعتقد أن تناول الصبور يؤدي إلى الشعور بالعطش وحالة من الكسل والخمول، ولهذا يكون الشاي حاضرا بعد كل مائدة يحل فيها الصبور الذي يحتوي على فوائد كبيرة، فزيته يخفف آلام المفاصل ويمنع احتكاك العظام ويحمي القلب ويخفف ضغط الدم.
ويقول حميد من مدينة البصرة إن “عائلتنا تجتمع كل أسبوع في البيت الكبير فنجلس في بستان المنزل لنستمتع بهذه الأكلة، وخاصة يوم الجمعة، وقد ورثنا هذه العادة من آبائنا وأجدادنا، ولم نتخلَ عنها لأنها عادة من عاداتنا وتقاليدنا، وهذه الوجبة هي المفضلة والشعبية عندنا”.
وكان سمك الصبور يعرف بسمك الفقير لرخص سعره، لأنه كان متوفرا بكثرة في محافظة البصرة، لكن أغلب العائلات أصبحت تتذمر من ارتفاع سعره الذي أصبح يشكل عبئا ماديا حتى أنه أصبح يباع بالزوجين، لا بالوزن كما تباع بقية الأسماك.
ويقول أبومحمود أحد بائعي سمك الصبور “إن وراء ارتفاع الأسعار تكاليف رحلة الصيد التي تستمر أياما، وكذلك كثرة الطلب على هذا السمك من قبل دول الخليج، فضلا عن المضايقات المستمرة التي يتعرض لها الصيادون. كل هذه الأسباب وغيرها أدت إلى ارتفاع أسعار الأسماك بشكل عام، وسمك الصبور بشكل خاص، حتى أصبح شراؤه يمثل عبئا كبيرا يضاف إلى أعباء العائلة العراقية”.
أما عن سبب بيع سمك الصبور بهذه الطريقة، فيعتقد أبومحمود “أنه يعود إلى غلاء ثمنه والمعروف أن الشيء الثمين يباع بوزن المثقال، وهناك رأي شائع عند البصريين القدامى مفاده أن سمك الصبور يأتي مهاجرا من الصين على شكل مجاميع، إلا أن هذه المجاميع يكون فيها كل إثنين على حدة كرمز للوفاء في ما بينهما، ومن هنا يباع هذا السمك على شكل أزواج رغبة بعدم تفريقها حتى بعد الممات ليكون درسا لنا في الوفاء”.
www.deyaralnagab.com
|