logo
1 2 3 41135
مشردو الوطن العربي يبحثون عمن يخفف محنتهم!!
27.02.2016

لا يحتاج المشردون في الوطن العربي إلى تعريف أو تصنيف أو دراسات اجتماعية أو نفسية، فلكل واحد منهم، رجلا كان أو امرأة، أو كبيرا أو صغيرا، قصته التي دفعته إلى أن يتخذ من الأرض فراشا له ومن السماء غطاء ومن بقايا القمامة طعاما، كل ما يحتاجونه لفتة أو مبادرة لتنظيفهم أو إطعامهم أو إكسائهم.
- نظم متطوعون من منظمة المجتمع المدني “أصدقاء العالم”، الأربعاء، مبادرة سان خوسيه، في كوستاريكا تهدف إلى مساعدة الناس الذين لا مأوى لهم.
وساهم في الحملة أكثر من 30 متطوعا من الشباب من جميع أنحاء المدينة، حيث قاموا بتوزيع المواد الغذائية والملابس إلى جانب قيامهم بحلاقة شعور المشردين الذين التقوهم على طول الطريق الذي كانوا يسيرون فيه. مثل هذه المبادرات تتكرر في المجتمعات الغربية من قبل الشباب وناشطي المجتمع المدني، لكننا نفتقدها في الدول العربية وإن وجدت فهي محتشمة نظرا لما تجابهه من عراقيل التمويل.
وعرضت مجموعة من مصففي الشعر في مدريد تقديم حلاقة مجانية للمشردين في شوارع العاصمة الأسبانية صباح الأحد، من كل أسبوع ولمدة شهر. وكانت آنا كوينكا، وهي مصففة شعر متدربة، قد اقترحت المشروع مع اثنين من أصدقائها، بعدما شاهدت نجاح نفس هذا المشروع الاجتماعي في أستراليا.
ويتفاجأ المار في الشوارع الرئيسية لأغلب المدن العربية أحيانا بمنظر صادم لرجل أو امرأة أو طفل في حالة رثة بعيون غائرة وملامح وجه هدها الجوع والضياع، يختار بعضهم أماكن هامة في تلك الشوارع كإعلان صارخ عن الوضع الذي تمر به الإنسانية لأن ما خفي تجده في الشوارع الفرعية ومحطات النقل العمومي، فمن يستطيع أن يتحمل رؤية عجوز ينام على الرصيف يلتف بغطاء قذر، أو أطفال بشعورهم الشعثاء وأرجلهم الحافية يبحثون عن لقمة متسخة لم تعثر عليها القطط الليلية في القمامة.
هؤلاء لا أحلام لديهم غير سقف يأويهم بعيدا عن برد الشتاء بدل البيوت المهجورة والحدائق العمومية وما تحويه من مخاطر، لا يحلمون بوجبة لحم أو دجاج فذلك ممنوع عليهم إلا ما جادت به القمامة أو أصحاب القلوب الرحيمة.
ولا يحتاج المشردون في الوطن العربي إلى تعريف فهم أولئك الذين تجدهم بلا مأوى ولا معيل، لم يختاروا مصيرهم، لكن الظروف ألقت بهم في الشوارع، لكل حكايته التي تختلف عن الآخرين، فمنهم من فقد أهله ومنهم من تركه أبناؤه، وآخرون تخلى عنهم أزواجهم أو زوجاتهم، وأطفال لا يعرفون من أتى بهم إلى الدنيا، لكنهم يشتركون في الضياع، والبطون الخاوية.
وينقسم المشردون من أطفال وشباب ومسنّين إلى قسمين؛ “كسالى” و“ناشطون”، المشردون “الكسالى” وغالبيتهم من المسنين، يقبعون في زاوية ما وهناك يضعون أكياسا ملأى بأغراض كثيرة يلملمونها من هنا وهناك، أو يمنحهم إياها متعاطفون. هؤلاء لا يستجْدون المال، بل يقبعون في زواياهم بانتظار من يقدم لهم المساعدة.
النوع الثاني من المشرّدين يقطنون أماكن قد تكون بيوتا من الكرتون على حافة المدينة، أو يقيمون مجموعات في غرفة قصديرية، وهؤلاء لبنانيون وفلسطينيون وسوريون وأكراد وبعض الأفارقة من العمال الأجانب، يتمحور نشاطهم حول مستوعبات النفايات في الأحياء السكنية الثرية وفي شوارع الحانات والمطاعم.
ويقول باحثون اجتماعيون إن ظاهرة المشردين الكادحين ليست جديدة عن المدن العربية، ولكنها أصبحت خلال السنوات الأخيرة ظاهرة بأتم معنى الكلمة بعدما أخذت نسقا تصاعديا لافتا بعد الثورات التي حملت اسم الربيع العربي، فكانت شتاء قارسا على الكثيرين في مصر وتونس.
وفي بلدان عديدة مثل العراق ولبنان واليمن وليبيا وسوريا، أصبح المشردون عناوين سوداء للحروب الطاحنة التي تجري في تلك المناطق وألقت بالأطفال والعجزة والمرضى في الشوارع دون أي سؤال أو حماية من أحد، حتى أصبحوا يعدون بالآلاف، حتى الذين فروا إلى بلدان أخرى لم يسلموا ولم يضمنوا حمايتهم من الجوع والعراء اللذين يتهددانهم في كل الفصول.
هناك الآلاف من الحكايات للآلاف من المشردين في كل عاصمة عربية، لكن طرق إنقاذهم أو التخفيف من معاناتهم قليلة، فلا نجد جمعيات تعنى بتنظيفهم وتقديم الملابس لهم والأغطية والأدوية وأحيانا المأوى كما في الدول الغربية.
ففي الوطن العربي لا تبدي السلطات اهتماما بالغا بهؤلاء كتوفير ملاجئ للعجزة أو المستشفيات المجانية للمرضى والمجانين، أو إعادة تأهيل الأطفال الذين تركوا الدراسة لسبب أو لآخر. وفي هذا السياق تطرح تساؤلات عديدة؛ ما الذي على المجتمع المدني والنشطاء الحقوقيين عمله؟ ما هي المحاور الأساسية التي تدفع باتجاه معالجة ظاهرة التشرد وتناميها؟
مؤخرا بدأت تظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مبادرات لجمع الملابس والأموال والطعام للمشردين، وحتما ستساعد هذه الحملات في تخفيف المعاناة عمن لا أهل لهم. كما ظهرت بعض الجمعيات، رغم أنها مازالت محتشمة تعاني من نقص التمويل حينا ومن التصاريح الحكومية أحيانا أخرى.!!


www.deyaralnagab.com