logo
1 2 3 41134
"بحارة"الرمثا الأردنية.. الحال يغني عن الكلام!!
23.07.2015

الأوضاع الأمنية بين الأردن وسوريا أحالت جلهم على التقاعد، ولم يبق لأحد منهم ما يقوم به طيلة اليوم سوى ركن سيارته في مكانها المخصص والجلوس إلى زملائه لنقاش الوضع والبحث عن حلول.. إنهم سائقو سيارات الأجرة الأردنية العاملة على خط سوريا، تراهم يجلسون ويندبون حظهم ويشكون الفقر بعد أن كانوا ينعمون برزق وفير قبل اندلاع الصراع في الجارة الشمالية منذ أربعة أعوام.
عمان - “اذكريني واذكري عهد الهنا أترى عشت إذا لم تتذكر”، كانت هذه كلمات أغنية فيروز التي تعلو من المذياع المغبر داخل سيارة من سيارات الأجرة التي يعمل عليها أحد السائقين، وكأن الأغنية تتحدث عن واقعهم بدقة، فالحال اليوم ليس كحال الأمس بكل حال من الأحوال.
أحد البحارة، وهو الاسم الذي يطلق على السائقين نظرا لموقع مدينة الرمثا الحدودية بين الأردن وسوريا والذي يمثل ميناء لنقل كل السلع والمبادلات والأشخاص، بدت عليه علامات اليأس والإحباط، وهو ينفث دخان سيجارته، متحسرا على أيام كان يعيش فيها حياة كريمة، قائلا إنه بعد إغلاق الحدود لم يعد بإمكانه العمل كما كان في السابق، حيث كان ينقل الفواكه واللحوم والمواد الغذائية المعلبة.
وأما آخر فقال إنه تحول للعمل إلى خط الأردن والمملكة السعودية، بواقع نقل حمولة واحدة كل 3 أيام، لكن ذلك لا يوفر له لقمة العيش التي تكفيه مع عائلته أو يعوضه عن الأرباح الكبيرة التي كان يجنيها من عمله سابقا على خط الأردن وسوريا.
وتؤكد تقارير في السياق أن المبادلات التجارية التي كان يقوم بها هؤلاء البحارة انعدمت نهائيا منذ استفحال الأزمة الأمنية في سوريا وانتشار الجماعات الإرهابية في بعض القرى والمدن القريبة من الحدود مع الأردن، وقد سبب ذلك التواجد استدراج قوات النظام السوري لتبادل المعارك وفتح جبهات عديدة مع تلك الجماعات، ما سبب إغلاقا تاما للمعابر الحدودية التي كانت تسمح بمرور مئات التجار والأشخاص وأطنان السلع كل يوم.
ولم تتمكن إلى الآن جحافل البحارة الذين كانوا يعملون على الخط الرابط بين الأردن وسوريا من العودة إلى السير الطبيعي لنشاطهم التجاري، نظرا لتدهور الحالة الأمنية وتواصل العمليات العسكرية هناك، الأمر الذي يجعل من فرضية استعادة المبادلات أمرا مستحيلا. ويقول في هذا السياق أحد السائقين إن “الوضع الذي حل بنا، هو أننا لم نجد عملا بديلا، والجميع يقدم لنا وعودا بحل المشكلة، ولكن دون جدوى”. وهو الأمر الذي وافقه عليه جميع السائقين تقريبا.
أما في داخل مدينة الرمثا، فقد أثرت الأزمة الأمنية في سوريا والمبادلات التجارية بين التجار على المحلات بشكل عام هناك، حيث هجرها الزبائن إلى أسواق أخرى لتلبية احتياجاتهم، الأمر الذي دفع بعدد من أصحابها إلى الإغلاق، وآخرين إلى البحث عن بضاعة بديلة يرضى بها الزبون، ويقول أحد الباعة تعليقا على الأوضاع “منذ عام 1998 وأنا أعمل في بيع المواد الغذائية السورية، ونتيجة لإغلاق الحدود، لم تعد تصلنا بضائع البحّارة ذات الجودة العالية، والسعر المعقول، لذلك توجهت لبيع مواد التجميل الصينية والماليزية الصنع، على أمل تحقيق كسب يؤمن حياة كريمة لي ولعائلتي”.
ومن الناحية الرسمية، تقول الحكومة إن إداراتها في المنطقة اجتمعت مع السائقين للبحث في حل الإشكال، وقد توصلت النقاشات إلى تمكين كل سائق من رخصة لسيارة أجرة “تاكسي” في المدينة، حتى يتمكن الجميع من إيجاد عمل وكسب القوت اليومي، وتصرح مديرة الإعلام والاتصال في هيئة قطاع النقل البري الأردنية عبلة وشاح قائلة إنه قد “تقدم للهيئة 409 طلبات من أصل 700 سيارة (تتسع لـ4 ركاب) تعمل على خط سوريا من أجل الحصول على رخصة سيارة أجرة داخل مدينة الرمثا، وتم تشكيل لجنة من الهيئة، وأمانة عمان، ومديرية الأمن العام، بكافة إداراتها المعنية، وتم فرز الطلبات المقدمة بحسب الرغبة، ضمن القرعة، وتم التوزيع بشكل عادل وشفاف”، مؤكدة أن دورة أخرى سوف تفتح لتمكين الباقين أيضا من رخص.
وداخل السوق، جلس الحاج أبو القاسم، الذي يملك محلا كبيرا لبيع المواد الغذائية، يتحدث عن أوضاع السوق، و“البحارة”، قائلا “السوق لم تعد كما كانت في السابق، الزبائن الذين كانوا يأتون من كل المدن لشراء حاجياتهم من المواد الغذائية، والملابس التي تأتي من سوريا عن طريق البحارة، بحثوا عن أسواق بديلة”.
واستدرك “سائقو سيارات الأجرة بين الأردن وسوريا أو ما يسمون بالبحارة، البعض منهم دفعتهم الظروف المعيشية الصعبة نحو المجهول خاصة أن الكثير منهم بات غير قادر على تسديد أقساط ثمن بيته أو مصاريف الدراسة لأبنائه”.


www.deyaralnagab.com