“المجيدية” في بيروت… عندما تمتزج التراويح بعبق التاريخ العثماني!!
25.06.2015
بيروت ـ من حمزة تكين ـ مسجد “المجيدية” وسط بيروت.. حيث يجتمع في شهر رمضان “عبق” التاريخ العثماني، و”روحانية” صلاة التراويح، لتهوي إليه أفئدة المصلين من مختلف مناطق العاصمة اللبنانية، وخاصة فئة الشباب، إضافة لعدد من اللاجئين السوريين، الذين يتلمسون في المسجد العريق ذكرى “الأيام الطيبة” ببلادهم.
المسجد الذي كان قلعة بحرية، حولها السلطان العثماني عبد المجيد الأول (1823 إلى 1861)، إلى مسجد، سنة 1840م، يستضيف هذا العام في رمضان، كما الأعوام الماضية، صلاة التراويح بإمامة الشيخ عبد القادر عكاري “صاحب الصوت الشجي”، كما يتخلل الصلاة استراحة، يعطي فيها إمام المسجد الشيخ وسيم مزوق درسا حول أحكام الصيام والصلاة إضافة لتزكية النفس وتهذيبها.
يصطف المصلون كل ليلة من ليالي الشهر الفضيل بين جنبات المسجد التي لا تزال تحتفظ بتصميمها الأثري، ليؤدون 20 ركعة من صلاة التراويح، يختمون فيها جزءا من القرآن الكريم، ليتمكنوا من ختم القرآن كاملا خلال رمضان.
الشيخ عكاري قال إن أكثر ما ينال اهتمامه، في شهر رمضان، “صلاة التراويح وقيام الليل في مسجد المجيدية”، مضيفا “الحمد لله الذي أكرمني منذ عدة سنوات بالصلاة والقيام في هذا المسجد الطيب، إنه فضل من الله عز وجل”.
وتحدث عكاري لمراسل “الأناضول”، عن مكانة مسجد المجيدية لدى رواده خاصة واللبنانيين عامة، قائلا “كلما دخلنا مسجد المجيدية تهب علينا نسائم السلطنة العثمانية، هذه الخلافة التي مازالت حيّة في قلوبنا وتعيش في جوارحنا، صاحبة التاريخ العريق والأصيل الذي فيه الكثير من المجد والانتصارات والعزة”.
وترحم الشيخ على السلطان العثماني عبد المجيد الأول مؤسس المسجد، وقال “ما أن ندخل المسجد حتى نتذكر هذا السلطان، رحمة الله تعالى عليه، وكيف أن هذا المكان كان قلعة وثغر يرابط فيها المجاهدون”، مشيرا الى أن “الكثير من المصلين يشعرون بالأنس والسكينة والصفاء في هذا المكان وهذا ما يعلق قلوبهم به”.
وتابع الشيخ عكاري “كيف لا ؟ وهذا المسجد كان أيضا مكانا يجمع كبار علماء بيروت ممّن صبّوا فيه الكثير من روحانياتهم وعلاقتهم مع الله على مدار عقود”.
وأشار الى أن لشهر رمضان هذا العام في لبنان عامة، وبيروت خاصة “طعم مميز مع إقبال الشباب على المساجد والهمة العالية عند الصائمين والمصلين”، مستدركاً “إلا أن الأمر لا يخلو مما ينغص علينا هذا الشهر الفضيل، فالظلم الواقع على بلادنا وعلى البلاد الموجودة في المحيط الذي نعيش فيه، يولد غصة عندنا وينغص علينا رمضان وحلاوته وأنسه”.
ولا يقتصر نشاط المسجد في رمضان على الصلاة فقط، بل يعتبر أيضا مكانا يجد فيه الصائم المحتاج ما يتمناه، حيث تقام فيه إفطارات وموائد سحور بـ”همة الشباب والمتطوعين وأهل الخير، الذين نذروا أنفسهم وأوقاتهم لخدمة المحتاجين سواء كانوا من اللبنانيين أو اللاجئين السوريين أو غيرهم”، بحسب عكاري.
وتابع “نحث الشباب ونساعدهم لكي نكون إلى جانب إخواننا النازحين والمحتاجين والصائمين، فرمضان شهر الخير والأخوة الذي يعلمنا هذه القيم لنطبقها أيضا على مدار العام بأكمله”.ولا يخفي المصلون في “المجيدية” مكانة المسجد في قلوبهم، أو علاقتهم الوطيدة بإمامه وإمام صلاة التراويح والقيام، من بين هؤلاء الشاب رمضان الزين، الذي أكد أن “من يأتي الى هذا المسجد العثماني لأداء صلاة التراويح في شهر رمضان، يكون قاصدا له، لما فيه من السكينة والأنس، إضافة للقراءة المتميزة للإمام”.
وأضاف “الشيخ عكاري شاب وعالم، يتميز بصوت جميل، ما يجعله قريبا منا… ونحن سعداء به كثيرا، وأتمنى له ولأئمة مساجد بيروت دوام الهمة والخير، خاصة في شهر رمضان”
من جانبه، أعرب اللاجئ السوري محمد أشرف، الذي يؤدي صلاة التراويح في مسجد المجيدية، عن تعلقه بالمسجد قائلاً “الروحانيات التي نشعر بها هنا، تجعلنا دائما بحالة اندفاع وإقبال لأداء صلاة التراويح، وصلاة القيام على مدار العام أيضا”.
وأشار إلى أن “إمام التراويح هنا يتميز بامتلاكه صوتا شجيا، وأجواء المسجد هنا تذكرني بأيام دمشق ومساجدها التاريخية العريقة، وبحنين كبير ينتابني هنا”.
ويتفق المصلي محمد الرفاعي مع الزين وأشرف، بأن لـ”الصلاة في مسجد المجيدية نكهة خاصة بعبق التاريخ المجيد، الذي نحِنّ إليه جميعا”، مضيفاً “غالبية مساجد بيروت تتميز بأن لكل منها حكايتها الخاصة الجميلة، التي تزداد جمالا في شهر الجمال والخير والصيام”.
وأضاف الرفاعي لـ”الأناضول” أنه وعدد من أصدقائه يواظبون طوال شهر رمضان على أداء صلاة التراويح في مسجد المجيدية، وخاصة في أواخره مع صلاة قيام الليل، شاكرا إدارة المسجد وإمامه على القرار بأن صلاة القيام ستكون بشكل يومي في النصف الثاني من رمضان هذا العام، بعد أن كانت تتم في العشر الأواخر فقط في الأعوام الماضية.
www.deyaralnagab.com
|