سجاد الأمازيغ الرحل يحلق في سماء تازناخت المغربية !!
14.05.2015
تازناخت مدينة صغيرة، تقع غرب مدينة ورزازات، جنوبيّ المغرب، واسمها يعني في اللغة الأمازيغية “الهادئة”، وهي فعلا هادئة بأهاليها رغم أنّهم تاريخيا من الأقوام الرحّل، غير أنّ أهمّ ما يميّزها هو نسج أيادي النسوة للسجّاد أو “الزرابي”، وتلك حكاية تراث عريق في تازناخت.
لا تعرف نساء مدينة تازناخت المغربية للاستكانة سبيلا، فراحتهن الحقيقية تكمن في الركون، بعد إنهاء أشغال البيت، إلى غرف صغيرة حيث يقضين ساعات طويلة في غزل الصوف ونسج الزرابي، مردّدات أغاني أمازيغية قديمة، تملأ بيوتهن فرحا وبهجة.
تازناخت تحتفي، هذه الأيام، بثمار ما نسجته هؤلاء النسوة طيلة أشهر طويلة، وتحديدا بسجّاد الرحل، المسمّى في مختلف البلدان المغاربية بـ”الزرابي”، فقد تجمعت نساء المدينة الصغيرة في مهرجان يهتمّ بترويج هذه المنسوجات العريقة والضاربة في تاريخ المدينة.يقيم المهرجان عرسا لزربية المنطقة، التي يطلق عليها “الزربية الواوزكيتية”، نسبة إلى اسم قبائل المنطقة، أو زرابي الرحل، بوصفها صناعة تقليدية لا يخلو منها بيت مغربي وتتوفر بأسعار متفاوتة، وفق المقدرة الشرائية لمختلف الفئات الاجتماعية.
وبمناسبة الدورة الثالثة للمهرجان، أقيم معرض خاص لمنتجات متنوّعة من الزرابي، بكل ما تحويه من زخارف وألوان ولمسات أمازيغية أصيلة، إذ تحرص نساء تازناخت على تمديد خيوط الصوف الرفيعة المصبوغة يدويّا لرسم الـ”إكلان”، وهو رمز القبيلة باللغة الأمازيغية الذي يتمّ تناقله من جيل إلى آخر، حافظا بذلك تراثا لا يندثر، ومحوّلا الزرابي إلى لوحات تشكيلية.
قال العباسي عبدالله، أحد منظمي المهرجان، إنّ “للزربية بتازناخت خصوصية معينة ولها تاريخ عريق، إذ يؤكد الباحثون أنها توجد بالمغرب قبل دخول الإسلام للبلاد، خصوصا أنها تضمّ حروفا أمازيغية في زخرفتها ونسجها”.
واستطرد عبدالله، قائلا “بعض المؤرخين كشفوا أن الزربية دخلت إلى المغرب من الشرق وتحديدا من اليمن، وانتقلت بين العديد من الدول الأخرى، في وقت سابق، عن طريق الرحل إلى أن استقرت بجنوبي المغرب”.
وأوضح أن اسمها يرجع إلى اسم إحدى القبائل، وهي قبيلة “آيت واوزكيت”، بعدما كان اسمها الرحالية، نسبة إلى الرّحل، وتتميّز ببساطتها وألوانها الزاهية، وتبرع نساء المنطقة في نسجها وحياكتها.
صناعة الزرابي التقليدية في تازناخت تمثل موروثا عريقا تتوارثه النساء عن أسلافهن، ليشكل جزءا مهمّا من الوعي في المخيال الجماعي للمنطقة.
وتوضّح نساء تازناخت أنّ لكل امرأة في مدينتهن لمستها الخاصة التي تجعل من الزربية لوحتها التشكيلية ترسمها بالصوف وتلوّنها بالزعفران والحناء وماء الورد.
فلئن كانت الزخارف تجتمع على أشكال أمازيغية متوارثة بعينها، فإنّ المرأة التازناختية تشكّلها فيما بينها للتعبير بحريّة عن أحلامها وهمومها بذوقها الفني الخاص بها.
وقالت تغناو الكبيرة، ممثلة جمعية “تيمنايف آيت بوغربة” في المهرجان، وهي جمعية غير حكومية تعنى بإنتاج الزرابي، إن “مشاركة الجمعية في مهرجان الزربية، يهدف إلى التعريف بالمنتوج، واستفادة أعضاء الجمعية من مختلف الأنشطة التي يوفرها المهرجان”.
وأشارت إلى أن “صناعة الزربية يتوارثها أبناء وبنات المنطقة، كونها عملة المنطقة الثمينة، وتنافس العقار والأراضي في الإرث”.
وحسب منظمين للمعرض، فإن أسعار السجاد البدوي تبدأ بـ500 درهم (51.6 دولار) ويمكن أن تصل إلى غاية 3 آلاف درهم (309 دولارات)، علما أنه يوجد سجاد معروض وغير مخصّص للبيع يزيد عمره على 120 عاما.
يذكر أنّ وزارة الصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني المغربية هي التي تشرف على تنظيم هذا المهرجان، بالشراكة مع مؤسسات من القطاعين العام والخاص، تحت شعار “جمال وتراث”، من 8 إلى 17 من الشهر الجاري بمدينة تازناخت، وذلك للسنة الثالثة على التوالي.
ويهدف المهرجان إلى تسليط الضوء على ما تزخر به الصناعات التقليدية المغربية من حرف عموما، وبالخصوص على صناعة الزربية الواوزكيتية نظرا إلى مكانتها المميّزة في منتجات الصناعات التقليدية المغربية، ولما لها من سمعة واسعة مغربيا ودوليا.
www.deyaralnagab.com
|