الشاب المصري الغندور.. من “طائش” إلى “داعش”!!
22.02.2015
القاهرة/ إسلام مسعد..“لم نكن نتخيل هذا الأمر، نحن في حالة صدمة، كيف يتحول العيل (الفتى) التافه إلى الداعشي (نسبة إلى داعش)”.. هكذا وصفت شقيقة الشاب المصري محمود الغندور، المنضم حديثا إلى تنظيم “الدولة الاسلامية”، ما يختلج في صدرها بعد الإعلان عن انضمام شقيقها الأصغر إلى التنظيم.
الغندور، ذو الأربعة وعشرون عاما، كان مولعا بالموسيقي، وعمل حكما لكرة القدم في دوري الدرجة الثالثة، كما زار سوريا عام 2013، قبل أن يعود إلى مصر بعد شهر واحد، ويلقي القبض عليه في المطار، ويفرج عنه بعد ذلك على ذمة قضية.
فصول قصة الشاب العشريني لم تنته عند هذا الحد، فقد أعلن الشاب المصري المنضم لـ”الدولة الاسلامية”، إسلام يكن، قبل أيام، انضمام الغندور إليه، في تدوينه على صفحته بموقع التدوينات القصيرة “تويتر”، مرفقة بصورة لهما، وهما يسترخيان في سكن، لا يعرف موقعه، وممسكان بذراعا تحكم عن بعد، يستخدم في الألعاب الإلكترونية، وتظهر أسلحة آلية بجانبهما.
فاطمة، الشقيقة الكبرى للغندور، قالت في تصريحات تليفزيونية، أمس، إن “شقيقيها الأصغر شخص تافه وفلتان (طائش)، وحتى الآن لا نعرف كيف انضم لتنظيم الدولة الاسلامية، وفوجئنا بالخبر في وسائل الإعلام”.
الشقيقة الكبرى لفتى الدولة الاسلامية المصري أضافت: “منذ 7 سنوات وهو يخرج عن تقاليد العائلة، وفلت عياره (مثل مصري يدل على انحراف الأخلاق)، فكانت حياته موسيقى وغناء، والبحث عن الفتيات، وكانت معه سيارته الخاصة، ومصروفه الشخصي الكبير، حتى أنه لم يكن يصلى”.
الغندور بحسب صفحته بموقع مشاركة مقاطع الفيديو (يوتيوب)، كان مولعا بكرة القدم، والموسيقي، والفن، وكان لديه برنامجا للموسيقى باسم “غندور في الكليب”.
واعتبرت فاطمة الغندور تحول شقيقها 180 درجة من هذا الحال (الطيش)، إلى الانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية مرة واحدة، “صدمة كبيرة”.
وكانت أولى رحلات سفر الغندور إلى سوريا في 2013، بصحبة صديقه إسلام يكن، إلا أنه لم يلبث شهرا في سوريا، وعاد إلى مصر، لأسباب لم يكشف عنها.
وخلال تواجده بمصر، كتب الغندور عبر صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (تويتر): “مش (لست) قادر أضحك، الحياة في مصر ذل وقهر وضغط، حتى من أقرب الناس ليك (إليك).. اللهم عودا حميدا قريبا”.
وبعدها، ألقي القبض على الغندور، خلال محاولته السفر إلى سوريا مجددا في 21 يوليو/ تموز 2014، وظل بالسجن حتى حصل على قرار بإخلاء سبيل في 23 سبتمبر/ أيلول من ذات العام، قبل أن يختفي عن الأنظار قبل شهرين، حتى ظهر مع إسلام يكن قبل أيام.
فاطمة الغندور لخصت موقف العائلة من شقيقها قائلة: “إن كنا قد تبرأنا منه وهو في حالته الأولى من (التفاهة) منذ 7 سنوات، فمِنَ الأولى أن نتبرأ منه في الثانية”، أي بعد انضمامه لـ”الدولة الاسلامية”.
الموقف ذاته، اتخذه عصام عبدالفتاح، رئيس لجنة الحكام المصريين (منبثقة عن الاتحاد المصري لكرة القدم)، إذ قال في تصريحات صحفية اليوم، إن “اللجنة قررت شطب الغندور أحد حكام الدرجة الثالثة الذي انضم لتنظيم الدولة الاسلامية”.
وفي محاولة لتحديد أسباب ذلك التحول الكبير في شخصية الغندور، قال المعارض المصري، عمرو عبد الهادي، رئيس الملتقى الدولي لرصد ومكافحة الفساد” (غير حكومي) للأناضول، إن “الغندور شاب مصري شعر بالإحباط والظلم والقهر في بلده، ولم يستطيع التحمل، فبحث عمن يشفى غليله، وانضم لتنظيم الدولة الاسلامية”.
وأضاف عبد الهادي: “هناك أكثر من 40 ألف مصري موجودين في سجون مصر، ولهم ذويهم من الشهداء والمصابين، يشعرون بذات القهر والمرارة، ومن الممكن أن يتحول أي منهم لذات المصير الذي تحول له الغندور ومن قبله يكن”.
وتقول السلطات المصرية إن جميع الموقوفين بالسجون يواجهون اتهامات من النيابة العامة أو أحكام قضائية ولا يوجود معتقلين سياسيين.
أحمد عبد الله، الخبير النفسي، رفض اعتبار تحول الغندور من الولع بالموسيقي والغناء إلى الدولة الاسلامية، بـ”التحول الفكري”، وإنما وصفه بـ”تغير في السلوكيات”.
وفي تصريح لوكالة الأناضول، عبر الهاتف، قال عبد الله: “الغندور كان يحلم بتغيير حياته، وكان ينظر إلى التحكيم كوسيلة، وها هو وجد ضالته في تغيير حياته بالانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية، والسلاح وسيلة لهذا التغيير”.
وأوضح أن “النظرة القاصرة التي تحكم على الإنسان بسلوكياته، غير صحيحة، فليس معني أن الغندور كان مولعا بالموسيقي أنه شخص تافه، وليس معني انضمامه لتنظيم الدولة الاسلامية، أنه شخص رزين وعاقل”.
وضرب عبد الله مثلا بزعيم تنظيم “القاعدة” الراحل أسامة بن لادن، الذي كان يؤمن بأن “القوة هي من تحكم العالم”، وقال إنه “بعد أن كان يكتفي بمشاهدة القوى في أفلام هوليود وهو يتحكم في العالم، تغير سلوكه وبات ينفذ ما كان يراه في هذه الأفلام”، على حد قول الخبير النفسي.
وحول ارتباط هذا التغير في السلوك، بـ”تعرض الشباب للضغط أو الظلم”، قال عبد الله: “نستطيع أن نعدد عشرات الأسباب، وتبقي الأزمة، كيف ننقذ هؤلاء الشباب بإيجاد البديل الذي يعوضهم عن الانضمام لتنظيم الدولة الاسلامية”.
أما سعد الدين إبراهيم، أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة، ورئيس مركز ابن خلدون للدراسات الانمائية (غير حكومي)، فقال إن “طبيعة الشباب الفيسيولوجية تتجه نحو التشتت والاضطراب، فضلا عن أن هاتين الصفتين يتزامنا مع المراحل الانتقالية التي يشهدها الشرق الأوسط”، بكل ما فيها من اضطرابات.
وأضاف، في تصريحات لوكالة الأناضول عبر الهاتف،: “في مصر مثلا، قامت ثورتان، ولا تزال الأمور في البلاد مضطربة وغير مستقرة، وهو ما يدفع الشباب للبحث عن مخرج لهذا الاضطراب”، مضيفا: “كما أن الأمور غير مستقرة في ليبيا، وفي سوريا، والعراق، وغيرها من الدول”.
وفي بيان صدر قبل إعلان انضمام الغندور لـ”الدولة الاسلامية”، ويحدد إلى حد بعيد بعض أسباب اتجاه الشباب إلى التطرف، قال بهي الدين حسن، مدير مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان (غير حكومي) إن “انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها الحكومات تخلق مناخًا يزدهر فيه التطرف العنيف”.
وأضاف أن “الحكومات التي تحض على الكراهية وتشجّع على التفسيرات المتطرفة للدين، ليست جزءً من الحل لمواجهة التطرف العنيف، بل هي جزء من المشكلة”، مضيفا: “انتهاكات الحقوق الأساسية للمواطنين هي جزء من الوقود الذي يزكي نار التطرف العنيف في جميع أنحاء العالم”.
الأمر ذاته، كرره الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، الخميس، حينما قال في ختام مؤتمر مكافحة “العنف لدى المتطرفين”، الذي ينظمه البيت الأبيض، إن “قمع المعارضين من شأنه تغذية التطرف والإرهاب”، داعيا إلى “ضمان ممارسة الديمقراطية والانتخابات الحرة التي تقود الشعوب إلى انتخاب قادتهم”.
وأضاف: “الاضطهاد على أساس العرق والدين من شأنه، أيضا، تغذية الإرهاب والتطرف”، داعيا إلى ضمان حق الجميع في ممارسة الحريات الدينية، محذرا من “استغلال الإرهابيين والجماعات المتطرفة للأوضاع الصعبة لا سيما الاقتصادية التي يعيشها بعض الناس، من أجل تجنيدهم”.
وأوضح قائلا: “حينما يشعر الشباب أنهم مسجونون في دائرة الفقر، وحينما لا يكون هناك فرص للتعليم ولا فرص لمساعدة عائلاتهم؛ فهذا يؤدي إلى عدم الاستقرار والفوضى، ويؤدي إلى تجنيد بعضهم في صفوف هذه الجماعات الإرهابية”.
www.deyaralnagab.com
|