مساجد تحت الأرض .. حصون تونس “المهمَلة” ضد الغزاة!!
13.11.2014
مدنين (تونس) ـ من هيثم المحضي ـ في جزيرة جربة، جنوبي تونس، يضرب الإهمال نحو 20 مسجدا، بنيت منذ مئات السنين تحت الأرض، بعد أن كانت حصنا ضد الغزاة، ومكان للعبادة.وتعتبر المساجد المشيدة تحت الأرض في جربة، الواقعة بمحافظة مدنين، ظاهرة هندسية ودينية فريدة من نوعها في تونس. وبحسب علماء الآثار الإسلامية، تم بناء أول مسجد تحت الأرض في القرن الـ 12 ميلادي.وعلى بعد 10 كم من مدخل جزيرة جربة، وبالتحديد بين منطقة سدويكش (30 كلم من مركز الجزيرة) والطريق الرومانية، يقع مسجد “الوطا”، وهو مسجد يتوجد في وسط منطقة ريفية داخل غابة من الزياتين، وتمت عملية بناءه من خلال الحفر والنقش في أوائل القرن الـ12 ميلادي، حسب صادق بن عمران الأستاذ الجامعي المتخصص في التراث.صادق قال “يتكون المسجد من فضاء خارجي وفضاء داخلي على عمق 3 أمتار تحت الأرض، وبه مدرج”، وأوضح “في الفضاء الخارجي، توجد قبتان ويرتكز المعلم في الداخل على أعمدة و أقواس، وبه محرابان؛ الأول كان يستعمله الإمام، والثاني كان يستعمل في تدريس القرآن الكريم في ذالك الوقت”.ويوجد مسجد آخر في جزيرة جربة، يسمى مسجد “بن مومن”، ويقع في جهة مدينة آجيم بمنطقة الصرندي (حوالي 25 كلم عن مركز الجزيرة)، ويقع على عمق 4 أمتار وبه فضاء داخلي وآخر خارجي، تم استغلاله فيما بعد لبناء مسجد مستقل.
وفي الفضاء الداخلي للمسجد الذي كان مظلما أكثر من غيره بحكم انعدام وصول ضوء الشمس إليه، يحتوي على مساحة صغيرة (حوالي 30 متر مربع) وبه محراب.وقال صادق بن عمران، “الغاية من بناء هذه المساجد تحت الأرض، هو أنه في فصل الصيف تكون الحرارة داخل هذه المساجد باردة وفي فصل الشتاء تكون الحرارة رطبة وساخنة بعض الشيء”.في جهة بني معقل، بجزيرة جربة، يوجد أقدم المساجد تحت الأرض وهو مسجد “مقماق”، وعنه قال صادق بن عمران “يوجد في هذا المسجد مغارة وضع فيها علماء المذهب الإباضي (مذهب ديني على غرار المذاهب الأربعة المعروفة عند المسلمين) أبرز الكتب التي تحتوي على نص ينظم الحياة عند العزّابة (النظامين السياسي والاجتماعي)”.
وحسب الأكاديمي المتخصص في التراث، فإن “المساجد المشيدة تحت الأرض استخدمت قديما، كحصون وأماكن عبادة، وكان معظمها مبني بالقرب من الشواطئ نظرا لخطر الغزاة في ذلك الوقت”.وفي القرن الـ 10 الهجري ( ما بين السنوات 1494 إلى 1590 ميلادية) كثر الخطر على الجزيرة من قبل القراصنة والحملات العسكرية الإسبانية التي تواصلت إلى القرن الـ16 الميلادي، فمثلت تلك المساجد بوابة دفاعية (استخباراتية بالمعنى المعاصر)، عبر إخبار السكان بالخطر القادم إلى الجزيرة.ومع إهمال السلطات التونسية هذه المعالم، استغل البعض هذا الوضع وقاموا بحفر عشوائي داخل هذه المساجد بحثا على ما يقولون إنه “كنوز″، حسب الصادق.ويبلغ عدد المساجد في جزيرة جربة 380 مسجدا منها 20 مسجدا تحت الأرض موزعة على مختلف مناطق الجزيرة التي تبلغ مساحتها نحو 514 كلم2، ويقدر طول شريطها الساحلي بـ 125 كلم، وتعتبر الوجهة السياحية الأولى في تونس.
www.deyaralnagab.com
|