«تلاوين عراقية»: تشكيل الحداثة والواقعية يشعان بمعاناة المكان والإنسان!!
30.10.2014
منى الياسر..كان «تلاوين عراقية» عنوانا حقيقيا لعالم من سحر الألوان على اختلاف التكنيك الفني المستخدم في كل لوحة، نجح في نقل جانب كبير من البيئة والتراث والطقس والفلكلور العراقي، ليقول هنا وطننا الحقيقي الآمن تجدوه بين أناملنا في المعرض التشكيلي الذي ضم 55 لوحة فنية تقريبا قدمها عشرة من الفنانين العراقيين، والذي افتتح أخيرا في الكويت برعاية المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، وحملت اللوحات أساليب فنية غنية تراوحت بين التقليدي والمعاصر برؤى وانساق كل منها تنافس الأخرى، وتنتمي لمدارس فنية واتجاهات تشكيلية عدة زاخرة بخصائصها الإبداعية .
الزهور تثرثر والطبيعة تنطق
عكست اللوحات العراقية ظلال مدارس فنية مختلفة مثل، التجريدية والواقعية والتأثيرية «الانطباعية»، كما برزت لوحات أخرى اعتمدت عنصرا واحدا في اللوحات السبع التي شارك بها الفنان ديلان عابدين أمين، فهي لوحات من الفن المعاصر، لكن عشقه للفكرة جريء ومثير للأمل الطويل، حيث استخدام زهرة عراقية تعرف باسم «شب الليل» صغيرة نافذة العطر، وهي تعكس الرغبة في السلام والحب والجمال، ووظف الزهرة في أكثر من لوحة كل واحدة تمنح المتلقي رؤية مختلفة عن غيرها، في لوحات جدارية كبيرة، وباحجام مختلفة، ولكن في كل مرة تتكرر الزهرة، نجدها تدخل في حالة ابداعية مدهشة، وكأنها تعيش في عمق وهامش اللوحات في اختلاف التناول، وكأنها تلهث في صور فوتوغرافية تلتقط جمالها وتنوع الحياة من حولها، كما لو كانت زهرة حية بالفعل، وتنوعت الالوان في اللوحات ما بين الزيتية والاكريليك والأحبار.
غارقون في عشقهم
وانساق الفنان عماد حمدي للعشق ذاته، حيث جاءت لوحاته مستوحاة من الطبيعة التي تثرثر بزهورها المختلفة واشجارها الظليلة في الريف العراقي، وفي النسق والرؤى نفسهما، قدم أيضا يسري العبادي وضياء الخزاعي وايوب قوشجي وفردوس اسماعيل لوحاتهم بالألوان الزيتية، وأخيرا رائد عبد الامير قدم خمس لوحات بالأسلوب التأثيري وشملت موضوعات لوحاته الطبيعة الخضراء والنخيل والحقول بسحرها والبحيرات بتكويناتها اللونية والوديان بتنوعاتها.
وكان من اللافت للنظر ان هناك قاسما مشتركا بين معظم لوحات المعرض، من خلال قدرة الفنانين العشرة على المزج في موضوعاتهم الفنية بين جمال الطبيعة العراقية، حيث الانهار والحقول الخضراء، وبين روعة الحضارة السومرية، مرورا باقتناص لحظات من الحياة اليومية، كما في لوحات الفنان حسين الجاسم التي عكس من خلالها حياة راعي الأبل والاكواخ الفقيرة وشواطئ الصيد ومتعة وبراءة الطفولة وصانعة خبز التنور، بمستوى يعكس الواقع العراقي من خلال اسلوب فني تأثيري واستشراف حسي لجملة من الأفكار للطبيعة الآسرة ، مستخدما الالوان الزيتية على القماش في تكوينات لونية مبهجة ولافته في تركيزه على الألوان النارية، وهي الوان ساخنة واحيانا دافئة مثل الاحمر والاصفر والبرتقالي.
البشر أرقام ديجيتال
ربما أرادت الفنانة المبدعة وجدان الماجد بلوحاتها الثماني أن تصفعنا بحقيقة اهتماماتنا في العصر الرقمي والاجهزة الذكية في لوحات ذات أفكار تسخر من الواقع الذي ابتعدنا فيه عن كل شيء إلا حصار النجوم والديجيتال، ولهذا استخدمت الماجد وجوها شهيرة من نوع البوب آرت كأبطال للوحاتها، كالممثلة ملكة جمال الهند ايشواريا راي والممثل الهندي شاروخان ووجوه أخرى مغمورة لطفلة ضاحكة وفتاة مثيرة، في زوايا مختلفة، تعكس تعابير انسانية عدة، وقامت بترميز لوحاتها بأرقام تعبر عن العصر الرقمي الذي نعيشه ويغلف كل حياتنا، لتؤكد حقيقة الفكرة التي تكررت في لوحاتها بأطر مختلفة، وهي إن الإنسان ما هو إلا رقم «ديجتال» واستخدمت في لوحاتها الالوان الزيتية والآكريليك.
المرأة والحضارة السومرية والزخارف الإسلامية
قدم الفنان احمد الصفار عشر لوحات تتأرجح ما بين الخيال والواقع، واستخدم فيها مواد مختلفة مثل الألوان الزيتية والمائية والأكريليك، قال فيها الكثير واعتمد فيها على سرد الحكايات وابراز الفلكلور العراقي، مع الترميز والمباشرة في لوحاته، مستخدما مفردات وتماثيل الحضارة السومرية، كما وظف الزخارف الاسلامية في بعض المساحات من لوحاته، وابرز بشكل لافت للنظر جمال المرأة العراقية في شكل الوجه ومنحنيات الجسد، وقدمها كامرأة حالمة معطاءة وتمتلك دائما أحلام وأسرار الكون.
www.deyaralnagab.com
|