logo
1 2 3 41134
قلعة المسيح في مومباسا الكينية تختزل 5 قرون من التاريخ المهمل !!
09.09.2014

مومباسا (كينيا) - كانت مومباسا إحدى المدن المهمة في الساحل الشرقي لأفريقيا وتعد مركزا تجاريا هاما يربط المنطقة مع الهند والصين، وهي ثاني أكبر مدينة في كينيا ونظرا لموقعها الاستراتيجي فقد مثلت محطة جغرافية مغرية للحكام والمماليك عبر التاريخ، مرت حضارات عديدة من هذه المدينة وتركت كل بصمتها الخاصة، وتعد قلعة المسيح تحفة المدينة المعمارية التي يجهل كثير من صغار المدينة تاريخها العريق.
يظل الجدار الضخم المتآكل لقلعة المسيح بارتفاع يناهز 18 مترا بلونه البني، الدليل الوحيد الباقي على حكم الأوروبيين الأوائل، الذين وصلوا إلى ساحل شرق أفريقيا، حيث بناه البرتغاليون عام 1591 كقاعدة عسكرية لمراقبة ميناء مومباسا القديم، إحدى أغنى مدن الدول (مستقلة ذاتيا) السواحيلية العربية في الساحل الشرقي لأفريقيا.
وقلعة المسيح أو “قلعة المسيح دي مومباكا”، بقيت شامخة في هذه النقطة بجزيرة مومباسا طيلة خمسة قرون، ولا تزال أحد أهم معالم المدينة، وعند النظر إليها من أعلى، يظهر أنها بنيت على شكل رجل يستلقي على ظهره قبالة المحيط الهندي.
وقال “علي بافاديل” أحد حراس القلعة: “يقال إن قلعة المسيح تجسد أروع مثال قائم على العمارة العسكرية البرتغالية في القرن الـ16، ولقد تدوالته الأيدي عدة مرات في الماضي”، وأضاف أن “البرتغاليين هزموا بعد قرنين من قبل العمانيين العرب عام 1698 بعد حصار ثلاث سنوات، حيث استجاب العمانيون لدعوة الأجداد السواحيلية والعرب لمساعدتهم على قتال البرتغاليين”.وتابع: “هؤلاء العرب غير العمانيين، والسواحيلية كانوا يحكمون مومباسا في حوالي عام 9 ميلادي قبل وصول العمانيين”، وفي عام 1875، غزا البريطانيون الساحل الكيني، وأعلنوه تحت الحماية البريطانية.وسقط العرب السواحيلية تحت حكم إثنين من القوى الأجنبية، سلطان عمان الذي حكم الساحل الشرقي لأفريقيا من مقديشو في الصومال إلى سوفالا في موزامبيق، والبريطانيين. ورغم أن بريطانيا استعمرت كينيا، ظل القطاع الساحلي شبه مستقل إلى حد كبير، وبقي قائما حكم النظام الملكي من قبل سلطان عمان، وزنجبار.
وحولت التجارة في المحيط الهندي مومباسا من مستوطنة صغيرة إلى دولة ومدينة غنية، حيث كان يشحن التجار العرب السواحيلية العبيد والعاج والذهب، وجلود الحيوانات البرية في المراكب الشراعية التقليدية إلى الهند، وبلاد فارس والصين.وجعل هذا الاتصال المبكر مع العالم الخارجي مومباسا والمدن الساحلية الأخرى بوتقة ثقافية للسواحيلية، والعرب والأفارقة، والهنود، والأوروبيين. والشعب السواحيلي هم عرق مختلط بين العرب الأوائل، والأفارقة الساحليين، ويتحدثون السواحيلية، وهي مجموعة لغوية شعب البانتو في الأساس، ولكن نحو 30 بالمئة من كلماتها مستعارة من اللغة العربية، وفقا للغويين.وقال “ستامبولى عبدالله ناصر”، وهو مؤرخ سواحيلي، إن السبب الرئيسي في قدوم البرتغاليين إلى مومباسا كان للسيطرة على (تجارة) المحيط الهندي المربحة”، وأضاف: “كانت البرتغال مملكة أوروبية صغيرة، ورغبت في جمع الثروة، وأن يتم الاعتراف بها كقوة عظمى”.
وتابع: “أرادوا أيضا اكتشاف الطريق البحري إلى الهند من أجل التجارة، حيث تجنب الأوروبيون استخدام الطريق البري عبر الأراضي الإسلامية، وخصوصا في نهاية حقبة حكم المسلمين لأسبانيا وأجزاء من البرتغال”.وأضاف المؤرخ المحلي، قائلا: “وقد تميز الحكم البرتغالي في مومباسا بالوحشية، وانتفاضات العرب السواحيلية”، وأشار إلى أن “العداء بين البرتغاليين، والسكان المحليين يفسر لماذا تركوا الحد الأدنى، أو لم يتركوا أي أثر تقريبا في ثقافة الساحل، لأن البرتغاليين كانوا أكثر اهتماما بشأن إثراء وتقوية مملكتهم الصغيرة مجددا في أوروبا”.
وبالفعل خلال قرنين من حكم البرتغاليين، لم يعتنق السكان المحليون ديانتهم، وهي المسيحية.لكن البرتغاليين سيبقون في تاريخ الساحل، لأنهم أدخلوا المحاصيل الغذائية التي صارت الآن جزءا من المطبخ الكيني، وتشمل الذرة، والأناناس، الباباية (شجرة استوائية مثمرة ضخمة)، والكاجو، والكسافا.هناك أيضا العديد من الكلمات السواحيلية المستعارة من اللغة البرتغالية وهي من بين كلمات أخرى “بيسا” وتعني “المال “، و”بنديرا” أي “راية”، و”ليسو” أي “ملابس النساء”.وفي الوقت الراهن، تمثل القلعة، التي تخفق فوقها راية كينية نقطة جذب سياحية رئيسية مدرجة على قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو.وإلى جوار القلعة، تقع بلدة مومباسا القديمة التاريخية التي كانت تجتذب في الماضي الآلاف من السياح الأجانب، ولكن في غضون شهرين فقط قتل سائحتان، روسية، وألمانية، برصاص مجهولين في البلدة القديمــة.وفي هذه الأيام، تستضيف القلعة التاريخية “مهرجان مومباسا الثقافي الدولي” السنوي، في إطار إحدى مبادرات حكومة مقاطعة مومباسا، لإعادة جذب الزائرين الذين أفزعتهم الهجمات الإرهابية التي ترتبط بجماعة حركة “الشباب” الصومالية التي تطالب كينيا بسحب قواتها من الصومال.


www.deyaralnagab.com