logo
1 2 3 41134
جسور الفرات تئن، أضلاعها تكسرت وأوصالها تَّقطعت!!
08.09.2014

الحرب السورية قضت على جسور الفرات التي تمثل شرايين حياة لسكان دير الزور، نظرا لأهميتها الإستراتيجية في جمع أوصال المدينة.
دير الزور(سوريا)- يحلم العرسان في بعض البلدان العربية بأن يمر موكب زفّتهم على جسور المدن الشهيرة وهو التقليد الذي كان يقوم به السوريون في ليلة الزفاف لكنهم حرموا من تحقيقه بعد أن دمرت جسور مدنهم أو أصبحت غير صالحة للعبور أو الاحتفال.يوجد في مدينة دير الزور السورية 5 جسور رئيسية مقامة على نهر الفرات، بعضها تاريخي مثل “الجسر المعلق” الذي أنشأه الفرنسيون في عشرينات القرن الماضي، واثنان صغيران أقل شهرة وحجما، وجميع تلك الجسور دمرت أو أصيبت بأضرار كبيرة جراء الحرب الدائرة هناك.ويعد تقليد المرور على الجسور أحد أهم طقوس الزفاف في عدد من المدن العربية ومنها دير الزور، حيث يقوم العريسان والمشاركون في ليلة الزفاف بالعبور بموكب من السيارات فوقها أو مشيا، وذلك كنوع من العادات والتقاليد، اعتقادا منهم أن هذه العادة تطرد الحسد عن العريسين وتقيم علاقة حب بينهما طول العمر بمباركة نهر الفرات.
أبو سراج، البالغ من العمر 34 عاما، جلس يتأمل بحزن صورة له تجمعه بعدد من أصدقائه التقطت لهم قبل عدة سنوات أي قبل اندلاع الثورة في البلاد مارس 2011، على “الجسر المعلق” أشهر معالم المدينة والذي دمره بشكل كامل قصف متكرر من قبل قوات النظام قبل نحو عام ونصف العام.وقال أبو سراج “إن كل ما دمر من مبان وبنى تحتية يمكن تعويضه وبناؤه من جديد، ولكن خسارة الجسر المعلق التاريخي أحد رموز المدينة هو الذي لا يمكن أن يعوض، حيث ترك دماره أثرا عميقا في نفوس جميع سكان المدينة ومحبّيها ومن قام بزيارتها أو المرور على هذا الجسر ولو لمرة واحدة”.
وأشار إلى أن سكان المدينة عندما سقط الجسر المعلق أطلقوا وقتها حملات على مواقع التواصل الاجتماعي عبروا فيها عن حزنهم وسخطهم من هذا الفعل، لافتا إلى أن هذه الحملات مفادها أنه “ليس على الحبال المعدنية كان الجسر التاريخي معلقا منذ نحو 100 عام وإنما هو معلق بنياط قلوبهم أيضا”.
ويرجع بناء الجسر المعلق بدير الزور إلى عشرينات القرن الماضي، حيث أنشأه الفرنسيون في فترة احتلالهم لسوريا، ويبلغ طوله 450 مترا وعرضه ثلاثة أمتار، ويستند على ركائز وقواعد حجرية ترتفع فوقها أربعة أبراج، ويقوم على الحبال المعدنية التي تربط أجزاءه وتعلقها بالأبراج، ويعتبر ثاني جسر في العالم مبني بهذا الطراز بعد جسر مماثل في جنوب فرنسا وطبعا هذا كله قبل أن تطاله قذائف القصف وتهدمه.من جهته قال الباحث التاريخي، محمد الفراتي، إن نهر الفرات يمر لمسافة تتجاوز 130 كلم في محافظة دير الزور اعتبارا من ناحية التبني غربها، مرورا بمعظم المدن والبلدات القائمة على جانبيه في المحافظة وصولا إلى مدينة البوكمال شرقي المحافظة التي يودع بها الأراضي السورية ليدخل العراق، مشيرا إلى أن عددا من الجسور أقيمت على طول هذا النهر في عدد من المناطق للربط بين ضفتيه، أشهرها يقع في مدينة دير الزور مركز المحافظة.
وأوضح أن أشهر الجسور في المحافظة هو الجسر المعلق ومعظم أهالي محافظة دير الزور وحتى السوريين أو الأجانب ممن زاروا المحافظة يحملون ذكريات جميلة بمشاهدته أو المرور عليه أو التقاط صور فوقه، كونه الجسر المعلق الوحيد في سوريا ومبني على الطراز الأوروبي، وتحيط به بيئة طبيعية فريدة تضم نهر الفرات والأشجار والجزر النهرية.ولفت إلى أنه يوجد في دير الزور، عدا الجسر المعلق، 6 جسور أخرى، أكبرها جسر “السياسية” الذي سمي بهذا الاسم كون فرع الأمن السياسي بدير الزور كان مطلا عليه، وتم تغيير اسمه إلى جسر الشهيد “اسماعيل علوش” بعد سيطرة الجيش الحر وكتائب إسلامية على المنطقة الواقع فيها قبل أشهر.
وأضاف أن هذا الجسر (السياسية) هو الأهم وظيفيا، حيث يصل مدينة دير الزور بريفها الشمالي الذي يصلها بمحافظة الحسكة، ويعد الممر الوحيد لتمرير المواد الغذائية والطبية إلى المدينة التي تحاصرها قوات النظام من جميع الجهات منذ عامين.وأشار الباحث إلى أن هذا الجسر تعرض لقصف مدفعي بالطيران الحربي وقذائف الهاون لعشرات المرات وتضرر جسمه في عدة مواقع إلا أنه لا يزال صالحا لمرور بعض السيارات التي تحمل المواد الإغاثية أو الحافلات التي تقل الركاب، وهو مهدد بالانهيار في أي لحظة.
ولفت إلى أن جسر “كنامات” الذي يعد ثالث أكبر الجسور في المحافظة قامت قوات النظام بقصفه وتدمير الثلث الأخير منه وذلك لتعطيل استخدام مقاتلي المعارضة له للمرور بين شطري المدينة التي يربط بينها الجسر، في حين لحقت أضرار محدودة جسر “البعث” نتيجة القصف من قبل قوات النظام ووقوعه تحت سطوة القناصين التابعين للنظام والمتمركزين على جبل “بورسعيد” المطل على المدينة والأبراج العالية في الجزء الواقع تحت سيطرة قوات النظام في المدينة.
وحول وضع باقي الجسور، بين الفراتي أنه يوجد جسر متوسط الحجم اسمه جسر “الجورة” يقع في القسم الذي ما يزال النظام يسيطر عليه في المدينة، إضافة إلى وجود جسرين معدنيين صغيرين مخصصين للمشاة، الأول يحمل اسم الطفل الفلسطيني “الشهيد محمد الدرة” وهو واقع بحي الحويقة وتم تدميره بشكل شبه كامل، في حين أن جسر الطفلة الفلسطينية “ايمان حجو” القريب منه تم تدميره بشكل كامل قبل نحو عامين. ولتلك الجسور مكانة كبيرة في قلوب السوريين، إضافة إلى أهميتها الاستراتيجية كـ”شرايين حياة” تجمّع أوصال المدينة.


www.deyaralnagab.com