البدو الرحل جنوبي اليمن.. حياة بسيطة في ظروف قاسية!!
21.06.2014
في الصحراء الواقعة بين محافظتي عدن ولحج، جنوبي اليمن، يقطن مئات الأشخاص من “البدو الرحل” القادمين من مناطق بعيدة، ويمارسون طقوس حياتهم اليومية بالطريقة البدائية البسيطة التي ألفوها بعيدا عن متطلبات الحياة التي يعيشها غيرهم من اليمنيين خاصة في المدن.ويتوزع البدو الرحل على عدد من التجمعات السكانية الصغيرة في المحافظتين منها “بئر عوض” و”كود السلا” حيث تشتد درجة الحرارة لأكثر من 40 درجة في فصل الصيف وتعتدل الحرارة في الشتاء، وتسوء الأحوال الجوية لديهم هذه الأيام بسبب زيادة حركة الرياح.
أما منازلهم فهي عبارة عن “عشش” مبنية من الخشب وسعف النخيل والقش (سوق محاصيل الحبوب الجافة بعد إزالة الحبوب والبذور منها)، وتفتقر لأبسط احتياجات الحياة، ويحرصون على ترك مسافة بين كل “عشة” وأخرى حتى يتيحوا مجالا لحركة الماشية لديهم.ويقول البدوي، صالح فاضل (47 عاما) لمراسل الأناضول، إنهم يأتون بحاجتهم من الماء يوميا من آبار قريبة من مساكنهم اعتمادا على الحمير، ويعد الخبز واللبن وجبتهم الرئيسية، ولا يوجد لديهم كهرباء ولا مرافق صحية ولا يمتلكون وسائل نقل ومواصلات آلية أو وسائل اتصالات.ويعتمدون في معيشتهم على رعي الأغنام والأبقار والإبل، كما يقوم بعض الشباب منهم بأعمال بناء في المناطق القريبة منهم.ويقضي البدو الرحل أغلب أوقاتهم في رعي مواشيهم والاهتمام بها، وهو ما ينشأ عليه أطفالهم منذ الصغر، ويغلب على حياتهم البساطة وعدم الكلفة، ويحافظون على العادات والتقاليد الاجتماعية المتوارثة ويحرصون على الالتزام بها قدر استطاعتهم.
وعن التعليم لديهم يقول فاضل في حديثه لمراسل الأناضول، إنه باستثناء عدد قليل من الرجال يجيدون القراءة والكتابة فإن الأمية تنتشر بينهم خاصة في أوساط النساء.من جهته، يقول البدوي علي حسين حمادي (52 عاما) إنهم في السنوات الأخيرة بدأوا ينفتحون على المدينة من حولهم وصاروا بين فترة وأخرى يأتون ببعض الحاجات البسيطة من المناطق والأسواق القريبة منهم.يتطلب منهم ذلك السير مشيا على الأقدام ما يقارب نصف ساعة حتى يصلوا إلى الطريق الرئيسي المرصوف، ومن هناك يستقلون إحدى سيارات النقل للاتجاه بهم جنوبا نحو عدن أو شمالا باتجاه لحج.ورغم ما تبدو عليهم من مظاهر الفقر خاصة في أوساط النساء والأطفال المحرومين من التعليم والصحة وأشياء أخرى، لكنهم يظهرون قدرا كبيرا من القبول بمعيشتهم وظروفهم.
وجميعهم يعملون في تربية الحيوانات وزراعة بعض المحاصيل في الأراضي القريبة من مساكنهم، بينما يعمل عدد من الشباب في الأماكن المجاورة في البناء وبعض الأعمال اليدوية بالأجر اليومي.وعن ظروف انتقالهم يقول فاضل إنهم قدموا قبل أكثر من 30 عاما من محافظتي أبين وشبوة (جنوب) إلى هذه المنطقة بحثا عن الماء والشجر بعد ما جفت الآبار في قراهم، ومع أن أوضاعهم هنا ليست على ما يرام، لكنه لا يرى أنهم سيعودون في الفترة القريبة إلى مناطقهم السابقة.ويقول الباحث الاجتماعي بإدارة البحوث بجامعة عدن عبدالرحمن ناصر مهيب لمراسل الأناضول، إن البدو الرحل في الغالب يحرصون على الالتزام بالعادات التي ورثوها عن آبائهم و أجدادهم، كما يميلون دائما لجعل ممارساتهم اليومية المختلفة أقرب للبساطة نظرا لواقعهم و ظروفهم،ويستدل على ذلك بعدد من المناسبات الاجتماعية كالزواج، حيث يقول إنهم يحيون هذه المناسبة بتكاليف زهيدة وأعباء خفيفة على طرفي الزواج ليوفروا على أنفسهم عناء ومتاعب الزواج التي تكلف غيرهم الكثير من الجهد و المال، فضلا عن إرهاق أهل العروسين وأقربائهم أياما وليالي بالقيام بواجب الضيافة واستقبال الزوار وحجز قاعات عامة مخصصة لهذه المناسبة.
وعن مدى انتشار تجمعات البدو الرحل في المحافظات المجاورة لعدن، قال إنها تراجعت في السنوات الأخيرة، وتكاد تكون منعدمة في بعض المحافظات، لكنها بقيت في هذه المنطقة الواقعة بين محافظتي عدن و لحج، وصارت تعرف بمناطق البدو الرحل.ووفقا لمهيب الذي زار البدو المقيمين هناك أكثر من مرة، يوجد في هذه المناطق بدو رحل جاؤوا من مناطق قريبة في إطار محافظة لحج نفسها، بالإضافة لبدو قادمين من محافظات أخرى مجاورة، كما هو حال البدو المتواجدين في “بئر عوض” و”كود السلا”.ويلاحظ أن حركة “البدو الرحل” تراجعت في السنوات الأخيرة خلافا للفترة السابقة حين كان الناس يبحثون طوال العام عن الماء والمطر لكي يؤمنوا لهم و لمواشيهم حياة أفضل، وذلك لأن قيام الثورة في شمال اليمن وجنوبه ونشوء حركة واسعة في العمران والبناء والتجارة وفرت كثيرا من فرص العمل والمساكن والمصالح، وتضاءل معها اعتماد المواطنين على الماشية كمصدر دخل شبه وحيد كما كان عليه الوضع في السابق.
www.deyaralnagab.com
|