مأسي :سعودي لابنته بعد 36 عاما: أنت لقيطة!!
01.03.2014
“لست ابنتي، أنت لقيطة”.. 4 كلمات سمعتها حنان من الرجل الذي ظلت طوال 36 عاما تعيش في كنفه على أنه أبيها، كانت كفيلة أن تدمر حياتها، فقد طلقها زوجها وحرمت من أبنائها وفقدت عائلة كانت تخالها أسرتها وتم تشريدها في الشارع بلا مأوى.. والأدهى والأمر تعيش حاليا وكل أملها أن تعرف من أبيها بعد أن أصبحت بلا هوية.قصة حنان التي روتها لجريدة “عكاظ” تهتز لها المشاعر، وقد أكد روايتها الجهات المختصة، حتى لا يعتقد أحد أن في الأمر مبالغة.
لعنة الثروة
تروي حنان تفاصيل قضيتها قائلة : «عشت في منزل والدي المزعوم كما تبين لي فيما بعد، وهو موظف حكومي متقاعد وقد سجلني في دفتر العائلة باسمه واسم زوجته وظل يكتم هذا السر عني لأكثر من 36 عاما، لم أشعر خلالها كثيرا بحب وحنان والدي ووالدتي في صغري، وقد زوجني والدي المزعوم وعمري 13 عاما، بعد أن حرمني حياة الطفولة والدراسة».
هنا تسقط دموع مبللة بقسوة الزمن ومرارة المعاناة وتستطرد بالقول «استدعاني والدي بحضور والدتي ذات يوم ليصارحني بالحقيقة التي زلزلت كياني، وقال: (لست ابنتي، أنت لقيطة) وعليك مغادرة المنزل، لم استوعب الموقف ولم اصدق أن والدي الذي ناديته «أبي» سنوات طويلة يتبرأ مني.. هنا صرخت وبكيت بحرقة .. من أنا ومن والدي ومن هي أمي ولماذا تركوني طيلة هذه السنوات».
وتواصل، «تبرأ والدي ووالدتي مني كان عقب أن رزق بثروة كبيرة إثر حصوله على تعويض منازل يمتلكها، وأقنعته زوجته التي كنت أناديها بأمي بكشف حقيقتي كفتاة متبناة، لإبعادي عن الميراث وتحت زعم أنه لا يجوز أن أكشف على أشقائي» .
وتضيف، «قال والدي المزعوم إنه تبناني عندما كان يعمل في حائل، وسجلني بهويته وباسمه، لكنه بعد 35 عاما لم يحتمل كتمان السر»، وأضافت «تبين لي لاحقا أن والدي المزعوم كان يحصل على مكافأة من الشؤون الاجتماعية نظير احتضاني».
وتنتحب حنان بحرقة على ضياع كل هذه السنوات من عمرها في كنف والد مزيف، خاصة أنه تسبب في تدمير أسرتها، فقد طلقها زوجها بعد أن علم بالأمر، وتركها بعد أن أخذ منها أبناءها وبناتها.
وتتذكر حنان بدموع وحسرة وآهات تخرج من جوفها، كيف حرمها والدها المزور والذي قيدها باسمه واسم زوجته من التعليم، وظل يجلب لها العرسان ليتخلص منها سريعا، وزوجها في عمر 13 عاما، وكيف كانت تتوسل طويلا لأمها كي تثنيه عن تزويجها بهذه الطريقة.
عملت خادمة
وتروي حنان وضعها الحالي فتقول «قاربت الأربعين من عمري، تنقلت بين بيوت لأسر أعرفها ما بين مكة وجدة والطائف، وكلما ضاقوا بي طردوني أو طلبوا مني المغادرة، لجأت إلى الشؤون الاجتماعية بمنطقة مكة المكرمة، واستقبلني مدير الحماية الاجتماعية صالح سرحان الغامدي وساعدني ووفر لي سكنا مؤقتا قبل عام في دار حماية الفتيات وقام بتسجيل حالتي، كما خاطب والدي المزور للتعرف على القصة، ومكثت في دار الحماية مدة الاستضافة وهي أربعة أشهر، لأخرج مرة أخرى إلى الشارع، فلجأت للعيش بساحات المساجد والتشرد في المراكز التجارية الكبرى، وعملت لدى إحدى الأسر كخادمة مقابل أن أوفر لنفسي مسكنا ولقمة عيش، ثم تنقلت بين المنازل، لعدم مقدرتي على العمل ساعات طويلة مرهقة، وأنا من تعودت على العيش بين أشقائي وشقيقاتي ومعنا خادمات وسائقون».
من ضياع إلى ضياع
وأضافت، «تقدمت بمساعدة الشؤون الاجتماعية، كما شرحت حالتي لإمارة منطقة مكة المكرمة للنظر في وضعي، فصدر توجيه بمتابعة شخصية لمشكلتي وبحثها على وجه السرعة، وقيدت المعاملة برقم 33201511610/خ بتاريخ 28/2/ 1433هـ وعليه قامت إدارة الشؤون الاجتماعية بمخاطبة شؤون حائل بخطاب رقم 1837/18 بتاريخ 3/3/ 1434، والتأكد من الدعوى، وجاءت المفاجأة أنني قيدت باسمي، وأحمل اسما لأب آخر، وأن ملفي مفقود، وبدأ مشوار العذاب بين مكاتب المسؤولين في كل من جدة، وحائل، ومكة».
أصرت حنان على معرفة عائلتها، كيف استطاع المربي الحصول عليها.. كيف استطاع تسجيلها باسمه وباسم زوجته بشهادة ميلاد تم استخراجها من مدينة حائل.. من هم الشهود الذين عايشوا قضيتها.. كل هذه التساؤلات عن هويتها المفقودة دفعت بها إلى الخضوع للتحليل الـخاصة بالحمض الوراثي DNA، وقد أثبتت هذه التحاليل اختلاف الحيوية الوراثية بينها وبين الأب المزور.
وعادت تكفكف حنان دموعها وتقول «ثمة مفاجأة أخرى أن سيدة مسنة بحائل أخبرتني أني ابنة شرعية لرجل تهرب من نسبي خشية فقدان زوجته وأبنائه، وأكدت لي أيضا أنه وهبني قطعة أرض كتبت باسم المتبني، كما وهبني مالا لتزويجي».
طلاق
من جانبه، بادر زوج حنان بطلاقها على الفور وأخذ أبناءها، وهنا تروي معاناتها مع زوجها بالقول «طلقني زوجي برسالة جوال أثبتتها المحكمة الشرعية، معتبرة طلاقها من زوجها الذي أنجبت منه ستة أبناء – طلاق بينونة كبرى لا تحل له حتى تنكح زوجا غيره نكاحا شرعيا لا نكاح تحليل»، وتضيف «أخذ زوجي أبنائي وذهب بهم إلى إحدى المدن الجنوبية ولا أعرف عنهم حاليا أي شيء، بعد أن افتعل معها المشاكل ووصفها بـ(اللقيطة) وألفاظ نابية أخرى».
وطالبت حنان في نهاية حديثها، بمساعدتها العاجلة وتوفير مسكن مناسب لها حتى لا تتعرض للابتزاز والتشرد والطرد من مكان لآخر، رافضة العودة مرة أخرى إلى دار الحماية كونها تريد لم شمل أبنائها والعيش في أمان وستر، والتسريع في استبدال بطاقة هويتها الوطنية وتعديل اسمها ونسبها، كونها لا تطيق حمل بطاقة لأب مزور طردها وجعلها تعيش الذل والمهانة على حد تعبيرها، إضافة إلى تصحيح وضعها القانوني، وتشكيل لجنة للتحقيق في قضيتها ومعاقبة كل من ساعد في تزوير أو طمس أو تغييب الحقيقة.
تأكيد رسمي
هذا وأوضح مدير لجنة الحماية بجدة صالح سرحان أن لجنة الحماية الاجتماعية توثقت من الواقعة، وطلب من الأب إثبات ما لديه من أوراق ثبوتية فأنكرها، وعليه تم تبليغ الأدلة الجنائية، والتي باشرت أخذ عينات من الجينات الوراثية للأب والأخت حنان، وتبين من التحاليل عدم ثبوت قرابة بين الطرفين.
وأضاف سرحان، المواطنة حنان وصلت إدارة الحماية معنفة من والدها وتم إسكانها والتعامل مع حالتها واستدعاء والدها الذي أنكر أنها ابنته وبعد أربعة أشهر تقريبا حضر ابنها وطلب والدته ووافقت على مغادرة الدار معه، مستغربا كيفية تسجيل مواطن، لفتاة واستحواذه على «ابنة» من دار الأيتام.
من جهته أكد الدكتور عمر الخولي المستشار القانوني في هيئة حقوق الإنسان، الهيئة لم تتلق حتى الآن أي شكوى أو بلاغ عن هذه المواطنة، ويضيف «بصرف النظر عن تفاصيل الواقعة التي لا بد وأن تظهر حقيقتها لاحقا فإن هذه السيدة لها حزمة من الحقوق الأساسية التي تتمتع بها لمجرد كونها إنسانة، ومن المستغرب أن يتم فحص الحمض النووي بناء على طلب وزارة الشؤون الاجتماعية التي كان الأولى بها أن تحيل ملف الواقعة للقضاء حتى يتم عن طريقه تحليل الحمض النووي وإثبات النتائج في صك شرعي، فضلا عن تثبيت واقعة التزوير على كل من تسبب في تسجيل الفتاة بغير اسم والدها الحقيقي أو باسم خاص».
www.deyaralnagab.com
|