شجرة الأرغان الشامخة في المغرب: ظلال وغذاء ودواء!!
20.05.2023
فلنأخذ استراحة من الأخبار المروعة، ولنقرأ قصة قصيرة عن شجرة وزجاجة من الذهب السائل وهدية زفاف.لا جدوى من التذكير بكون جميع الأشجار من الكائنات الحية المذهلة، ذات النظام الحيوي الهائل لامتصاص المياه من خلال جذورها، والتنفس من خلال أوراقها لجلب هذه المياه إلى جذعها وأغصانها وأوراقها.وتعدّ الأشجار مصادر لجلّ الأكسجين الموجود على الأرض بفضل امتصاصها للغازات الضارة التي تسبب الانحباس الحراري. وتساهم جذورها في إصلاح الأرض، وبالتالي تقليل مخاطر المزيد من تدهور التربة والتصحر مع تنقية الهواء.
تبرز من بين الأشجار واحدة مميزة، وهي شجرة الأرغان. وتندرج ضمن الأنواع المحلية في منطقة جنوب الصحراء وجنوب غرب المغرب، حيث تنمو في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.وشجرة الأرغان هي النوع المحدد للنظام البيئي للغابات الغني بالنباتات المستوطنة، والذي يُعرف بـ”أرغانيري”. وهذا النظام قادر على الصمود في بيئة قاسية في ظل ندرة المياه وخطر التعرية والتربة الفقيرة.وكانت شجرة الأرغان تنمو في جميع أنحاء شمال أفريقيا، لكنها لا تنتشر اليوم سوى في جنوب غرب المغرب. ويُقدر أنها ثاني أكثر أنواع الأشجار انتشارا في الغابات المغربية، حيث تنمو أكثر من 20 مليون شجرة في المنطقة.كما أنها واحدة من النباتات البرية في العالم التي يستخدمها ما يقارب 3.5 إلى 5.8 مليار شخص، ويعتمد عليها مليار شخص في سبل عيشهم وأمنهم الغذائي.
وتوفر النباتات البرية فوائد اقتصادية وغذائية جمّة للمجتمعات في جميع أنحاء العالم. وارتفعت قيمة التجارة العالمية للنباتات الطبية والعطرية وحدها بين 2000 و2020 بأكثر من 75 في المئة، وفقا لتقرير منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو).لكن اثنين من كل خمسة أنواع من النباتات في العالم معرضان لخطر الانقراض بسبب خسارة الموائل والاستخدام غير المستدام وتغير المناخ.
وتوجد حالة واحدة فقط من هذه الأنواع من النباتات البرية المخفية على مرأى من الجميع، حيث يمكن العثور على الأرغان في مستحضرات التجميل والمواد الغذائية والأدوية.وتُعتَمد خصائصه المضادة للشيخوخة في الغالب باستعمال منتجه الزيتي، ويحظى بشعبية واسعة في مستحضرات التجميل، وجعل منه الطلب في صناعة الأغذية أغلى زيت صالح للأكل في العالم، حسب منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة.وتقول الأمم المتحدة عن الشجرة بمناسبة اليوم العالمي للأرغان هذا العام، بأنها تحتمل درجات حرارة تصل إلى 50 درجة مئوية.
وتعدّ الشجرة حصنا حقيقيا ضد التصحر، حيث يمكن أن يصل ارتفاعها إلى 10 أمتار ويمكن أن تعيش لمدة 200 عام، كما توفر غاباتها المنتجات الحرجية والفواكه والأعلاف.وتعتبر أوراق شجرة الأرغان وثمارها صالحة للأكل وذات قيمة غذائية عالية وتشكل احتياطي علف حيويا لجميع القطعان حتى خلال فترات الجفاف.وتُستخدم حطب وقود للطبخ والتدفئة، كما تُستخدم في إعداد الأدوية ومستحضرات التجميل.وكانت شجرة الأرغان الدعامة الأساسية على مدى عدة قرون للمجتمعات الريفية الأصلية من البربر والعرب التي طورت ثقافة وهوية محددة، وتقاسمت معارفها ومهاراتها التقليدية من خلال التعليم غير الرسمي، ولاسيما المعرفة الفريدة المرتبطة بعمل النساء في الإنتاج التقليدي لزيت الأرغان.
ولا يشمل نظام الأرغان الزراعي سوى الأنواع المتوافقة محليا ويعتمد على إدارة المياه التقليدية التي يوفرها خزان لمياه الأمطار محفور في الصخر. ويساهم بالتالي في التخفيف من تغير المناخ ويعزز التكيف معه والحفاظ على التنوع البيولوجي.لم نبلغ نهاية القصة بعد، فنحن لم نتحدث كثيرا عن الزيت المستخرج من بذور الأرغان المشهور عالميا وذي الاستعمالات المتعددة، خاصة في الطب التقليدي والتكميلي وفي صناعات الطهو ومستحضرات التجميل.
يُذكر أن زيت الأرغان يُقدَّم في هدايا الزفاف ويستخدم بكثرة في تحضير أطباق الأعياد. وتتخذ ثمرة شجرة الأرغان شكل حبة خضراء أو صفراء فاتحة في وسطها لب مكون من عدة بذور مملوءة بالزيت. وتُعتمد قرابة 150 كيلوغراما من الفاكهة لإنتاج 3 لترات من زيت الأرغان.
ويُقال إن نساء البربر في شمال أفريقيا كن يصنعن زيت الأرغان لأغراض الطهو ومستحضرات التجميل منذ القرن الثالث عشر.
ويذكر اليوم العالمي لشجرة الأرغان أن الثمار تُقطف يدويا قبل تجفيفها في الشمس، ثم تُفرز وتُفصل وتُطحن وتُخلط. وتُهرس بذورها لاستخراج الزيت منها.
وتقود النساء عملية الاستخراج بأكملها من خلال معرفتهن المنقولة من جيل إلى جيل. وتعتمد النساء الريفيات (والرجال الذين يعيشون في المحمية بدرجة أقل) الأساليب التقليدية لاستخراج زيت الأرغان من ثمار الشجرة.
وتنتقل المعرفة التقليدية الخاصة باستخراج الزيت واستخداماته المتعددة بشكل منهجي بين “نساء الأرغان” اللاتي يعلّمن بناتهن كيفية استخدامه منذ الصغر.
ماذا ننتظر من الشجرة أيضا؟
www.deyaralnagab.com
|