السوريون يعودون إلى زيارة قلعة جعبر الأثرية!!
14.06.2022
قلعة جعبر (سوريا) - خلال سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية على مساحات شاسعة من سوريا، شكّلت قلعة جعبر الأثرية في شمال سوريا منطلقاً لهجمات الجهاديين.. لكنها اليوم عادت مقصداً لزوار باحثين عن متنفس بعد توقف المعارك.
داخل القلعة التي هي بمثابة شبه جزيرة تقع على الضفة الشمالية لبحيرة الأسد شمال غرب مدينة الطبقة، يتسلّق زوار السلالم للصعود الى الأبراج المرتفعة والتمتع بعبق التاريخ والطبيعة. يلتقط أطفال صورا تذكارية في أنحائها وقرب حصونها. بينما تكتظ ضفاف البحيرة الرملية التي تشكلت في السبعينات إثر بناء سد الطبقة، بالرواد.
ويقول أغلب الزوار وخاصة من سكان الرقة إنهم كانوا يرتادون القلعة كل جمعة خاصة في فصل الصيف لكنهم حرموا من ذلك طيلة اربع سنوات بسبب سيطرة الدواعش عليها وتحويلها إلى ثكنة عسكرية.
ويقول عبدالله الجابر (41 سنة)، وهو من سكان مدينة الرقة التي كانت تعد المعقل الرئيسي لتنظيم الدولة الإسلامية في سوريا قبل دحره، “لي ذكريات كثيرة هنا (..) مضت عشر سنوات تقريبا لم أزر خلالها القلعة جراء ظروف الحرب”.
ويبدي سعادته لتمكّنه أخيراً من اصطحاب أطفاله الى القلعة بعدما كانوا يتصفحون صوراً من طفولته أثناء مشاركته في رحلات مدرسية الى الموقع.
ويوضح الجابر “كان حلمهم أن يزوروا قلعة جعبر والأماكن التي زارها والدهم، واليوم أحضرتهم ليروها على أرض الواقع”.
وتتميز القلعة بشكلها البيضوي وتقوم على قاعدة صخرية مرتفعة عند مضيق صخري يمر منه نهر الفرات مما يساعد على مهمة الإشراف على هذا الممر المائي الحيوي جداً وكذلك الإشراف على الضفة الشامية المقابلة لذلك تجذب القلعة زواراً من مناطق سورية مختلفة.
ويتم الدخول إلى القلعة بواسطة نفق محفور في قلب الصخر ويتكون عمرانها من مجموعات سكنية ومستلزماتها، ومن مرافق عامة وجامع تعلوه مئذنة مستديرة مزدانة بزخارف كتابية، وهي واحدة من ثلاث مآذن اشتهرت في المنطقة والاثنتان الأخريان هما مئذنة أبي هريرة ومئذنة مسكنة، ويحيط بالقلعة سوران مدعمان بالأبراج ذات الأشكال المختلفة.
وتعدّ القلعة من أهم القلاع التاريخية ذات الطابع الإسلامي في سوريا، ويعود بناؤها، وفق خبراء آثار، الى العصور السلجوقية والمملوكية.
وتُنسب القلعة إلى جعبر بن سابق القُشيري الذي عاش في القرن الخامس الهجري وسيطر عليها السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان السلجوقي سنة 1086 بعد حصار دام يوماً وليلة وتمكن نورالدين محمود بن زنكي من فتح القلعة سنة 1168.
وفي القلعة مسجد و35 برجاً بعضها مربع وآخر نصف مسدس ونصف مثمن وهناك نصف الدائري.
ونتيجة التغييرات المناخية والأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة في الأعوام الماضية وتوقف عمليات الترميم، تهدمت أجزاء من القلعة وتعرض البرج المعروف باسم البرج الغريب للتصدع، بالإضافة إلى برج آخر من أبراج المراقبة، إن لم يتم التدخل بشكل سريع وترميم هذه الأبراج، حسب المسؤولين في لجنة السياحة والآثار بالطبقة.
وسمّي برج الغريب بهذا الاسم نظرًا لطبيعة بنائه الغريبة، حيث بنيت قاعدته من الطين والجزء العلوي من الحجر.
وكانت القلعة تضمّ أيضا متحفاً يعرض عشرات القطع الفخارية تعرّض للنهب عام 2013.
ويقول محمّد (45 عاماً) الذي استخدم اسماً مستعاراً خشية من خلايا التنظيم التي ما تزال تثير الخوف في المنطقة، “استخدم التنظيم القلعة وأنشأ على أطرافها خنادق لتدريب أشبال الخلافة”، في إشارة الى أطفال وفتيان ضمّهم التنظيم إلى صفوفه. ويتذكّر كيف كانت “زيارة القلعة ممنوعة على السكان باعتبارها منطقة عسكرية”.
ويعبّر محمد، بينما يجلس أمام طاولة في مطعم مشرف على البحيرة التي تجوبها زوارق صغيرة تقل السواح المحليين، عن فرحه لأن “المكان بدأ يستعيد عافيته ويقصده الناس للتنزه باستمرار خلال فصل الصيف”.
وعلى ضفاف بحيرة الأسد، ينفث شبان دخان نراجيلهم، وتفترش عائلات الأرض مع أطعمة وفواكه، ويلهو أطفال قربها، بينما تصدح أصوات الموسيقى في الأرجاء.
ومن محافظة اللاذقية الساحلية، قصد رضوان قهواتي (40 عاماً) القلعة برفقة زوجته وأطفاله في رحلة استغرقت ساعات في السيارة، تجاوبا مع رغبة ابنته التي درست عن القلعة في المدرسة.
ويقول قهواتي “أتينا الى القلعة للسياحة والترفيه والسباحة.. الحمد لله نحن سعداء بالزيارة”.
وأشار ت مديرية السياحة وحماية الآثار بالطبقة في وقت سابق إلى أنه “سيكون هناك مشروع ضخم يضم جميع المواقع الأثرية في محافظة الرقة وستكون هناك فرق دولية مختصة في حماية الآثار وترميمها، ستعمل على ترميم المواقع الأثرية في عموم المنطقة”.
www.deyaralnagab.com
|