logo
1 2 3 41120
العنب فاكهة كل اليمنيين تعاني من الأزمات!!
15.09.2021

**يشهد موسم الخريف من كل عام في اليمن، جني عدد من ثمار الفواكه التي تتمتع بمذاق ونكهة خاصة، بما فيها فاكهة العنب التي تنفرد بجودة عالية، لكن في السنوات الأخيرة لم تعد الكروم تجود بجني مجز نتيجة نقص الوقود والأسمدة الفاعلة التي غابت عن الأسواق وارتفع ثمنها.
صنعاء - ككل شيء في ما كان يُعرف باليمن السعيد، يعاني مزارعو العنب من تداعيات حرب مستمرة منذ نحو 7 سنوات، ما أثّر سلبا على هذه الفاكهة، التي كانت تنتظرها أسواق الداخل وأخرى خارجية.
كان هناك 40 صنفا من “عنب اليمن”، ولكنها تقلصت حاليا إلى حوالي 20، وأكثرها شهرة وشيوعا ثلاثة أنواع، هي “الرازقي” ذو اللون الأبيض، وهو الأجود على الإطلاق، و”العاصمي” نسبة لغراسته في ضواحي العاصمة صنعاء (شمال)، إضافة إلى “الأسود والأحمر”.
لكن هذه المهنة العريقة في اليمن تتأثر منذ سنوات بسبب وضع البلد وأزماته التي لا تكاد تنتهي حتى تبدأ من جديد، إذ باتت كروم العنب تنزف هي الأخرى مع تعرضها للعطش وضعف رعايتها وفقدانها مساحات واسعة.
كما أدت أزمة شح الوقود إلى عجز الفلاح عن ري العنب رغم أن المزارعين اتجهوا إلى الاعتماد على الطاقة الشمسية، يقول يحيى حسين عزالدين من بني حشيش “إن شجرة العنب تحتاج إلى قرابة 7 – 8 عمليات ريّ منذ بداية الموسم وحتى نهايته، بمعدل شهر واحد بين كل عملية ري وأخرى”.
ويضيف أن شجرة العنب تتطلب من الفلاحين توفير ما تحتاجه من المبيدات والأسمدة الفاعلة التي غابت عن الأسواق اليمنية، حيث طغت عليها منتجات مستوردة ومهربة بلا ضمانة ولا رقابة ولا فاعلية. ويستمر موسم جني العنب في البلاد بين يوليو ونوفمبر من كل عام‎.
على مشارف صنعاء، وفي منطقة بني حشيش الشهيرة بغراسة العنب، يقول عوض العزب إن “الوضع الحالي للبلاد أعاق الفلاح عن التصدير إلى المدن الأخرى، مثل عدن (جنوب)؛ بسبب ارتفاع أجور النقل وغلاء المشتقات النفطية، ما يفقدنا ثلث قيمة العنب في تلك الأجور ونفقات السفر الطويل، مما جعل المزارعين في عناء”.
وتابع “كما يبدو فإن شجرة العنب بدأت تتناقص أعدادها وقد تنقرض؛ بسبب زيادة النفقات وعدم توفر المشتقات النفطية، سواء للري أو النقل، وكذلك عدم توفر المبيدات الفعالة، والتي حلّ محلها في الأسواق المواد المزيفة”.
وبحسب تقارير سابقة صادرة عن الاتحاد التعاوني الزراعي التابع لوزارة الزراعة، فإن اليمن ينتج من العنب ما يزيد عن 163 ألف طن سنويا. وتفيد إحصاءات بأن غراسة العنب تحتل المركز الأول بين مختلف أصناف الفاكهة في اليمن، إذ يبلغ متوسط مساحة الكروم نحو 35 في المئة من إجمالي المساحة الجملية للغراسات.
وتتركز غراسة أشجار العنب بالمناطق ذات الطقس البارد والمعتدل، وتعد مناطق بني حشيش، خولان، سنحان، بني الحارث، أرحب، همدان ووادي ظهر بمحافظة صنعاء أهم المناطق التي تشتهر بغراسة ما يزيد عن 20 نوعا من العنب، كما توجد أشجارالعنب في بعض مناطق محافظة صعدة، ومناطق متفرقة في محافظتي الجوف والبيضاء.
ويُغرس العنب في المناطق ذات الطقس البارد المعتدل، ومنها المناطق المحيطة بمدينة صنعاء التي تشتهر بغراسة ما يزيد عن 20 نوعا من العنب، وبينها بني حشيش (30 كلم شرق صنعاء) وهي من أخصب مناطق غراسته.
وكذلك مناطق بني الحارث، ووادي ظهر (شمال صنعاء)، ومحافظة صعدة (شمال)، ومنطقة خولان (جنوب شرق)، وتستحوذ صنعاء وحدها على 80 في المئة من مزارع العنب.
وقال عبدالمجيد الإهجري، مواطن يمني، إن “العنب اليمني يعتبر من أفضل وأجود الأنواع في العالم؛ لأنه لا يحتوي على مواد كيمياوية أو عملية تهجين.. العنب اليمني يؤكل كما خلقه الله”.
ويحظى العنب اليمني بقبول واسع لدى المستهلكين ممن يحرصون على اقتنائه للاستمتاع بمذاقه والاستفادة من محتوياته من العناصر ذات القيمة الغذائية والعلاجية التي تساعد على خفض ضغط الدم فضلا عن أنه غني بالفيتامينات.
ويمكن الحصول على الزبيب من خلال تجفيف العنب بواسطة الشمس أو المجففات الشمسية الحديثة، ويمتاز الزبيب اليمني “البلدي” بمذاق فريد ونكهة خاصة، ويمكن تمييزه عن غيره من أنواع الزبيب الخارجي التي يتواجد معظمها في الأسواق المحلية.
من جانبه أوضح الفلاح عبدالله حمود مصلح من أهالي قرية الرونة في المديرية أن غراسة العنب تتطلب تأمينه لمبلغ مالي لمواجهة احتياجات مزارع العنب الخاصة به من نفقات تسبق موسم الحصاد، أبرزها شراء مادة الديزل اللازمة لري أشجار العنب.
ولفت إلى معاناة المزارعين جراء ارتفاع أسعار الديزل والأسمدة ومبيدات الآفات النباتية، وخصوصا في السنوات الأخيرة مع انهيار الريال. وقال الإهجري إن “الحرب والأزمة التي نمر بها أثرت تأثيرا جذريا على الجميع، بمن فيهم الفلاح”.
وأوضح أن “هناك من المزارعين من لم تعد لديه أرض مغروسة بالعنب، وآخرين تقلصت غراساتهم من العنب 100 لبنة (لبنة واحدة تساوي 44.4 متر) إلى 50 لبنة، ولا يزالون في حالة كفاح مستمر”.
وتابع “كذلك مع الزحف العمراني، باع مزارعون كثيرون أراضيهم لبناء مساكن؛ بسبب الكثافة السكانية المتزايدة، بالإضافة إلى تضاعف نفقات وخسائر غراسة العنب، وعدم تحقيق عائد مرض، ما أدى إلى عزوف كبير ومخيف من أرباب غراسة هذه الفاكهة”.
وأضاف “هناك إهمال من جانب الحكومة في استصلاح المساحات الشاسعة، ومساعدة الفلاح في توفير احتياجات غراسته من مبيدات وأسمدة وغيرها وكذلك عمل السدود المائية، لغرض تعزيز صمود هذه الفاكهة أمام تحديات توسع شجرة القات”.
واختتم عوض العزب حديثه بدعوة كل من وزارة الزراعة والمنظمات المعنية إلى ضرورة “دعم المزارع للاستمرار في غراسة العنب، هناك مزارعون حولوا غراساتهم من العنب إلى شجرة القات، التي تنتج عدة مرات في العام وتُكسب الفلاح أكثر، بينما العنب يُحصد مرة واحدة سنويا”


www.deyaralnagab.com