logo
1 2 3 41135
طب الأعشاب في سلطنة عمان عودة إلى الوراء!!
14.04.2021

لا يزال الطب الشعبي الذي يعتمد على الأعشاب والنباتات يحظى باهتمام كبير لدى العمانيين لما له من دور فاعل في علاج وشفاء العديد من الأمراض تحت إشراف أطباء وحكماء شعبيين، سواء في منازلهم الخاصة أو في عيادات مرخصة، بعضهم اكتسب الخبرة بالوراثة والتجربة والبعض الآخر اكتسبها بالدراسة والبحث.
مسقط - في العصر الذي تنتشر فيه كليات الطب والصيدليات والمستشفيات العصرية في سلطنة عمان، مازالت أسواق بيع الأعشاب الطبية مزدهرة، بل زاد الإقبال عليها مع ظهور وباء كورونا الذي احتار فيه علماء العالم قبل أن يجدوا له لقاحات مازالت مثار جدل وشك.
ومازال العمانيون يلجأون إلى الطب الذي يعتمد في أغلبه على الأعشاب والأشجار الجبلية نظرا لنتائج العلاج التي يحصلون عليها في بعض الأحيان، حيث يقف الطب الحديث حيال بعض الأمراض موقف الحيرة كما حصل مع فايروس كورونا في السنة الأولى من ظهوره.
يقول المواطن حسن الندابي “وصفات الأعشاب والطب الشعبي التقليدي معروفة في السلطنة منذ مئات السنين، حتى أن الأجداد كانوا يعتمدون عليها في التداوي، وكان في كل منطقة وقرية شخص معروف بأنه حكيم في ذلك يتوجه إليه المرضى للحصول على وصفات طبية”.
وشاعت على وسائل التواصل الاجتماعي منشورات تروج لاستخدام وصفات عشبية وخلطات لعلاج مرضى كورونا، وأخرى للوقاية من فايروسات الجهاز التنفسي ورفع كفاءة الجهاز المناعي من أجل التصدي لواحد من أكثر الفايروسات انتشارا في العالم.
ويقول أحد تجار الأعشاب في مسقط إنه إثر تفشي الوباء زاد الإقبال على الحرمل لأنه ثبتت علميا قدرته على القضاء على الكثير من البكتيريا والفايروسات، ولهذا أقبل الناس عليه باعتبار أنه على الأقل يحصن الإنسان من الفايروس، كما زاد الإقبال على عشبة بعد أن قال البعض إنها تقضي على الفياروس “لكنني كتاجر أعشاب أؤكد أن ذلك الموضوع لم يحسم بعد خاصة أن المختبرات العلمية هي المنوطة بتأكيد ذلك”.
ويكثر في السلطنة انتشار نباتات المنطقة المدارية، كما تنمو أنواع أخرى من النباتات في المناطق الجبلية، في حين يوجد نوع آخر من النباتات ينمو في الكثبان والمناطق البرية ويُعرف بالنباتات البرية.
وفي دراسة لجامعة أدنبرة لاحظ الباحثون أن 76 نوعا من هذه النباتات توجد في السلطنة فقط ولا أثر لها في أي مكان آخر في العالم، وقامت عالمة النبات الألمانية أنيت باتزلت بتأليف كتاب عن النباتات العمانية استمرت في كتابته 4 سنوات متواصلة، حيث استطاعت توثيق أنواع النباتات المختلفة في عمان وحددت الأنواع المعرضة للانقراض والمتوطنة وغير ذلك من التصنيفات الأخرى.
وتقول الصيدلانية نوال العلوية “يلجأ البعض إلى الأعشاب والعلاجات الشعبية لأنها لا تحتاج إلى وصفة طبية ويمكن الحصول عليها بسعر أقل أحيانا من أي محل عطارة”.
ورغم تحذيرات الأطباء والصيادلة من أن العطارين يقومون بتحضير خلطاتهم العشبية بطرق عشوائية غير مدروسة، مما يجعل تلك الخلطات خطرا على المستهلك، زاد الإقبال على هذه الأعشاب في الآونة الأخيرة.
ويؤكد هؤلاء الأطباء أن جهل العطارين بالحالة الصحية للمستهلك، كوجود حساسية تجاه نوع معين من الأعشاب والمضاعفات التي قد تظهر جراء استخدام خلطاتهم العشوائية، قد يضر بصحة الناس.
ومعظم الأدوية العشبية التي توصف للمرضى بدائية، إذ يُنصح بنقعها أو غليها في الماء ثم شربها، أو يوصَى بطحنها وعجنها واستخدامها كمراهم وزيوت توضع في أماكن الإصابة.
تقول المواطنة سامية الرواحية “الوصفات الشعبية والأعشاب جيدة لعلاج الكثير من الأمراض، لكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل كلي لأنها لا تنجح دائما، وأحيانا لا بد من الذهاب إلى الطبيب في الحالات الخطيرة، وحتى لو نجحت في مداواة بعض الأشخاص ربما لا تنجح في معالجة آخرين”.
ويؤكد المعالجون بالأعشاب أن الشخص الذي يدخل حقل التطبيب لا بد أن يكون على درجة كبيرة من المعرفة الحقيقية بخواص الأعشاب المختلفة، وهذا لن يتاح له إلا من خلال التعلم والتجربة، لأن سوء استخدام العشب قد تكون له آثار سلبية خاصة إذا كان هذا العشب من النوع السام.
ويرى هؤلاء المتخصصون في طب الأعشاب أن عودة المستشفيات العالمية المتخصصة في علاج الأمراض المستعصية إلى الأعشاب واستغلال خواصها في إيجاد حلول للكثير من المعضلات والأسقام إنما تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أهمية عودة الإنسان إلى الطبيعة واستخراج ما تضمه من عناصر فاعلة في القضاء على الكثير من الأمراض التي مازالت تبحث عن علاج لها.
وتحرص وزارة الصحة العمانية على تنظيم قطاع طب الأعشاب من خلال متابعة المنتج العشبي في السوق، حيث لا ينتهي الأمر بطرحه في الصيدليات أو المؤسسات الصحية الخاصة ومحلات العطارة قبل التأكد من حالته ومما إذا كان يسبب أي آثار عكسية وتعقب مدى جودته.
وتنتشر في السلطنة عيادات التداوي بالأعشاب، أشهرها “عيادة الطب الشعبي” التي تم بعثها سنة 1988 بأوامر السلطان قابوس بن سعيد، وذلك للحفاظ على هذا الموروث، ويوجد فيها العديد من الأطباء المتخصصين والأدوية التي يتم استعمالها لعلاج أمراض مختلفة لا يمكن حصرها.
ويقول منصور الوهيبي، حكيم أعشاب، إن لديه شهادة في مجال هذا الطب حيث درس طب الأعشاب لمدة خمس سنوات وقد قام بتأسيس مركز له يحتوي على أكثر من 200 عشبة جلبت من البيئة العمانية ومن بلاد الشام ومصر.
وأضاف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية أنه يتم التوصل إلى معرفة الفوائد الطبية من خلال الرجوع إلى المراجع العلمية التي تتحدث عن الأعشاب ومكوناتها وفوائدها الطبية، وكذلك من خلال الاستعانة بخبرات العمانيين الذين يتعاملون مع الأعشاب منذ فترة طويلة، إضافة إلى قيامه بتحليلات للأعشاب من أجل تحديد فوائدها ومضارها قبل إعطائها للمريض.
وأوضح أنه يتم في بعض الأحيان الاعتماد على التقارير الطبية لمعرفة المرض الذي يعانيه الشخص، ومن ثم يتم تقديم وصفة الدواء، وفي أحيان أخرى يتم تشخيص المرض بناء على الآلام التي يحس بها المريض. وأشار إلى أن هناك مراجعين يأتون من دول الخليج، إضافة إلى المراجعين من داخل السلطنة.


www.deyaralnagab.com