المغرب: ريفيون ينظمون «مسيرات العطش» في اتجاه المحافظات… والسلطات تبحث عن حلول للتغلب على ندرة المياه!!!
12.08.2024
الرباط ـ اعتاد أهالي مجموعة من القرى المغربية النائية، خاصة في الجنوب الشرقي والوسط، أن ينظّموا مسيرات طويلة على الأقدام تفوق مسافتها 20 كلم أحياناً، أطلق عليها “مسيرات العطش”، من أجل إيصال صوتهم إلى محافظي الأقاليم المعنية، لإيجاد حلول لمشكلة ندرة المياه، بحفر الآبار والاستفادة من مياه السدود وبناء خزانات للماء. ويتدخل رجال سلطة محليون، بطريقة سلمية حضارية، لإقناع المحتجين بالعدول عن المسيرة، مع إعطاء وعود لحل مشكلتهم.هذه المشاهد التي تكررت منذ أيام مع اشتداد حرارة الصيف، تعكس حقيقة أزمة بدأت تنتشر في الكثير من مناطق المغرب، ولم يعد الأمر مقتصراً على الأرياف، بل شمل حتى بعض المدن. ففي مدينة سطات كما في مدينة برشيد (جنوب مدينة الدار البيضاء)، تستمر معاناة السكان مع الانقطاع اليومي المتكرر للماء المخصص للشرب وفي أحسن الأحوال ضعف الصبيب، وتتفاقم المعاناة خلال شهور فصل الصيف الحار التي تشهد استهلاكاً متزايداً لهذه المادة الحيوية والتي باتت نادرة بالبلاد بسبب تعاقب سنوات الجفاف.وصباح أمس الإثنين، شرعت السلطات على مستوى محافظة الدار البيضاء ـ سطات ومدينة مراكش في إغلاق الحمامات التقليدية لمدة ثلاثة أيام كل أسبوع، في ظِل الأزمة المائية التي تشهدها البلاد، إذ أكدت مصادر خاصة بـ “القدس العربي” أن السلطات المعنية “أشعرت أرباب الحمامات عشية الأحد بالقرار، دون أن تترك لهم الفرصة لتدبير أوضاعهم قبل الإغلاق الجديد”.ويأتي هذا القرار أياماً بعد تصريحات نبيلة الرميلي، رئيسة المجلس البلدي لمدينة الدار البيضاء، قالت فيها إن “الوضع المائي في المدينة ونواحيها قلق وحرج” وأشارت إلى أن العاصمة الاقتصادية باتت تعتمد بشكل كلي على المياه القادمة من نهر أبي رقراق عبر مشروع “الطريق السيار المائي” الأول من نوعه في المغرب، والذي جرى إحداثه آب/ أغسطس السنة الماضية.ونبَّهت رئيسة بلدية الدار البيضاء المسؤولين إلى التحديات المتزايدة المرتبطة بتوفير الماء الصالح للشرب، خاصة في الأحياء الواقعة جنوب المدينة نفسها، ولم تستبعد احتمال انقطاع المياه في المستقبل القريب. وأفادت أن تدفق المياه قد انخفض بالفعل بنسبة 10 في المئة، وأنه من الممكن أن يحدث انقطاع إذا لم يتحسن الوضع. وأضافت أن هذه الأزمة قد تستمر حتى أيلول/ سبتمبر المقبل.أزمة المياه باتت أولوية المسؤولين المغاربة وعلى رأسهم العاهل المغربي محمد السادس، الذي أسهب خلال خطاب العرش الأخير في الحديث عن الوضعية المائية المقلقة. كما تحدث عن مظاهر تبذير المياه وسوء استعمالها، وشدد على أن “الحفاظ على الماء مسؤولية وطنية، تهُمُّ جميع المؤسسات والفاعليات، وهي أيضاً أمانة في عنق كل المواطنين”. كما حثَّ العاهل المغربي السُّلطات المختصة على المزيد من الحزم في حماية المِلك العام المائي، وتفعيل شرطة الماء، والحد من ظاهرة الاستغلال المفرط والضَّخ العشوائي للمياه، وتسريع إنجاز المشاريع الكبرى لنقل المياه بين الأحواض المائية وإنجاز محطات تحلية مياه البحر.يوم واحد فقط بعد خطاب الملك الذي بُثّ على القنوات الرسمية المغربية، عقد رئيس الحكومة عزيز أخنوش، اجتماعاً لـ”لجنة قيادة البرنامج الوطني للتزويد بالماء الشروب ومياه السقي 2020-2027”، وأكد أن الحكومة عازِمة على رفع وتيرة الاستثمارات في مجال تعبئة وتدبير الموارد المائية. وخلال الاجتماع الذي حضره عدد من الوزراء، حثَّ رئيس الحكومة مختلف الوزارات المعنية على الرّفع من وتيرة الاستثمارات المرتبطة بالماء وتنفيذها وفق الأجندة الزمنية المحددة.وللتغلب على التحديات المعقدة المترتبة عن توالي سنوات الجفاف، عملت الحكومة في المغرب على نهج حلول مبتكرة لتنويع مصادر الموارد المائية عبر إعطاء الأولوية للربط بين الأحواض والأنظمة المائية، والزيادة الهامة في استخدام موارد المياه غير التقليدية بما في ذلك تحلية مياه البحر وإعادة استخدام المياه العادمة المعالجة، إلى جانب تشييد عشرات السدود الكبرى والصغيرة.وسبق لملاحظين أن أثاروا أيضاً مشكلة استعمال المياه بكثرة في سقي فواكه استوائية في البوادي المغربية وتصديرها إلى خارج البلاد، مما يؤدي إلى استنزاف الثروة المائية للمغرب.
www.deyaralnagab.com
|