تونس : الرئيس التونسي يطالب البرلمان بتشريع المساواة بين الجنسين في الميراث… و«النهضة» تتحفّظ!!
14.08.2018
أعلن الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، عن مبادرة جديدة تتضمن مشروع قانون جديد يدعو للمساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، مشيرا إلى أنه سيحيل هذا المشروع للبرلمان لمناقشته، فيما أكدت حركة «النهضة» تحفظها على مبدأ المساواة في الميراث، لكنها أبدت انفتاحها على بقية مقترحات لجنة الحريات الفردية والمساواة المتعلقة بموضوع الحريات الأساسية، في حين انتقد آخرون سياسيون وحقوقيون مبادرة الرئيس التونسي على موضوع الميراث، وعدم تطرقها لبقية النقاط الواردة في تقرير لجنة المساواة.وفي خطاب ألقاه بمناسبة عيد المرأة التونسية، أعلن قائد السبسي عن مشروع قانون جديد قال إنه سيقترحه خلال أيام على البرلمان، ويتضمن تعديل مجلة (قانون) الأحوال الشخصية بحيث تنص على المساواة في الميراث بين الرجل والمرأة، معتبرا أن مبدأ المساواة في الميراث «الراعي والضامن لتطبيق الدستور الذي ينصّ على المساواة وعلى أنّ تونس دولة مدنية».لكن السبسي أكد أن مشروع القانون الجديد لا يفرض مبدأ المساواة على الجميع، مضيفا «من يريد الاحتكام لقواعد الدستور حول المساواة بين المواطنين والمواطنات ومن ذلك مسألة الميراث فله ذلك، وكل من يريد تطبيق قواعد الشرع وله مرجعية دينية فله ذلك أيضا. أي أن المورث الذي يريد المساواة بين ابنه وابنته في الميراث يمكنه القيام بذلك ومن يريد تطبيق قواعد الشرع فيمكنه ذلك».وأثار اقتراح السبسي ردود فعل متباينة، حيث أعلنت حركة «النهضة» تحفظها على اقتراح المساواة في الميراث، واعتبر القيادي في الحركة زبير الشهودي لـ«القدس العربي» أن خطاب قائد السبسي حول المساواة في الميراث كان «مخيبا للآمال وانحيازا لرأي غير علمي صدر عن لجنة الحريات والمساواة والذي يجعل من نص قطعي من القرآن في مرتبة أدنى مما اعتبره الرئيس دعوة الدستور للمساواة بين الجنسين، وهذا الموقف يشوّش على تونس أولوياتها التنموية وهو قفزٌ على خلافاتها السياسية وتأكيد أن جدال «النخب» خارج ضمير الشعب الذي عبر بكل فئاته من خلال النقاشات المجتمعية والتحركات الشعبية عن رفضه المطلق لتوصيات تقرير لجنة الحريات والمساواة».وأضاف الشهودي «أطالب برفض هذه المبادرة جملة وتفصيلا في لجان البرلمان والجلسة العامة، ولا أعتقد أن هذا القانون سيذهب بعيدا ومصيره رفوف البرلمان، كما اعتبر بعض التصريحات الصادرة عن عدد محدود من القيادات في الحركة مجاملة للرئيس غير مقبولة، فهذه أمور لا دبلوماسية فيها وهي قضية غير قابلة للمزايدة».وكان رئيس الحركة راشد الغنوشي التقى قائد السبسي قبل أيام وسلمه رسالة تلخص رأي الحركة حول تقرير لجنة الحريات الفردية والمساواة. ولم يكشف السبسي في خطابه عن فحوى الرسالة، إلا أن الناطقة باسم الرئاسة سعيدة قرّاش قالت إن «النهضة» لديها تحفظ حول مسألة المساواة في الميراث، لكنها منفتحة على بقية المقترحات التي تتعلق بالحريات الأساسية.ودوّن الباحث سامي براهم على موقع «فيسبوك»: «رئيس الدّولة يختار المقترح الثّاني في تقرير لجنة الحريّات الفرديّة والمساواة في مسألة الإرث، وهو تخيير المورِّث لطريقة تقسيم تركته بين المساواة التامّة التي يقرّرها القانون والتقسيم وفق القواعد الشرعيّة. عمليا لم يخيّر لأنه سيدعو إلى تعديل القانون نحو المساواة، والتخيير استثناء لمن يريد القسمة الشرعيّة». وأضاف «الرّسالة المبطّنة في خطاب رئيس الدّولة الموجّه لحزب النّهضة: الإرث مقابل التّوريث. هذه بتلك والبادئ أظلم!».وأشاد الإعلامي زياد الهاني بمقترح السبسي الذي قال إنه «موقف سليم لرئيس الدولة في مسألة المساواة في الإرث. المبدأ العام هو المساواة التي نص عليها الدستور، والحق في تقسيم الميراث استنادا للشرع مكفول لمن يريد ذلك».فيما انتقدت المحامية والناشطة الحقوقية ليلى حداد اقتصار خطاب قائد السبسي على مسألة المساواة في الميراث، حيث دوّنت على صفحتها في «فيسبوك»: «الباجي قائد السبسي تعرض إلى مسألة المساواة في الإرث فقط دون أن يشير إلى بقية النقاط الواردة في التقرير المتعلق بالحريات الفردية في خصوص إرث الابن الطبيعي ، الحرية الجنسية، المثلية الجنسية، التطبيع مع الكيان الصهيوني من خلال تجريم رفع القضايا ضد دخول او مشاركة الإسرائيليين في تونس وغيرها. لعل هذا يندرج في إطار الهدف الذي شكلت من أجله اللجنة بطلب منه، ويتعلق بمسألتين هما المساواة في الميراث ومسألة زواج المرأة التونسية المسلمة بغير المسلم، غير ان اللجنة توسعت من تلقاء نفسها في بقية المسائل».وأضافت «لعل الباجي اليوم بخطابه يريد إعادة الرصيد الانتخابي المبني على صنف النساء باعتباره مخزونا انتخابيا هاما حيث لم يحقق في فترته الانتخابية اي وعد من وعوده الانتخابية، بل بالعكس تزايد نسبة الفقر والبطالة وارتفاع في المقدرة الشرائية والعجز الاقتصادي وإفلاس المؤسسات العمومية وانهيار البنية التحتية. فبقي الحل الوحيد أمام استحقاقته الانتخابية لـ2019 هو المتعلق بهذه المسألة الرنانة (المساواة في الميراث) لعلها تعيد له المخزون الاستراتيجي من النساء «الحرائر» دون التعرض إلى المسائل الأخرى المعقدة والتي تمس بعمق المجتمع التونسي وحولها خلاف عميق وجوهري ولأنها قد تضر بمصالحه الانتخابية».يُذكر أن قائد السبسي كرم أعضاء لجنة الحريات الفردية والمساواة عبر منحهم «وسام الجمهورية» من الصنفين الثاني والثالث « تقديرا لعملهم في مجال تعزيز منزلة المرأة التونسية وإثراء مكاسبها».!!
www.deyaralnagab.com
|