logo
الخليل..فلسطين :أطفال «التواني» لا يذهبون إلى المدارس إلا برفقة متضامنين أجانب وأهالي المفقّرة يعيشون في الكهوف لمنعهم من نصب حتى الخيام!
15.10.2016

كتب فادي أبو سعدى..:ما إن تخرج من خربة أم الخير في يطا لتكمل المسير باتجاه القرى والخرب المحيطة بها فإنك لا بد أن تمر على قرية التواني وهي إحدى القرى النائية الواقعة في جنوب مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية. وهي قرية لا يتجاوز عدد سكانها الثلاثمئة نسمة. ولهذه القرية قصة معاناة لا تنتهي لكن العالم تنبه لها فقط في عام 2004 وقرر عدد من المتطوعين الأجانب تقديم المساعدة لأطفال القرية على وجه الخصوص.وكان النشاط الاستيطاني قرب قرية «التواني» في ثمانينيات القرن الماضي وأقاموا حتى من دون موافقة حكومة الاحتلال بؤرة استيطانية سموها «حافات ماعون» وكان ذلك في عام 1999. حاولت حكومة الاحتلال هدم البؤرة بقرار محكمة صدر في عام 2006 لكن ذلك لم يحدث بحكم تحولها إلى مستوطنة كبيرة الآن تحمل الآن اسم «ماعون» وتحيط بالقرية من جميع النواحي ويقطنها أكثر المستوطنين تطرفاً على الإطلاق.بدأت معاناة أطفال قرية التواني وأهاليهم من خلال رحلة الأطفال اليومية في الصباح والظهيرة، من وإلى المدرسة. حيث يتعرضون لاعتداءات المتطرفين وغلاة المستوطنين. وتجاوزت الاعتداءات الشتائم اللفظية ووصلت إلى حد الحاق الأذى الجسدي بالأطفال حتى باتت رحلة الوصول إلى المدرسة كابوساً يؤرقهم وأهاليهم رغم أنهم يحاربون الاحتلال بالعلم والإصرار على الوصول إلى المدرسة رغم كل الصعاب. ولأنها حرب مع الاحتلال اجتمع الأهالي وقرروا البحث عن أساليب جديدة تساعدهم في الصمود ولضمان مواصلة أطفالهم دراستهم. وبعد مراسلات واتصالات مكثفة وجدوا بصيصاً من الأمل، بوصول في عام 2004 إلى القرية مجموعة من المتطوعين الأجانب هم أعضاء في مجموعة «عملية الحمامة» وفريق «صانعو السلام المسيحيون». وقرر أعضاء هذه المجموعات مرافقة الأطفال في رحلتهم اليومية من وإلى المدرسة، ورغم ذاك واصل المستوطنون الاعتداء عليهم وعلى مرافقيهم الأجانب الذين لم تكن مرافقتهم كافية.وقرر الاتحاد الأوروبي بعد ذلك تمويل مشروع يهدف إلى الحفاظ على وجود دولي دائم في القرية يتولى مراقبة حقوق الإنسان وتنظيم ما اصطلح على تسميته «دورية المدرسة « في القرية لمرافقة أطفال المدارس ومنع تعرضهم للاعتداء من اليهود ولتمكين مثل هذا المجتمع المهمّش من بناء قدراته.ولم يتردد المتطرفون اليهود في الذهاب الى ما هو أبعد من ذلك في حربهم ضد أهالي القرية ودفعهم إلى الرحيل عن قريتهم أو حتى قتلهم فراحوا يضعون السم في آبار المياه التي يستخدمها سكان القرية بهدف قتلهم ما حرمهم من المياه لفترات طويلة بالرغم من صعوبة حياتهم واعتمادهم على الآبار الارتوازية المحيطة بقريتهم التي تفتقر للخدمات الأولية.وفي الطريق من «التواني» إلى خربة «المفقرة» وقعت ثلاثة أحداث مهمة. أولها عندما كان راعٍ فلسطيني يرعى أغنامه فباغته أحد المتطرفين اليهود وأطلق النار عليه فأرداه. فيما كانت الحادثة الثانية مع راعٍ آخر هاجمه اثنان من اليهود لكنه استطاع التغلب عليهما وانتزاع سلاح أحدهما وقتلهما في المكان ذاته.وعلى رأس أحد سفوح الجبال تقع مزرعة كبيرة للأبقار يملكها مستوطن متطرف، ولأنه كان معروفاً بتطرفه وتطاوله على الفلسطينيين من سكان القرى والخرب المحيطة. قرر أفراد خلية من المقاومة الفلسطينية نصب كمين له. وبالفعل نجحوا في ذلك واستطاعوا قتله وبقيت المزرعة شاهداً على هذا الحدث.وما إن تصل إلى خربة «المفقّرة» حتى تصاب بصدمة رؤية بشر يعيشون في القرن الواحد والعشرين في كهوف وخيم بدائية. ورغم هذه الحياة القاسية إلا أن كهوف هذه الخربة وخيمها تعرضت للهدم أكثر من عشرين مرة. وفي كل مرة كان البدو من سكان يعيدون بناءها حتى لو من الطين رافضين مغادرة المكان.ويبلغ عدد سكان خربة المفقرة حوالي 400 نسمة تحيطها من الشمال مستوطنة ماعون ومن الجنوب مستوطنة أم العرايس يعيشون على مساحة تقدر بمئة وخمسين دونماً من الأرض الفلسطينية التي يطمع المستوطنون بها لتوسيع مستوطناتهم على حساب السكان الأصليين. وفي الطريق من «المفقرة» إلى قرية سوسيا التي لا تقل حياة سكانها قساوة، لا بد أن تمر ببركة أثرية كبيرة تحيطها منطقة أثرية واضحة المعالم عرفت باسم «تيران»، قررت محكمة إسرائيلية في عام 1986 أنها منطقة يهودية خالصة ولم يقطنها الفلسطينيون أو العرب على الإطلاق. وساهم مصور فلسطيني وهو عبد هشلمون في كشف التزوير والكذب الصهبوني، بصور التقطها للمنطقة قبل ذلك التاريخ وصور فيها حياة الفلسطينيين وهو ما أدى إلى كسب أهالي سوسيا القضية ورفضهم مغادرة المكان.لكن إسرائيل لم ترضح للأمر فقامت بترحيلهم من المنطقة الأثرية على يمين الشارع إلى المنطقة المقابلة على يساره ليصبح السكان مجاورين وجهاً لوجه لمستوطنة «سوسيا» ويهودها المتطرفين جدا. ويقطن في سوسيا ثلاثون عائلة من البدو الذين وجدوا أنفسهم في المواجهة مع الاحتلال ومستوطنيه على مدار الساعة. ولا تقل خطورة رحلة أطفال سوسيا إلى المدارس عن أطفال «التواني» فالمدرسة الأقرب إلى سوسيا بعيدة عشرين دقيقة سيرا على الأقدام. ويرفض أهالي القرية إرسال أطفالهم وحيدين إلى المدرسة خوفاً من تعرضهم لاعتداءات المستوطنين عليهم. خاصة أن المستوطنين المسلحين يتجولون دوما بين خيامهم بسلاحه ويتخوفون من ارتكابهم حماقات قد تؤدي إلى مجرزة بحقهم وحق أطفالهم.ورغم حياة الرعب الحقيقي التي يعيشها الأطفال كانوا يعيشون حياة رعب مع بداية الاعتداءات الاسرائيلية على سوسيا إلا أنهم اعتادوا المواجهة وتخلصوا من الخوف إلى حد ما. وتبرع الاتحاد الأوروبي لسوسيا بنظام الطاقة الشمسية لتوفير الكهرباء كما وضعوا شبكة مياه بدائية عبر توصيل أنبوب بلاستيكي رفيع من شبكة المياه الرئيسية وصولاً إلى سوسيا. وحديثاً وضعوا حمامات خارجية للاستحمام وقضاء الحاجة.ودائماً ما يخشى أهالي سوسيا وصول فصل الربيع، وهو الفصل الأفضل لمواشيهم التي يعتاشون منها، خوفاً من اعتداءات المستوطنين عليهم أثناء تنقلهم بين الحقول مع ماشيتهم. وفصل الربيع هو الفصل الذي يتعرضون فيه لكثير من الاعتداءات وبشكل متواصل....*المصدر : القدس العربي!!


www.deyaralnagab.com