logo
غزة:..فلسطين : أطفال في غزة ماتوا خوفاً من القصف والصواريخ!!
06.09.2024

…تعد الصواريخ الحربية الفتاكة التي تطلقها آلة الحرب الإسرائيلية هي المتسبب الوحيد للوفيات المرتفعة في غزة، فحالات الموت بسبب تبعات الحرب التي تقترب من دخول شهرها الـ 12 على التوالي كانت كثيرة، حيث سجلت مؤخرا وفيات في صفوف الأطفال خوفا من القصف والصواريخ، وأخرى في صفوف الرجال، قهرا من الواقع المأساوي المرير.وخلال الأيام الأخيرة كشفت عدة حوادث موت العديد من الأطفال، خوفا من أصوات القصف الجوي العنيف، الذي نفذته طائرات حربية إسرائيلية ألقت صواريخ فتاكة على محيط سكنهم.ووقعت تلك الحوادث في ساعات الليل المتأخرة، والأطفال نيام، فلم تتحمل قلوبهم الصغيرة هول صدمة القصف، وأصوات الانفجارات المتتالية، وما يواكب ذلك من اهتزاز للمكان، وكأنه أشبه بزلزال، فكانت كل هذه المشاهد أكبر من طاقتهم والتي بالكاد تتحملها أصحاب قلوب كبار السن.من هؤلاء الأطفال كانت الطفلة ندى كباجة، وهي بعمر الزهور، فقد ولدت قبل اندلاع الحرب بأشهر قليلة، وقضت من هول الصدمة، حين وقع انفجار قرب منزل عائلتها في مخيم النصيرات وسط القطاع، ونقلت إلى المشفى جثة هامدة، حيث لم تفلح كل محاولات إنعاش قلبها، وغادرت مودعة الحياة.ولم تكد تمضي سوى ساعات على وفاة الطفلة ندى، حتى لحقت بها الطفلة رهف أبو سويرح (4 سنوات)، حيث قضت في حادث مماثل، وتوقف قلبها عن الحياة، حين استهدف قصف الاحتلال منزلاً غرب مخيم النصيرات وسط القطاع.الأمر كان مشابها لما أصاب أيضا عائلة نازحة تقطن في خيمة في منطقة تقع غرب مخيم النصيرات، حيث قضت في تلك الحادثة التي وقعت الأسبوع الماضي، طفلة، في قصف عنيف استهدف محيط نزوح عائلتها.وجرى تداول هذه القصص على نطاق واسع، وكثير من الأهالي قد أحسوا بهذه الفظائع، لكونهم يخشون على أطفالهم من هكذا حوادث، كونهم يرون في عيون أطفالهم يوميا حجم خوف ورعب كبير، حيث تقف عوائلهم عاجزة عن تهدئة روعهم.وعبر عن ذلك الأهالي في منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، وخلال مقابلات أجرتها “القدس العربي” مع آباء وأمهات، إذ أنهم يخشون أن تحصد الحرب المريرة أرواح صغارهم.فبعد تكرار حوادث موت الأطفال خوفا كتب محمد إسماعيل “يا عالم يا ناس أطفالنا بتموت من الخوف مش من القذائف فقط”.وأشار إلى حادثة الطفلة الصغيرة ندى كباجة، وقال “من شدة الانفجارات القريبة من منطقتهم توقف قلبها خوفا من جحيم القصف والأطنان التي تتساقط على رؤوس المدنيين”.وأضاف “توقف قلب الطفلة ندى وفارقة الحياة لتشكو لله خوفها وظلمها، وحرمانها من الحياة”، وختم تدوينته يقول “يا ويلي علينا، ذقنا كل أنواع الموت والقهر”.أما سعيد حجي، فكتب معلقا على صورة الطفلة ندى وهي تلهو مبتسمة قبل وفاتها “الطفلة ندى كباجة، استشهدت بعد توقف قلبها نتيجة شدة الخوف والرعب مع أصوات القصف على مخيم النصيرات”، وختم مستدلا بآية قرآنية “وإذا الموءودة سئلت، بأي ذنب قتلت”.وليس بعيدا عن هذا المشهد، تكرر استشهاد أطفال آخرين بنيران الصواريخ، فقضوا وهم نيام، بعد أن ضربت صواريخ مباشرة منزل عائلة زيادة، كما حدث مع الكثيرين خلال الأيام القليلة الماضية، ومن بينهم طفلان من مخيم جباليا شمال قطاع غزة، وقد ظهرت صورتهم في المشفى، وقد غفت عيونهم، وغطى غبار القصف أجسدهم الجريحة.ودللت حوادث وفاة أطفال غزة أن أساليب الحرب وإن اختلفت فجميعها تؤدي إلى القتل، فلم يسلم الأطفال سواء النازحين أو غيرهم من الموت الآتي من آلة الحرب الإسرائيلية.أفكار الموتوتقول أحلام محسن، وهي سيدة في نهاية العقد الثالث، لـ “القدس العربي”، إن حوادث سقوط الأطفال شهداء في الحرب، والقصص التي تسمعها عن الأمهات الثكلى تعصر قلبها ألما.وتضيف: “لا أريد أن أرى أطفالي أمامي جثثا، ما ربيتهم حتى يموتوا هيك”.وتشير إلى أن أفكار الموت والفقدان تراود خيالها كثيرا، “كثير من المرات حضنت أطفالي وبكيت بحرقة”.
وتروي هذه السيدة، وهي خريجة جامعية، أنها تحلم في أن يتخرج نجلها البكر هذا العام من الثانوية العامة ويلتحق بالجامعة، إلا أن ظروف الحرب حرمته من تقديم الامتحانات.وقد لجأت هذه السيدة وزوجها وأبناؤها الخمسة للنوم في غرفة واحدة، منذ بداية الحرب، وتشير إلى أن اختيار الغرفة الحالية للسكن، يعود لبعدها عن الشارع الرئيس المقابل لمنزلها.وتضيف “أخذنا هذا الاحتياط لنكون بعيدين عن تطاير الركام وشظايا الزجاج، لو حصل في الشارع المقابل”، لكنها تقول “هذا احتياط أيضا غير آمن، في حال حصل قصف لمنزل قريب من جهة غرفة المبيت الحالية” .وروت هذه السيدة حكايتها مع خوف أطفالها، فأشارك إلى أن فتاتها ذات الـ (15 عاما)، تحرص على أن تكون قريبة منها في النوم، وتلجأ لاحتضانها، خوفا من أصوات القصف وما يصاحبها من وهج ناجم عن لهيب الصواريخ.وسألت “القدس العربي” صالح والمكني بأبو محمد، عن حالات خوف الأطفال، فأشار إلى أن الخوف من النيران والصواريخ الإسرائيلية يصيب الكبير قبل الصغير، غير أن الأكبر سنا مطلوب منه أن يتماسك حتى لا ينهار الآخرون.وهذا الرجل في منتصف الخمسينيات له طفلة بعمر الـ (12 عاما)، تعلق ذراعيها بعنقه كلما حصل قصف قريب من منزله في مخيم النصيرات.ويشير الرجل إلى أن إحدى بناته المتزوجات تقيم في منزله منذ الشهر الأول للحرب، بعد أن دمر بيتها جراء غارة قريبة.ويوضح “وقت القصف كل الأطفال بيصرخوا، والكبار بيحاولوا تهدئتهم”.وقد عبر هذا الرجل عن عجزه في كل مرة على تهدئة خوف الأطفال، حيث لا يملك أحد القدرة على وقف ما يخيفهم، ويمنع تساقط الصواريخ.
حالات نفسية
ومن قصص الأهالي التي تروي خوف الأطفال، واحدة عبرت عنها النازحة هدى خضر، والتي تقيم في أحد مراكز الإيواء وسط قطاع غزة، فأشارت إلى تعرض مركز مجاور لهم لقصف إسرائيلي سابق، وسقوط ضحايا بينهم أطفال، أفقد أطفالها ما كانوا في بداية الحرب يشعرون به، بأنهم في مكان آمن.
حلم بموته
وتوضح أن حوادث “التبول اللاإرادي” تكررت مرارا في الفترة الأخيرة، لدى أطفالها الثلاثة، الذين تزيد أعمارهم عن الخمس سنوات، رغم أنهم كانوا قد “نظفوا” حسب وصفها على فترات، آخرهم الصغير الذي توقف عن “التبول اللاإرادي” قبل عاما كامل من الحرب.وتشير إلى أن أطفالها يصحون مفزوعين على أصوات القصف ليلا، وأنها تلاحظ ذلك الأمر على أطفال أسر أخرى تشاركها غرفة المعيشة في المركز، حتى أن الكثير من الأطفال يحلمون بكوابيس مرعبة عن الحرب.وقالت “في إحدى المرات ابني حدثني أنه حلم بموته”، وأضافت “وقتها بكيت بشدة، وأخذته في حضني”.ويحرص الكثير من أولياء الأمور على تفقد أبنائهم والاطمئنان بأنهم إما في المنازل، أو في محيط خيمة النزوح، قبل سدول الليل. ومن هؤلاء النازح إبراهيم أحمد، ويقيم حاليا مع أسرته غرب مدينة خان يونس، منذ النزوح الأخير من مدينة رفح، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، ومن قبله من مدينة غزة في بدايات الحرب.وقال لـ “القدس العربي”: “كل أوقات اليوم ما فيها أمان ليل أو نهار”. ويضيف “لكن في الليل ما بحب أولادي يبعدوا عني”، واستذكر هذا الرجل حوادث كثيرة أفقدت أطفاله صوابهم، ومنها مجزرة قوات الاحتلال على منطقة المواصي قبل أكثر من شهر، حين أدت لاستشهاد نحو 100 مواطن، بينهم أطفال، وقال وقتها ظل طفله الصغير يصرخ ويبكي لأكثر من 10 دقائق، حتى هدأ وهو في حضن والدته.وجرى تداول مقاطع كثيرة خلال الأيام الماضية لأطفال سقطوا ضحايا الهجمات الإسرائيلية، من بينهم طفلة كانت تتلقى علاج وقد لفح غبار القصف وجهها، كانت تنظر لشقيها الممدد على سرير العلاج حيث يتفحص الأطباء جروحه وتقول “شو عملنا قصفونا واحنا نايمين واتصاوبت”.كما ظهرت إحدى الأمهات وهي تحاول إنعاش قلب طفلها وهو في ساحة ثلاجة الموتى، بعد أن توقف نبضه بسبب اصابته من غارة إسرائيلية، وكانت تصرخ ولم تصدق أن طفلها قد غادر حضنها إلى الأبد.
… والكبار من القهر بجلطات قلبية ودماغية
إن كان موت الأطفال فجأة خوفا من أصوات الصواريخ والقصف، فقد سجلت حالات وفاة كثيرة لمواطنين كبار قضوا بشكل مفاجئ، جراء جلطات قلبية ودماغية.
ويؤكد أحد الأطباء العاملين في مشفى الأقصى وسط قطاع غزة، وقد فضل عدم ذكر اسمه، أن النوبات القلبية الناتجة عن صدمة الخوف بسبب أصوات الصواريخ والانفجارات تكررت مؤخرا كثيرا، وأنها باتت شائعة بين الأطفال.
وبين أن حوادث أخرى لأطفال فارقوا الحياة فجأة كان سببها هذا الذعر، وليس مرضا أصابهم بشكل مفاجئ.
ولفت إلى أن حالات وفاة أخرى تصل المشافي لكبار السن من رجال لم يكونوا يشتكون سابقا من الأمراض.
وقد شاهد وصول حالات كهذه مرات عدة خلال مناوباته الطبية في المشفى. وسمع أيضا عن حالات أخرى من زملاء له يعملون في مراكز طبية ومشاف أخرى في جنوب قطاع غزة. وأوضح أن عوائل هؤلاء ترجع السبب لحالة القهر التي أصابت الرجال، فمن بين من قضوا بهذا الشكل نازحون، يعانون ظروف النزوح ومرارة الأيام وقلة الموارد لتأمين قوت يوم أسرهم، وآخرون فقدوا أعمالهم، ولم يعد باستطاعتهم تحمل ظروف الحياة الصعبة، وإطعام أسرهم.
ومن بين من قضوا جراء نوبة قلبية حادة، كان عوني فروانة، وهو رجل في بداية الستينيات من العمر، وكان يقطن قبل الحرب في حي الشجاعية شرق مدينة غزة، وقضى في رحلة نزوحه مع أسرته في مدينة خان يونس.
ويقول نجله الصحافي عاهد فروانة لـ “القدس العربي”، إن والده لم يكن قبل ذلك اليوم يشتكي من أي مرض، وإنه كان طوال الفترة الماضية يتمتع بصحة جيدة، ويروي الأحداث التي سبقت قصة وفاته، موضحا أن الأسرة كانت تجلس في مكان النزوح بعد تناول طعام الغداء، وفجأة غاب عن الوعي.
وأضاف “قمنا بعمل إسعافات أولية له لكن دون جدوى” .
وأضاف قمنا بنقله وقتها من خلال عربة اسعاف تمر في الطريق إلى المشفى الأوروبي، لافتا إلى أن الممرض الذي كان في عربة الإسعاف قام بفحصه طبيا، وتأكد من وفاته قبل وصول المشفى.
ويوضح عاهد أن دلائل وفاة والده كانت منذ لحظة وجوده في المنزل حتى قبل نقله للمشفى.
وأشار إلى أن والده كان قبل الحرب دائم الحركة، حيث كان من رجال الإصلاح في مدينة غزة، غير أنه لم يقم بالحركة المعتادة له خلال الفترة التي بدأت فيها الحرب، إلى حين وفاته، وقال “هذه العوامل والقصف العنيف حول مكان النزوح والتوتر، أثر كثيرا على والدي” .
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي ينعى السكان شبانا او رجالا في الأربعينيات أو الخمسينيات من العمر، يقضون فجأة بسبب نوبات قلبية حادة، وكان من بينهم نضال جابر، الذي نعاه الكثير من سكان النصيرات، بعد أن قضى بشكل مفاجئ جراء إصابته بنوبة قلبية.
كما سجلت مؤخرا حالات وفاة مفاجئة في صفوف النازحين الذين يقطنون الخيام ومراكز النزوح، ومن ضمنهم رجال في مقتبل العمر.
*المصدر : القدس العربي


www.deyaralnagab.com