بروكسل..بلجيكا : فون دير لاين أمام الجنائية الدولية: أوان المحاسبة!!
29.05.2024
في خطوة بالغة الدلالة وغير مسبوقة على امتداد تاريخ الاتحاد الأوروبي والهرم الأعلى في قيادة مؤسساته، بادر «معهد جنيف الدولي لأبحاث السلام» الـ GIPRI، إلى تقديم شكوى لدى المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، بتهمة التواطؤ في جرائم الحرب والجرائم ضدّ الإنسانية التي ترتكبها دولة الاحتلال الإسرائيلي في فلسطين.وقال المعهد في بيان رسمي إنه طالب الجنائية الدولية بإجراء تحقيق مع فون دير لاين، استناداً إلى «أسباب معقولة» تدفع للاعتقاد بأن رئيسة المفوضية الأوروبية مارست «دعماً غير مشروط» لدولة الاحتلال، «مكّنها من ارتكاب جرائم الحرب والإبادة الجماعية المستمرة في غزة».وفصّل البيان مستويات ذلك الدعم، ابتداء من المستوى العسكري، حيث كانت فون دير لاين أساسية في توفير الدعم العسكري للجيش الإسرائيلي، وخلال الفترة بين 2019 و2023 حلّت دولة الاحتلال في المرتبة الثالثة على لائحة الدول المستوردة للأسلحة من ألمانيا عضو الاتحاد الأوروبي، والتي تحمل رئيسة المفوضية جنسيتها وسبق أن شغلت وزارة الدفاع في حكومتها.في المستويات الأخرى الاقتصادية والسياسية والدبلوماسية لم توفر فون دير لاين أي جهد، وانتهزت كل مناسبة وفرصة، للإعراب عن المساندة العلنية لدولة الاحتلال، سواء قبل 7 تشرين الأول/ أكتوبر حين هنأت بالذكرى الـ75 لتأسيس الكيان، فاعتبرته «الديمقراطية النابضة بالحياة في قلب الشرق الأوسط» والتي جعلت «الصحراء تتفتح حرفياً». كما سارعت إلى زيارة مستوطنات غلاف غزّة للتعبير عن «دعم الاتحاد الأوروبي غير المشروط» لدولة الاحتلال، الأمر الذي اضطر جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي إلى مخالفتها علانية واتهامها بـ«الانحياز التام» لدولة الاحتلال، وأنها في اتخاذ موقف التأييد المطلق للعدوان الإسرائيلي «لا تمثل إلا نفسها من حيث السياسة الدولية» ومواقفها «تركت تكلفة جيو ـ سياسية باهظة على عاتق أوروبا».وقال بيان المعهد إن إحالة فون دير لاين أمام الجنائية الدولية تنطلق قانونياً من فحوى المادة 25(3) ـ الفقرة C من نظام روما الأساسي الذي أنشأ المحكمة، على خلفية مسؤولية رئيسة المفوضية الشخصية وبالتالي خضوعها للمحاسبة والعقاب على «بعض جرائم الحرب، والجرائم ضدّ الإنسانية، والإبادة» التي «ارتُكبت، وما تزال تُرتكب، من القوات المسلحة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة» خاصة وأنها لا تتمتع بأي حصانة وظيفية أمام الجنائية الدولية، بحكم المادة 27 من نظام روما.لا أوهام بالطبع حول محدودية عمل المحكمة من حيث الصلاحيات أو التنفيذ بافتراض أن فون دير لاين سوف تُلاحق أصلاً، غير أن الشكوى تحمل قيمة رمزية وسياسية وأخلاقية عالية، وتسجّل سابقة كبرى في ملاحقة كبار ساسة الغرب الذين صمتوا عن جرائم الحرب والإبادة الإسرائيلية أو تواطأوا عليها. ولعل أول الدلائل على أهمية الواقعة أنّ وسائل الإعلام الغربية الكبرى تقصدت تجاهل النبأ، وتعمدت إغفال التعليق عليه حتى من باب كيل اتهام العداء للسامية للمعهد وللمشاركين في الشكوى من كبار الحقوقيين والأكاديميين ونشطاء القانون وحقوق الإنسان.
*القدس العربي
www.deyaralnagab.com
|