القاهرة..مصر : النظام الهمجي يواصل نهج "البلدوزر": طلب إحاطة في البرلمان وحملة توقيعات رفضا لهدم «مقابر القاهرة التاريخية»!!
23.07.2020
تواصلت أزمة هدم عدد من المقابر في منطقة منشأة ناصر في قلب القاهرة التاريخية، يقول نشطاء إنها ضمن «جبانة المماليك» وتعود لنحو 5 قرون، إضافة لهدم مقابر تعود لشخصيات تاريخية، من أجل إنشاء جسر، في وقت نفت الحكومة المصرية هدم مقابر أثرية، معترفة بهدم مقابر يمتلكها أشخاص.وتداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، صورا تفيد بهدم مقبرة محمد عبد الحكم الجراحي، أول شهيد في مظاهرات جامعة القاهرة ضد الاحتلال الإنكليزي، والمفكر أحمد لطفي السيد، وطالبوا بالتحقيق في الواقعة، كما طال الهدم أجزاء من مقبرة الفنان المصري فؤاد المهندس.أكمل قرطام، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المحافظين، تقدم بطلب إحاطة موجه إلى وزير السياحة والآثار، ووزير التنمية المحلية بشأن حقيقة ما نشره بعض المواقع الإخبارية بشأن هدم مقابر المماليك الأثرية ضمن مشروع (محور الفردوس) الذي يتم تنفيذه حالياً ليصل ميدان الفردوس بشارع صلاح سالم إلى محور المشير، والذي يشمل هدم مقابر في منطقة منشأة ناصر، شرق محافظة القاهرة. وقال في طلبه إن المنطقة تضم العديد من المقابر التاريخية والآثار الإسلامية التي يعود تاريخها لنحو خمسة قرون، وتعد مقابر المماليك أقدم جبانة إسلامية في مصر، حيث تقع شرق محافظة القاهرة، تحت سفح جبل المقطم، واختارها المماليك الجراكسة لتكون حاضنة لآثارهم ومساجدهم، بعد التضخم السكاني للقاهرة القديمة خلال العصور التي سبقتهم.وأَضاف: عمر المنطقة يتراوح ما بين (600 ـ 700)عام، وهي منطقة نادرة من حيث احتواؤها على هذا الكم الهائل من الآثار الإسلامية، والتي تتنوع بشكل كبير، وتحتوي صحراء المماليك حاليًا على مجموعة ضخمة من المساجد الأثرية النادرة، ويتجاوز عددها (30) مسجداً، معظمها من الطراز الضخم، ويعتبر أشهرها (قايتباي ـ برسباي ـ المسجد الكبير ـ مسجد قرقماس ـ مسجد ابن برقوق ـ مسجد وقبة الأمام الشافعي). وتساءل، عن أسباب غياب وزارة الآثار، قائلا: منطقة جبانة المماليك مسجلة على قائمة التراث الأثري العالمي منذ عام 1979 ورغم ذلك تتعرض آثارها للهدم والإهمال والعبث. الدكتورة جليلة القاضي، أستاذة التخطيط العمراني في جامعات فرنسا، أطلقت حملة توقيعات لرفض الأعمال التطويرية الجارية في مسار محور الفردوس.وقالت في بيان حملة التوقيعات، إن الموقعون يعبرون عن صدمتهم في مواجهة عمليات التجديد العمراني التي تتم في النطاق الشمالي لقرافة المماليك الأثرية.ولفتت إلى أن مشروع إنشاء محور علوي يقطع جبانةً الغفير بشكل عرضي أدى إلى إزالة عشرات المدافن وتشويه منطقة ظلت محتفظة بتجانسها العمراني والمعماري لأكثر من مئة عام. كما أنه يقطع الهوية البصرية للمنطقة ويدمر وحدتها.وأضافت: هذه المنطقة هي جزء لا يتجزأ من التجمع الجنائزي الهائل الواقع شرق القاهرة ويعرف بصحراء المماليك، ويحتوي على مجموعات جنائزية فريدة لسلاطين وأمراء المماليك وأسرهم، تعتبر من أروع ما أنتجته العمارة المملوكية في العالم الإسلامي، كمجموعات قايتباي وبرقوق واينال وقرقماش، تجاورها قباب منفصلة في تناغم جميل خلدها كبار الفنانين الأجانب في لوحاتهم.وتابع البيان: لا تقل أحواش الفترة الحديثة للعائلات الارستقراطية المصرية روعة في عمارتها وحسن بنائها وتفردها، وإن لم تحظ بنفس أهمية آثار العصور الوسطى، فإنها تحمل العديد من القيم التاريخية والمعمارية والرمزية والثقافية، فهي تضم رفات أعيان القطر المصري في الحقبة الليبرالية من رواد الحركةً الوطنية ودعاة الاستقلال ومؤسسي مصر الحديثة.وأضاف: كما أنها تتميز بعمارة فريدة بالنظر للعمارة الجنائزية في كل بلدان العالم الإسلامي بل بلدان العالم قاطبة، فالمدافن التي يطلق عليها أحواش، تشبه القصور نظراً لاحتوائها على عدة مبان تطل على حوش سماوي وتحتل مساحات تتراوح بين مئة متر وعدة مئات من الأمتار المربعة، كما أنها مشيدة غالباً بالحجر والطوب. قام بوضع بعض تصميماتها كبار المعماريين المصريين أمثال مصطفى باشا فهمي وحسن فتحي والمهندس الإيطالي فروتشي. وعند محاولتنا لتحليل تلك العمارة، نجدها تبدأ منذ أكثر من ألف عام، نظرا للتنوع الشديد للطرز المعمارية. وبينت أن التصميم المعماري لتلك المقابر يعبر في المقام الأول عن الرغبة في الإفصاح عن الهوية الاجتماعية من خلال المقبرة، وتشير إلى الأهمية الثقافية لدار الخلود في المجتمع المصري، ومازالت قرافة المماليك تلك تثير اهتمام السائحين الأجانب كعجيبة من عجائب الدنيا، كما أطلق عليها في الماضي الرحالة العرب، لذا حرصت المؤسسات المصرية، حارسة تراث مصر وذاكرتها، كوزارة الآثار وجهاز التنسيق الحضاري، على تسجيل كل مناطق الجبانات الأثرية في القاهرة، أي الجنوبية والشمالية وباب النصر كجزء من نطاق القاهرة التاريخية، المسجلة على قائمةً التراث الإنساني لليونسكو.وواصل البيان: يضاف إلى ذلك أن بعض الآثار بالفعل مثل مجموعة إينال تقع على بعد لا يتعدى 200 متر من المحور الجديد، وهو ما يعرضها إلى التلف على المدى القريب.وأكدت الدكتورة جليلة القاضي» نعلم أن مشروع المحور هذا طرح منذ عدة سنوات وتمً إيقافه من قبل الجهاز القومي للتنسيق الحضاري. كذلك نعرف جيدا أن بعض المتخصصين اقترحوا أن يتحول المحور إلى نفق تحت الأرض في مساره داخل نطاق الجبانة الأثرية. بديل بسيط، كان يمكنه تفادي التعدي على المنطقة الأثرية وإزالةً كنوز معمارية هي تراث لكل المصريين».وأضافت: «إذ نعبر عن جزعنا البالغ ازاء هذا العمل الذي لا يقره قانون أو شرع أو عرف إنساني، وايضا دهشتنا للسرعة التي تمت بها عملية الإزالة، حيث أزال البلدوزر في يوم عشرات الأحواش على جانبي شارع قنصوة المؤدي إلى قبةً السلطان قنصوة أبو سعيد، مخلفا وراءه خرابا ودمارا لمشهد جميل كانت تصطف فيه منشآت معمارية فريدة على جانبي الطريق كأنها شواهد لمراسم احتفاء بقبة آخر سلاطين المماليك».وتابع البيان: إننا نهيب بمتخذ القرار أن يوقف عمليات الإزالة تلك، لالتقاط الأنفاس والتفكير في بديل يحافظ على ما تبقي من الذاكرةً الثرية لهذا المكان، الذي يضم رفات عظماء، أمثال، على سبيل المثال لا الحصر، مدفن المفكر والفيلسوف أحمد لطفي السيد، هل تعرفونه، لقد تمت تسويته بالأرض، فهل أنتمً مستمرون؟».واختتمت: إننا إذ نتفهم جيدا متطلبات المنفعة العامة وأهميتها، ولكنها لا يجب أن تتم على حساب ذاكرة التراث الثقافي وذاكرة الأمم منذ عقود. إن العالم كله ينظر بدهشة لما يحدث في مصر حاليا من تدمير لمنطقة تعد بمثابة وادي ملوك وملكات ونبلاء مصر الحديثة، فهل يخطر على بال أحد تدمير جبانة طيبة لتنفيذ محور مروري؟». تعد مقابر المماليك أقدم جبانة إسلامية في مصر، وتحتل موقعا متميزا وسط العاصمة، وكانت تسمى قديما بـ«صحراء العباسية»، إذ وقع اختيار المماليك عليها لتكون مضمارا لسباقات الخيل، وفي النصف الأول من القرن الثامن الهجري بدأ ملوك مصر وأمراؤها بإنشاء المساجد والخوانق بهذه المنطقة والحقوا بها مدافن لهم.وقرافة المماليك، الواقعة ناحية الشرق بجوار طريق صلاح سالم، مثلت أول محاولة لإعمار الصحراء في العصر المملوكي، فقد حاول أمراء وسلاطين الممالــيك البحـــرية أن يقوموا بإعمار المنطــقة عن طريق إنشاء مقابر لهم هناك، بالإضافة إلى المساجد الصغيرة، وقويت هذه المحاولات في العصر المملوكي الجركسي، خصوصا فى عهد السلطان الناصر فرج بن برقوق، عندما قام بإنشاء خانقاه له.
www.deyaralnagab.com
|