logo
ادلب..سوريا : الحرب في إدلب: مؤشرات على اقتتال داخلي قريب!!
26.08.2018

كثفت تركيا مشاوراتها مع روسيا في الأسبوعين الماضيين، واجتمع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بوزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، ووزير الدفاع التركي خلوصي اكار ورئيس جهاز الاستخبارات حقان فيدان. وجاء اللقاء بعد اجتماعين منفصلين على المستويين العسكري والدبلوماسي، التقى في الأول وزير الدفاع التركي ورئيس جهاز الاستخبارات بوزير الدفاع الروسي سيرغي شويغو، وهو الاجتماع الثاني لهم على التوالي خلال أسبوع. على المستوى الدبلوماسي، عقد وزير الخارجية التركي اجتماعاً مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، وشدد مولود جاويش أوغلو على أن الحل العسكري في إدلب سيؤدي إلى كارثة، حسب ما نقلت وكالة «الأناضول» التركية. وأضاف جاويش أوغلو في المؤتمر الصحافي المشترك «يعيش في إدلب أكثر من 3 ملايين مدني، ويجب تمييز الإرهابيين عن المدنيين، وأي حل عسكري هناك سيؤدي إلى كارثة». وتابع «الأمر ليس متعلقا بمنطقة إدلب وحدها، وإنما بمستقبل سوريا كلها». ولفت إلى أن الجماعات المتطرفة الموجودة في المنطقة «تعد مصدر إزعاج لكل من المدنيين والمعارضة المعتدلة». وقال: «تحييد هذه الجماعات يعد أمرا مهما للجميع». وأكد على أن حماية «مناطق خفض التصعيد» في إدلب «مهمة من الناحية الإنسانية وعلى صعيد مواجهة الإرهاب». وحذر من ان الهجوم على إدلب بحجة بعض الجماعات المتطرفة يعني التسبب في قتل مئات الآلاف من الأبرياء مجددا، ونزوح 3.5 مليون إنسان، وهذا أمر يقضي على روح اتفاق أستانة.وفي السياق، تحدث عن ما وصفه بـ« إزالة مخاوف روسيا فيما يخص إدلب، حيث من الضروري أن لا تشكل الجماعات المتطرفة أي تهديدات لوجودها وقاعدتها في المنطقة». وعلقت وزارة الدفاع الروسية على اجتماع الوزيرين الروسي والتركي، قائلة انهما «واصلا الحوار التفصيلي حول الوضع في سوريا الذي بدآه في لقائهما الثنائي في موسكو منذ أسبوع والذي سلم خلاله الجانب الروسي تركيا اقتراحاته حول تسوية الوضع شمال غرب سوريا». الأمر الذي يؤشر إلى استعجال روسي لحل مسألة إدلب، ووضع خطة للتعامل مع «تحرير الشام» بشكل أساسي، وهو الجزء الأكبر الذي تطرق له وزير الخارجية التركية في مؤتمره الصحافي. فالرغبة التركية في إبعاد عملية عسكرية في إدلب، يعني أن عليها أخذ المبادرة وإنهاء تشكيل «تحرير الشام» سلما أو حرباً. كون نتائج العملية العسكرية الروسية ستكون كارثية على المستويين الإنساني والأمني، ولا يمكن تحميل 3.5 مليون مدني كلفة الحرب بسبب تنظيم متطرف، ما يعني أن الكلفة الأسهل إنهاء التنظيم بشكل أو بآخر. وبهذا سيكون أمام هيئة «تحرير الشام» خياران، الأول إعلانها حل نفسها واندماجها في «الجبهة الوطنية للتحرير»، أو انها ستخوض حرب حياة أو موت مع فصائل المعارضة المدعومة تركياً التي ستعمل على فكفكتها بالقوة وكسر شوكتها كما فعلت هي نفسها مع حركة «أحرار الشام» الإسلامية. وهذا الخيار في حال أي خطأ في حساباته المعقدة، سيدخل الشمال كله في حرب لن تذر أو تبقي، وسيقسم مناطق النفوذ في إدلب إلى قطاعات محددة ستلجأ إليها «تحرير الشام» وتعزل خلاله بشكل نهائي. فمسألة القضاء على «تحرير الشام» ليست بالأمر السهل بسبب تجذرها الكبير لدى شريحة عريضة من السوريين، وكونها تعتمد على المقاتلين المحليين بشكل رئيسي وليس على الأجانب. وهنا، ستختبر براغماتية قيادة «تحرير الشام» مرة جديدة، كما حصل يوم إعلانها فك ارتباطها مع القاعدة وتغيير اسمها إلى «فتح الشام»، وموافقتها على نشر نقاط المراقبة التركية في إدلب، بعد تهديد تركيا بعملية عسكرية ضدها عندما اعترضت على نشر النقاط. في المقابل، تدرك قيادة الهيئة وعلى رأسها الجولاني، أن نشر النقاط التركية كان بهدف تجنيب إدلب عملية عسكرية كبيرة يومها، والتخفيف من القصف الجوي الروسي على المدنيين بشكل عام، أما الحديث عن حلها لنفسها والذوبان في «الجبهة الوطنية للتحرير» سيقضي على فكرة «الجهاد» التي يلتف حولها مقاتلو السلفية الجهادية من محليين وآخرين مهاجرين، وهو ما سيكون خيار الاستسلام بدل تعريض نفسها إلى حرب واسعة مع كل الفصائل. وتعرضت هيئة «تحرير الشام» إلى عمليات اغتيال ممنهجة طالت عددا كبيرا من مقاتليها، ووصلت حد استهداف شرعي لجناحها العسكري الملقب أبو اليقظان المصري، وقائد قطاع البادية المعروف باسم أبو رأفت. وتقرأ عمليات الاغتيال المتكررة والمنتظمة على أنها رسائل تحذير إلى هيئة «تحرير الشام» من أجل حل نفسها، باعتبارها أصبحت الذريعة العسكرية للروس في إدلب. سياسياً، تفضل روسيا ترك ملف إدلب لتركيا مؤقتا، مع بقاء الضغط الواضح عليها من أجل انهائه بسرعة توازي التقدم الذي تحسبه موسكو أنه انجاز كبير لها في مسار «التسوية السياسية» ولا شك أن عملا عسكريا سيوتر العلاقة التي أشاد بها بوتين على الصعيد الاقتصادي. إلى ذلك، وجه مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة، استيفان ديمستورا دعوة لكل من إيران، وروسيا، وتركيا للمشاركة في المحادثات حول اللجنة الدستورية السورية، في الـ11و الـ12 من أيلول (سبتمبر) المقبل على اعتبار انها الدول التي ساهمت باقتراح ممثلين عن المعارضة والنظام إلى اللجنة الدستورية. وسيجتمع ديمستورا بعد ذلك بمجموعة من ممثلي الدول وعلى رأسها أمريكا من أجل اطلاعهم على مسار العملية السياسية ورؤيته لاختيار اللجنة الدستورية. ويعتبر استمرار وقف إطلاق النار في سوريا، والمحافظة على مناطق خفض التصعيد حسب اتفاق أستانة، مسألة بالغة الحساسية للمضي قدما في العلاقة الروسية التركية، ليس في الملف السوري وحده وانما على المستوى العسكري وشراء منظومة صواريخ اس ـ 400 أو تشغيل المفاعلات النووية لأغراض سلمية والاعتماد على روسيا فيها.!!


www.deyaralnagab.com